نشرت صحيفة هاارتس الاسرائيلية على صفحتها الالكترونية في عددها الصادر بتاريخ الثاني عشر من شهر كانون أول من العام 2011 أن وزير الدفاع الاسرائيلي, ايهود باراك, وافق على اقامة 40 وحدة استيطانية جديدة في موقع البؤرة الاستيطانية الاسرائيلية 'جفعات هاداجان' الواقعة شمال مستوطنة افرات جنوب غرب مدينة بيت لحم و أيضا الموافقة على اقامة مزرعة على التلة الثامنة من مستوطنة افرات و التي ستكون بمثابة نقطة الانطلاق لاحياء مشروع الحي الاستيطاني 'جفعات هاييتم' و الذي كان قد تم الاعلان عنه في وقت سابق من العام 2009 في المنطقة الواقعة ضمن تجمع غوش عتصيون الاستيطاني, جنوب غرب مدينة بيت لحم.
والجدير بالذكر أن الاعلان عن البناء في البؤرة الاستيطانية 'جفعات هاداجان' ليس بالجديد اذ ان الحكومة الاسرائيلية كانت قد اصدرت في أوائل التسعينات مخططا هيكليا لبناء حي استيطاني في الموقع الذي تقوم عليه البؤرة الاستيطانية 'جفعات هاداجان' اليوم و شمل المخطط انذاك بناء 500 وحدة استيطانية في الموقع. الا أن البناء لم ينفذ لاسباب سياسية, الامر الذي دفع بقطعان المستوطنين في شهر اب من العام 1995 بالسيطرة على الموقع بشكل غير قانوني و اقامة عدد من المقطورات السكينة فيها. كما جاءت عملية الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية في موقع البؤرة من قبل المستوطنين ردا على استئناف المحادثات بين الفلسطينيين و الاسرائيليين في ذلك الوقت و توقيع اتفاقيات أوسلو الرامية الى توسيع مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية. و قد ساهمت العديد من الجهات الاسرائيلية الرسمية و المعارضة للحكومة الاسرائيلية بشان اتفاقية اوسلو من وراء الكواليس بتزويد البؤرة الاستيطانية 'جفعات هاداجان' ببعض الخدمات الرئيسية كخطوط الكهرباء و شبكات الماء و المجاري في محاولة لتعزيز السيطرة على الموقع الذي كان من المزمع اخلائه في ذلك الوقت لاعتباره عقبة في طريق المحادثات السلمية بين الفلسطينيين و الاسرائيليين, الا أن اعلان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك عن الموافقة للبناء في البؤرة قد دب الحياة و الأمل في نفوس المستوطنين القاطنين فيها لاحياء مخططاتهم التوسعية في المنطقة و بالتالي تغيير الوضع القانوني للبؤرة, من بؤرة غير قانونية الى حي جديد قانوني و مرخص.
كذلك جاءت الموافقة على البناء في حي جفعات هاييتم الاستيطاني الواقع الى الشمال الشرقي من مستوطنة افرات, ضمن تجمع غوش عتصيون الاستيطاني. والجدير بالذكر انه في شهر شباط من العام 2009 رفضت المحكمة العسكرية لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية ثمانية التماسات من أصل تسعة قدمها مواطنون فلسطينيون من قريتا أرطاس و الخضر غرب مدينة بيت لحم للاعتراض على قرار صادر عن الإدارة المدنية وحارس أملاك الغائبين في العام 2004 و الذي يقضي بالإعلان عن ما يزيد عن 1700 دونما من أراضي خلة النحلة و الخضر و أرطاس جنوبي محافظة بيت لحم أملاك حكومية إسرائيلية. فالأراضي الفلسطينية المستهدفة بالامر العسكري الاسرائيلي تقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات, الذي اعدته الادارة المدنية الاسرائيلية في العام 1991 و شمل المناطق التوسعية المستقبلية للمستوطنة. كذلك تقع الاراضي المستهدفة ضمن المخطط الاستيطاني لبناء 2500 وحدة سكنية على التلة الثامنة لافرات و الذي اطلق عليه اسم 'حي جفعات هاييتم'. و كان المخطط قد حظي بموافقة مبدئية من قبل الحكومة الاسرائيلية, الا أنه لم يخرج إلى حيز التنفيذ لعدم حصول المخطط على موافقات عديدة أهمها موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع ووزارة البناء و الإسكان الإسرائيلية. انظر الخارطة
وبحسب المخطط الإسرائيلي للجدار العازل في العام 2004 فان موقع الحي الاستيطاني يقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات وداخل المنطقة المراد ضمها خلف الجدار باتجاه الخط الأخضر. هذا و في العام 2005 ، قام الجيش الإسرائيلي بإحداث تغييرات في عدة مقاطع من جدار العزل في الضفة الغربية و التي كانت إحداها تلك الضامة للموقع المخطط لبناء حي 'جفعات هايتم' و التي استبعدته خارج مخطط الجدار. و كان قرار المحكمة العسكرية الإسرائيلية قد جاء (1) لتثبيت قرار حارس أملاك الغائبين بالإعلان عن الأراضي المستهدفة كأملاك حكومية ، و ما هو ذلك إلا مقدمة لإعادة ضم المنطقة وراء جدار العزل من جديد و التي كان قد تم سلخها سابقا و أيضا (2) تعزيز البناء في التجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية التي تسعى اسرائيل الى ضمها من خلال بناء جدار العزل العنصري في المنطقة.
و تجدر الاشارة أنه منذ بدء العملية السلمية مع الفلسطينيين في العام 1993 انتهجت إسرائيل خطوات أحادية الجانب عمدت إلى إحداث تغييرات جغرافية على ارض الواقع خلافا لما تم الاتفاق عليه و ذلك بأن لا يقوم أي من الطرفيين الإسرائيلي و الفلسطيني بأتخاد أية خطوات من شأنها إحداث أي تغيير عن قضايا الحل الدائم ( القدس، المستوطنات، الحدود، المياه ، اللاجئين) و هو تماما كل ما قامت به إسرائيل حيث استمرت بالبناء الاستيطاني في الضفة الغربية و القدس الشرقية و تعمدت إلى فرض حدود سياسية جديدة من خلال بناء جدار العزل العنصري و اقتطاع مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين و ضم مصادر المياه الجوفية في الضفة الغربية لتكون تحت سيطرتها، هذا بالإضافة إلى نبذ حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم. أما في ما يتعلق بانسحابها الأحادي الجانب من مستوطنات غزه فقد عمدت إسرائيل إلى سلوك هذا النهج لتماثله بانسحابها من مستوطنات عشوائية غير ذات أهمية في الضفة الغربية تستطيع من خلالها تنفيذ خطتها الإستراتيجية بضم التجمعات الاستيطانية الكبيرة تحت سيطرتها ضمن جدار العزل العنصري، يكون في الوقت ذاته تحت رضى دولي عن ما تقوم به إسرائيل من انسحابات حتى لو كانت أحادية الجانب.
و كانت الحكومة الإسرائيلية قد طرحت مشروع قانون في العام 2005 يقضي بضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية مثل مجمع 'معاليه ادوميم', مجمع 'ارئييل', مجمع 'جفعات زئيف', مجمع 'غوش عتصيون', و مجمع 'مودعين عيليت' و ذلك من خلال ضم الأراضي التي تقوم عليها هذه الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل داخل الجدار باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل و «قرار جيد لأمنها ومكانتها السياسية واقتصادها وديموغرافية الشعب اليهودي في 'أراضي إسرائيل'» كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عند لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش في الحادي عشر من شهر نيسان عام 2005 مبينا . و ما أن يتم الانتهاء من تنفيذ مخطط جدار العزل العنصري و المزمع الانتهاء منه في العام 2012, سوف تتمكن إسرائيل من ضم الكتل الاستيطانية الكبرى بالإضافة إلى المستوطنات الأخرى الواقعة غرب الجدار و التي ترفع من مجموع المستوطنات التي سوف تضم إلى إسرائيل مع انتهاء الجدار إلى 107 مستوطنة إسرائيلية.
ملخص
ما زالت اسرائيل مستمرة في اعمال الاستيلاء والمصادرة وزرع المستوطنات و المخططات الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية حتى يومنا هذا، و يرافق ذلك أعمال منع البناء و التخطيط والتطوير في التجمعات الفسطينية في الضفة الغربية و خصوصا تلك الواقعة في المناطق المصنفة 'ج' و التي تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة بحسب اتفاقية اوسلو الثانية المؤقتة و الموقعة في العام 1995 . كذلك, ان استمرار اسرائيل في تجاهل التزاماتها بموجب القانون الدولي و استمرارها أيضا بتمويل الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة يضع الضوء على نية إسرائيل الحقيقة فيما يتعلق بالحل المستقبلي مع الفلسطينيين, حيث تسعى الى إعادة صياغة جغرافية و ديمغرافية المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما يتناسب و مخطط العزل العنصري و خلق وقائع جغرافية وسياسية
يصعب التراجع عنها في حال التفاوض مع الفلسطينيين.
اتفاقية لاهاي لعام 1907 نصت على عدم جواز مصادرة الاملاك الخاصة وعلى ان تعتبر الدولة المحتلة بمثابة قيمة ادارية للعقارات فقط على الاراضي التي تحتلها. كذلك اتفاقية جنيف الرابعة تنص على عدم جواز نقل أي أجزاء من الاملاك الواقعة تحت الاحتلال الى سيادة الدولة المحتلة للاراضي أو أي من سكان الدولة المحتلة للاراضي الواقعة تحت الاحتلال. كما وصدرت العديد من القرارات في الأمم المتحدة للتنديد بما تقترفه إسرائيل من انتهاكات للقانون الدولي: (1) في العام 1979 صدر قرار مجلس الأمن رقم 446 الذي أعلن عدم شرعية سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس. كما تشكلت لجنة لدراسة وضع المستوطنات. بالطبع إسرائيل لم تتعاون مع اللجنة فصدر قرار مجلس الأمن رقم 452 الذي شجب إسرائيل لعدم تعاونها. و (2) في العام 1980 طالب مجلس الأمن في قرار رقم 465 إسرائيل بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك. وطالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)