ابتكر الاحتلال الإسرائيلي عدة طرق ووسائل في عمليات سرقة وتزييف التاريخ وطمس الهوية العربية الفلسطينية، فقد عمل على جعل معظم المناطق الأثرية والمقامات الدينية ضمن المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو عام 1993، وهذا يعني ضمنياً أن الاحتلال اخضع الغالبية العظمى من المناطق الأثرية التي تشتهر بها بلادنا والبالغ عددها حسب معطيات سلطة الآثار الفلسطينية قرابة 3850 موقعاً ومعلماً أثرياً والتي تشكل ما نسبته 55% من مجموع المواقع والمعالم الأثرية المنتشرة في فلسطين حدود العام 1967م تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وفي نفس الوقت لا تمتلك أي جهة فلسطينية مختصة أي سيادة على تلك المناطق، وهذا بدوره منح الاحتلال حق التصرف في تلك المناطق، وتغيير معالمها وأسمائها بما يتماشى مع معتقداتهم ورغباتهم الذاتية.
بل تعدى الأمر إلى حد إطلاق القصص والروايات المزيفة حول تاريخ تلك الآثار القديمة، كما يحدث الآن حول قبر النبي يوسف عليه السلام في مدينة نابلس، وكذلك الحال في المقامات الدينية مثل "ذو الكفل" و "ياشوع" و"ذو النون" في بلدة كفل حارس في محافظة سلفيت، بالإضافة إلى آثار بلدة سبسطية، المدينة السامرية القديمة، والتي تعتبر جميعها في نظر الاحتلال من المقدسات اليهودية.
ففي حزيران 2016م عثر مواطنون من بلدة السموع على لوحات باللغة بالعبرية وعلامات في أراضي خربة الربية الأثرية غرب البلدة.
فقد عثر المواطنون على لوحتين مخطوط عليها باللغة العبرية، وتحويان تعريفات يهودية للخربة، وادعاءات بعودة هذه الخربة إلى التاريخ اليهودي، في إطار سياسية التهويد التي تتبعها سلطات الاحتلال وتزوير الحقائق والتاريخ العربي والفلسطيني. وبالنظر إلى خربة الربية الأثرية فهي تضم عدداً من المغر والكهوف وآبار المياه القديمة، حيث تنتشر آثار المباني القديمة على حوالي (25) دونماً من أراضي الخربة، إضافة إلى مئات الدونمات من الأراضي الزراعية التي تحيط بها. وكان المواطنون في بلدة السموع وخاصة رعاة الأغنام منهم يقيمون في الخربة حتى منتصف الثمانيات، إذ كانت الكهوف والمغر مأوى لمواشيهم، وكانوا يسقونها من الآبار القديمة فيها، وخاصة في فصل الصيف.
وتعود ملكية أراضي الخربة لعائلة " أبو عقيل " من بلدة السموع، حسب ما أفاد به كبار السن من العائلة، حيث أوضحوا بأنهم اشتروا أراضي الخربة من مواطني بلدة يطا، حيث آلت فيما بعد لأراضي بلدة السموع. وتقع مستعمرة " عتنيئيل " إلى الشمال الغربي من الخربة، وتبعد نحو (1 كم) عن مركز الخربة، ويفصل بين الخربة والمستعمرة سياج شائك أقامه المستعمرون حول المستعمرة، وحسب المواطنون فإن مجموعات من المستعمرين تنفذ من حين لآخر جولات في أراضي الخربة.
خربة الرابية[1]
تقع الخربة ضمن أراضي السموع، وتبعد إلى الشمال عنها بمسافة 7 كيلو متر. وتظهر على الخارطة من الشرق عند النقطة 152850، ومن الشمال عند النقطة 93350، ويحيط بها من الشرق أراضي الظاهرية وتبعد عنها حوالي 6 كيلو متر، وعلى بعد 1.5 كيلو متر إلى الشرق من خربة رابود، وحوالي 1 كيلو متر جنوب مستوطنة "عتنئيل" المقامة على أراضي بلدة دورا. كما تحيط بالموقع عشرات الخرب الأثرية التي تشكل التسلسل الزمني الفلسطيني في المنطقة.
ذكرت الخربة في مسح غرب فلسطين (1870-1877)، وفي المسوحات البريطانية اللاحقة حتى سنة 1944م، وعرفت كموقع أثري يحتوي على أساسات جدران وكهوف. كما تم مسح الموقع من قبل سلطات الاحتلال سنة 1972 (كوخابي) وسنة 1993 (أوفر)، ولم تجري في الموقع أعمال تنقيب حتى الآن.
ينتشر الموقع فوق تلة ترتفع عن سطح البحر 680م وعلى مساحة تصل إلى 17 دونماً، وتشكل إطلالة جميلة على الجهات الأربعة. يحتوي الموقع على آثار تعود للفترات الرومانية والبيزنطية والصليبية والأيوبية، وهو عبارة عن أساسات مباني بنيت في مراحل مختلفة. ويظهر في وسط الموقع بناءاً مركزياً يأخذ شكل مربع أبعاده 30X30 م. يرجح بأنه قلعة محصنة استخدمت لحماية طرق القوافل التي كانت تمر من الشمال باتجاه الجنوب. كما يحتوي الموقع على آبار وأحواض لجمع المياه في فصل الشتاء، وبرج للمراقبة وكهف.
[1] المصدر : وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.
اعداد: