شرعت جرافات الاحتلال الاسرائيلي و بحراسة قوات جيش الاحتلال في العاشر من شهر شباط من العام 2010 بتجريف الاراضي الفلسطينية في منطقة عش غراب شرق مدينة بيت ساحور و ذلك لاقامة برج عسكري اسرائيلي بغرض منع أعمال رشق الحجارة على دوريات الجيش بحسب ادعاءات قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي المتواجدة في المكان. و كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد أعلنت منطقة عش غراب ‘منطقة عسكرية مغلقة’ و منعت الصحافيين و المصورين و اهالي البلدة من التواجد في المكان و ذلك لتسهيل مهمة الجرافات الاسرائيلية الناشطة في المكان لاقامة برج المراقبة.
و كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي قد سلمت أهالي بيت ساحور في السادس من شهر أيلول من العام 2006 أمرا عسكريا لوضع اليد على 290 متر مربع (0.290 دونم) من أراضي مدينة بيت ساحور, حوض رقم 6, موقع عش غراب لاغراض عسكرية, لاجل اقامة نقطة مراقبة في الموقع. و يذكر ان الامر صدر بعد خمسة أشهر من انسحاب قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي من القاعدة العسكرية الاسرائيلية في عش غراب و الذي يطلق عليه بالعبرية ‘شديما’. و يحمل الامر العسكري الاسرائيلي رقم (06/08/ت). و فيما يلي نسخة عن الامر العسكري الاسرائيلي الخاص باقامة البرج العسكري.
و كانت الجماعات اليهودية اليمينية المتطرفة قد نظمت سلسلة من المظاهرات الاسبوعية على مدى الاعوام السابقة, بدءا من تاريخ اخلاء القاعدة العسكرية و حتى تاريخ هذا التقرير, احتجاجا على قرار الحكومة الاسرائيلية باخلاء الموقع العسكري في محاولة لاستعادته و الحفاظ عليه حتى لا يتم تسليمه للفلسطينيين. و كان من بين هذه الجماعات المتطرفة, نساء بالاخضر و لجنة الدفاع عن شديما يهودية. كما دعت هذه الجماعات اليهودية الى اقامة موقع استيطاني في المنطقة و ذلك لخلق حلقة وصل بين المستوطنات الاسرائيلية المقامة شرق مدينة بيت ساحور (مستوطنات الدافيد, تقواع, نيكوديم, ومعاليه عاموس) و مستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوما) شمال مدينة بيت ساحور و المستوطنات الاسرائيلية غرب المدينة (تجمع مستوطنات غوش عتصيون و تلك داخل الخط الاخضر).
و كانت بلدية بيت ساحور قد تقدمت و بالتعاون مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (USAID) عقب انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من الموقع في العام 2006 بمخططات للادارة المدنية الاسرائيلية في منطقة بيت لحم لاستصلاح موقع عش غراب و ذلك في محاولة للاستفادة من الاراضي في المنطقة. و كانت المخططات تشمل بناء مرافق يستفيد منها اهالي المدينة مثل مسشفى طبي للاطفال, مركز ثقافي للشباب, منتزه عام, محطة مياه, مركز وعي بيئي, مركز رياضي هذا بالاضافة الى موقف للسيارت و شوارع لتسهيل امكانية الوصول للمكان[1] على مساحة 54 دونم من الاراضي, ما نسبته 5% من مجموع مساحة أراضي موقع عش غراب.
و في التاسع عشر من شهر كانون ثاني من العام 2010, قامت مجموعة من المتظاهرين اليهود من ‘نساء بالاخضر’ و ‘لجنة الدفاع عن شديما’ باقامة حفل زرع أشجار في منطقة عش غراب في بيت ساحور كجزء من الحملة اليهودية للسيطرة على المكان. و كان رئيس مجلس مستوطنات منطقة غوش عتصيون شاول جولدستاين قد صرح اثناء الحفل بان’ اقامة بؤرة استيطانية في شديما (عش غراب) هي علامة بان شديما سوف تصبح, بمشيئة الله, مجتمع مزدهر – و هذا يحدث بفضل العزم والنشاط الدؤوب للمجلس لخلق ‘شديما يهودية’ ‘.
و يقع موقع عش غراب في الاراض المصنفة ‘ج’ بحسب اتفاقيات أوسلو المؤقتة الثانية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و اسرائيل في العام 1995[2] حيث تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة, أمنيا و اداريا. وكان من المفترض أن هذا التقسيم يكون مؤقتا لانه بحسب الاتفاقية، فان إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق (ج) ونقل مسؤولية الأمن الداخلي للشرطة الفلسطينية في مناطق (ب) و (ج) ستنفذ على ثلاث مراحل، على أن تتم كل مرحلة في فترة أقصاها ستة أشهر وتكتمل خلال 18 شهرا من تاريخ تنصيب المجلس التشريعي الفلسطيني. خلال هذه الفترة، سيتم تحويل الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالأراضي تدريجيا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لتشمل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء القضايا التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الحل النهائي (الحدود, المياه, القدس، المستوطنات و اللاجئين). وهذا يعني أن 95 ٪ من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة كان يجب أن تنتقل للسيطرة الفلسطينية الا ان تنعت الحكومة الاسرائيلية و عدم الوفاء بالتزاماتها بالاتفاقيات الموقعة حال دون تنفيذ هذه الاتفاقيات و لم يتم نقل الا جزء صغير من الاراضي الى السيطرة الفلسطينية. و عليه, فقد بلغت مساحة المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية حتى شهر آذار من العام 2000 ما لا يزيد عن 18.2 ٪ من مساحة الضفة الغربية و هي المصنفة ‘ا’, بينما لا تزال 21.8% من المساحة الكلية للضفة الغربية مصنفة ‘ب’ و 60 % من الاراضي الفلسطينية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية و تشمل مناطق ج و المحميات الطبيعية.
ملخص
ان الاسلوب المتبع من قبل الحكومة الاسرائيلية في الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية هو بمثابة انتهاك للاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين و التي دعت الى عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تعمل على تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة بانتظار نتيجة مفاوضات الحل الدائم:-
الاتفاقية المرحلية، المادة 31، بند 7 (أيلول 1995): لن يشرع أي جانب أو يقوم باتخاذ أي خطوة ستعمل على تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة بانتظار نتيجة مفاوضات الوضع الدائم.
مذكرة واي، المادة 5 (تشرين أول 1998): اعترافاً بضرورة خلق بيئة ايجابية للمفاوضات، يتعهد الجانبان بعدم اتخاذ أي خطوة ستعمل على تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة وفقاً للاتفاقية المرحلية.
مذكرة شرم الشيخ، المادة 10 (أيلول 1999): اعترافاً بضرورة خلق بيئة ايجابية للمفاوضات، سوف لن يشرع أي جانب أو يقوم باتخاذ أي خطوة ستعمل على تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة وفقاً للاتفاقية المرحلية.
إعلان المبادئ، المادة الرابعة، الصلاحية (أيلول 1993): ينظر الجانبان إلى الضفة الغربية وقطاع غزة كوحدة إقليمية واحدة سيتم الحفاظ على سلامتها خلال المرحلة الانتقالية.[3]
و عليه فقد أصبح مصادرة الاراضي الفلسطينية و بناء المستوطنات و البؤر الاستيطانية منهجا من شأنه قطع التواصل الديموغرافي والجغرافي بين التجمعات الفلسطينية و بالتالي القضاء على امكانية وجود كيان فلسطيني ذات تواصل جغرافي و قابل للحياة, الامر الذي يخالف الاتفاقيات الاسرائيلية – الفلسطينية الموقعة بهذا الشأن و يعارض القوانين و الاعراف الدولية التي تدعو حكومة اسرائيل بوقف هذه النشاطات التي من شأنها أن تعيق عملية السلام:-
قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979: و الذي يدعو فيه حكومة و شعب اسرائيل إلى وقف إنشاء وتشييد وتخطيط المستوطنات وتفكيك القائم منها.
قرار مجلس الامن رقم 452 لعام 1979 : وفيه يطلب مجلس الأمن من حكومة اسرائيل وقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس .
قرار مجلس الامن رقم 465 لعام 1980: مطالبة إسرائيل بتفكيك المستوطنات القائمة والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الأراضي العربية المحتلة, بما فيها القدس.
[1] المصدر: بلدية بيت ساحور
[2] اتفاقية أوسلو قضت بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام، لكل منها ترتيبات وسلطات أمنية وإدارية مختلفة، كالتالي: مناطق (أ) حيث تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة أمنيا وإداريا. مناطق (ب) وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية, و مناطق (ج) تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة, أمنيا و اداريا.