قامت الإدارة المدنية الإسرائيلية برفقة قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي في السابع من شهر آذار من العام 2013 بإجتياح منطقة ‘خلة الضبع’ شرق مدينة يطا جنوب الخليل وتسليم 24 إخطار بالهدم لمنازل ومنشآت تعود لأهالي تلك المنطقة بحجة انهم يقطنون بشكل غير قانوني في المنطقة المصنفة ‘ج’ والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في شهر أيلول من العام 1995، تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا. ونصت الإخطارات الإسرائيلية على هدم 10مساكن و6 آبار جمع للمياه و4 حمامات و4 عرائش للأغنام واثنين من ‘الطوابين’ إضافة إلى اخلاء 200 دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون تعود ملكيتها لأهالي ‘خلة الضبع’.
وكما هي العادة، تتضمن هذه الإخطارات الإسرائيلية مهلة معينة أقصاها السابع من شهر نيسان من العام 2013، ليقوم خلالها أهل ‘خلة الضبع’ بتقديم إلتماسهم وإعتراضهم على عملية الهدم لدى المحكمة العسكرية الإسرائيلية في بيت إيل والبدء بالاجراءات اللازمة للحصول على التراخيص اللازمة من الادارة المدنية الاسرائيلية حيث ان ذلك لا يضمن لهم السلامة من التعرض للهدم في ظل المساعي الإسرائيلية للسيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية التي تسعى من خلالها إلى تحقيق أغراضها الإستيطانية.
وتشمل إخطارات الهدم ممتلكات تعود إلى كل من: عدنان محمد الدبابسة، وموسى محمد الدبابسة، وراغب محمد الدبابسة، وسعود محمد الدبابسة، وبدوي محمد الدبابسة، وعلي محمد الدبابسة، وإبراهيم محمد الدبابسة، ومحمد محمد الدبابسة، ونادية أحمد عبد الله الدبابسة، علما بأن هذه العائلات تسكن ‘خلة الضبع’ ولديهم أكثر من 55 فردا. فيما يلي صور للمنشأت المهددة بالهدم في خلة الضبع حنوب الخليل
تعتبر حكومة الإحتلال الإسرائيلي بأن هذه الممارسات هي ‘إجراءات إحترازية’ لضمان الأمن الإسرائيلي للمستوطنات والبؤر الإستيطانية المحيطة ب ‘خلة الضبع’ (مستوطنة ماعون وبؤرتي متسبي يائير وأفيغال)، إلا أنها في الواقع ليست سوى جزء من الأيدلوجية الإسرائيلية للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي والممتلكات الفلسطينية المصنفة ‘ج’ من أجل تحقيق أغراضها الإستعمارية في الضفة الغربية كبناء المستوطنات، والبؤر الإستيطانية، وإنشاء قواعد عسكرية لتدريب الجيش الإسرائيلي وغيرها.
أضف إلى ذلك، إن قيام السلطات الإسرائيلية بتسليم عدة إخطارات للهدم في العديد من الخرب والقرى في تلك المنطقة، والتي تعتبر حسب التصنيف الإسرائيلي بأنها ‘منطقة إطلاق نار’ (أو بما يعرف منطقة اطلاق نار 918) وبأنها تشكل تهديد على أمن المستوطنات المحيطة بها، يؤكد ضمنيا بأن الحكومة الإسرائيلية تحاول ضم هذه المناطق إلى حدودها المستقبلية عبر إزاحة جدار العزل أوتغيير مساره بحسب ما كان مخطط له في العام 2004. كذلك في التاسع والعشرين من شهر تموز من العام 2012، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن نيته لإخلاء ثمانية خرب فلسطينية جنوب الخليل لأغراض عسكرية، حيث تقع هذه الخرب جميعها في منطقة ‘ج’، ويقطنها أكثر من 1.500 مواطن، كما ان هذه الخرب ليست بعيدة عن منطقة ‘خلة الضبع’ التي هي أيضا مهددة بالهدم والاخلاء لنفس السبب.
خريطة رقم 1: مخطط جدار العزل العنصري – نيسان 2007 |
خريطة رقم 2: مخطط جدار العزل العنصري – حزيران 2004 |
خلة الضبع، جغرافيا وسكان:
تقع خلة الضبع جنوب شرق مدينة يطا جنوب مدينة الخليل، وتتوسط البؤرالاستيطانية متسبي يائير وأفيغال، وضمن القاعدة العسكرية الإسرائيلية التابعة لهما. يحدها من الشرق مغاير العبيد وخربة التبان, ومن الغرب خربة التوامين ومنطقة شعب البطم, ومن الشمال خربتي قواويس والخروبة ومن الجنوب خرب التبان والمجاز والفخيت. تعتبر منطقة خلة الضبع منطقة ذات اهمية استراتيجية عالية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية التي تسعى للسيطرة عليها والمنطقة المحيطة بها.
يقطن خلة الضبع اليوم أكثر من 55 فردا يعيشون حياة بسيطة تعتمد على الزراعة وتربية المواشي، إلا أن الإحتلال الإسرائيلي مازال يفرض عليهم وقائع مريرة لإجبارهم على الرحيل وترك المنطقة. كما يحاول الحتلال تشويه المنطقة جغرافيا وتغيير معالمها من خلال توسيع القاعدة العسكرية التابعة للبؤرتين الإستيطانيتين السابقتين الذكر، وشق طرق إلتفافية توفر حرية الحركة للمستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المنطقة.
إنتهاكات إسرائيلية سابقة بحق خلة الضبع:
تعرضت منطقة خلة الضبع للعديد من الانتهاكات الاسرائيلية في الاعوام السابقة كونها تقع في المنطقة المصنفة ‘ج’ والتي تسعى اسرائيل للسيطرة عليها لتنفيذ المخططات الاستيطانية المحتلة في المنطقة. وكان اخر هذه الانتهاكات في الحادي والعشرين من شهر شباط من العام 2013، قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بمنع المواطنيين الفلسطينيين من الدخول إلى أراضيهم الزراعية في منطقة ‘خلة الضبع’ لأجل حراثتها وتقليم الأشجار.وذكر أحد المزارعين للوحدة القانونية في لجنة إعمار الخليل[1]، بأن أصحاب الأراضي إنتظروا أمام أراضيهم المحاصرة طويلا على أمل أن تسمح لهم قوات الأحتلال بالدخول كما وعدت، إلا أن ممثلا عن الإدارة المدنية الإسرائيلية أعلمهم بأنه لن يتم السماح لهم بالدخول.
والجدير ذكره ايضا أن سلطات الإحتلال الاسرائيلي تمنع المزارعين الفلسطينيين من الدخول إلى مئات الدونمات من أراضيهم الزراعية في ‘خلة الضبع’، حيث أحاطتها بسياج وطريق أمني منذ العام 2000، عقب إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية، وقامت بشق طريق إلتفافي إسرائيلي يهدف إلى خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات والبؤر الاستيطانية الاسرائيلية في المنطقة على حساب الاراضي الفلسطينية بهدف السيطرة على الروابي الواقعة في شمال’خلة الضبع’.
الخلاصة:
إن الحملة الشرسة التي تمارسها حكومة الإحتلال الإسرائيلي على الفلسطينين القاطنين في ‘خلة الضبع’ ليست سوى جزء من سياسة ‘التطهير العرقي’ لإقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وترحيله. فعمليات إخلاء وهدم المنشئات الفلسطينية وطرد السكان الأصليين من مكان سكنهم لتحقيق أغراض إستعمارية إسرائيلية ليست إلا عملية إستكمالية للمشروع الإحتلالي الإسرائيلي لتقطيع أوصال الضفة الغربية وتكثيف الوجود اليهودي فيها من اجل منع أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا في المستقبل.
هذه السياسات التي تنتهجها اسرائيل بحق الدولة الفلسطينية المحتلة ومواطنيها في كل من الضفة الغربية والقدس، يشكل خرقا واضحا للمواثيق والاعراف الدولية التي تدين مثل هذه السياسات. فيما يلي عرض لبعض المعاهدات والقوانين التي تنص على ذلك:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 17:(1) لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره. (2) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا.
اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949م: المــادة 47: ‘لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية، سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة’. وأيضا المــادة 53: ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’ كذلك المــادة 147: ‘المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية : القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقاً للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية. ‘
الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية – معاهدات لاهاي – 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907م المــادة 23 – ز: ‘يمنع تدمير ممتلكات العدو أو حجزها, إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتماً هذا التدمير أو الحجز’. كذلك المــادة 46: ‘ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها, وحياة الأشخاص والملكية الخاصة, وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة.’
منع المواطنين الفلسطينيين من الدخول الى اراضيهم في ‘خلة الضبع’ شرقي الخليل