هذا السؤال الذي طالما اثيرت حوله العديد من النقاشات لمعرفة ما تخطط له اسرائيل للاراضي الفلسطينية المعزولة الواقعة غرب جدار العزل العنصري[1] الذي باشرت اسرائيل ببنائه في شهر حزيران من العام 2002.
تدعي دولة الاحتلال الاسرائيلي بان الهدف من وراء بناء جدار العزل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة يعود لاسباب أمنية بذريعة حماية المواطنين الاسرائيليين, و لكن على أرض الواقع, تبلغ مساحة الاراضي الفلسطينية التي سوف يتم عزلها ما بين جدار العزل العنصري وخط الهدنة للعام 1949 (الخط الاخضر) 733 كلم مربع, أي ما نسبته 13% من المساحة الكلية للضفة الغربية هذا بالاضافة الى ضم 107 مستوطنة اسرائيلية تضم أكثر من 80% من عدد المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة.
ففي تحليل للغطاء الطبيعي للاراضي الفلسطينية المعزولة غرب الجدار, يظهر بشكل واضح بان اسرائيل قامت و بشكل متعمد وتكتيكي بانتزاع اكبر قدر ممكن من الاراضي الفلسطينية, الزراعية منها و الغابات و المناطق المفتوحة مع اقل عدد ممكن من التجمعات الفلسطينية هناك حيث تسعى اسرائيل الى دفعهم للخروج من مناطق سكناهم في منطقة العزل بشكل طوعي بعد تضييق الخناق عليهم من خلال اجراءات العبور عبر البوابات الجدارية للوصول الى مناطق المدن الرئيسية حيث الخدمات, الامر الذي يدفع بالعديد من السكان الفلسطينيين نقل سكنهم الى مراكز المدن و بالتالي ترك الاراضي الزراعية مباحة للمستوطنين الاسرائيليين. جدول رقم 1 يوضح تحليل لطبيعة المناطق المعزولة غرب جدار العزل العنصري:
جدول رقم 1: تصنيف الغطاء النباتي للاراضي الفلسطينية المعزولة غرب الجدار |
التصنيف |
المساحة /كلم مربع |
النسبة المئوية للاراضي المعزولة |
اراضي زراعية |
348 |
47.5% |
مناطق عمرانية فلسطينية |
25 |
3.5% |
مناطق تحت السيطرة الاسرائيلية (مستوطنات، قواعد عسكرية…) |
110 |
15% |
غابات |
81 |
11% |
مناطق مفتوحة |
169 |
23% |
المجموع الكلي |
733 |
100 |
المصدر: معهد الابحاث التطبيقية- القدس (اريج) 2009 |
هل تجمع نيريت هو البداية ؟؟؟
يقع تجمع نيريت الاسرائيلي غرب الخط الاخضر (خط الهدنة للعام 1949). و وفقا لمركز الاحصاء الاسرائيلي للعام 2007, يبلغ عدد القاطنين فيها 1,100 اسرائيلي. تم اقامة تجمع نيريت في العام 1981 و توسعت مساحتها خلال الاعوام 1986, 2000, 2004, 2006 و 2009 على التوالي لتتغلغل داخل الاراضي الفلسطينية الامر الذي عمل أيضا على زيادة عدد السكان الاسرائيليين القاطنين فيها. جدول رقم 1 و خارطة رقم 1 يوضحان توسعات تجمع نيريت ما بين الاعوام 2006-2009 :
جدول رقم 1: عدد البنايات التي تم اضافتها للحي الجديد ‘نوف هشارون’ داخل الاراضي الفلسطينية و التابع لتجمع نيريت الاسرائيلي داخل الخط الاخضر |
العام |
عدد البنايات |
2006 |
27 |
2008 |
30 |
2009 |
42 |
المصدر: معهد الابحاث التطبيقية / القدس (أريج) 2006-2009
توسيع رقعة تجمع نيريت الى داخل الاراضي الفلسطينية
تفاجأ أهالي تجمع نيريت الاسرائيليين من قرار السلطات الاسرائيلية الذي يقضي بتوسيع رقعة تجمعهم ليمتد الى داخل اراضي الضفة الغربية المحتلة وذلك من خلال بناء حي سكني جديد أطلق عليه اسم ‘نوف هشارون’ و الذي بحسب الادعاءات الاسرائيلية سوف يتبع مستوطنة الفيه ميناشيه الواقعة شمال شرق الحي الاستيطاني الجديد. هذا وقد ابدى سكان تجمع نيريت الاسرائيلي رفضهم القاطع للانضمام للبرنامج الاستيطاني الاسرائيلي داخل الضفة الغربية باعتباره جزءا من الاحتلال الاسرائيلي. ووفقا لذلك، فقد قام سكان تجمع نيريت الاسرائيلي بتقديم التماس الى السلطات الاسرائيلية المختصة تطالبهم بالوقف الفوري لكافة المخططات و الاجراءات الميدانية لتوسيع تجمعهم ليمتد الى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة. انظر خارطة رقم 2:
هذا وقد جاء الالتماس الذي قدمه سكان نيريت على النحو التالي:
نحن الموقعون ادناه، سكان تجمع نيريت نطالبكم بالوقف الفوري لبناء الحي الاستيطاني الجديد المسمى ‘ نوف هشارون’ التابع لمستوطنة الفيه ميناشيه المحاذية للخط الاخضر، حيث سيتم الربط – بالامر الواقع- بين حي نوف هشارون الجديد و بين تجمعنا نيريت. و ايضا نعرب عن رفضنا المطلق للمخطط الجديد و الذي يقضي بتحويل بلدة نييت الى مستوطنة اسرائيلية في الضفة الغربية، حيث نبدي استغرابنا الشديد من سياسة الحكومة الاسرائيلية التي تهرول الى ضم بلدة اسرائيلية لتصبح مستوطنة في اراضي الضفة الغربية في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى فك الارتباط في مناطق اخرى ‘. و اخيرا فاننا نطالب السلطات الاسرائيلية المختصة بالوقف الفوري لهذا المخطط. 31/3/2005 |
هذا و بالرغم من المعارضة الشديدة لسكان تجمع نيريت للمخطط المقترح من قبل السلطات الاسرائيلية، فقد شرعت الجرافات الاسرائيلية بتجريف وتجهيز الارض المخصصة لتوسيع التجمع وبناء الحي الجديد ‘نوف هشارون’ حيث تم بناء حتى تاريخ التقرير 42 بناية جديدة داخل اراضي الضفة الغربية المحتلة.
وتهدف اسرائيل الى…………..
يبدو ان اسرائيل قد بدات المرحلة الثانية لما تسعى تحقيقه من بناء جدار العزل العنصري ، فبعد عزل الاراضي الفلسطينية عن التجمعات الكبرى في الضفة الغربية, تقوم اسرائيل باستغلال وضع المساحات غير الماهولة بالسكان وضمها الى اسرائيل وذلك باتباع نفس النمط الذي تم فيه بناء المستوطنات. غير ان اسرائيل هذه المرة تسعى الى ربط المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية بالمدن و التحمعات الاسرائيلية المحاذية للخط الاخضر و ذلك في مسعى منها الى تقويض وضع الخط الاخضر و اعادة ترسيمه ليتناسب مع ما تفرضه على الارض من وقائع مثل جدار العزل العنصري والذي تسعى اسرائيل من خلاله الى ترسيم الحدود الشرقية لها وذلك ضمن ما تقوم به من خطوات احادية الجانب لفرض رؤيتها ومخططاتها على عملية السلام.
السيطرة الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية المعزولة
ان قرار دولة الاحتلال الاسرائيلي باقامة جدار العزل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة يهدف اساسا لنهب اكبر مساحة ممكنة من اراضي المواطنين الفلسطينيين و فرض واقع جديد على الارض يقضي بعزل 733,000 دونما من اراضي المواطنين الفلسطينيين تقع بين جدار العزل و الخط الاخضر حيث, ستكون في المستقبل و بحكم الامر الواقع و فرض الوقائع على الارض, جزءا من دولة الاحتلال الاسرائيلي علما بان الاراضي المعزولة تعتبر من اخصب الاراضي الزراعية الفلسطينية حيث يمنع اصحابها من الوصول اليها الا بعد استصدار تصريح خاص من الادارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي.
ان المخطط الاسرائيلي لتوسيع تجمع نيريت الاسرائيلي لتمتد الى داخل الضفة الغربية المحتلة و ربطها مع مستوطنة ‘الفيه مينيشيه’ لا يعدو كونه خطوة لفرض الواقع على الارض من خلال السيطرة احادية الجانب على منطقة العزل الغربية ( الاراضي الفلسطينية المعزولة بين الجدار الفاصل و بين الخط الاخضر).
ان المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل المناطق المعزولة ينتشرون على 3.5 % فقط من مساحة منطقة العزل الغربية حيث يخضعون تحت سيطرة الادارة المدنية الاسرائيلية التي من جهتها تفرض قيودا عديدة على تنقل العمال و اصحاب هذه الاراضي للوصول اليها و ادخال المعدات الزراعية للعناية بالمحاصيل و استصلاح الاراضي الامر الذي يحد بشكل كبير من القدرة على الزراعة في تلك المناطق.
ان المواطنين الفلسطينيين قد ضاقوا ذرعا من الاجراءات و القوانين المجحفة التي تفرضها عليهم سلطات الاحتلال الاسرائيلي باذرعها المختلفة و التي تمس حقوقهم الطبيعية في العيش و التنقل بحرية وزراعة اراضيهم بالاضافة الى حقوقهم في العمل و الوصول الى الاماكن المقدسة للعبادة و التي اصبحت عبارة عن حزمة من الانتهاكات الاسرائيلية الممنهجة لحقوق المواطنين الفلسطينيين و التي تتعارض بشكل مباشرمع الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني في اوسلوا و الذي يشترط حرية الحركة للمواطنين الفلسطينيين وعدم قيام اي جانب من اتخاذ اية اجراءات من شانها احداث تغييرات على ارض الواقع تؤدي الى التلاعب بمعطيات القضايا العالقة و التي سيتم بحثها في مفاوضات الحل النهائي.
بالاضافة الى ذلك فان كل ما تقوم به اسرائيل من اجراءات بحق الفلسطينيين يعتبر من ضمن الانتهاكات الصارخة التي تنتهجها اسرائيل اتجاه الفلسطينيين و تعتبر ايضا انتهاكا صريحا لحقوقهم المدنية و مخالفة لجملة من قواعد القانون الدولي و الانساني و خرقا للعديد من الاتفاقيات و العهد الدولية المتعلقة بحقوق السكان و منها:
المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 والتي تنص على انهخ يحظر على القوة المحتلة ان تقوم بنقل جزء من سكانها الى الاراضي التي احتلتها بالقوة العسكرية’.
المادة 23 من اتفاقة لاهاي و التي تنص على انه يحظر على القوة المحتلة ان تقوم بهدم او مصادرة املاك المواطنين الذين وقعوا تحت الاحتلال باستثناء وجود الضرورة العسكرية الملحة لذلك’.
الراي الاستشاري الذي اصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي في التسع من تموز العام 2004 بخصوص الجدار الذي قامت اسرائيل ببنائه في الاراضي الفلسطينية المحتلة قد اكد على ان الجدار الذي قامت اسرائيل ببنائه في الضفة الغربية المحتلة بما يتضمن الجدار حول القدس الشرقية و النظام المعمول به يتعارض مع القانون الدولي و على اسرائيل ان تقوم بازالته و ازالة كافة الاتبعات التي ترتبت على بنائه’.
القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة( 237-1967) ، (271-1969)، (446-1979)، (452-1979)، (465-1980) قد دعت اسرائيل وقف كافة الاجراءات التي اتخذتها على الارض و التي من شانها تغيير الوضع الجغرافي للاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما في ذلك مدينة القدس و ايضا دعت اسرائيل الى ةقف تحويل سكانها المدنيين للاراضي الفلسطينية المحتلة’.
[1] المنطقة الواقعة بين خط جدار العزل العنصري و خط الهدنة للعام 1949 – الخط الاخضر