ذكرت صحيفة هاارتس الاسرائيلية على موقعها الالكتروني اليوم (الثامن عشر من شهر أيار من العام 2009 ) نقلا عن رئيس المجلس الاقليمي للمستوطنات الاسرائيلية في منطقة الاغوار, دافيد أهاييني, عن طرح عطاء لبناء مستوطنة جديدة في الاغوار. و تزامن الاعلان عن العطاء مع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الولايات المتحدة الامريكية للقاء الرئيس الامريكي باراك أوباما. و يشتمل العطاء على 20 وحدة استيطانية جديدة سوف يتم بنائها في مستوطنة مسكيوت في الاغوار.
و كانت وزارة الدفاع الاسرائيلية بالتعاون مع الإدارة المدنية الاسرائيلية قد أعلنت في الرابع و العشرين من شهر تموز من العام 2008 عن نيتها تطوير جزء من خطة بناء في مستوطنة مسكيوت و ذلك من خلال بناء 20 وحدة استيطانية جديدة في المستوطنة كجزء من 180 وحدة استيطانية كانت قد طرحتها الحكومة الاسرائيلية خلال العام 2006 في خطوة لايواء المزيد من المستوطنيين الاسرائيليين هناك. خارطة رقم 1
و كانت مستوطنة مسكيوت قد شهدت جدلا كبيرا في العامين الماضيين و خصوصا بعد الانسحاب الاسرائيلي الاحادي الجانب من قطاع غزة في شهر أيلول من العام 2005, حيث أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق ‘عمير بيرتس’ في الثاني و العشرين من شهر أيار من العام 2006 عن تحويل ‘مسكيوت’ من قاعدة عسكرية تدريبية إلى مستوطنة سكنية و ذلك بهدف ايواء 30 عائلة يهودية (قرابة ال 120 مستوطن) من الذين تم اخلائهم من مستوطنات قطاع غزة, منها غوش قطيف و شيرات هايام. و من الجدير بالذكر أن هذا القرار جاء ليضيف شرعية للاعمال الاستيطانية الجارية في مستوطنة مسكيوت و التي تم الاعلان عنها في وقت لاحق, في شهر حزيران من العام 2006 حيث تم وضع حجر الاساس للبنية التحتية للوحدات الاستيطانية المزمع بنائها.
و بتاريخ كانون أول من العام 2006 جاءت المصادقة الاسرائيلية على عملية البناء في المستوطنة, و التي شملت بناء 180 وحدة استيطانية جديدة في الموقع. و كان قرار المصادقة قد أثار حفيظة المجتمع الدولي و الادارة الامريكية لما يشكله من انتهاك مباشر للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني, و التي تلزم الجانب الاسرائيلي بوقف النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. و قد حالت الانتقادات الدولية دون الاستمرار بتنفيذ المخططات الاسرائيلية حيث أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق ‘عمير بيرتس’ في التاسع عشر من شهر كانون الثاني من العام 2007 عن تجميد قرار البناء في المستوطنة, و الذي بدوره أثار انتقادات لجنة مستوطني غوش قطيف عقب الاعلان عن القرار بقولها ‘ ان وزير الدفاع يحاول تحقيق مكاسب سياسية على حساب المستوطنيين الذين اخلائهم من بيوتهم , فقد فعل كل شيء من اجل منع اهالي غوش قطيف من العودة للحياة العادية . فخطة البناء في مسكيوت اقرها رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق شارون و توقيفها يعد خطوة هدامة و تنبع من اهداف سياسية ضيقة.’
الا أن ذلك لم يكن كافيا لردع مستوطني غوش قطيف و غيرهم, ففي منتصف شهر كانون أول من العام 2007, دشن المستوطنون الاسرائيليون ست وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة ‘مسكيوت’ كانت قد تولت أعمالها شركة مقاولات إسرائيلية. و شهدها بعد ذلك انتقال عدد من العائلات اليهودية للعيش في المستوطنة. كما قام المستوطنون الاسرائيليون في الخامس عشر من شهر شباط من العام 2008 بوضع عشرة بيوت متنقلة في المستوطنة لاستيعاب المزيد من مستوطني قطاع غزة ضمن الخطة الإسرائيلية التي تم الاعلان عنها قبيل الانسحاب الاسرائيلي من غزة و التي تقضي بنقل جزء من مستوطني غزة إلى مستوطنات الأغوار. يذكر ان مستوطنة مسكيوت قد أنشئت في العام 1982 كقاعدة عسكرية اسرائيلية, و من ثم بدأت القاعدة العسكرية تأخذ شكل اخر حيث بدأ المستوطنون الاسرائيليون يتوافدون للسكن فيها منذ بداية العام 2005 . هذا يقطن المستوطنة اليوم ما يقارب ال 550 مستوطن اسرائيلي.
في ضوء الوضع السياسي الراهن ، فإن اسرائيل تتطلع الى انتزاع الفرص لتحكم قبضتها على الاراضي الفلسطينية المحتلة و بالاخص، المنطقة الشرقية من الضفة الغربية (منطقة العزل الشرقية) عن طريق طرح مشاريع تنموية و توسعية للمستوطنات، و التي بدورها تهدف الى تشبث المستوطنين بالارض الفلسطينية، بل وحتى زيادة اعدادهم. ففي الوقت الذي تطرح فيه اسرائيل خطط بناء و توسع في مستوطنات الاغوار, تسعى اسرائيل الى تهجير الفلسطينيين القاطنيين في المنطقة. ففي الثالث و العشرين من شهر تموز من العام 2008, سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اهالي منطقة أبو العجاج في الجفتلك شمال مدينة أريحا ثلاث اخطارات بالاخلاء و الهدم بحجة عدم الترخيص باعتبار منطقة سكناهم ‘منطقة عسكرية مغلقة’ و ذات سيادة اسرائيلية غير مسموح البناء فيها. و تهدد هذه الخطوة حي بأكمله بالتهجير و الترحيل.
ومن الواضح ان الخطة الاسرائيلية لعزل المنطقة الشرقية من الضفة الغربية و التي هي مأوى ل 42 تجمع فلسطيني (32000 فلسطيني) تهدف الى تهجير الفلسطينيين من مناطق سكناهم لتعزز في المقابل الوجود اليهودي في المنطقة و هي الخطة الممنهجة التي اعتمدها اسرائيل منذ وقت طويل (عقب احتلال اسرائيل للضفة الغربية و قطاع غزة) مما زاد من معاناة الفلسطينيين و أثر على حياتهم اليومية و طرق كسب عيشهم.