في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2015، كشفت صحيفة هآارتس الاسرائيلية في تقرير مفصل عن تخصيص وزارة الاسكان والبناء الاسرائيلية مبلغ مالي يصل الى 850,000 شيكل اسرائيلي (215,000 دولار امريكي) وذلك لتوسيع مستوطنة "أفرات" الإسرائيلية غير الشرعية[1] وهي من أكبر مستوطنات التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون "الواقع غربي محافظة بيت لحم. هذا وبحسب التقرير الصادر، فان ما تسمى بوزارة الإسكان والبناء الاسرائيلية، قامت في شهر تشرين الاول من العام 2014 بتوقيع عقد عمل مع مهندسين اسرائيليين للبدء بتخطيط وتنفيذ مخطط التوسع للمستوطنة. حيث يقضي المخطط الجديد الى بناء حي استيطاني جديد على أراضي منطقة خلة النحلة الواقعة الى الجنوب من مدينة بيت لحم ويسمى وفقا للإسرائيليين "جفعات هاييتم" حيث شرع المستوطنون الإسرائيليون بإنشاء هذه البؤرة والتي تقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات في العام 2013 .
أيضا وبحسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية وتقرير صادر عن منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، فقد تم الكشف عن مخطط وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي واحد ممثلي حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف في الحكومة الحالية، أوري أرئيل، في التسريع والمضي قدما في عملية الاستيلاء على هذه التلة وذلك من خلال دفع مبلغ 850,000 شيكل اسرائيلي لمهندسين اسرائيليين خلال شهر تشرين الاول من العام 2014؛ المهندس الاول والذي سيعمل على عدد من المشاريع لصالح وزارة الإسكان لتوسيع مستوطنة "أفرات" وقد حصل على مبلغ 456,000 شيكل، بينما المهندس الثاني أو شركة المقاولات الثانية ستعمل على فتح وتشيد طرق جديد للوصول إلى البؤرة الاستيطانية "جيفعات هاييتم".
هذا وتجدر الإشارة بان صحيفة هاارتس الإسرائيلية نشرت أيضا في 22 من الشهر الجاري تقريرا صادرًا عن وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية أوضحت فيه حجم الإنفاق والميزانيات التي خصصتها الوزارة لصالح البناء في إسرائيل خلال الأعوام الماضي حيث بلغت مجموع ما خصصته الوزارة 184 مليون شيكل ، 30 % منها تقريبا لصالح البناء في المستوطنات غير الشرعية في الضفة المحتلة والقدس الشرقية.
يمكن الملاحظة بسهولة بأن الغرض من التقارير التي تنشرها وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية في هذا التوقيت لها علاقة بقرب الانتخابات البرلمانية المبكرة المزمع عقدها في إسرائيل أواخر شهر آذار القادم حيث يسعى وزير الإسكان الإسرائيلي لتلميع صورته وكسب تأييد الناخبين اليمينيين الإسرائيليين من خلال إبراز حجم الدور الذي قام به خلال فترة وجودة على رأس الوزارة.
مخطط توسيع مستوطنة افرات
احداث ادت الى إنشاء البؤرة الاستيطانية "جيفعات هاييتم":
أولا: في العام 2004 اصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلية الامر العسكري رقم (59) (1967-5727) القاضي بإعلان 1700 دونم من الاراضي الفلسطينية التي تقع الى الشرق من مستوطنة افرات الاسرائيلية، وفي منطقة خلة النحلة الفلسطينية اعلنت "اراضي دولة"، وبالتالي تدعي اسرائيل بأنها اصبحت هذه الاراضي "املاك لدولة اسرائيل" ويحق لها التصرف بها كما تراه مناسبا. و من الجدير ذكره بان جزء من هذه الاراضي، ما يصل مساحته الى 300 دونم، هي ملك للمواطن محمد يحيى احمد عايش، وعند صدور امر المصادرة، بدأت معاناة المزارع محمد عايش مع سلطات الاحتلال الاسرائيلية في المحاكم الاسرائيلية.
ثانيا: مخطط جدار العزل العنصري في تعديله الاخير الصادر عام 2007، قام بفصل منطقة خلة النحلة والتي تقع فيها 1700 دونم معلنة أراضي دولة اسرائيل، قام بفصلها عن التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" وبشكل خاص عن مستوطنة "افرات" الاسرائيلية، بحيث اصبحت هذه المنطقة الى الشرق من الجدار. مع العلم انه في العام 2004 كان مخطط جدار العزل العنصري يشمل المنطقة التي اعلنت اراضيها "اراضي دولة".
ثالثا: في العام 2009، اصدرت وزارة الاسكان والبناء الاسرائيلية مخطط لبناء 2500 وحدة استيطانية على التلة المسمى " هاييتم" (او تلة النحلة)، بحيث تصبح هذه التلة حي من احياء مستوطنة افرات، لكن مخطط جدار العزل العنصري حال دون تنفيذ هذا المخطط، وذلك بسبب وقوع هذه التلة الى الشرق من مخطط جدار العزل العنصري، مما اثار غضب المستوطنين الاسرائيليين، الذين حاولوا الضغط على الحكومة الاسرائيلية لتنفيذ مخطط بناء 2500 وحدة استيطانية بالإضافة الى تعديل مسار جدار العزل العنصري بإضافة تلك المنطقة مستوطنة افرات.
رابعا: تأكيدا لرفض المستوطنين الاسرائيليين تجميد مخطط بناء 2500 وحدة استيطانية على تلة "هاييتم"، قاموا باحتلال التلة وانشاء البؤرة الاستيطانية "جيفعات هاييتم"، وذلك عام 2009، لكن ما حدث لم يكن بحسبان المستوطنين، حيث قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بمرافقة الادارة المدنية الاسرائيلية وقوات من جيش الاحتلال بهدم البؤرة الاستيطانية، وذلك بسبب وقوعها على ارض متنازع عليها في المحاكم الاسرائيلية، وايضا "انها غير قانونية" بسبب عدم حصولها على ترخيص من الجهات المختصة. ولكن عاد المستوطنين من جديد لوضع خيمة على التلة، وفي العام 2010، تم شق طريق لهذه البؤرة على حساب الاراضي الفلسطينية الخاصة.
خامسا: على الرغم من قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلية بهدم البؤرة في البداية الا انها وفي العام 2011، صادق وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك " يهودا باراك" على انشاء مزرعة استيطانية بدل البؤرة السكنية، وتم وضع سياج محيط التلة، وتقل صهريج ماء وبيت بلاستيكي الى الموقع، وتم ابقاء الطريق الاستيطاني الترابي الذي شيد ليخدم المستوطنين القاطنين في هذه البؤرة، على الرغم من ان الطريق يمر من اراضي فلسطينية ذات ملكية خاصة. ومن الجدير ذكره بان خطوة باراك لم تكن وليدة لحظة وانما كانت مدروسة بتأني، حيث في العام 2012، كشفت صحيفة هآارتس الاسرائيلية في احدى تقاريرها بان الإدارة المدنية الإسرائيلية بصدد تشريع قانون يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بشق طرق استيطانية ترابية دون الحاجة إلى موافقة جهات إسرائيلية عليا مختصة إذا كان الهدف من شق الطريق الاستيطاني هو حماية "أراضي الدولة". وهكذا اصبحت البؤرة الاستيطانية الغير شرعية "جيفعات هاييتم" اصبحت "قانونية" بنظر سلطات الاحتلال الاسرائيلية، والدليل على ذلك انه في العام 2013 اصدرت وزارة الاسكان والبناء الاسرائيلية مخطط لتمويل مهندس اسرائيلي ليعمل على مخطط لبناء 840 وحدة استيطانية على تلة "جيفعات هاييتم".
خلال العام 2014، دأب المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في البؤرة الاستيطانية "جيفعات هاييتم" وبالتعاون من سلطات الاحتلال الاسرائيلية بالعمل على توسيع البؤرة عن طريق اضافة البركسات الزراعية وغيرها، في خطوة تمهيدية لإنشاء الحي الاستيطاني، الذي سيعمل على توسيع مستوطنة "افرات"، حيث تقع هذه البؤرة ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة "افرات".
وما يحدث حاليا من تمويل اسرائيلي لعملية التخطيط لبناء حي استيطاني جديد يضاف الى مستوطنة افرات، هو دليل على عمق الشراكة بين المستوطنين الاسرائيليين وسلطات الاحتلال الاسرائيلي، ودليل اضافي على ذلك، انه في الخامس عشر من شهر كانون الثاني من العام 2015، اقتحمت قوات من جيش الاحتلال الاسرائيلي بمرافقة جرافات، منطقة خلة النحلة الفلسطينية، وقامت بتجريف 30 دونم من الاراضي الزراعية لصالح تشييد طريق استيطاني يصل بين البؤرة الاستيطانية "جيفعات هاييتم" ومستوطنة افرات، في خطوة استباقية لتوسيع المستوطنة. للمزيد من المعلومات عن عملية التجريف تابع الرابطة التالية:
http://www.old.poica.org/details.php?Article=7433
في الختام:
مع اقتراب الانتخابات الاسرائيلية المقرر عقدها في شهر آذار من هذا العام، يبدو ان الساحة الفلسطينية على موعد مع موجة جديدة من المشاريع الاستيطانية والبناء الاستيطاني، وتصعيد ميداني جديد على الارض، وذلك ليظهر كل حزب على أنه الداعم الاول والاساسي لدولة "اسرائيل" وليكسب المزيد من اصوات الناخبين على حساب معاناة الفلسطينيين. وما يحصل في مستوطنة افرات ومن مخطط لبناء حي استيطاني جديد قادر على استيعاب ما يصل الى 2500 وحدة استيطانية، هو جزء من الحملة الانتخابية لوزير وزير الإسكان الإسرائيلي الهادفة كسب تأييد الناخبين اليمينيين الإسرائيليين من خلال إبراز حجم "انجازاته" في البناء الاستيطاني.
مراجع:
http://www.old.poica.org/details.php?Article=6931
http://www.old.poica.org/details.php?Article=5976
http://peacenow.org.il/eng/NahlaUpdate
http://peacenow.org.il/eng/E2-Nahla
http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/.premium-1.639042
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)
[1] تأسست مستوطنة افرات عام 1979 على اراضي محافظة بيت لحم. وتحتل المستوطنة 2283 دونم من الاراضي الفلسطينية