تقديم:-
تعتبر مدينة القدس إحدى أقدم مدن العالم, و شكلت المدينة عبر التاريخ مركزاً لعديد من الصراعات و النزاعات السياسية و الدينية. و اليوم و بعد 41 عاما من الاحتلال الإسرائيلي, مازالت المدينة و سكانها العرب يُعانون من الممارسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويد المدينة و وتفريغها من سكانها العرب بشتى الوسائل , و التي شملت تطبيق أشكال متعددة من أنظمة التمييز و الفصل العنصري و التي طالت فيما طالت ; البيئة و التنوع الحيوي و أنظمة التخطيط الحضري و التمييز الديني و العرقي وفصل المدينة عن محيطها الفلسطيني كخطوات تهدف إلى الإبقاء على الوضع السياسي في المدينة و تحويلها إلى عاصمة الشعب اليهودي الأبدية كما اقرها الكنيست الإسرائيلي في قراءة أولى عام 2008 , بعدما كان قد ضمها إلى الشطر الغربي و أعلنها عاصمة دولة إسرائيل الأبدية بقرار في عام 1980.
في هذه الورقة سنحاول إظهار و كشف الممارسات و المخططات الإسرائيلية و سياسات البناء في المدينة و فضح أساليب التمييز المنهجي الذي تعتمده السلطات الإسرائيلية و تمارسه ضد العرب الفلسطينيين في المدينة المقدسة, حيث يظهر هذا التمييز ملياً من خلال تقسيم المدينة المحتلة وفق تصنيفات عرقية لصالح الوجود اليهودي – الإسرائيلي اللا شرعي فيها و على حساب السكان الفلسطينيين, و التي تتضمن التمييز في أنظمة البناء و تراخيصه و مصادرة و تجريف الأراضي ,هذا بالإضافة إلى إقامة المستوطنات الإسرائيلية و توسيع القائم منها و هدم المنازل الفلسطينية و بناء الجدار العازل حول المدينة و الذي يهدف إلى عزل كامل لبعض التجمعات السكنية الفلسطينية عن امتدادها الطبيعي نحو المدينة المحتلة, كما سيتم التطرق إلى الممارسات الاحتلالية التي تهدف إلى تحويل الإحياء العربية في المدينة إلى مناطق ذات كثافة سكانية عالية تعاني من تلوث بيئي عالي نتيجة الإهمال و التهميش, و الذي تهدف السلطات الإسرائيلية من خلاله إلى إجبار عرب المدينة إلى تركها طوعا و دون إثارة بلابل إعلامية, كما و سيتم مقارنة هذه الممارسات مع ما تقوم به السلطات الإسرائيلية في غربي المدينة من خدمات تطويرية على مستوى البنية التحتية و الساحات العامة و المفتوحة و التطوير البيئي و الذي شمل إعلان معظم القدس الغربية كمناطق خضراء.
كما و ستتطرق هذه الورقة إلى إعادة ترسيم حدود المدينة الذي فرضته السلطات الإسرائيلية كأمر واقع على خلاف قرار التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني من عام 1947 و الذي بموجبة تُعرف القدس على أنها منطقة ذات كيان منفصل و يتبع إدارة دولية خاصة (كوربس سبيراتوم). كما و سنظهر الاثار المترتبة على الضم أحادي الجانب للجزء الشرقي من المدينة إلى الجزء الغربي منها بعد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967 و الذي أدى إلى توسيع حدود المدينة , حيث تضاعفت مساحة المدينة عشرة إضعاف مساحتها الأصلية, حيث كان أخر توسع اقر في عام 2005 من خلال مخطط ‘القدس 2020’.
و وفقا للمخطط ‘ القدس 2020 ‘ فان المدينة لن يتوافر فيها مساحات كافية لسكانها العرب من اجل التمنية المستقبلية, فنصف مساحتها الحالية هي مناطق سكنية غير قابلة للتوسع, أضف إلى ذلك المخطط الهيكلي للمدينة الذي يصنف أكثر من ربع مساحة شرقي المدينة كمناطق خضراء يحظر البناء فيها , مما يترك فقط 6% من مساحة القدس الشرقية للتوسع السكاني و الذي سيعاني أيضا من مشاكل و معيقات في عملية ترخيص الأبنية.
هذه الورقة ستدرس و تحلل الممارسات الإسرائيلية المتعلقة بقضايا التخطيط و التي استخدمت بطرق ملتوية من اجل التلاعب في تصنيف و استخدامات الأراضي في القدس الشرقية تحت مبررات واهية لا تستند إلى أساس قانوني هدفت أساسا إلى تغير الميزان الديمغرافي للمدينة لصالح اليهود من خلال الإخلال بالتوازن الجغرافي في القدس الشرقية. حيث قفزت نسبة اليهود في شرقي المدينة من 0% عام 1967 الى حوالي 47% عام 2007 بينما انخفض عدد السكان الفلسطينيين في غربي المدينة من 23% الى 0% في نفس الفترة. وهذا ناتج عن سياسات التخطيط التي تنتهجها بلدية القدس و التي تعتبر التغيير الديمغرافي حجر الأساس في سياساتها. وبموجب هذه المخططات فان عدد السكان العرب في المدينة يجب أن يقتصر على اقل من ربع مجموع سكانها.
في هذه الورقة سنبين الوضع البيئي في المدينة المقدسة و الذي طاله إهمال السلطات الإسرائيلية بل و الذي سعت له هذه السلطات لتحويل شرقي المدينة إلى إحدى أكثر المناطق تلوثا و إهمالا من حيث البنية التحتية و الطرق و الميزانيات المخصصة لذلك مقارنة مع غربي القدس. كما و ستبين هذه الورقة الممارسات الإسرائيلية التي تهدف إلى اسرلة القدس و تغيير طابعها العربي الفلسطيني مما يهدد مصير إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة و عاصمتها القدس.
منطقة البحث:
تقع محافظة القدس حسب التعريف الفلسطيني في الجزء الاوسط من الضفة الغربية , وتبلغ مساحتها 353.68 كم مربع و يبلغ عدد سكانها الفلسطينيين حوالي 407,459 ( الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني, 2006). مدينة القدس هي عاصمة و قلب الدولة الفلسطينية و تعتبر إحدى أقدس مدن العالم حيث تضم فيما تضم كل من المسجد الاقصى المبارك و قبة الصخرة المشرفة و كنيسة القيامة حيث دفن السيد المسيح و طريق الآلام ومواقع أخرى عديدة ذات طابع قُدسي جعلت القدس وجهة ملايين الحجاج و السياح من اسقاع الأرض المختلفة. انظر الخارطة رقم 1.
الترتيب الزمني لتغيير حدود المدينة:
في الفترة 1948 – 1967 كان من المفروض أن تبقى القدس ذات كيان منفصل تحت الإشراف الدولي’ كوربوس سبيراتوم’. وفي تشرين ثاني من عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 181 و الذي دعا إلى تقسيم فلسطين إلى دولتين: واحدة يهودية و أخرى للعرب.( انظر الخارطة رقم 2). ولكن العرب الفلسطينيون رفضوا القرار كونه يعطي اليهود 52.5% من الأراضي التي كان يملكها الفلسطينيون في عهد الانتداب البريطاني. فالفلسطينيون الذين كانوا يملكون 94% من الأراضي حصلوا فقط على 44.5 % منها, بينما حصل اليهود على 55.5 % من الأرض رغم أنهم كانوا يملكون 6 % منها فقط. ولكن بسبب حرب عام 1948 استطاعت إسرائيل السيطرة على 78 % من أراضي فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني وذلك من خلال تدمير 419 قرية فلسطينية و تهجير أهاليها الذين تجاوز عددهم 900,000 لأجيء فلسطيني.
( وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2008)
في هذه الحرب استطاعت إسرائيل من السيطرة على الشطر الغربي من المدينة المقدسة, و قامت بمصادرة الأملاك الفلسطينية فيها بقانون سنته لهذه الإغراض ( قانون أملاك الغائبين- 1950) والذي اقر خصيصا من اجل تحويل ملكية الأراضي الفلسطينية إلى أملاك حكومية إسرائيلية. وبالتالي أدت هذه الحرب إلى تغيير في حدود المدينة مرة أخرى حيث قسمت إلى قسم شرقي تحت السيادة الأردنية و قسم غربي تحت السيادة الإسرائيلية. و بعد حرب عامك 1967 قامت إسرائيل باحتلال ما تبقى من الضفة الغربية و القدس, وفي حين أنها لم تعلن ضمها لأراضي الضفة الغربية إلا أنها سارعت إلى ضم القدس الشرقية إلى إسرائيل و إعلان توحيد شطري القدس, وفي عام 1980 اقر الكنيست الإسرائيلي قرارا يعلن القدس الموحدة العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل وكأكبر مدينة إسرائيلية, حيث أدى هذا الضم إلى توسيع حدود المدينة من 6.5 كم² تضم البلدة لتصل إلى 112 كم². (خارطة رقم 3 توضح التغيرات في حدود المدينة المقدسة من عام 1947 الى عام 1967).
(وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2008)
وفي عام 1993 أحدثت السلطات الإسرائيلية توسعاً جديداً في المدينة المقدسة حيث أصبحت مساحتها تقارب 130 كم². وفي عام 2005 اقرت لجنة تخطيط المدينة و بلدية القدس المخطط الهيكلي ‘ القدس 2000- 2020’ و الذي يوسع الحدود الغربية للمدينة بحوالي 40% , و وفقاً للمخطط فان اكثر من نصف الجزء الشرقي من القدس صنف على انة مناطق مبنية و صنف حوالي 24.4 كمناطق خضراء و ساحات عامة. و بالطبع فان هذه التصنيفات لاستخدامات الأراضي تتغير وفق الحاجة الإسرائيلية , حيث عمدت السلطات الإسرائيلية إلى إعلان العديد من مناطق القدس الشرقية كمناطق طبيعية و ساحات عامة بهدف مصادراتها و من ثم تقوم بتغير تصنيف تلك الأراضي و تحويلها الى مناطق سكنية للمستوطنون اليهود في المدينة, ولعل أوضح مثال على ذلك ما حصل في جبل أبو غنيم الذي غير الإسرائيليون تصنيفه من منطقة خضراء إلى مستوطنة هار حوما السكنية. وفي فصل جديد من فصول السياسات الاستعمارية الإسرائيلية في القدس, يم الكشف مؤخرا ( ايلول 2008) عن مخطط اقليم القدس و الذي يشدد على تحقيق الحلم الصهيوني بدولة إسرائيلية يهودية و عاصمتها القدس الكبرى بعدما قد اقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قرار القدس الموحدة عاصمة الشعب اليهودي بقراءته الأولى عام 2008. و يأتي هذا المخطط بعد اكثر من خمس عقود على اول خطة اقليمية للقدس اعدها الخبير البريطاني كندل تحت اسم RJ5 ((Coon,1992 و لكن هذا المخطط لم يصل الى مراحله النهائية و فقد ابان حرب 1948. خارطة رقم 4 توضح مخطط اقليم القدس 2008 الذي نشر للاعتراض.
وحدة نظم المعلومات الجغرافية _ أريج 2008
اسرلة و تهويد القدس:
كانت عمليات التطهير العرقي التي قام بها الصهاينة في القدس و ضواحيها لتهويد المدينة أثناء حرب عام 1948 و بعيدها, مجرد بداية استكملت إسرائيل خطواتها بعد حرب 1967. فبعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967, اتبعت الحكومة الإسرائيلية سياسات كانت تخفي بين ثناياها مطامعها في السيطرة على المدينة المقدسة, حيث حفزت هذه السياسات الوجود الإسرائيلي في المدينة كما وحاولت كبح جماح النمو الفلسطيني فيها و دفع الفلسطينيين إلى الهجرة منها, و ذلك من خلال السياسات التالية:
القيود حول استخدامات الأراضي.
سياسة هدم البيوت الفلسطينية.
سياسة تغير الأسماء
بناء المستوطنات و الطرق الالتفافية و الجدار العازل
الإخلال بالتوازن الديمغرافي
التمييز في الميزانيات لصالح الأحياء و المستوطنات اليهودية.
اولاً: القيود حول استخدامات الأراضي
قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بوضع العراقيل أمام استخدامات الأراضي, فسنّت القوانين التي تحدد نوعية و سبل استخدامها بصيغ تهدف إلى فرض الهيمنة الإسرائيلية على القدس في محاولة لطمس معالمها الفلسطينية, حيث عمدت هذه الحكومات على تقسيم استخدامات الأراضي على النحو التالي:
أ) المناطق السكنية: حيث يوجد في محافظة القدس حسب تعريف حدود المحافظة قبل حرب 1967 , واحد و خمسون تجمعا فلسطينيا, وحين قامت إسرائيل بإعادة ترسيم حدود المدينة استثنت 31 تجمعا فلسطينيا فيما ضمت 20 تجمعا فلسطينياً تبلغ مساحتها 3540 دونم, و ينتشر حوالي 71% من التجمعات المضمومة في المرتفعات الوسطى للمحافظة بينما اقل من 29% منها تنتشر في المنطقة الشرقية. و يؤكد هذا الواقع ما يكمن وراء المخططات الإسرائيلية الرامية إلى حصر التجمعات السكانية الفلسطينية في مركز المحافظة دون توفير مساحة كافية للتوسع العمراني في هذه المنطقة لإرغام أهلها على الهجرة بحثا عن المسكن بعدما ضاق بهم المقام في أرضهم. هذا بالإضافة إلى أن جميع هذه التجمعات تخضع للقوانين الإسرائيلية التي تحد من توسعها . واهم هذه القوانين:
أما بالنسبة للمستوطنات الإسرائيلية التي تحتل حوالي40020 دونم من القدس, فيسمح البناء حتى ثمان طوابق بالإضافة إلى ذلك فقد قامت السلطات الإسرائيلية إلى مصادرة العديد من الأراضي الفلسطينية و تحويلها إلى مستوطنات
ب) الطرق العامة: استخدمت السلطات الإسرائيلية أسلوب شق الشوارع الجديدة في المدينة بهدف إعادة ترسيم حدود المحافظة و الحد من التواصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية, وربط التجمعات الاستيطانية و لعل اكبر مثال على ذلك شارع رقم 20 الذي يقطع بيت حنينا إلى نصفين بينما يربط بين مستوطنتي بزغات زئيف و مستوطنة راموت.
ج) المناطق العسكرية المغلقة و القواعد العسكرية: حيث يوجد في القدس الشرقية اليوم 12 قاعدة عسكرية و منطقة مغلقة عسكريا استولت عليها السلطات الإسرائيلية وفق القانون الإسرائيلي الذي يعطي الحرية للحكومة بان تصادر أي مساحة من الأرض و تعلنها منطقة عسكرية مغلقة, و قد تغير الحكومة من استخدام هذه الأراضي و تحولها إلى منطقة سكنية للمستوطنات تحت شعار التخلص من أزمة المساكن التي تواجه المدينة.
د) الغابات و المحميات الطبيعية: يوجد في محافظة القدس 15 غابة تبلغ مساحتها 9020 دونم بالإضافة إلى محميتين طبيعيتين تقدر مساحتهما بحوالي 8680 دونم و بالمجمل فان المساحة الكلية للمحميات الطبيعية و الغابات تشكل حوالي 5% من مساحة المحافظة. إلا أن السلطات الإسرائيلية ابتكرت أسلوبا جديدا للقضاء على هذه الغابات بهدف خلق وجود يهودي في تلك المناطق. حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بمصادرة الأراضي الفلسطينية تحت ذريعة تحويل المنطقة إلى غابة أو محمية طبيعية و من ثم تقوم بتغيير استخدام الأرض لبناء مستوطنة و من الأمثلة على ذلك : غابة أبو غنيم التي تبلغ مساحتها 2204 دونم قامت السلطات الإسرائيلية بتغيير استخدامات الأراضي فيها و تقطيع أشجارها و تحويلها إلى مستوطنة هار حوما و التي تأسست عام 1997. و من الأمثلة الأخرى غابة رامون التي تبلغ مساحتها 13980 دونم, حيث صادرتها السلطات الإسرائيلية من مالكيها الفلسطينيين بحجة أنها منطقة خضراء و من ثم قامت بتقطيع أشجارها و تحويلها إلى مستوطنة ريخس شعفاط التي تأسست عام 1991. انظر الى الصور
غابة ابو غنيم عام 1997 |
غابة ابو غنيم 2008 و قد تحولت الى مستوطنة هار حوما |
(أريج 1997 – 2008 )
أما في غربي القدس فالوضع مختلف تماما. حيث قامت السلطات الإسرائيلية في عام 2008 بإلغاء مخطط صفدي الذي يدعوا إلى البناء في المناطق الخضراء في غربي القدس.وجاء الرفض للحفاظ على تلك المناطق الطبيعية. ولعل التأكيد على ذلك جاء من خلال مخطط إقليم القدس( ايلول 2008) الذي أعلن عن حوالي 40 % من مساحة هذا الإقليم كمناطق خضراء و غابات تقع معظمها في المنطقة الغربية من القدس, وهذا بالضرورة يعني أن التوسع السكني اليهودي سيكون باتجاه الشرق , أي القدس الشرقية. جدول رقم 1 يبين الأراضي الفلسطينية المصادرة و المهددة بالمصادرة في الأعوام التسعة الأخيرة.
جدول رقم 1: الاراضي المصادرة و المهددة بالمصادرة و الاشجار المقتلعة في القدس الشرقية |
الأشجار المقتلعة |
الأراضي المهددة بالمصادرة بالدونم |
الأراضي المصادرة بالدونم |
العام |
30 |
1,948 |
708 |
2000 |
280 |
1,542 |
296 |
2001 |
445 |
2,364 |
720 |
2002 |
20,100 |
27,108 |
18,102 |
2003 |
1,745 |
3,005 |
2,162 |
2004 |
820 |
1,195 |
8,151 |
2005 |
— |
— |
1248 |
2006 |
— |
1,186 |
1900 |
2007 |
330 |
1,242 |
53 |
حزيران 2008 |
23,750 |
40,360 |
33,648 |
المجموع |
ثانيًا: سياسة هدم البيوت الفلسطينية:
نتيجة القوانين الصارمة التي تطبقها بلدية القدس فيما يختص بنظام الأبنية و المساكن و اعتبار معظم الأماكن العربية مناطق يمنع البناء فيها, اضطر السكان الفلسطينيين لبناء مساكنهم بدون إصدار تراخيص من البلدية, التي ما انفكت تهدم تلك البيوت منذ عام 1967 تحت هذه الذريعة. لكن التاريخ يشهد أن هذا الإجراء ليس سوى ذريعة تنتهجها بلدية الاحتلال لتفريغ القدس الشرقية من سكانها العرب. ففي عام 1967 هدمت السلطات الإسرائيلية حي المغاربة في البلدة القديمة ( حوالي 700 منزل) و حولته إلى مستوطنة’ الحي اليهودي’.
و يظهر من معلومات هدم البيوت و التي تظهر في الجدول أدناه, أن بلدية القدس نفذت 70% من عمليات الهدم في القدس الشرقية من عام 1994 إلى عام 2005 تحت ذريعة البناء في المناطق المفتوحة , رغم أن هذه المواقع ليس ممنوع البناء فيها حسب القوانين الإسرائيلية , حيث تقوم وزارة الداخلية الإسرائيلية بهدم المباني المقامة في المناطق الخضراء فقط. الجدول التالي يوضح عدد البيوت الفلسطينية التي هدمت في القدس الشرقية منذ عام 1994.
جدول رقم 2: البيوت التي قامت السلطات الإسرائيلية بهدما منذ اتفاقية أوسلو في القدس الشرقية |
العام |
عدد البيوت المهدمة |
|
العام |
عدد البيوت المهدمة |
1994 |
20 |
|
2002 |
63 |
1995 |
14 |
|
2003 |
94 |
1996 |
12 |
|
2004 |
80 |
1997 |
117 |
|
2005 |
78 |
1998 |
47 |
|
2006 |
44 |
1999 |
24 |
|
2007 |
59 |
2000 |
20 |
|
حتى أيلول 2008 |
48 |
2001 |
51 |
|
المجموع |
771 |
قاعدة بيانات معهد أريج 2008
ثالثاً: سياسة تغيير الأسماء:
منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 , شرعت بتغير أسماء المناطق الفلسطينية و تحويلها الى أسماء كنعانية و ادعت بأنها أسماء عبرية , و المسؤول الرئيس عن تغير الأسماء هي لجنة الأسماء الحكومية و هي إحدى فروع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي . و بالطبع لم تنجو القدس الشرقية من هذه اللجنة الحكومية التي اتخذت منهجية تغير الأسماء العربية في المدينة من اجل إضفاء الطابع اليهودي على المدينة حيث أطلقت البلدية و لجنة الأسماء الحكومية أسماء عبرية على مستوطنات القدس و على شوارع و مدارس هذه المستوطنات في محاولة لربط عواطف المتدينين اليهود بالمدينة المقدسة و جعلها عاصمة الشعب اليهودي الأبدية, فعلى سبيل المثال تم إطلاق اسم رئيس بلدية الاحتلال الأسبق تدي كوليك على المدرسة الثانوية في مستوطنة بزغات زئيف كما و تم إطلاق اسم موشيه ديان – وزير الدفاع الإسرائيلي الذي احتل القدس عام 1967- على إحدى شوارع مستوطنة بزغات زئيف. و من الأماكن الأخرى التي تم تغيير أسمائها من عربية إلى عبرية:
وادي حلوة و الذي أصبح معالي عير دافيد
وادي جهنم أصبح اسمه جان بن هانوم
الظهور يطلق عليها ألان ديرخ هعوفل ( طريق المزابل)
سلوان يطلقون عليها اسم عير دافيد ( مدينة داوود)
عين اللوزة أصبحت معالي هشالوم ( مرتفع السلام)
المدورة أصبحت جفعات هتخموشت (تلة الذخيرة)
المسجد الأقصى يطلقون علية اسم هار هبيت ( جبل الهيكل)
الشيخ جراح يطلقون عليها اسم شمعون هتسديك
حارة الشرف تسمى ألان الحي اليهودي.
رابعاً: بناء المستوطنات و الطرق الالتفافية و الجدار العازل:
أولى المستوطنات الإسرائيلية في شرقي القدس بنيت على أنقاض حارة المغاربة داخل أسوار البلدة القديمة عقب الاحتلال الإسرائيلي مباشرة عام 1967. و مع مرور الوقت انتشرت المستوطنات الإسرائيلية في المدينة . و يمكن تصنيف مستوطنات القدس من ناحية إدارية إلى قسمين: القسم الأول و هي المستوطنات التي تقع داخل حدود البلدية و يبلغ عددها 18 مستوطنة و تبلغ مساحتها الإجمالية 19,834 دونم و تحوي حوالي 195,000 مستوطن. و العديد من هذه المستوطنات تم بنائها داخل الإحياء العربية. ام القسم الثاني فهي المستوطنات الإسرائيلية التي تقع خارج حدود بلدية القدس و داخل حدود المحافظة وفقا لتقسيم ما قبل 1967 . حيث يبلغ عددها 17 مستوطنة تحتل مساحة مقدارها 24,090 دونم و تحوي حوالي 84,000 مستوطن. هذا بالإضافة إلى 18 بؤرة استيطانية تم بنائها في الفترة بين 1996 و 2005 هدفت إلى خلق كيان يهودي في قلب الإحياء العربية. هذا و قد عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على ربط المستوطنات و البؤر الاستيطانية ببعضها البعض عن طريق الطرق الالتفافية التي صادرت ألاف الدونمات من السكان المحليين. حيث يبلغ طول الطرق الالتفافية الرابطة بين مستوطنات القدس الشرقية داخل حدود البلدية حوالي 91.3 كم أي أنها تحتل ما مساحته 365 دونم, أما التي خارج حدود البلدية و داخل المحافظة فتصل الى 64.164 كم أي أنها تحتل حوالي 1100 دونم.( قاعدة بيانات معهد الأبحاث التطبيقية, القدس- أريج 2008).
و من المعطيات يظهر أن الحكومات الإسرائيلية لم تتخل يوما عن سياسات التوسع الاستيطاني في القدس, بل على العكس, حيث شهدت الفترة بعد اتفاق أوسلو ازدياد في وتيرة البناء الاستيطاني في القدس الشرقية حيث ازدادت مساحة المستوطنات الإسرائيلية من 25069 دونم عام 1994 إلى 44684 دونم عام 2005. أضف إلى ذلك المخططات الاستيطانية التي في طور الإقرار داخل المؤسسات الحكومية الإسرائيلية لبناء 14603 وحدة سكنية في مستوطنات القدس الشرقية. بالإضافة إلى مخططات مستقبلية مازالت في طور الفحص لبناء حوالي 33800 وحدة سكنية في خمس مستوطنات جديدة هي:
عطروت: 11,000 وحدة سكنية تستوعب حوالي 28,000 مستوطن
قبر المفتي: 300 وحدة سكنية تتسع لحوالي 900 مستوطن
جفعات يائيل: 13,000 وحدة سكنية تتسع لحوالي 35,000 مستوطن
مزموريا: 6,000 وحدة سكنية تتسع لحوالي 16,000 مستوطن
E1 (مـڤسرت تسيون) : 3500 وحدة سكنية تتسع لحوالي 10,000 مستوطن.
و بالمجمل فان المخططات الاستيطانية في القدس تهدف إلى إضافة 175,000 مستوطن في مستوطنات القدس الشرقية داخل حدود البلدية. .( قاعدة بيانات معهد الأبحاث التطبيقية, القدس- أريج 2008).
جدار العزل العنصري
تعتبر منطقة القدس إحدى أهم المناطق التي طالها جدار العزل الإسرائيلي و الذي سيعمل على عزل القدس عن الضفة الغربية, ولكي تتجاوز السلطات الإسرائيلية مصطلح ‘ العزل ‘ أطلقت على جدار عزل القدس اسم ‘ مغلف القدس’ . و يمتد هذا الجدار اكثر من 133 كم و يحاصر المدينة من جهاتها الشرقية و الشمالية و الغربية, وسيعزل الجدار267,000 مقدسي عن فلسطينيي الضفة الغربية.
و على مستوى المحافظة, فقد عزل الجدار حوالي 151,974 دونم أي حوالي 43% من مساحة المحافظة – معظمها تتواجد فيها كتل استيطانية كبيرة مثل معالي ادوميم و هار أدار و جفعات زئيف – و ضمها إلى إسرائيل. و في المقابل عزل الجدار عدة قرى و مجتمعات فلسطينية عن القدس الشرقية بعدما كانت تمثل المدينة مركز حياتهم و معيشتهم. الجدول التالي يوضح أكثر المناطق الفلسطينية تأثرا من جدار العزل:-
جدول رقم 3: أكثر المناطق الفلسطينية المتأثرة من جدار عزل القدس |
عدد السكان |
المناطق الفلسطينية |
24,838 |
الرام |
5,916 |
حزما |
9,337 |
عناتا |
9,616 |
مخيم شعفاط |
4,056 |
السواحرة الشرقية |
2,335 |
الشيخ سعد |
16,884 |
العيزرية |
11,753 |
ابو ديس |
84,735 |
المجموع |
و هكذا و بواسطة جدار العزل, استطاعت السلطات الإسرائيلية ضم ما يقارب 120,823 مستوطن الى مدينة القدس و عزلت ما يقارب 147,264 فلسطيني من سكانها عن مركز حياتهم و معيشتهم. و تظهر هذه المعطيات و بدون أي لبس أن الهدف من وراء بناء هذا الجدار هو هدف ديمغرافي و ليس امني كما تدعي السلطات الإسرائيلية .( أريج 2008). خارطة رقم 5 توضح استخدامات الأراضي في مدينة و محافظة القدس بالاضافة الى المستوطنات و البؤر الاستيطانية و مناطق العمران و الغطاء النباتي و جدار العزل.
وحدة نظم المعلومات الجغرافية _ أريج 2008
خامساً: الإخلال بالتوازن الديمغرافي:
يظهر من المعطيات السابقة أن السلطات الإسرائيلية إعادة ترسيم حدود المدينة على أسس ديموغرافية للوصول إلى تقسيمات جغرافية من اجل تحقيق أهدافها السياسية الرامية إلى ضم القدس بشكل ابدي إلى دولة إسرائيل مما سيحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة و قابلة للحياة و عاصمتها القدس. فمحور الصراع الحالي في القدس هو صراع ديمغرافي تسعى إسرائيل من خلاله إلى تفريغ المدينة من سكانها العرب عبر السياسات التي ورد ذكرها و بالمقابل تعمل على زيادة التواجد اليهودي الإسرائيلي فيها. حيث عزلت السلطات الإسرائيلية حوالي 147264 فلسطيني من القرى و البلدات المحيطة بالقدس بواسطة الجدار العازل كما ستعزل حوالي 130,000 من سكانها من حملة الهويات الزرقاء و الذين يسكنون خارج الجدار, فيما ضمت من خلاله و ستضم من خلال مخططات البناء حوالي 300,000 مستوطن إلى شرق المدينة , مما سيعني بالضرورة خلق أغلبية يهودية في شرق المدينة سيصعب تجاهلها في المستقبل. أضف إلى ذلك سياسة هدم المنازل الفلسطينية مما أدى إلى هجرة السكان الفلسطينيين من المدينة.
جدول رقم 4: الآثار المترتبة على الميزان الديمغرافي في شطري القدس نتيجة الجدار العازل و المخططات الاستيطانية المستقبلية |
الوضع الحالي |
بعد بناء الجدار |
بعد تنفيذ المخططات الاستيطانية |
النتائج المستقبلية |
السكان |
عدد السكان |
% |
سوف يتم عزلهم |
سوف يتم ضمهم |
سوف يتم استيعابهم |
المجموع |
% |
الفلسطينيين |
267,000 |
36 |
130,000 |
0 |
0 |
137,000 |
15 |
اليهود |
480,000 |
64 |
0 |
120,000 |
175,000 |
775,000 |
85 |
المجموع |
747,000 |
100 |
130,000 |
120,000 |
175,000 |
912,000 |
100 |
قاعد بيانات معهد الأبحاث التطبيقية – أريج 2008 |
و من السياسات الأخرى التي تتبعها السلطات الإسرائيلية للإخلال بالتوازن الديمغرافي في المدينة هي سياسات التخطيط و التطوير المدني التي تمنع البناء و التوسع العمراني في المناطق الفلسطينية في المدينة و نتج ذلك من خلال تقليص المساحات المسوح البناء فيها نتيجة مصادرة ثلث أراضي القدس الشرقية لأغراض البناء الاستيطاني , و اعتبار 60% مما تبقى أراضي مفتوحة أو خضراء يمنع البناء فيها, وهذا يترك فقط 13% من مساحة القدس الشرقية للتوسع العمراني العربي. (اسحاق ,2004). مما أدى إلى وجود كثافة سكانية عالية في المناطق العربية في شرقي القدس. الجدول التالي يعرض مقارنة في الكثافة السكانية بين مناطق القدس المختلفة.
جدول رقم 5: مقارنة الكثافة السكانية بين مناطق القدس المختلفة |
المنطقة |
الكثافة السكانية |
القدس الغربية |
8300 شخص / كم² |
مستوطنات القدس الشرقية |
9,000 مستوطن/ كم² |
الأحياء العربية في القدس الشرقية |
13,500 شخص/كم² |
معهد الأبحاث التطبيقية – القدس ( أريج 2007)
هذه الوقائع ستؤدي إلى ترك السكان للمدينة و التوجه إلى المناطق خارج الجدار و بالتالي فقد حق الإقامة في المدينة, حيث تقوم بلدية القدس و بالتعاون مع دائر الإحصاء الإسرائيلية بالتحضير لإحصاء خاص بسكان القدس يهدف إلى إعادة تسجيل عناوين إقامتهم و الذي من شانه ان يبرز عدد المقدسيين القاطنين خارج الجدار تحضيراً لسحب هوياتهم.
لقد شكلت هذه السياسات تغيرا في واقع المدينة و أخلت بميزانها الديمغرافي, فالإحصائيات تشير إلى أن مدينة القدس كانت تضم أغلبية عربية قبيل حرب عام 1967. و بعد ضم شطري المدينة أصبحت هنالك أغلبية يهودية في القسمين بلغت 74% من مجمل سكان شطري المدينة. وفي عام 1972 أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارا يدعو إلى المحافظة على هذه النسبة الزائفة و المفروضة بالقوة.
حيث بلغ عدد السكان العرب في القدس عام 1948 حوالي 65,000 فلسطيني بينما بلغ عدد السكان اليهود 99,320 ولكن التزايد السنوي للسكان العرب حسب دارة الإحصاء الإسرائيلية يبلغ 3.5% بينما يبلغ عند اليهود 2% و هذا يعني ان عدد السكان الفلسطينيين عام 2008 يفترض أن يكون 512,000 فلسطيني بينما اليهود 325,000 يهودي. فمن هذه المعطيات يظهر أن الممارسات و السياسات الإسرائيلية سابقة الذكر هي السبب الأساس في انخفاض نسبة السكان العرب و هو انخفاض غير طبيعي. الشكل التالي يوضح ما يجب ان تكون عليه نسب السكان في المدينة بناءً على النمو الطبيعي.
النمو الطبيعي المفترض لسكان القدس داخل حدود البلدية حسب عام 1947
|
سادساً: التمييز في الميزانيات لصالح الإحياء و المستوطنات اليهودية.
على الرغم من أن السكان العرب يشكلون 36 % من مجمل سكان مدينة القدس إلا أن الموازنات المخصصة لهم من قبل البلدية تقدر 12% من مجموع إنفاقات البلدية. حوالي 67% من السكان المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر بينما في القدس الغربية فنسبة الفقر تقل عن 29%. و انعكس توزيع الميزانيات على الخدمات المقدمة من قبل البلدية للتجمعات الفلسطينية في شرقي القدس, فعلى سبيل المثال; بالمعدل هنالك 1 كم من الشوارع المعبدة لكل 710 أشخاص في القدس الغربية, بينما في القدس الشرقية لكل 2,448 شخص. وكذلك الأمر بالنسبة للساحات العامة ; ففي القدس الغربية هنالك حديقة عامة لكل 447 شخص بينما في القدس الشرقية يوجد حديقة عامة لكل 7,362 شخص.
المشاكل البيئية التي تواجه القدس:
تواصل سلطات الاحتلال إجراءاتها التعسفية وحرمان المقدسيين من حقوقهم الإنسانية الأساسية وذلك من اجل التضييق عليهم ووضعهم في ظروف معيشية قاسية وصعبة. فمنذ احتلال القدس عام 1967، عملت إسرائيل على إهمال المشاريع التطويرية لقطاع المياه والصرف الصحي في محافظة القدس وذلك بالرغم من ان المواطن المقدسي يقوم بدفع الضرائب للحكومة الإسرائيلية إلا انه لا يحصل على نفس مستوى الخدمات التي تقدم للمواطن الإسرائيلي حيث ان عائدات هذه الضرائب تصرف في غالبيتها لخدمة مصالحهم. فمازالت معظم التجمعات الفلسطينية في محافظة القدس تعاني ﻣﻦ عدم توافر بنية تحتية سليمة ﻟﻠﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ، فوفق نتائج مسح التجمعات الذي ﻗﺎم به الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2005، بلغ عدد اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ بشبكة اﻟﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ 9 تجمعات فقط (خارج حدود بلدية القدس). غير أن هذه الشبكات لا تخدم أو لا تغطي جميع السكان، حيث تصل نسبة اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻤﺘﺼﻠﻴﻦ بشبكة الصرف اﻟﺼﺤﻲ ﻓﻲ هذه التجمعات إﻟﻰ 52 % فقط، أما باقي اﻟﺴﻜﺎن وسكان اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت الأخرى ﻓﻴﻔﺘﻘﺮون إﻟﻰ وﺟﻮد شبكة صرف صحي ويتم التخلص ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎﻩ العادمة الناتجة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ الحفر الامتصاصية أو بواسطة القنوات المفتوحة ، ويتم تفريغ هذه الحفر بواسطة صهاريج ومن ثم تفريغها في الأودية المجاورة بدون أي معالجة وبدون الأخذ بعين الاعتبار الأضرار الصحية والبيئية الناجمة عن ذلك. واستنادا إلى تقديرات الاستهلاك اليومي من المياه للفرد في محافظة القدس، تقدر كمية المياه العادمة الناتجة يوميا من التجمعات الفلسطينية بما يقارب 28 الف متر مكعب والتي تعادل 10.4 مليون متر مكعب سنويا. أما على مستوى الفرد في المحافظة، فقد قدر معدل إنتاج الفرد من المياه العادمة بما يقارب 78 لتر في اليوم.
وليس الحال أفضل في القدس الشرقية فمن المعروف إن البنية التحتية لقطاع الصرف الصحي تعاني من إهمال متراكم، فاعتماد سياسة التمييز العنصري والإهمال المستمر والتقصير من قبل بلدية القدس في واجباتها اتجاه سكان شرقي القدس في مجال تطوير البنية التحتية للصرف الصحي أدى إلى إهمال الأحياء العربية وبقائها دون تطوير. فمازالت هناك تجمعات غير متصلة بشبكة الصرف الصحي وتستخدم الحفر الامتصاصية أو القنوات المفتوحة للتخلص من المياه العادمة، اما شبكة الصرف الصحي في التجمعات المخدومة فهي قديمة وتحتاج إلى إعادة تأهيل وصيانة. وبالتالي تعاني التجمعات الفلسطينية في القدس الشرقية من فيضان للمياه العادمة في الشوارع العامة والأحياء السكنية الأمر الذي يتسبب في مكاره صحية وانتشار الأوبئة والأمراض داخل هذه الأحياء. كما أن استخدام هذه الحفر يهدد بتلويث المياه الجوفية وذلك لأنها تبنى من دون تبطين حتى يسهل نفاذ المياه العادمة إلى طبقات الأرض. اما فيما يتعلق بمعالجة المياه العادمة الناتجة من محافظة القدس فانه لا توجد محطة لمعالجة المياه العادمة في منطقة شرق القدس، اما في غربها فانه يوجد محطة في المنطقة الإسرائيلية تقوم بمعالجة المياه العادمة الناتجة عن منطقة غرب القدس (60% من بلدية القدس). وبهذا نرى الواقع الذي يعيشه المواطن الفلسطيني في الأحياء العربية من عدم وجود بيئة سليمة وفي المقابل تتمتع الأحياء اليهودية في القدس الغربية ببنية تحتية جيدة إذ تتصل كافة الوحدات السكنية بشبكة للصرف الصحي. حيث يوجد هنالك 1 كم من خطوط الصرف الصحي لكل 743 شخص في القدس الغربية مقابل 2,809 شخص في القدس الشرقية و تهمل البلدية عملية تنقية مياه الصرف الصحي في الأحياء العربية. ( مرجليت,2003).
وما يزيد من حدة المشكلة الناتجة من تدفق المياه العادمة الناتجة عن التجمعات الفلسطينية دون إي معالجة هي التخلص العشوائي للمياه العادمة الناتجة عن المستوطنات الإسرائيلية ومصانعها المقامة على أراضي المحافظة. فمن المعروف أن المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية المقامة على الأراضي الفلسطينية تفتقر للبنية التحتية الجيدة وعدم وجود محطات معالجة للتخلص من المياه العادمة الناتجة عنها لذلك تتخلص من مياهها العادمة غير المعالجة في الأودية والمناطق الزراعية الفلسطينية دون أي التزام بالمعايير البيئية أو الاكتراث بالمواطنين الفلسطينيين الذين يقطنون على مقربة من هذه الأودية والذين يعتاشون من نتاج أراضيهم الزراعية المتضررة. ومثال على ذلك المياه العادمة المتدفقة من مستوطنة النبي يعقوب تمر من خلال أراضي قرية حزما وتصل الى نبع عين فرح شرق القرية حيث تسببت المياه العادمة المتدفقة بتلويث مياه النبع ومنعت المواطنين من استخدامها. تبلغ كمية المياه العادمة الناتجة عن 230 الف مستوطن إسرائيلي يسكنون المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي محافظة القدس حوالي 20 مليون متر مكعب سنويا.
وبالرغم من أن معظم التجمعات الفلسطينية في محافظة القدس تتوافر فيها شبكات توزيع المياه غير أن هذه الشبكات تعاني من عدة مشاكل فنية فهي قديمة وتحتاج الى إعادة تأهيل، حيث بلغت نسبة الفاقد 30 % (سلطة المياه الفلسطينية، 2007). ويجدر الإشارة هنا انه مازال هناك حوالي 1400 نسمة غير مخدومين. يوضح الجدول التالي جميع التجمعات المخدومة بشبكات المياه حيث تم تقسيمها حسب الجهة المزودة.
التجمعات المخدومة بشبكات المياه حسب الجهة المزودة |
الجهة المزودة |
التجمعات المخدومة |
دائرة مياه الضفة الغربية |
بيت دقو، بيت عنان، الجيب، بيت اجزا، القبيبة، بدو، النبي صموئيل، قطنة، بيت سوريك، بيت اكسا، عناتا، الزعيم، العيزرية، أبو ديس، السواحرة الشرقية، الشيخ سعد |
مصلحة مياه محافظة القدس |
رافات، كفر عقب، مخماس، مخيم قلنديا، قلنديا، جبع، الجديرة، الرام وضاحية البريد، بيرنبالا، حزما، بيت حنينا البلد |
غير مخدومة |
خرائب أم اللحم، الكعابنة، جبع(تجمع بدوي) |
شركة المياه الاسرائيلية-جيحون |
مناطق القدس الشرقية |
المصدر: سلطة المياه الفلسطينية، 2007 |
ولان مصادر المياه الذاتية لا تكفي لسد حاجات السكان من المياه، تعتمد التجمعات الفلسطينية في منطقة القدس بشكل كبير على المياه التي يتم شراؤها من شركة المياه الإسرائيلية ‘ميكوروت’ حيث تشكل هذه المياه ما يقارب 93% من مجموع المياه المتوفرة والمزودة لسكان محافظة القدس. حيث بلغت كميات المياه المشتراة من شركة ميكوروت حوالي7.5 مليون متر مكعب في عام 2007، في حين لا تتجاوز كميات المياه المنتجة من المصادر الذاتية 7% من مجموع المصادر المائية الكلية للمحافظة. وبناء على هذا فان كميات المياه المنتجة والمزودة لمحافظة القدس تبلغ 8.05 مليون متر مكعب (سلطة المياه الفلسطينية، 2007). تأتي المصادر المشتراه من ثلاثة مصادر رئيسية هي آبار دائرة مياه الضفة الغربية وهي آبار فلسطينية لا تزال تحت إدارة الجانب الإسرائيلي وتقوم دائرة مياه الضفة الغربية بتشغيلها وقد تمت السيطرة عليها خلال نهاية السبعينيات عندما قام الإسرائيليون بضم هذه الآبار إلى شركة ميكوروت، أو من الآبار الإسرائيلية التي تم حفرها في الضفة الغربية بعد احتلالها عام 1967، أو من شركة المياه الإسرائيلية من داخل الخط الأخضر. ولا زالت مشكلة العجز في تزويد مياه للشرب للعام الحالي تتفاقم كما هو الحال في السنوات السابقة حيث عانت معظم محافظات الضفة الغربية وبما فيها محافظة القدس من العجز في مياه الشرب وان كان ذلك بدرجات متفاوتة. وإذا احتسبنا أن الكمية المطلوبة للفرد هي 150 لتر يوميا من المياه النقية والصحية الصالحة للشرب، وبالتالي فان الكمية المطلوبة على مستوى محافظة القدس تصل الى حوالي 8.7 مليون متر مكعب في حين أن مجموع الكميات المتاحة تقريبا 8 مليون متر مكعب وكذلك فان كميات المياه المستهلكة فعليا لا تزيد عن 5.66 مليون متر مكعب فهذا يعني عجزا فعليا يزيد عن 3 مليون متر مكعب. (سلطة المياه الفلسطينية، 2007).
نسبة المياه المتوفرة والمزودة للفلسطينين في محافظة القدس
اما فما يتعلق بمعدل التزويد فهو يختلف من تجمع إلى آخر ويتفاوت أيضا حسب الجهة المزودة، فاستنادا إلى تقديرات سلطة المياه الفلسطينية، يبلغ معدل تزويد المياه للفرد في التجمعات المخدومة في محافظة القدس 139 لتر في اليوم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المواطن في محافظة القدس لا يستهلك هذه الكمية من المياه وذلك بسبب الفاقد من المياه، وبالتالي يبلغ معدل استهلاك الفرد من المياه حوالي 98 لتر في اليوم، ويعتبر هذا المعدل أقل بكثير من الكمية المطلوبة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية والتي تصل إلى 150 لتر للفرد في اليوم. وليس هذا فقط فإذا ما قورن هذا المعدل بمعدل ما يستهلكه الفرد الإسرائيلي من المياه، يتضح أن المواطن لإسرائيلي يستهلك من المياه ما يقارب اربعة اضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني . وعلى صعيد آخر تعاني منطقة شرقي القدس من نقص ملحوظ في المياه وذلك نتيجة قيام السلطات الاسرائيلية بتخفيف ضغط المياه و تحكمها في كميات المياه المخصصة إلى المناطق الفلسطينية.
ان تردي الوضع الصحي والبيئي لتجمعات الفلسطينية في القدس يعكس سياسة التمييز التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية ضد المقدسيين. ويبرز هذا جليا في الخدمات التي تقدمها البلدية في مجال المياه والمجاري بين القدس الشرقية والقدس الغربية. فوفق المعطيات يقدر حجم الاستثمار في مجال المياه بالقدس الشرقية بحوالي 2.7 مليون شيكل بينما يصل هذا الاستثمار في القدس الغربية إلى 26.5 مليون شيكل. ولا يختلف الأمر كثيرا في مجال الصرف الصحي حيث يقدر حجم الاستثمار في القدس الغربية بأضعاف ما هو عليه في القدس الشرقية. وكما هو معروف فان هناك نقص كبير وتهتك في البنية التحتية في قطاع المياه والصرف الصحي في القدس الشرقية مقارنة بالقدس الغربية التي تتصل جميع مناطقها بخطوط المياه والصرف صحي .
تعتبر السلطات المحلية في التجمعات السكانية التي تقع خارج حدود بلدية القدس هي الجهة الرسمية المسؤولة عن إدارة النفايات الصلبة الناتجة عن المواطنين والمنشآت التجارية والصناعية في هذه التجمعات والتي تتمثل حاليا بجمع النفايات والتخلص منها، ولكن مازال هناك تجمعين سكانيين في محافظة القدس لا يوجد فيهما أية جهة تقوم بعملية جمع النفايات الصلبة (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2008). ينتفع معظم سكان المحافظة من خدمة إدارة النفايات الصلبة، حيث يتم جمع النفايات الناتجة ونقلها إلى مكب أبو ديس الذي يقع جنوب مدينة أبو ديس ويستخدم للتخلص من النفايات الصلبة الناتجة من مناطق شرق وغرب القدس (مثل: أبو ديس، الشيخ سعد، العيزرية، كفر عقب، قلنديا، الزعيم، بيت حنينا، العيسوية، الشياح، جبل المكبر، السواحرة الغربية، صور باهر، أم طوبا، بيت صفافا، الشرفات، البلدة القديمة في القدس، شعفاط، الصوانة، وادي الجوز، الشيخ جراح، رأس العمود وسلوان)، حيت يتم التخلص من النفايات في هذا المكب عن طريق طمرها. اما باقي التجمعات في المحافظة فتتخلص من النفايات الصلبة الناتجة عنها في مكبات عشوائية قريبة منها أو يتم حرقها في الهواء الطلق. ويجب التنويه هنا إلى أن النفايات المنزلية الخطرة والنفايات الصناعية يتم جمعها مع النفايات البلدية غير الخطرة وإلقاؤها في نفس المكب وذلك لعدم وجود نظام خاص لفصلها وجمعها. أما فيما يتعلق بكمية النفايات الناتجة، فيتراوح معدل إنتاج الفرد اليومي من النفايات الصلبة في التجمعات الفلسطينية الحضرية في محافظة القدس ما بين 0.9 – 1.2 كغم أما المناطق الريفية في المحافظة فمعدل إنتاج الفرد فيها من النفايات يتراوح ما بين 0.6 – 0.8 كغم، وبالتالي تقدر كمية النفايات الصلبة الناتجة يوميا عن سكان محافظة القدس بما يقارب 330 طن والتي تعادل 857 الف طن سنويا.
اما بلدية القدس فهي الجهة المسؤولة عن خدمة النفايات الصلبة في مناطق القدس الشرقية غير انه من الواضح ان بلدية القدس لا تحرك ساكنا في موضوع معالجة قضية مكاره النفايات في شرقي القدس. فهي لا تقوم بمنع إلقاء النفايات في المواقع غير المرخصة ولا تعمل على إخلاء النفايات المتراكمة في الاحياء العربية ، فطبقا لمعطيات البلدية يوجد في شرقي القدس 16 مكب عشوائي غير قانوني. وليس هذا فقط فبلدية القدس تقوم بنقل النفايات الصلبة من منطقة القدس الغربية بعيداً عن السكان الإسرائيليين ورميها في مكب أبو ديس أو في المناطق الفلسطينية كما هو الحال في ضاحية السلام في شرقي القدس. حيث تقوم الشاحنات القادمة من غربي القدس بإلقاء كميات كبيرة من النفايات التي تشتمل على النفايات الطبية والصناعية والبناء في المنطقة المجاورة لبيوت المقدسيين وذلك بدون أي رقابة. وبالتالي تعتبر هذه المنطقة مكرهة صحية تشكل خطرا على الصحة ومصدرا لتلوث احواض المياه الجوفية والتربة من خلال العصارة الناتجة عن النفايات، فضلا عن الروائح الكريهة وتشويه المناظر الطبيعية. ومما سبق نستنج ان الخدمات البلدية المقدمة للقدس الشرقية متواضعة جداً، فهيا لا ترقى إلى ما يدفعه المواطن المقدسي من ضرائب، وفي هذا ايضا انتهاك خطير للمعاهدات الدولية والميثاق الدولي لحقوق الإنسان الذي يضمن حق السكان القابعين تحت الإحتلال بالحياة الكريمة، وتفرض على الجهات المحتلة أن توفر كل ما يلزم لحماية المواطنين وصحتهم.
الخلاصة:
اليوم وبعد 41 عاما من الاحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدسة ما زالت إسرائيل تلقي القانون الدولي بعرض الحائط و تتناسى التزاماتها تجاه القانون الإنساني, فشملت انتهاكاتها الحظر المفروض على ترحيل و نقل السكان المدنيين و تدمير الممتلكات المدنية بصورة غير مشروعة, كما و أعاقت حرية التنقل من و إلى المدينة. علاوة على ذلك التمييز في الميزانيات و الخدمات لصالح اليهود و المستوطنين في المدينة مما أدى إلى تدهور الخدمات التعليمية و الثقافية و الصحية و ارتفاع مستوى البطالة بين سكانها العرب و تدهور البيئة و الانخفاض في الإنتاج الزراعي وزيادة في معدلات الفقر.
أضف إلى ذلك عوامل اتساع رقعة المستوطنات و بناء الجدار العازل و الشوارع الالتفافية و التي من شانها خنق المدينة كتحد للقوانين الدولية و قرارات الأمم المتحدة بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 446(1979) و الذي ينص على أن سياسة و ممارسات إسرائيل في إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية و الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 هي سياسات لا يوجد لها أرضية قانونية و تشكل عقبة في سبيل تحقيق سلام عادل و شامل و دائم في الشرق الأوسط. و أيضا قرار مجلس الأمن رقم 452 (1979) الذي يدعو حكومة و شعب إسرائيل إلى الوقف الفوري لعمليات البناء و التخطيط في المستوطنات الواقعة في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967, بما فيها القدس الشرقية.
إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في شرقي القدس تمارس سياسة خلق الحقائق على الأرض من خلال استخدام أساليب التخطيط الحضري لحصر السكان الفلسطينيين في أجزاء صغيرة من المدينة و عزل التجمعات السكانية الكبيرة خارج حدود المدينة.
و اليوم و نحن على أعتاب ‘القدس – عاصمة الثقافة العربية 2009’ يجب علينا أنتتضافر الجهود العربية و الفلسطينية و الدولية من اجل الحفاظ على هوية القدس العربية و المساعدة في استنهاض تاريخها العربي و الوقوف بجانب أبنائها و العمل على تقوية جميع جوانب التنمية فيها بما في ذلك التنمية في القطاع الثقافي و الاجتماعي ة السياسي و الصحي و التي طالها الاحتلال الإسرائيلي مما يهدد استدامة تلك التنمية.