" لقد تقرر إطلاق عملية مسح لتحديد ما اذا كانت أراضي "ديريخ هعافوت" هي أراضي دولة… وإذا كشفت عملية المسح أن المباني – كلها أو جزء منها – قائمة على أراضي دولة، فانه سوف يتم اخذ تشريعها بعين الاعتبار. المباني التي سوف يتم الكشف عنها بانها بنيت على اراضي خاصة – سيتم تنفيذ أوامر الهدم فيها، وفقا للأولويات" . المدعي العام الاسرائيلي في رده على اعتبارات المحكمة العليا الاسرائيلية, ايار 2015. "
في الثاني والعشرين من شهر حزيران من العام 2015, أصدرت "المحكمة العليا" الإسرائيلية، وبعد اثني عشر عاما من المداولات الشاقة، حكمها بخصوص البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت القائمة بشكل غير قانوني على أراضي محافظة بيت لحم, حيث أقرت المحكمة بان 17 مبنى(من أصل 60 كرفانا قائمة في البؤرة الاستيطانية) تم بناؤهاعلى أراضي فلسطينية خاصة هي غير قانونية. وعليه, أمرت المحكمة السلطات الإسرائيلية ذات الصلة بهدم المباني السابق ذكرها قريبا.
وفي الواقع, فان جميع المباني ال 60 المكونة للبؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت هي غير قانونية وليس فقط ال 17 مبنا المذكورة سابقا. وتدعي إسرائيل بأن الأراضي المصنفة على أنها "أراضي دولة" تقع تحت وصاية حكومتها. والحقيقة أن مصطلح "أراضي دولة"، وبناء على التعريف القانوني الذي ورد في القانون الأساسي الإسرائيلي لأراضي إسرائيل، يندرج في إطار الأراضي المملوكة لإسرائيل أو سلطة التطوير، أو الصندوق القومي اليهودي (الكيرن كييمت). وقد تم إعداد هذا القانون من قبل الكنيست الإسرائيلي في العام 1960 ولم يجري عليه أي تعديل قبل أو بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وبالتالي, فان الادعاء الاسرائيلي ما إذا كانت أراضي البؤرة الاستيطانية "ديريخ هعافوت هي "أراضي دولة" أم لا، ليس لها أي اساس قانوني لان الاراضي المستهدفة ليست ضمن الحدود المعترف بها دوليا لإسرائيل، ولم يتم اجراء أية تعديلات قانونية على اعادة تعريف الأراضي الفلسطينية المحتلة كجزء من أراضي إسرائيل. الصورة رقم 1
الصورة رقم 1: صورة جوية للبؤرة الاستيطانية الغير قانونية – ديريخ هعافوت
البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت
تم انشاء البؤرة الاستيطانية الغير قانونية "ديريخ هعافوت" في شهر شباط من العام 2001 على أراضي بلدة الخضر الفلسطينية غرب محافظة بيت لحم. وتتوسط البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت أربع مستوطنات اسرائيلية كبرى في منطقة الريف الغربي في محافظة بيت لحم والمكونة للتجمع الاستيطاني الاسرائيلي "غوش عتصيون" بالاضافة الى مستوطنات اسرائيلية اخرى في المنطقة.
ويحدها من الشمال مستوطنة نيفيه دانييل الاسرائيلية, ومن الجنوب مستوطنة اليعيزر الاسرائيلية, ومن الغرب مستوطنة روش تسوريم الاسرائيلية ومن الشرق مستوطنة افرات الاسرائيلية الامر الذي يجعلها محط اهتمام الحكومة الاسرائيلية لموقعها الاستراتيجي, كونها تعتبر جزءا من أحد التجمعات الاستيطانية الكبرى والهامة التي تحيط بمدينة القدس "غوش عتصيون" والذي تسعى الحكومة الاسرائيلية الى ضمه لحدود الدولة من خلال بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي.
وتظهر الصور الجوية أن 60 مبنًا مكوناً للبؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت, منها 22 كرافانا واثني عشر مبنى اخرى من الحجر هذا بالاضافة الى 5 مباني من الاسمنت و6 قاطرات وأبراج مراقبة أمنية وبرج مياه وسلاسل حجرية بالاضافة الى البنية التحتية الاساسية. الجدير ذكره أنه بالرغم من أن تقرير ساسون[1] اعتبر البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت "غير قانونية", الا أن وزارة البناء والاسكان الاسرائيلية قامت بدعم هذه البؤرة الاستيطانية بما قيمته 300,000 شيكل. الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: موقع البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت
تسلسل الاحداث فيما يخص البؤرة الاستيطانية "ديريخ هعافوت"
- في شهر شباط من العام 2001 تم انشاء البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت
- في العام 2012, التمس اصحاب الاراضي الفلسطينيين لأول مرة لدى المحكمة العليا الاسرائيلية ضد بناء البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت.
- في الفترة الواقعة ما بين الاعوام 2002 و 2007, تم رفع أربعة قضايا ضد بناء البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت من قبل أصحاب الاراضي الفلسطينيين واغلاق هذه القضايا لاسباب عدة.
- في العام 2008, قضية خامسة رفعها أصحاب الاراضي الفلسطينيين وبالتعاون مع منظمة السلام الان الاسرائيلية, الا أن القضية تم اغلاقها في العام 2010 بعد ان أعلنت الدولة نيتها بشرعنة البؤرة الاستيطانية "ديريخ هعافوت".
- في شهر ايار من العام 2010, أخطر المدعي العام الاسرائيلي المحكمة العليا الاسرائيلية بان الادعاء الاسرائيلي يقوم بتحديث تقريره بخصوص قضية البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت وأن وضع البؤرة الاستيطانية "غير القانوني" قد يُعاد النظر فيه لتصبح 'قانونية' في نهاية المطاف!
- في شهر تشرين أول من العام 2014, طالبت منظمة السلام الان الاسرائيلية المحكمة الاسرائيلية بإرغام الدولة على هدم المباني التي تم بناؤها على أراضي فلسطينية خاصة.
- في شهر حزيران من العام 2015, وبعد اثني عشر عاما من المماطلات المتعمدة, امرت المحكمة العليا الاسرائيلية السلطات الاسرائيلية بهدم السبعة عشر مبنًا في المستوطنة التي تم بناؤها على أراضي فلسطينية خاصة. الصورة رقم 2
الصورة رقم 2: البؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت في تجمع غوش عتصيون الاستيطاني
تجدر الاشارة انه في السادس من شهر نيسان من العام 2014, أصدر المسؤول عن أملاك الحكومة وأملاك الغائبين في الادارة المدنية الاسرائيلية, يوسي سيغال, أمرا عسكريا يحمل اسم "امر بشأن أملاك الحكومة (يهودا والسامرة) رقم (59-1967) يعلن من خلاله عن مصادرة 984 دونما من الاراضي الفلسطينية في كل قرى نحالين والخضر في محافظة بيت لحم وبلدة بيت امر في محافظة الخليل وذلك من خلال الاعلان عنها بأنها "أراضي دولة". وجاء الامر العسكري الاسرائيلي كخطوة أولية نحو مصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية في المنطقة التي تقع بين مستوطنات اليعيزر وروش تسوريم ونيفيه دانيال والون شيفوت والبؤرة الاستيطانية ديريخ هعافوت. وبالرجوع للامر العسكري الاسرائيلي الصادر, استند المسؤول عن أملاك الحكومة وأملاك الغائبين في قراره إلى قانون اسرائيلي غير قانوني صدر في أعقاب الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأرض الفلسطينية – (قانون أملاك الغائبين – يهودا والسامرة رقم 59/1967) – الذي يعتبر الأراضي المستهدفة (984 دونما)، أراضي دولة، واستنادا ايضا إلى الترجمة الإسرائيلية للقانون العثماني الذي ينص "إذا لم يتم زراعة الاراضي لعدة سنوات من قبل أصحابها، فإنها تصبح ملكا للدولة". وتجدر الإشارة أن مساحة كبيرة من الاراضي التي تقوم عليها البؤرة الاستيطانية "ديريخ هعافوت" تقع داخل الأراضي التي تم تصنيفها على أنها "أراضي دولة" بحسب الامر العسكري الاسرائيلي في حين أن بقية الاراضي هي ملكية فلسطينية خاصة تعود لاهالي بلدة الخضر الفلسطينية.
[1] في العاشر من شهر آذار من العام 2005 وبناء على طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق, ارئيل شارون، قامت المحامية تاليا ساسون, مديرة دائرة الوظائف الخاصة في نيابة الدولة سابقا؛, باعداد تقرير يسلط الضوء على وضع البؤر الاستيطانية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وأظهر التقرير انه تم الاعتراف بوجود 125 بؤرة استيطانية اسرائيلية في الضفة الغربية, حيث تم تصنيف ثلث هذه البؤر على انها غير شرعية، والثلث الاخر على ان وضعها 'غير واضح'، في حين تم تصنيف الثلث الاخير من عدد البؤر الاستيطانية على انها خاضعة للدعم الحكومي لامدادها بشبكات المياه والكهرباء.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)