يواصل الاحتلال الاسرائيلي سياسة كسب الوقت في الاستيلاء على الأرض الفلسطينية في منطقة الأغوار الشمالية بهدف إقامة البؤر العشوائية الاستعمارية والتي ما تلبث إلى أن تتحول إلى مستعمرة إسرائيلية كبيرة مع مرور الوقت. يذكر أن فريق البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي كشف عن إقامة 7 بؤرة استعمارية جديدة منذ بداية العام الجاري 2017 على أراضي الأغوار الشمالية بمحافظة طوباس، وهي مقامة على أراضي (خلة حمد، المزوكح، السويدة، الشويعر، مدينة اريحا )، وفيما يلي التفاصيل حول تلك البؤر:
1) في 26 تشرين أول 2016م نصب المستعمرون خيام في أنقاض منطقة " خلة حمد"، حيث قاموا بشق طريق استعماري يربط تلك البؤرة الاستعمارية بمستعمرة " سلعيت" المجاورة، وحظيت تلك البؤرة باهتمام من قبل قادة جيش الاحتلال، حيث أقام جيش الاحتلال هناك نقطة مراقبة عسكرية بهدف تأمين الحماية للمستعمرين، وتسهيل حركتهم في المنطقة، في حين لم يتوانى جيش الاحتلال عن ملاحقة السكان البدو القاطنين في المنطقة عبر هدم مساكنهم وخيامهم الزراعية هناك. وبحسب المتابعة الأخيرة في موقع الانتهاك، فإن المستعمرين أقاموا مؤخراً في أيلول 2017م ما لا يقل عن 7 خيام و1 بيت متنقل في تلك المنطقة على أراض يصنفها الاحتلال على انها أراض دولة بحسب وصف الاحتلال.
صورة 1: البؤرة الجديدة المقامة على أراضي خلة حمد في 26/10/2016م
صورة 2: البؤرة الاستعمارية بعد أن أضاف اليها المستعمرون مزيداً من الخيام في أيلول 2017
2) في 03 كانون ثاني 2017م قام مستعمرو "مسكيوت" بإنشاء بؤرة على أنقاض خربة "المزوكح" شرق مستعمرة "مسيكوت"، حيث أقاموا حظيرة للأغنام ووضعوا خيام هناك تحت حراسة جيش الاحتلال مما يفتح الباب على مصراعيه نحو مصادرة المنطقة وتوسيع تلك البؤرة.
صورة 3: حظيرة الأغنام التي اقامها المستعمرون على أراضي خربة سمرا[1]
صورة 4: احد المستعمرين يتنقل إلى الخيام !؟
3) في 01 أيار 2017 شرع ما يسمى مجلس المستعمرات الإسرائيلية في الأغوار الفلسطينية ببناء بؤرة استعمارية جديدة على حساب المنطقة الفلسطينية المعروفة باسم "عمرة" و"المسطرة" وهي تعد امتداداً لمستعمرة " يفيت" الإسرائيلية. حيث أنها تبعد مسافة 230 متراً شمال المستعمرة، وذلك بمحاذاة الطريق الالتفافي والمعروف بطريق رقم 90، حيث تتكون البؤرة الجديدة من 9 وحدات سكنية ثابتة في مراحل التشطيب. يشار الى أن الحي الاستعماري يتربع حالياً على مساحة 20 دونم بحسب تقديرات البحث الميداني في موقع الانتهاك، وذلك من الأراضي المصنفة انها اراض دولة في المنطقة المعروفة باسم " عمرة " و " المسطرة " والتي تعتبر امتداداً لغور عقربا، وقد حظيت تلك البؤرة باهتمام من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي تم تزويدها بطرق وخدمات متعلقة بالبنية التحتية وهذا يدل على وجود مخطط إسرائيلي لتطويرها لاحقاً عبر إضافة وحدات سكنية جديدة إليها.
الصور 5 – 6: البؤرة الاستعمارية الجديدة وهي في مراحل البناء
4) في 09 أيار 2017م أقام المستعمرون بؤرة جديدة في منطقة " السويدة" الى الجنوب من مستعمرة " شدموت مخولا" تحديداً على مسافة خمسة كيلومترات جنوباً، وذلك على موقع تدريب تابع لجيش الاحتلال أقيم في تلك المنطقة، حيث أقام المستعمرون 3 خيام سكنية فيها، في خطوة تفتح الطريق أمام الاستيلاء على كامل تلك المنطقة والتي تقدر بالعشرات من الدونمات الرعوية التي يصنفها الاحتلال بأنها أراض دولة وتقع بمحاذاة الطريق الالتفافي رقم 90.
صورة 7: بؤرة استعمارية جديدة على أراضي السويدة – أيار 2017م
صورة 8: البؤرة الاستعمارية وقد توسعت وأضافت العديد من الخيام – أيلول 2017م
5) في 21 آب 2017م شرعت مجموعة من المستعمرين بدعم مطلق من مجلس المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن بإقامة وحدات سكنية على أنقاض معسكر قديم يقع على الحدود الفلسطينية – الأردنية في المنطقة المعروفة باسم " الشويعر" في منطقة الأغوار الشمالية، يذكر انه وبحسب المتابعة الميدانية في موقع الانتهاك، فإن المستعمرين أقدموا على الاستيلاء على الوحدات السكنية في تلك المنطقة التي كانت تستخدم للأغراض العسكرية من قبل الجيش الأردني ومن ثم انتقلت إلى جيش الاحتلال الذي بدوره قام بتحويل المعسكر الأردني بعد حرب عام 1967م إلى معسكر لجيش الاحتلال أطلق عليه اسم " بروش هبكعا".
6) في 01 أيلول 2017 أقدمت مجموعة من المستعمرين على نصب كرفان على تلة تقع ضمن المنطقة التي تعرف باسم " الميدان" حوض رقم 7 من أراض النويعمة، بالقرب من الطريق الالتفافي رقم 90 من الناحية الغربية، والمحاذي لمستعمرة " نعما" الجاثمة على أراض منطقة النويعمة إلى الشمال من مدينة أريحا
وبحسب المتابعة الميدانية في موقع الانتهاك، فان المستعمرين قاموا بوضع الغرفة المتنقلة " الكرفان" بالإضافة إلى وضع سياج حول ما لا يقل عن 18 دونماً محيطة هناك والتي تعتبر غير مستغلة زراعياً، ووضعوا لوحة كتب عليها "Rose of Jericho " وهي تشير إلى اسم البؤرة الاستعمارية الجديدة.
7) في 01/10/2017 شرع ما يسمى بمجلس المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن في بداية شهر تشرين الأول 2017م بتحويل قاعدة عسكرية إلى منتجع سياحي يخدم المستعمرين في منطقة الأغوار الفلسطينية، وذلك على مساحة تزيد عن 50 دونماً من الأراضي الغورية في منطقة فصايل الواقعة تحديداً إلى الجنوب من مستعمرة "يفيت" شمال مدينة أريحا.
يذكر أن الأغوار الفلسطينية التي من المفترض ان تكون سلة فلسطين الغذائية لما تتمتع به من وفرة الأراضي الزراعية والمراعي، كانت سابقاً مقصد كل مستثمر في قطاع الزراعة، ناهيك عن طابعها الجميل والفريد من نوعه، عدى عن ما تمثله مناطق الأغوار من رمزية كونها بوابة فلسطين الى الشرق. لكن بالموازاة مع هذا كله، لا يدخر الاحتلال جهداً منذ احتلاله للضفة الغربية عام 1967م في تكريس واقع الأغوار بهدف السيطرة الكاملة على مقدراته وثرواته الطبيعية، بشتى الطرق والوسائل التي لا تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.
فالاحتلال الإسرائيلي لم يتوانى يوماً واحداً عن تحويل أجزاءً كبيرة من المناطق الغورية الى معسكرات لتدريب خاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، بل حول المناطق الرعوية في محيط التجمعات البدوية الى مناطق ألغام باتت تحاصر التجمعات البدوية هنا وهناك، وفوق هذا يعمل الاحتلال على تحويل المناطق العسكرية الى بؤر استعمارية تشكل نواة لمستعمرات مخطط لها تعمل على التهام الأخضر واليابس وتجعل سكان الأغوار رهينة بيد الاحتلال ومستعمريه.
لا تزال حكومات الاحتلال المتعاقبة تصر على منع أي فرصة تكون فيها السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن حدود نهر الأردن في أي عملية سلام مستقبلية.
ولعلّ تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول الأغوار لأكبر دليل :
رئيس حكومة الاحتلال "نتنياهو"
((إن إسرائيل لن توافق على أي تسوية مع الفلسطينيين لا يكون للجيش الإسرائيلي فيها وجود في غور الأردن))
وزير الخارجية الإسرائيلي ( افيغدور ليبرمان):
(( إننا نرفض وجود قوات دولية في غور الأردن فهو المفتاح لمنطقة تل أبيب وأهم مانع تمتلكه إسرائيل حيال التهديدات التي تواجهها((
إيهود باراك وزير الحرب الإسرائيلي:
" إن بين نهر الأردن والبحر المتوسط ستكون دولة إسرائيل فقط "
وفي بداية يناير 2014 كتب ياريف اوفنهايمر صحفي في جريدة هآرتس مقالاً بعنوان ( الحقيقة وراء الغور ) يقول فيه :
" ما عدد الإسرائيليين الذين يعيشون اليوم في غور الأردن في الحقيقة ؟ هل مئات الآلاف ؟ هل عشرات الآلاف ؟ لا. فعلى حسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء للعام 2012 يعيش في غور الأردن 6042 إسرائيلياً أي أقل من عدد الجمهور في إستاد تيدي ".
الأغوار الفلسطينية:
تمتاز الأغوار الفلسطينية بمناخ متميز وأراضي خصبة تمثل عوامل مهمة لأن تكون سلة غذائية متنوعة ذات قيمة اقتصادية عالية، حيث يمكن أن يتم تزويد السوق الفلسطيني بالإضافة إلى التصدير للخارج بمنتوجات زراعية على مدار العام، كذلك تتمتع الأغوار بوفرة المياه الجوفية في حوضها الذي يعد من أهم الأحواض المائية في فلسطين، كما أنها تعتبر جسر التواصل مع الدول العربية والبوابة الشرقية لفلسطين.
وتقع الأغوار الفلسطينية شمال شرق الضفة الغربية، حيث تمتد من مدينة بيسان المحتلة وحدود عام 1967م شمالاً إلى محافظة أريحا جنوباً، ومن الشرق حدود نهر الأردن، وأما من الغرب فيحدها محافظتي طوباس ونابلس.
وتبلغ مساحة الأغوار الفلسطينية 1,024,722 دونم، منها 13,000 دونم مسطحات بناء للأغوار والتي تشكل 1% فقط من المساحة الإجمالية للأغوار، يقطنها (62,876) نسمة موزعين على 27 تجمعاً فلسطينياً، وهذه التجمعات هي:
الأغوار الشمالية (محافظة طوباس) وتضم: ( بردلة، عين البيضا، عاطوف، كردلة، العقبة، ابزيق، يرزة، الفارسية، المالح، الرأس الأحمر، حمصة).
الأغوار الوسطى (محافظة نابلس) وتضم: ( النصارية، العقربانية، بيت حسن، عين شبلي).
الأغوار الجنوبية (محافظة أريحا) وتضم: ( مرج نعجة، الجفتلك، فصايل، العوجا، النويعمة، عين الديوك، عين السلطان، أريحا، دير القلط، عقبة جبر، دير حجلة، النبي موسى).
صنف اتفاق أوسلو أراضي الأغوار الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو كما يلي:
– مناطق مصنفة A ( 115,361) دونم، وتشكل من مساحة المحافظة الإجمالية 11% – وهي تخضع إدارياً وأمنياً للسلطة الفلسطينية –.
– مناطق مصنفة B ( 42,951) دونم، وتشكل من مساحة المحافظة الإجمالية 4% – وهي تخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية وأمنياً للاحتلال الإسرائيلي.
– مناطق مصنفة C ( 866,409) دونم، وتشكل من مساحة المحافظة الإجمالية 85% -وهي خاضعة للسيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي إدارياً وأمنياً-.
تعقيب قانوني:
إن عملية البناء والتوسع في المستعمرات الإسرائيلية أو إنشاء بؤر استعمارية عشوائية على حساب الأراضي الفلسطينية والتي تقوم بها مجالس المستعمرات الإسرائيلية بدعم من حكومة الاحتلال في جميع المستعمرات المقامة في الضفة الغربية تعتبر تعدياً واضحاً وصريحاً وانتهاكاً للعديد من النظم الأساسية للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن واتفاقية لاهاي المؤرخة في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907 والخاصة باحترام قوانين و 1907 ومعاهدة جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949 وخاصة :
- القرار رقم 242 لسنة 1967: و الذي يدعو الى انسحاب القوات الإسرائيلية المسلحة من الأراضي التي احتلتها في العام 1967, و يؤكد على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، والحاجة إلى العمل من اجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة ان تعيش فيه بامان
- القرار رقم 446 لسنة 1979 الذي اكد على عدم شرعية سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس و اعتبارها عقبة خطرة في وجه السلام في الشرق الأوسط.
- القرار رقم 452 لسنة 1979 : و يدعو فيه مجلس الأمن سلطات الاحتلال الإسرائيلية وقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967 بما فيها القدس.
- القرار رقم 465 لسنة 1980 : الذي طالب إسرائيل بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك, وطالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات.
- القرار رقم 478 لسنة 1980: الدعوة الى عدم الاعتراف بـ 'القانون الأساسي' بشأن القدس ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية منها ان مجلس الأمن،
اتفاقية لاهاي/ 1907:-
- المادة 46: الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة.
- المادة 55: الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل، وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة.
معاهدة جنيف الرابعة/ 1949
- المادة 49: لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها.
- المادة 53: لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة في البلد المحتل.
- المادة 147: ان تدمير واغتصاب الممتلكات علي نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلي نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية هو مخافة جسيمة.
اعداد: