الخلفية التاريخية:
تقع خربة الفارسية في الجزء الشرقي من محافظة طوباس تحديدا في منطقة وادي المالح على بعد 20 كيلومترا عن مدينة طوباس، حيث تمتد أراضي الخربة من حاجز التياسير غربا و حتى نهر الأردن شرقا. ويبلغ عدد سكانها الآن 241 نسمة علما بان عددهم قبل الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 كان يزيد عن الآلف نسمة يعتمدون بشكل أساسي في حياتهم الاقتصادية على الزراعات الحقلية وعلى تربية المواشي. وينحدر أهالي الخربة من عائلات بشارات وضبابات وضراغمة من مدينة طوباس وبلدة طمون. ويسكن اهالي الخربة في بيوت من الشعر او الزينكو.
( خارطة 1: خربة الفارسية )
وكانت تشتهر الخربة بوجود ينابيع المياه فيها وخصوبة تربتها مما أهلها لتكون نقطة جذب لكثير من مزارعي المنطقة ولتصبح مصدرا رئيسيا للغذاء لمناطق شمال الضفة الغربية.
( صورة رقم 1: منظر عام لخربة الفارسية )
خربة الفارسية و معاناتها مع الاحتلال
سعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية ومنذ احتلالها للضفة الغربية إلى ضم وتهويد الأغوار الفلسطينية كونها بحسب ادعاءات الاحتلال خط الدفاع الشرقي عن دولتهم ولكونها أيضا بمثابة خزان من الماء يغطي حاجات الاحتلال الرئيسية. ولهذا السبب عملت سلطات الاحتلال على مصادرة معظم الأراضي الزراعية في منطقة وادي المالح شرق طوباس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وإلى مناطق مغلقة عسكريا يُمنع الفلسطينيين من الوصول إليها. فعلى سبيل المثال، أقدمت سلطات الاحتلال على تحويل الأراضي الشرقية من منطقة وادي المالح والمحاذية لنهر الأردن إلى مناطق مزروعة بالألغام سريعة الانفجار، علاوة على تحويل سفوح الجبال المرتفعة إلى قواعد عسكرية ومناطق تدريب خاصة للجيش الاحتلال مما انعكس سلبا على حياة المزارعين في المنطقة. فمن الناحية الاقتصادية أدى ذلك إلى تقليص مساحة الأراضي التي يُسمح للفلسطينيين باستغلالها إلى ما نسبته 1% من مجمل أراضي وادي المالح، بالإضافة إلى القضاء على الزراعة و تربية المواشي من خلال منع المزارعين من رعي مواشيهم في المناطق الجبلية بحجة أن تلك المناطق مناطق عسكرية مغلقة. وأدت جميع هذه الإجراءات الى نزوح أهالي خربة الفارسية حيث لم يتبق من أهلها سوى 5 عائلات من أصل 75عائلة كانت تملئ المكان بالحيوية.
بالإضافة إلى ما تقدم، ساهمت أعمال التنكيل التي تمارسها سلطات الاحتلال في المنطقة في التأثير بشكل سلبي على نفسية المواطنين في المنطقة وعلى نسبة تواجدهم فيها. وكان آخر تلك الأعمال مقتل الطفل احمد حمد، 13عاما، في انفجار لغم به زرعه الاحتلال في الجهة الشرقية و ذلك أثناء رعيه للماشية في المنطقة في أواخر عام 2006م، بالإضافة إلى إصابة الطفل رافع حمدان، 16عاما، بطلق ناري في الظهر في نفس العام وذلك أثناء قيام جنود الاحتلال باجراء مناورات عسكرية في مناطق قريبة من بيته، مما أدى إلى أصابته بالشلل التام.
النشاط الاستعماري في وادي المالح
في أطار المخطط الاستعماري للاحتلال في أحكام سيطرته على الأغوار الفلسطينية والحد من التمدد الديمغرافي الفلسطيني في ذلك المكان، سعت سلطات الاحتلال إلى إغراق الأغوار بالمستعمرات وأعطاء امتيازات وحوافز كثيرة للمستثمرين والمستعمرين لتشجيعهم على الهجرة و الإقامة في الأغوار، مما نتج عنه أقامة 29 مستعمرة في الأغوار يقطنها نحو 8586 مستعمرا حتى نهاية عام 2005م، ولتصادر نحو 74955 دونما من راضي الأغوار. ففي وادي المالح في الأغوار الشمالية، على سبيل المثال، توجد الآن 5 مستعمرات، و هي:
الرقم |
اسم المستعمرة |
سنة التأسيس |
عدد المستعمرين حتى نهاية عام 2006 |
المساحة الإجمالية (دونم) |
مساحة مخطط البناء(دونم) |
1 |
سلعيت |
1977 |
429 |
1377 |
256 |
2 |
ميخورا |
1973 |
114 |
550 |
132 |
3 |
روتيم |
1984 |
24 |
123 |
16 |
4 |
مسكيوت |
1987 |
500 |
غير متوفر |
غير متوفر |
5 |
محولا |
1968 |
362 |
615 |
190 |
|
|
|
1429 |
2665 |
594 |
يشار إلى أن تلك المستعمرات تتوسع يوما بعد يوم على حساب أراضي المزارعين في المنطقة، كما أن مضايقات المستعمرين اليومية أصبحت تشكل تحد حقيقي لوجود المزارعين فيها. فقد أقدم المستعمرون بتاريخ 29 كانون أول على تخريب بعض الأراضي الزراعية في منطقة وادي المالح. وينتمي هؤلاء المستعمرين إلى ما يسمى ‘شبيبة المستوطنين’ والذين غالبا ما يقومون بالتجول بين مزارع المواطنين الفلسطينيين والمضارب الرعوية في المنطقة بهدف إلحاق الأذى بالسكان العزل بالإضافة إلى المس بحياة المواطنين وتخريب ممتلكاتهم في الوقت الذي تسمح لهم الحكومة الإسرائيلية بمواصلة البناء في المستعمرات المجاورة.
( صورة 2: منظر عام لمستعمرة ميحولا)
تدمير الاحتلال لينابيع وادي المالح
عمدت سلطات الاحتلال منذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967 إلى حرمان الفلسطينيين من حصتهم من المياه في نهر الأردن والمقدرة بنحو 250 مليون متر مكعب سنويا لتحويلها لأعمار المستعمرات والزراعة الإسرائيلية في الأغوار. كما احتكرت الحق بالتنقيب عن المياه الجوفية وحفر أبار الجمع في مناطق الأغوار لصالح شركة ميكروت الإسرائيلية التي باشرت بحفر أبار في عدة مناطق على أعماق متوسطة وكبيرة مما ساهم في جفاف الآبار الفلسطينية وارتفاع نسبة ملوحتها. ففي منطقة وادي المالح أقدمت سلطات الاحتلال على تدمير الينابيع المائية في المنطقة ومن ثم تحويل المياه التي بها إلى خزانات مائية ضخمة أقامتها على سفوح الجبال القريبة مما أدى إلى حرمان قطاع الزراعة من المياه وبالتالي أصبح اعتماد المزارعين على شراء الماء من قرية بردلة المجاورة ومن ثم ضخها عبر أنابيب تربط بين بئر العيون في بردلة وأراضي المزارعين في وادي المالح، علما بان هذه المياه مع ارتفاع تكلفة شراءها ونقلها تعتبر غير كافية لري الأراضي الزراعية في المنطقة.
(صورة 3: انابيب مياه فارغة في خربة الفارسية)
|
(صورة 4: احد الخزانات المائية القريبة من خربة الفارسية التي تعمل على نهب مياه الخربة)
|
ومن الجدير بالذكر، انه خلال الفترة القليلة الماضية تم توقف عملية ضخ المياه من قرية بردله باتجاه وادي المالح مما ينذر بكارثة زراعية كبيرة في المنطقة في حال عدم أيجاد مصدر مائي بديل، خصوصا بعد أن رفضت سلطات الاحتلال تزويد المنطقة بالمياه. وفي هذا الإطار يقول السيد ياسين جميل يوسف ضبابات، 57 عاما، وهو من الذين بقوا إلى اليوم في خربة الفارسية : ‘ أصبح وجودنا في هذه المنطقة مهددا بشكل دائم وأصبحنا لا نشعر بالأمان ، حيث أنني وعائلتي مهددون بالطرد في أية لحظة من قبل المستعمرين و جنود الاحتلال الذين لا يفارقون المنطقة ليلا أو نهارا’.
(صورة 5: احد بيوت قرية الفارسية )