وكأن ما يقوم به المستوطنون في الضفة الغربية من اغتصاب للأرض الفلسطينية وتشريد لأصحابها المزارعين والسعي المستمر لتفويض الوجود الفلسطيني في الأرض المحتلة لم يعد كافيا لتحقيق مطامعهم، فهم من باتوا يرسمون ويعدون الخطط للتوسع والسيطرة على الأراضي، بل أكثر من ذلك فقد خرجوا من الظلال ليباشروا سياساتهم التوسعية بشكل مباشر وعلى مرأى من العالم. لقد قام مؤخرا مستوطنو تجمع غوش عتصون بإعادة رسم الخطة التفاوضية كما وضعها الساسة الإسرائيليون للمنطقة بأسرها هناك، حيث تم إعادة دمج تجمع مستوطنات غوش عتصون الشرقي والذي يضم كل من مستوطنات نكوديم، تقوع، كفار إلداد ومعالي عموس ويبلغ عدد سكانها أكثر من 3 ألاف مستوطن، تم إعادة أدراجهم ضمن منطقة السكن الفضلى وذلك بعد أن تم انجاز وتشغيل شارع 356 الالتفافي والمحاذي لمدينة بيت ساحور وبلدية زعتره حيث أضحت سبل الاتصال بمدينة القدس اسرع فبعد أن كانت 45 دقيقة أصبحت بعد عمل الطريق الالتفافي 15 دقيقة الأمر الذي كان له وقع أفضل على من يرغب من المستوطنين الإقامة هناك. هذا وقد شهدت أسعار الشقق السكنية المعروضة للبيع هناك ارتفاع بلغ 70% عما كان عليه في السابق، حيث أضحت تلك المستوطنات إحدى أحياء مدينة القدس على غرار تجمع مستوطنات غوش عتصون الغربي والذي تسعى إسرائيل لضمها ضمن حدود ما تطلق عليها ‘القدس الكبرى’ بعد الانتهاء من بناء الجدار الفاصل.
وفي ظل ما حدث ويحدث في تجمع مستوطنات غوش عتصون الشرقي سعى المستوطنين إلى ضخ الحياة هناك بشكل ممنهج حيث بدء المستوطنين في تنظيم مخططات لعمليات استيلاء على أراضي محاذية منها أراضي دولة واراضي عسكرية، فقد شرع المستوطنين في تنظيم وفود متعاقبة على موقع عش غراب الواقع بين بلدية زعترة ومدينة بيت ساحور وهو معسكر كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد سيطر عليه أبان احتلال العام 1967 بعد أن كان في عهدة الجيش الأردني، وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد انسحب من الموقع المذكور قبل عامين في العام 2006 وعلى اثر ذلك الانسحاب شرعت بلدية بيت ساحور بإعداد خطة مشروع خدماتي متكامل لتطوير الموقع وبدعم من وكالة التنمية الأمريكية، إلا أن المستوطنين الإسرائيليين من غوش عتصيون بشقيها الغربي والشرقي وحفنة من المستوطنين المؤازرين لهم من مستوطنة هار حوما ومواقع أخرى قد شرعوا بإجراءات تشير إلى نواياهم بإعادة احتلال الموقع وبناء مستوطنة جديدة هناك لتكون حلقة ربط ما بين تجمع غوش عتصيون الشرقي وهار حوما وحماية للطريق الالتفافي رقم 356 والذي أسهم بضخ الحياة هناك وتحديداً بعد إن علم المستوطنين الإسرائيليين عن أن هناك مقترحات تمهيدية على المستوى السياسي الإسرائيلي والعسكري بتسليم الموقع- موقع عش غراب العسكري والمعروف باسم شادما – باللغة العبرية إلى الفلسطينيين وعلى اثر ذلك أطلق رئيس تجمع مستوطنات غوش عتصيون حملة ممنهجة على مرحلتين تهدف أولها إلى وقف أية إجراءات تهدف إلى تسليم موقع عش غراب إلى الفلسطينيين و المرحلة الثانية العمل على إنشاء بؤر استيطانية لتتحول لاحقاً إلى مستوطنة، هذا وقد شرع المستوطنين الإسرائيليين بالبدء بنشاطات شبه يومية في الموقع المذكور منها نصب خيام والمبيت هناك في الموقع وترتيب نشاطات ترفيهية لمجموعات متتابعة من المستوطنين اللذين يتوافدون على الموقع لدعم مشروع السيطرة على الموقع والحيلولة دون تسليم الموقع إلى الفلسطينيين. انظر
الخارطة
من هذا المنطلق يمكن أن يستقري مستقبل أية خطط لتسليم مواقع أخرى للفلسطينيين وكيف ستكون رده الفعل الإسرائيلية والتي هي أقرب ما تكون إلى عرض مبرمج بين المستوطنين والجيش والحكومة الإسرائيلية على غرار ما حدث في العام 2005 عندما تم إخلاء مستوطنات قطاع غزة بطريقه تراجيدية أمام العالم وكأن لهؤلاء المستوطنين مصير غير ذلك فهم بوجودهم هناك مخالفين للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ورغم ذلك تستمر حكومات إسرائيل باستغلال كافة الأحداث لتحويلها إلى استثمار لمصلحة الحكومة أمام الرأي العام العالمي واعتباره تضحية إسرائيلية أخرى من أجل السلام بحسب ما يراه الاسرائيلييون.