في الاسبوع الاول من شهر تشرين أول من العام 2011, وجد اهالي مدينة بيت لحم قرارا عسكريا جديدا صادر عن وزير المالية الاسرائيلي باللغتين العبرية والعربية معلقا على سياج معبر جيلو 300 (معبر راحيل) و يقضي بمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية في المنطقة المحيطة بالمعبر. و جاء في القرار العسكري الاسرائيلي الذي يحمل اسم ‘ اعلان حول نية شراء حقوق في الارض و شراء ملكية الارض المطلوبة بشكل طارئ لاراض عامة (حسب البنود 5 و 7 من انظمة الاراضي (شراء لاغراض عامة) 1943)[1] و الصادر بتاريخ الثاني و العشرين من شهر اب من العام 2011 , مصادرة ما مساحته 20 دونما من أراضي مدينة بيت لحم لغرض ‘ تحسين حاجز في مقطع من مسار الجدار الأمني (المحيط بالقدس) الذي يهدف إلى إفشال وإعاقة ومنع تغلغل نشاطات تخريبية (بحسب ما جاء في الامر العسكري الاسرائيلي الصادر) عن طرق منع أو تأخير الدخول غير المراقب للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل بشكل عام وإلى لواء القدس بشكل خاص . – لذلك ينوي وزير المالية شراء حقوق الملكية وإستعمال الأرض ، لفترة 10 سنوات ل “معبر راحيل” كما هو مفصل في تخطيطات المصادرة حسب النظام “. و بحسب ما جاء في قرار المصادرة الموقع من وزير المالية الاسرائيلي, يحق لاصحاب الاراضي الاعتراض على القرار خلال 60 يوما من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية الى سكرتير اللجنة الاستشارية لوزير المالية الاستشارية. الا أن أهالي مدينة بيت لحم تسلموا قرار المصادرة بعد مضي أكثر من نصف المدة المخصصة للاعتراض.
قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943
والجدير بالذكر أن العمل بقانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة قد بدأ لاول مرة في فلسطين خلال عهد الانتداب البريطاني (1918-1948) حيث أن المادة [2]3 من القانون (قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943) تعطي وزير المالية انذاك (المفوض السامي في فلسطين خلال عهد الانتداب البريطاني) صلاحية واسعة النطاق لمصادرة الاراضي و السلطة المطلقة لاستملاك أي قطعة أرض استملاكا مطلقا إذا اقتنع بأن الأرض ‘ضرورية أو ملائمة’ لأغراض عامة. و قد تم تعريف مصطلح ‘غرض عام’ في المادة 2 من القانون على أنه ‘ أي غرض من الاغراض العامة التي يشهد المفوض السامي بأنها كذلك.[3]‘. كما يحدد القانون أيضا حدود التعويض لمالكي الاراضي, حيث أن المادة 20 من القانون تسمح بمصادرة الارض لغرض توسيع طريق موجودة أو قسم منها أو لإنشاء طريق أو ملعب أو ساحة لهو جديدة حيث لا يحق لمالك الأرض المستملكة أن يطالب بأي تعويض عن قيمة الارض, إلا إذا كانت مساحة الأرض المأخوذة منه تتجاوز ربع مجموع مساحة القطعة التي يملكها. وإذا كانت المساحة التي سوف يتم استملاكها زيادة عن ربع تلك الأرض, يتم دفع تعويض لمالك الارض عن المساحة الزائدة, على ربع مساحة الأرض فقط. و كان الشرط السابق ذكره سمة غالبة على قانون مصادرات الاراضي في اسرائيل (قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943). و كانت اسرائيل قد استخدمت هذا القانون[4] على نطاق واسع لمصادرة الاراضي الفلسطينية خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي. فوفقا للتعديل الذي أجرته اسرائيل على هذا القانون (تعديل أحكام قانون، 5724-1964), يسمح لوزير المالية باصدار أوامر مصادرة لممتلكات خاصة لأجل ‘أغراض عامة’ و عليه، ينبغي أن يتم تعويض مالك الأرض أو الملكية حيث يتم الحسم في مقدار التعويض على الملكية من قبل محكمة يرأسها قاضياً مركزياَ واحدا[5], و يكون القرار الصادر عن المحكمة نهائياًً لا نقاش فيه. الا أن أصحاب الأراضي و الممتلكات المصادرة أعلنوا عن رفضهم لمبدأ التعويضات كبديل عن الأراضي المصادرة و أن استلام أي تعويض من قبل الإسرائيليين ثابت بالرفض المطلق حيث ان الاراضي المصادرة هي ملكية خاصة بالفلسطينيين و عليه فان قرار اسرائيل بالمصادرة لاغراض عامة هو جائر و غير قانوني, الامر الذي دفع اسرائيل باجراء تعديل اخر على قانون المصادرة (قانون أنظمة الاراضي (شراء لأغراض عامة) 1943) في العام 1978 (تعديل احكام, تعديل رقم 3) القانون 5738-1978، حيث أقر التعديل أنه في حال رفض مالك الارض التعويض, أو لم يبدي موافقته على قانون المصادرة في غضون الوقت المخصص له، يتم ايداع الأموال مع المسؤول العام تحت اسم المالك, الا أن هذا التعديل لم يكن له أي تاثير على مسألة نزع الملكية نفسها من مالكيها الاصليين.
تعديل اخر على قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943[6]
في العاشر من شهر شباط من العام 2010 صادق الكنيست الاسرائيلي على تعديل جديد على قانون انظمة الاراضي (شراء لاغراض عامة) 1943 حيث يحظر على الفلسطينيين المطالبة بأراضيهم التي صادرتها الدولة (دولة اسرائيل) عن طريق قانون انظمة الاراضي (شراء لاغراض عامة) 1943. و الجدير بالذكر ان القانون يخول وزير المالية الاسرائيلي بمصادرة الأراضي الفلسطينية ‘لأغراض عامة’، حيث جاء التعديل ليترك تعريف مثل هذه ‘الأغراض العامة لوزير المالية . وقد تم استخدام هذا القانون على نطاق واسع من قبل الدولة لمصادرة الأراضي الفلسطينية.و يؤكد التعديل الصادر عن الكنيست ملكية الدولة (دولة اسرائيل) للأراضي التي صودرت بموجب هذا القانون، حتى و ان لم تكن قد استخدمت للغرض الأصلي للمصادرة. كما و يجيز التعديل للدولة (دولة اسرائيل) على عدم استخدام الأراضي المصادرة لأغراض المصادرة الأصلية لمدة 17 عاما، و حرمان مالكي الاراضي (المقصود هنا الفلسطينيين) الحق بالمطالبة بعودة الأراضي المصادرة التي لم تستخدم لغرض المصادرة الأصلي إذا كان قد تم نقل ملكيتها إلى طرف ثالث، أو إذا قد مر أكثر من 25 عاما على مصادرتها. كما يوسع التعديل من سلطة و صلاحية وزير المالية الاسرائيلي لمصادرة الأراضي ‘لأغراض عامة’ ، والتي، وفقا للتعديل الجديد، تشمل إنشاء وتوسيع أو تطوير بلدات (أو مستوطنات في الضفة الغربية)، ويسمح للوزير أن يعلن غرض جديد إذا كان الغرض الأولي لم يتحقق.
مصادرات اسرائيلية سابقة لاراضي فلسطينية تحت مسمى قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943
في الخامس من شهر اب من العام 2005 نشرت صحيفة القدس على صفحتها إعلانا صادراً عن وزير المالية الإسرائيلي[7] يعلن فيه أن حقوق الملكية و التصرف بمجموعة من قطع الأراضي والمطلوبة لحاجات الأمن لإقامة جدار العزل العنصري لمدة عشر سنوات وتصل مساحتها إلى 215 دونم وتقع هذه القطع في مناطق بيت جالا, بيت لحم, بيت ساحور، الرام، قلنديا، رافات والبيرة وذلك بموجب المادتين رقم 5 و 7 من قانون الأراضي (الاستملاك للأراضي العامة) من العام 1949 .
في الثاني و العشرين من شهر اب من العام 2011 أقدمت الحكومة الإسرائيلية عن طريق وزير المالية الإسرائيلي أيضا بالإعلان عن نيتها شراء (حق استعمال) وهي بالأحرى الاستيلاء على مساحة 148 دونم (بحسب الأمر العسكري) من أراضي قرية بتير الواقعة غرب مدينة بيت لحم بحجة استعمالها لمكافحة ما يسمونه بالإرهاب- حسب ما جاء في الإعلان[8].
ملخص:-
لقد سنت اسرائيل العديد من القوانين العسكرية التي استهدفت مصادرة الاراضي الفلسطينية في الداخل[9] و نقل ملكيتها لليهود و عدلتها بعد ذلك لتلائم مصالحها و مخططاتها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عقب العام 1967. و قد تصدر قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 للعام 1943 القمة من حيث مساحات الاراضي التي تم مصادرتها من الفلسطينيين و استملاكها فيما بعد, هذا بالاضافة الى العديد من القوانين التي استغلتها اسرائيل لذات الغاية, منها: قانون املاك الغائبين للعام 1950, قانون املاك الدولة للعام 1951, قانون استملاك الاراضي (تصديق الاجراءات والتعويضات) للعام 1953, قانون وضع اليد على الاراضي (تعليمات مؤقتة) للعام 1956 و غيرها من القوانين.
إن ما تقوم به إسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر انتهاكا لحقوق الشعب الفلسطيني وأراضيه وانتهاكا للقوانين و الاعراف الدولية. وفيما يلي أهم النصوص الواردة في القوانين والمعاهدات الدولية التي تحظر الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وتمنع المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة في البلاد المحتلة وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة. اتفاقية لاهاي للعام 1907, المادة 46: ‘الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة’. كذلك المادة 55 من اتفاقية لاهاي تنص على ان ‘الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل، وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة’.
و أيضا معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949, المادة 49: ‘لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها’. و المادة 53: ‘لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة في البلد المحتل’.
[1] بموجب المادتين رقم 5 و 7 من قانون الأراضي (الاستملاك للأراضي العامة) من العام 1949 وهو قانون كانت الحكومة الإسرائيلية قد تبنته عن قانون بريطاني صادر في العام 1943 بهدف تسهيل عمليات الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين خلال فترة الاحتلال حيث أن القانون يجيز لحكومة الاحتلال مصادرة أراضي فلسطينية بحجة الاستملاك للأغراض العامة. هذا وقد تضمن إعلان وزير المالية استعداده لإجراء مفاوضات حول شراء الأراضي خلال المدة المذكورة من أصحابها المسجلين بسجل الأراضي أو من له حقوق منفعة بتلك الأراضي.
[2] منظومة التشريعات الفلسطينية , قانون الأراضي (استملاكها للغايات العام 1943, المادة 3 صلاحية المندوب السامي في استملاك الأراضي
[3] منظومة التشريعات الفلسطينية , قانون الأراضي (استملاكها للغايات العام 1943, المادة 3 صلاحية المندوب السامي في استملاك الأراضي
[4] (قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943), البنود 5 و 7 1943)
Sec. 5 (1) of the Land (Acquisition for Public Purposes) Ordinance, 1943:
Sec. 7 of the same Ordinance:
(2) At the expiration of the period specified in a notice given under subsection (1) the (Minister of Finance) shall be entitled to enter into or upon, and take possession of, the land accordingly.’ [4]
[5] استملاك الأراضي للصالح العام – قانون ـ 1943
[7] الحكومة الإسرائيلية تستدرك الثغرات القانونية لقضية غلاف القدس
[8] Israel confiscates 148 dunums in Battir village, “Israeli Unilateral Attempts to Blur the 1967 Borders”.
[9] الاراضي الفلسطينية داخل الخط الاخضر (خط الهدنة 1948)