منذ حرب عام 1948 مروراً بنكسة عام 1967 والفلسطينيون يعيشون مأساة هذه النكبات التي لا نهاية لها، فبعد نكسة عام 1967 أعلن الاحتلال الاسرائيلي من خلال قرارات عسكرية عنصرية بتحويل 400,000 دونم على طول الشريط الحدودي على نهر الاردن في منطقة الغور مناطق مغلقة عسكرياً، وفي عام 1969م جرى زراعة تلك المنطقة بالألغام الأرضية بغية منع تسلل الفدائيين عبر نهر الأردن باتجاه الضفة الغربية، وبناءً على ذلك مُنع الفلسطينيين أصحاب تلك الأرض من الوصول إليها أو حتى استغلالها زراعياً كما كان في السابق.
وفي عام 2006 اتخذت حكومة الاحتلال قراراً بتفكيك الألغام الأرضية عن مساحات واسعة من تلك الأراضي، وذلك تماشياً مع معاهدة السلام مع الأردن، ولكن الصدمة كانت أن هناك أكثر من 5000 دونم من تلك الأراضي قد تسربت بالتحايل والزييف الى شركات إسرائيلية استثمارية عبر صفقة تمت ما بين ما تسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية من جانب و ما يسمى مجلس المستعمرات في غور الأردن من جانب آخر، وهذا ما تم الإعلان والكشف عنه حديثاً، مع العلم ان أصحاب الأراضي رفضوا هذه الصفقة المزيفة والتي يجب ان تعود هذه الأراضي إلى اصحابها الحقيين الشرعيين، وما يخشاه المواطنون ان يكون الرقم الحقيقي وغير المعلن عنه اكبر من ذلك.
وبعد تفكيك الألغام وتمشيطها بالكامل في عام 2006 سمح الاحتلال الاسرائيلي للمستعمرين الوصول الى تلك الأراضي، بل وتنفيذ مشاريع إنتاجية ضخمة تدعم القطاع الزراعي الاسرائيلي بشكل مباشر، في الوقت الذي يمنع فيه أصحاب الأراضي الفلسطينيين من الوصول الى تلك أراضيهم بحجة أنها مازالت مناطق عسكرية مغلقة يمنع التواجد بها من قبل الفلسطينيين.
هذا ما رفضه المواطنون أصحاب الأراضي فقدموا بدعوى للمحاكم الإسرائيلية تطالب بحقهم الشرعي والحر في استخدام واستغلال أراضيهم، ووصلت قضيتهم إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي اعترفت بأن الأرض ملكية فلسطينية خالصة في شهر آذار 2012م.
ولأن المحكمة العليا الإسرائيلية لا تنصف الفلسطينيين ولا عدل بين صاحب الأرض الحقيقي والمستعمر المغتصب لها، فهي تماطل منذ اعترافها بملكية الأرض في عام 2012 حتى تاريخ إعداد التقرير – أي 4 سنوات- في اتخاذ أي قرار ضد مستعمري "مخولا" الذين يستولون على اكثر من 800 دونم واقعة بمحاذاة نهر الأردن.
المنطقة الحدودية حيث تظهر أراض مزروعة بالقرب من حدود الأردن حيث أن تلك الاراضي يزرعها مستعمرو مستعمرة مخولا،
وتعود في ملكيتها بالأصل الى الفلسطينيين
مخطط تكريس واقع الأغوار:
تجدر الإشارة إلى أن منطقة غور الأردن تعد من أبرز المناطق استهدافاً من قبل حكومة الاحتلال في الدرجة الأولى والمستعمرين في الدرجة الثانية، فهي حسب الوصف الاسرائيلي تعد حدود دولة الاحتلال الشرقية.
من هنا سخر الاحتلال كافة أجندته وإمكانياته خدمةً لهذا المخطط، فمنطقة غور الأردن تنتشر فيها المستعمرات الإسرائيلي كالسرطان، فيزيد عددها عن 20 مستعمرة زراعية في الأغوار الفلسطينية، ودعمها بكل مقومات البقاء بل أعطاها من الامتيازات ما تفوق تلك الموجودة في الضفة الغربية، وفوق هذا وذاك فقد حوّل الاحتلال أكثر من نصف أراضي الأغوار التي ينتفع منها الفلسطينيون لأغراض عسكرية بعيدة عن المستعمرات الإسرائيلية المنتشرة، كما أنه يستهدف كامل التجمعات البدوية المنتشرة في الأغوار بسياسات الهدم والتهجير القسري العنصرية.
يرى مركز أبحاث الأراضي في عملية تسريب الأراضي الفلسطينية للمستعمرين اليهود بأنها خرق لكافة المواثيق الدولية، وتعد انتهاكاً صارخاً للشرعة الدولية والقوانين التي نصت على:
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 1
– لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، المادة 17:
- لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
- لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
اعداد: