في ظل انشغال الفلسطينيين والعالم في المحرقة الإسرائيلية مستخدمة فيها القنابل العنقودية والفسفورية على قطاع غزة، يتكرس عمل قائد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ‘جادي شمني الوف’ في الضفة الغربية في إصدار الأوامر العسكرية تحت مسميات الحجج الأمنية، حيث اصدر أمراً عسكرياً جديداً تابعاً لما أسماه ‘ تعليمات الأمن في يهودا والسامرة – رقم 378 – 5730 – لسنة 1970’ وذلك على شكل إعلان رقم ( 09/02/س) لإغلاق ‘ منطقة التماس’.
ويخص هذا الإعلان جبل الصمود والممتد من جدار الفصل العنصري شمالاً حتى معرض سيارات أبو عيشة جنوباً مروراً بشارع رام الله – القدس غرباً إلى مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية للمنطقة الوسطى شرقاً.
جبل الصمود – ضاحية البريد:
يقع جبل الصمود في الرام ‘ ضاحية البريد’ وتبلغ مساحة جبل الصمود حوالي 1000[1] دونماً ويبلغ عدد سكانه 5000 نسمة، هذا ويحتوي على عددٍ من المؤسسات الفلسطينية والأهلية منها (مدرسة راهبات الوردية، فندق القدس، دائرة الخرائط التابعة لجمعية الدراسات العربية، مؤسسة التعاون).
إعلان المنطقة عسكرية مغلقة:
وينص القرار العسكري الذي صدر في الأول من شباط 2009 على اعتبار المنطقة المشار إليها مغلقة عسكرياً مع إغلاق البوابة الرئيسية المقامة على جدار الفصل العنصري في ضاحية البريد ، يتضمن القرار إعلان كافة الأراضي والمساكن الواقعة في الموقع المستهدف ‘مناطق مغلقة ‘ ويمنع دخولها أو استخدامها إلا ضمن شروط خاصة، حيث طلبت الإدارة المدنية الإسرائيلية من المواطنين حملة هوية الضفة الغربية التوجه للإدارة المدنية لاستخراج بطاقات ‘ممغنطة’ تمهيداً للحصول على تصاريح تسمح لهم بالدخول إلى منطقة جبل الصمود.
والهدف من هذا القرار حسب ما صدر فيه هو منع عمليات اسماها ‘ بالإرهابية ومنع خروج مخربين من المنطقة لدولة إسرائيل’ هذا ما صدر في القرار، لكن الهدف الحقيقي من القرار العسكري هو استكمال بناء جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس لخنقها وعزلها بالكامل من خلال إغلاق البوابة المقامة في الجدار في ضاحية البريد والتي تقع شمال جبل الصمود المستهدف، وتعتبر بوابة ضاحية البريد الوحيدة التي تربط مدينة القدس بالرام مباشرة، وفي حال تنفيذ القرار سيضطر مواطني الرام من حملة القدس المحتلة إلى السير لمسافات طويلة للدخول إلى القدس إما عبر معبر قلنديا أو معبر حزما وسيصبح الأكثر ضرراً من هذا القرار هم طلبة المدارس الذين يقطنون الرام ويدرسون في مدينة القدس المحتلة خاصة فترة الصباح حيث يكون معبر قلنديا مزدحماً وفي هذه الحالة أمامهم خيارين إما الوصول مبكراً جداً إلى المعبر ليتمكنوا من العبور أو التأخير عن الحصة الأولى، وجدير بالذكر أن المقدسيين الساكنين خارج الجدار مضطرون لإرسال أبناءهم لمaدارس داخل القدس حتى لا تسحب إدارة الاحتلال منهم هوياتهم المقدسية ( الزرقاء) بحجة عدم الحاجة للمعيشة في القدس – وهو قانون عنصري ليس له مثيل ولا يطبق إلا على الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي.
القرار في غاية الخطورة :
إن الاحتلال الإسرائيلي ذكر في القرار العسكري ثلاثة أمور في غاية الخطورة وسبق أن ذكرها في قرارات سابقة وهي:
‘حق العودة’ لليهود فقط: حيث عرف الإسرائيلي بالمواطن والفلسطيني بالساكن، وهذا يدل على خطورة القرارات العسكرية التي صدرت في الآونة الأخيرة.
إطلاق تسمية جديدة وغريبة على الأراضي الواقعة خلف الجدار بتسميتها ( منطقة تماس ) بدل اسمها الحقيقي والذي نصت علية الأوامر العسكرية السابقة بأنها
أراضي فلسطينية تبقى ملكا لأصحابها وان الجدار ما هو سوى حاجز امني مؤقت، وهذا التفافاً إحتلالياً جديدا بهدف الاستيلاء على المزيد من الأراضي بحجج الأمن وهذا يشكل انتهاكاً خطيرا ويتناقض تماما مع اتفاقية جنيف الرابعة.
وأعطى تعريف شامل لـ ‘ الإسرائيلي’ وحسب القرار عرفه بـ :
مواطن دولة إسرائيل.
ساكن دولة إسرائيل المسجل في سجل السكان في إسرائيل حسب قانون سجل السكان 5725 – 1965 حسب سريانه في إسرائيل من حين لآخر.
من لديه الحق بالهجرة لإسرائيل حسب قانون العودة 5710 – 1950 حسب سريانه في إسرائيل من حين لآخر.
ويبدأ سريان هذا الإعلان بعد 45 يوماً من تاريخ إصداره وبعدها يمنع دخول أي شخص للمنطقة والمكوث فيها، كما انه يفرض على الشخص الموجود في المنطقة التي اسماها ‘ بالتماس’ الخروج منها فوراً.
يرى مركز أبحاث الأراضي أن هذا القرار يعتبر في غاية الخطورة لما جاء فيه من مسميات جديدة، وان الاحتلال الإسرائيلي يثبت مجدداً إمعانه في ممارسه الاستيطان الإحلالي أي تهجير الفلسطيني وتوطين الإسرائيلي مكانه وعلى أرضه، وخنق مدينة القدس بجدار عزل عنصري والتضييق على الفلسطينيين المقدسيين بشتى الذرائع وأكبرها ذريعة ‘امن إسرائيل’، لتهجير المواطنين الأصليين وزرع مكانهم مستعمرين يهود لتصبح القدس خالية من العرب ولليهود فقط.