قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 7 تموز 2025 بنشر أمر عسكري جديد في الضفة الغربية المحتلة، يحمل عنوان: “أمر بشأن الأملاك الحكومية (يهودا والسامرة) (رقم 59) لسنة 1967“. وينصّ الأمر العسكري الإسرائيلي الجدي على ما يلي: “استناداً إلى الصلاحيات المخولة لي بموجب المادة 2 (ج) من الأمر بشأن الأملاك الحكومية (يهودا والسامرة) رقم 59 لسنة 1967، أُقرّ بأن المنطقة المبيّنة في الملحق المرفق تُعتبر أملاكاً حكومية. ويحقّ لكل من يدّعي ملكية أو حقوقاً في كامل المنطقة الموصوفة في الملحق، أو في أي جزء منها، كما هو مبيّن على الخريطة المرفقة بهذه الشهادة، أن يتقدّم باعتراض إلى لجنة الاستئناف في المحكمة العسكرية في معسكر عوفر – قضاء رام الله، وذلك بموجب الأمر المتعلّق بلجنة الاستئناف (منطقة يهودا والسامرة) رقم 172 لسنة 1967، خلال مدة أقصاها 45 يوماً من تاريخ نشر الشهادة في المنطقة وفي أرشيف رام الله ونابلس“.
ويستهدف الامر العسكري الإسرائيلي الجديد 744 دونما من أراضي قرية المغير شرقي مدينة رام الله في الموقع المعروف باسم خربة جبعيت, في الاحواض الموصوفة كالتالي: -.
- الحوض رقم 2: المعروف بـ: السهل الغربي، السهل الشرقي.
- الحوض رقم 3: المعروف ب: سنسيل، أبو الحنون، المراكب، مراح أبو الهوى, وإد الهود.
- الحوض رقم 6 (خربة جبعيت): مرج الذهب، الزاوية، أبو سمينة.
- الحوض رقم 7 (خربة جفعيت): المراكب، خلة الزيتون، الميسا، خربة جبعيت.
- أماكن اخرى: الشيخ محمد، خلة زيت، العرقوب.
يُشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت الأمر العسكري بتاريخ 10 حزيران 2025، وقامت بنشره على موقعها الرسمي في 7 تموز، أي بعد مرور 28 يوماً على تاريخ إصداره. هذا التأخير في النشر من شأنه أن يقلّص المدة الزمنية المتاحة لأصحاب الأراضي في قرية المغير لتقديم اعتراضاتهم، نظراً لعدم الإعلان عن الأمر العسكري إلا بعد انقضاء تلك الفترة.
![]() |
![]() |
إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في قرية المغير
- أراضي عسكرية مغلقة
في قرية المغير الفلسطينية، يخضع ما مساحته 19,761 دونما من أراضي القرية (قرابة 60% من المساحة الكلية للقرية) لتصنيف “أراضي عسكرية إسرائيلية مغلقة” وتشمل الأراضي الزراعية والأراضي المفتوحة التابعة للقرية والتي تعتبر المنفس الوحيد لهم وخاصة من حيث مصدر الدخل.
طرق التفافية اسرائيلية
خلال أعوم الاحتلال الإسرائيلي، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشق الطريق الالتفافي الرقم 458 والذي قسم أراضي القرية الى قسمين، شرقي وغربي. القسم الغربي يشمل المنطقة العمرانية في القرية وهو القسم الأصغر من حيث المساحة (ربع مساحة القرية تقريبا)، فيما يشكل القسم الشرقي من القرية (شرق الطريق الالتفافي) اغلبية مساحة القرية ويشمل المناطق المفتوحة والأراضي الزراعية والبؤرة الاستيطانية ملاخي هشالوم الاخذة بالتوسع حتى تاريخ هذا التقرير.
كما تخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي الى شق طرق التفافية اخرى على أراضي قرية المغير والقرى المجاورة بهدف ربط البؤر الاستيطانية القائمة بشكل غير قانوني على أراضي القرية و الأخرى التي تحيط بها من الناحية الشمالية، لتكون هذه الطرق الجديدة بديلة عن الطريق الالتفافي القائم حاليا (رقم 458), والتي سوف تكون للاستخدام الإسرائيلي المطلق. حيث تهدف سلطات الاحتلال الى فصل الطرق التي يسلكها المستوطنون في المنطقة عن تلك التي يسلكها الفلسطينيون في قرية المغير والقرى الفلسطينية المجاورة. وتحمل مخططات الطرق الإسرائيلية الجديدة الأرقام 959 و 959/1 حيث انه من المتوقع وبحسب المخططات الاسرائيلية أن تقوم سلطات الاحتلال بمصادرة ما يزيد عن 1600 دونما لصالح هذه المخططات، منها 328 دونما في أراضي قرية المغير.
بؤر استيطانية إسرائيلية
تجدر الإشارة الى انه في العام 2001, قامت جماعات المستوطنين بالاستيلاء على عشرات الدونمات من الاراضي في قرية المغير وانشاء البؤرة الاستيطانية التي أصبحت تعرف اليوم باسم “ملاخي هشالوم”. والبؤرة الاستيطانية اليوم تشمل 27 وحدة سكينة أو كرفاناً متنقلا وتحتل مساحة حاليا تقدّر بـ 130 دونماً.
تجدر الإشارة الى أن الامر العسكري الإسرائيلي الأخير جاء بهدف فرض حقائق على الأرض، لصالح البؤرة الاستيطانية ملاخي هشالوم, حيث أن الأراضي التي تم تحديدها في الامر العسكري تشمل الاراضي التي تحتلها البؤرة الاستيطانية المذكورة بالإضافة الى مناطق توسعية مستقبلية للبؤرة الاستيطانية وربطها بالطريق الالتفافي الإسرائيلي رقم 458 وتجمع البؤر الاستيطانية الإسرائيلية الى الشمال من قرية المغير والذي يشمل كل من البؤر الاستيطانية عادي عاد وعميحاي وكيدا وأهيا. ويرتبط الامر العسكري الإسرائيلي الجديد أيضا بقرار المصادقة الإسرائيلية للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في 12 من شهر شباط من العام 2023، والذي نص على “شرعنة” تسع بؤر استيطانية إسرائيلية تمّ إنشاؤها بشكل غير قانوني وأحادي الجانب في الضفة الغربية المحتلة منها البؤرة الاستيطانية ملاخي هشالوم.
خريطة رقم 1: تداعيات الامر العسكري الاسرائيلي على أراضي قرية المغير
قرية المغير, جغرافيا وسكان
قرية المغير، هي إحدى قرى محافظة رام الله، وتقع شمال شرق مدينة رام الله، و يبلغ تعداد سكانها بحسب التقدير السكاني لمركز الإحصاء الفلسطيني للعام 2025 , ما يقارب 3400 نسمة. يحد قرية المغير من جهة الشرق قرية فصايل (محافظة أريحا)، ومن الغرب ترمسعيا وخربة أبو فلاح، ومن الجنوب أراضي العوجا وأراضي كفر مالك، ومن الشمال دوما وأراضي جالود (محافظة نابلس).
الوضع الجيوسياسي في قرية المغير
تبلغ مساحة قرية المغير ما يزيد عن 33 الف دونم. وبالرجوع إلى اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في الثامن والعشرين من شهر أيلول من العام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تم تقسيم أراضي قرية المغير إلى مناطق (ب) و(ج)، حيث تم تصنيف ما مساحته 1,934 دونما (5.9% من مساحة القرية الكلية) كمناطق ب وهي المناطق التي تقع فيها المسؤولية عن النظام العام على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية وتبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الأمور الأمنية وتشكل معظم المناطق الفلسطينية المأهولة من البلديات والقرى وبعض المخيمات. ومن الجدير بالذكر أن غالبية السكان في قرية المغير يتمركزون في المناطق المصنفة (ب)، والتي تشكل جزء صغير من المساحة الكلية للقرية. فيما تم تصنيف ما مساحته 31,121 دونما (94.1% من مساحة القرية الكلية) كمناطق (ج)، وهي المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية أمنيا وإداريا، حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال إلا بتصريح من الإدارة المدنية الإسرائيلية. ومن الجدير بالذكر أيضا أن معظم الأراضي الواقعة في مناطق “ج” في قرية المغير هي مناطق مفتوحة وأراض زراعية ومعسكرات إسرائيلية (انظر الجدول رقم 1).
جدول 1: تصنيف الأراضي في قرية المغير اعتمادا على اتفاقية أوسلو الثانية 1995
تصنيف الأراضي | المساحة بالدونم | % من المساحة الكلية للقرية |
مناطق أ | 0 | 0 |
مناطق ب | 1,934 | 5.9 |
مناطق ج | 31,121 | 94.1 |
محمية طبيعية | 0 | 0 |
المساحة الكلية | 33,055 | 100 |
المصدر: قاعدة بيانات وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج |
خريطة رقم 2: موقع وحدود قرية المغير
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية– أريج
في الختام،
تُعد السياسات، القائمة على أوامر عسكرية صادرة عن قوة احتلال، انتهاكاً صارخاً للعديد من مبادئ القانون الدولي: اتفاقية جنيف الرابعة(1949)، ولا سيما المادة 53 التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة. والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا الحق في الملكية، والحق في السكن، وحرية التنقل. ورأي محكمة العدل الدولية (2004) الذي أكد عدم شرعية جدار الفصل والاستيطان، واعتبر أن الأوامر التي تكرّس هذا الواقع غير قانونية. كما تعتبر الأنشطة الاستيطانية جريمة حرب وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
إن فشل المجتمع الدولي في ردع هذه الممارسات وعدم مساءلة دولة الاحتلال الاسرائيلي على انتهاكاتها، فتح الباب واسعًا أمام استدامة الاستيطان الإسرائيلي وتوسعه، ما يُهدد بشكل مباشر إمكانية تحقيق أي تسوية قائمة على القانون الدولي وحقوق الإنسان. إن مساءلة الاحتلال على هذه الأوامر والممارسات لا تحتمل التأجيل، إذ إن كل يوم يمر يعني ترسيخ واقع استيطاني يصعب تفكيكه، وضربًا لأسس النظام القانوني الدولي.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)