تستغل دولة الاحتلال الاسرائيلي انتشار وباء كورونا في الاراضي الفلسطينية المحتلة و انشغال الفلسطينيين وايضا المجتمع الدولي في مكافحة هذا الوباء الخطير والحد من انتشاره, لمواصلة زحفها الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة, حيث تعمل وبكل جد لتوسيع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ضمن مخططات تهدف الى الاستيلاء على المزيد من الاراضي الفلسطينية وفرض جغرافية جديدة وواقع يصعب تغييره أو حتى التفاوض عليه مع الفلسطينيين في المستقبل. وفي ظل تحول انظار العالم الى مواجهة هذا الوباء, قامت جهات اسرائيلية مختصة في بداية شهر اذار من العام الحالي (2020), بطرح مخطط بناء مستقبلي يهدف الى توسيع مستوطنة كوخاف يعقوب الاسرائيلية الواقعة الى الشمال من مدينة القدس, خارج حدود بلدية القدس التي تم رسمها وتوسيعها بشكل غير قانوني وأحادي الجانب في العام 1967.
ويشمل المخطط الصادر بناء 3541 وحدة استيطانية على الاراضي الفلسطينية المحيطة بالمستوطنة لاراضي تعود لكل من بلدة كفر عقب و قرى برقة ومخماس, في خطوة من شأنها ان تقوض التواصل الجغرافي لهذه التجمعات في المستقبل وتمنع اي توسع عمراني مستقبلي لهذه التجمعات الفلسطينية في المنطقة. انظر الخارطة رقم 1
والجدير بالذكر أن المساحة المخصصة لتنفيذ هذا المخطط بحسب ما جاء في الخرائط الاسرائيلية 1591 دونما وبالتحديد في الاحوض رقم 3 و 5 في بلدة كقر عقب (غرب المستوطنة المستهدفة بالبناء), في المناطق المعروفة باسم البرية الشرقية و البرية الغربية, والحوض رقم 10 في قرية برقه (شمال المستوطنة) والاحواض رقم 14 و 17 من اراضي قرية مخماس (شرق المستوطنة). ويهدف المخطط الى تطوير مستوطنة كوخاف يعقوب الاسرائيلية لاستيعاب احتياجات المستوطنة العمرانية المستقبلية – حتى عام 2040. وتدعي سلطات الاحتلال الاسرائيلي بان المخطط تم العمل عليه كاستجابة “للنقص العمراني الحالي” الذي تعاني منه المستوطنة ولتخصيص “مساحات اضافية” من الأراضي للبناء السكني (بالدرجة الاولى) في المستقبل والاحتياجات العمرانية الاخرى من مباني عامة ومتنزهات و مناطق تجارية وصناعية وغيرها بما يتماشى وتوقعات التعداد السكاني للمستوطنة حتى العام 2040. كما يشمل المخطط انشاء نظام للطرق والنقل داخل المستوطنة بطريقة تدعم التنمية المحلية فيها، وضمان استمرار تواصلها الجغرافي بالمستوطنات الاسرائيلية الاخرى المحيطة بها وخاصة تلك داخل حدود بلدية القدس. والجدير بالذكر ان المخطط الذي تم الاعلان عنه يحمل رقم 242/מ وكانت الجهات الاسرائيلية المختصة قد بدأت العمل على المخطط في العام 2017 .
وليس من محض الصدفة أن تقوم سلطات الاحتلال الاسرائيلي بنشر مخطط توسعي استيطاني لمستوطنة كوخاف يعقوب[1], اذ تشكل هذه المستوطنة ومجموعة من المستوطنات القريبة والتي تحيط بها من الجهات الشرقية والجنوبية والشمالية (ادم – جيفع بنيامين, وشعار بنيامين ومعاليه مخماس, و بيساغوت و بيت ايل ) تجمعا استيطانيا كبيرا (اصبعا استيطانيا) يعتبر بمثابة حلقة وصل جغرافية بين التجمعات الاستيطانية الاسرائيلية التي تحيط بمدينة القدس وتلك شمال الضفة الغربية, هذا بالاضافة الى المستوطنات الاسرائيلية في منطقة الاغوار الفلسطينية, خاصة في ظل سعي حكومة الاحتلال الاسرائيلي الحثيث لضم منطقة الاغوار ايضا. الخارطة رقم 2
تحرص دولة الاحتلال الاسرائيلي على ان تكون المخططات الهيكلية للمستوطنات الاسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة ملائمة بحيث تستوعب التوسعات السكانية والعمرانية المستقبلية لهذه المستوطنات بحيث لا تعيق من تنميتها و تطورها في المستقبل – كما جاء في مخطط مستوطنة كوخاف يعقوب – فيما تسخر امكانياتها لمنع الفلسطينيين من البناء والتطور العمراني وتسارع لهدم منازلهم تحت ذرائع عدة, ابرزها البناء الغير مرخص هذا بالاضافة الى سلخ تجمعات بالكامل من اماكن سكناها لصالح المشاريع الاستيطانية المختلفة , على سبيل المثال, التجمعات البدوية الفلسطينية الواقعة شرق القدس بالقرب من تجمع معاليه أدوميم الاستيطاني مهددة بالترحيل (ما يزيد عن 3500 فلسطيني) بسبب ما يعرف بمخطط “اي 1” الاستيطاني وغيرها من التجمعات الفلسطينية في منطقة الاغوار.
جدير بالذكر انه خلال العام 2019, قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بهدم ما يزيد عن 400 منزلا فلسطينيا هذا باستبعاد المنشات الاخرى فيما استباحت لنفسها طرح العديد من مخططات البناء والتوسع والتي بلغت 85 مخططا استيطانيا استهدفت فيها 42 مستوطنة اسرائيلية لبناء ما يزيد عن 4000 وحدة استيطانية, على مساحة تزيد عن ستة الاف دونما من الاراضي الفلسطينية, هذا بالاضافة الى المناطق الصناعية و المنشات الاخرى.
ان المخططات الاسرائيلية تعتبر جزء لا يتجزأ من محاولات الاحتلال الاسرائيلي للتنكيل بالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة و سلب حقوقه من خلال عمليات مصادرة الاراضي وهدم المنازل وتهجير السكان. ان السياسات التي تنتهجها اسرائيل بحق الدولة الفلسطينية المحتلة ومواطنيها في كل من الضفة الغربية والقدس، يشكل خرقا واضحا للمواثيق والاعراف الدولية التي تدين مثل هذه السياسات.
[1] تقع مستوطنة كوخاف يعقوب شمال شرق مدينة القدس, اذ يبلغ تعداد سكانها بحسب احصائية وزراة الخارجية الاسرائيلية الصادرة في العام 2020 , 8910 مستوطنا, و تحتل اليوم ما مساحته —– دونما من الاراضي الفلسطينية (أريج, 2020)
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)