تناولت صحيفة الجيروساليم بوست الاسرائيلية في عددها الصادر في الثامن من شهر حزيران من العام 2015 أن اللجنة الاسرائيلية للبناء والتنظيم التابعة لبلدية القدس الاسرائيلية قد أعطت موافقتها للمشروع السياحي الاستيطاني التابع لجمعية العاد الاستيطانية الاسرائيلية جنوب المسجد الاقصى المبارك في البلدة القديمة في القدس المحتلة, على أراضي تابعة لحي وادي حلوة في بلدة سلوان, في الموقع المعروف محليا باسم "موقف جيفعاتي". ويحمل المشروع الاستيطاني الاسرائيلي اسم " مركز كيديم السياحي" ويحمل المخطط رقم (TPS 13392) حيث سوف يشمل على غرف لاستقبال الزوار والاستخدامات السياحية ومسرحا للاكتشافات الاثرية ومعرضا للصور التي تظهر مراحل الحفريات التي قام بها الاسرائيليون في المنطقة ومجسم للبلدة القديمة في القدس هذا بالاضافة الى مكان ذات اطلالة على البلدة القديمة في القدس يتضمن غرف تعليمية وارشادية لاستخدام الزوار وموقفا للسيارات يتسع الى 250 سيارة هذا اضافة الى القاعات والمحال التجارية في الموقع. وتبلغ المساحة التي تنوي جمعية العاد الاستيطانية اقامة مشروعها الاستيطاني عليها .616 دونما. ويأتي هذا المخطط ضمن المخططات الاسرائيلية الرامية لتوسيع منطقة السيطرة الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة وتعزيز السياحة الإسرائيلية فيها.
وتخطط بلدية القدس الاسرائيلية الى ربط هذا المشروع السياحي الاستيطاني الضخم بمنطقة باب المغاربة (أحد بوابات القدس القديمة) أو ما يعرف من قبل الاسرائيليين "بحائط البراق" من خلال بناء جسر يصل المبنى السياحي الاستيطاني الضخم ومدخل بوابة باب المغاربة. وتجدر الاشارة الى أنه في العام 2007 بدأت الجامعة العبرية في القدس المحتلة وبالتعاون مع سلطة الاثار الاسرائيلية مشروع الحفريات الاثرية في الموقع والذي كان من المقرر أن ينتهي في العام 2012 الا انه ما زال مستمرا حتى تاريخ هذا التقرير. ويعتبر هذا العمل من بين أكبر عمليات "الحفر الاسرائيلية" التي نُفذتها السلطات الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة.
كما أن هذا المشروع الاستيطاني ليس الاول من نوعه في المنطقة, فخلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي الثماني والاربعين استطاعت الجمعيات الاستيطانية المختلفة وبتشجيع مباشر من الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة السيطرة على مناطق وممتلكات عدة من أراضي بلدة سلوان (جنوب المسجد الاقصى المبارك), ففي الناحية الجنوبية الشرقية من موقف جفعاتي (مخطط مركز كيديم السياحي), هناك "مركز زوار مدينة داود" السياحي كما يطلق عليه الاسرائيليون حيث يجتذب مئات السياح من جميع انحاء العالم يوميا بهدف اطلاعهم على "التاريخ اليهودي" في المدينة. وقد أثر وجود هذا المركز على السياحة بشكل عام في بلدة سلوان ناهيك عن الحقيقة بان هذا المركز اقيم على اراضي تابعة لحي عين الحلوة في البلدة. كذلك قامت جمعية العاد الاستيطانية الاسرائيلية بالاستيلاء عنوة على عددا من الممتلكات الفلسطينية في المنطقة التي تحيط بالمسجد الاقصى المبارك من الجهة الجنوبية, وتحويلها لاستخدام المستوطنين الاسرائيليين, بذريعة " شرائها من أصحابها الفلسطينيين", كان اخرها الاستيلاء على خمسة عشر مبناً خلال الفترة ما بين شهر ايلول من العام 2014 وشهر ايار من العام 2015. الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: موقف جفعاتي (مركز كيديم السياحي)
وفي الوقت الذي تقوم بلدية القدس الاسرائيلية وسلطة الاثار الاسرائيلية وجمعية العاد الاسرائيلية وغيرها من الجمعيات التي تشجع الاستيطان في المدينة بأعمال الحفر والبناء والاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين, فان بلدة سلوان تكاد تفقد جزءا اخر من اراضيها لصالح المشاريع الاستيطانية وهو حي البستان, الذي تبلغ مساحته حوالي 70 دونماً ويقطنه أكثر من 1500 مقدسي (88 منزلا), حيث تنوي البلدية هدم جميع منازل هذا الحي لإقامة ما يسمونه 'حديقة الملك داوود' كجزء من الحدائق التوراتية في محيط المدينة المقدسة.
ملخص,
ان ما تقوم به اسرائيل في مدينة القدس المحتلة ينطوي تحت خطة التهويد الإسرائيلية للمدينة المقدسة بهدف عزلها ومنع الامتداد العمراني للأحياء الفلسطينية فيها. فعقب احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة) في العام 1967, قامت اسرائيل بإعادة تعريف حدود المدينة المحتلة بما يعرف ببلدية القدس الإسرائيلية وإعلان توحيدها مع الجزء الغربي فغيرت تصنيفات وتقسيمات الأراضي داخل المدينة بما يتناسب ومخططاتها التوسعية الاستيطانية وعكفت على ملاحقة الأحياء والبلدات الفلسطينية أو ما بقي منها.
كما لعبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على وتر الديموغرافيا للمدينة المحتلة فسعت وبشكل دائم و مطلق على التأكيد بان لا يتجاوز عدد سكان القدس من الفلسطينيين ربع العدد الإجمالي للمدينة بشقيها فكثفت البناء الاستيطاني في القدس الشرقية في الوقت الذي قامت فيه بتضييق الخناق على الفلسطينيين ودفعهم إلى الإقامة خارج المدينة , فتبنت سياسة ازدواجية المعايير في التعامل بين سكان المدينة اليهود والفلسطينيين. ويأتي ذلك ضمن خطوات مبرمجة للاستيلاء على مدينة القدس الشرقية من خلال خلق وقائع جغرافية و ديمغرافية عبر سنوات احتلالها بهدف إخراج القدس الفلسطينية من معادلة العملية السلمية وتكريس الفصل الجغرافي بينها وبين المحافظات الفلسطينية المحيطة بهدف تقويض حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم الشرعية وعاصمتها القدس الشريف.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)