أصدر جيش الاحتلال الاسرائيلي في الرابع و العشرين من شهر اذار من العام 2010 أمرا عسكريا جديدا موقع باسم ابي مزراحي, قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي و يحمل رقم 14/03/ت (تمديد سريان رقم 2 و تعديل حدود رقم 3), حيث يقضي الامر العسكري بتمديد سريان مفعول الامر العسكري الاسرائيلي رقم 14/03/ت حتى الحادي و الثلاثين من شهر كانون أول من العام 2011 لاستكمال مخطط الجدار في المنطقة. و الجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يمدد فيها جيش الاحتلال الاسرائيلي سريان مفعول الامر و ذلك بغرض استكمال المخططات الاستعمارية في محيط منطقة قبر راحيل و المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم. كما شمل الامر العسكري الاسرائيلي تعديل حدودي على مسار الجدار.
و كان الامر العسكري الاسرائيلي قد صدر لاول مرة بتاريخ التاسع من شهر شباط من العام 2003 لوضع اليد على 18 دونما من أراضي مدينة بيت لحم, في منطقة قبة راحيل لاغراض عسكرية. و أظهرت الخارطة المرفقة بالامر العسكري انذاك أن الاغراض العسكرية تمثلت ببناء جدار العزل العنصري في محيط قبر راحيل و المخل الشمالي لمدينة بيت لحم حيث تم رسم مخطط جدار يضم خلفه عشرات الابنية العمرانية الفلسطينية والمحلات التجارية والورش الصناعية الامر الذي يتطلب كما اوضح ضابط الجيش الاسرائيلي انذاك للسكان والمواطنين الذين سيرغبون بالوصول الى اماكن عملهم وسكناهم في هذه المنطقة الحصول على تصاريح خاصة للمرور وذلك عبر حاجز عسكري ضخم مزمع اقامته في المنطقة حال الانتهاء من بناء الجدار. كما بين التحليل الذي أجراه معهد الابحاث التطبيقية – القدس في ذلك الوقت أن الامر العسكري الاسرائيلي سوف يعزل ما يزيد عن ال 3000 دونما من الاراضي الفلسطينية في منطقة قبر راحيل عن ماليكها الاصليين و سوف يحرمهم من الوصول اليها حال الانتهاء من بناء الجدار و ربطه مع المقاطع الاخرى من الجدار على المدخل الشمالي للمدينة و المقاطع التي تمتد باتجاه مخيم عايدة و مدينة بيت جالا.
و كان أهالي مدينة بيت لحم و خاصة المتضررين من هذا الاجراء الاستعماري الاسرائيلي قد اعترضوا لدى المحاكم الاسرائيلية على هذا القرار الاسرائيلي, الامر الذي دفع بجيش الاحتلال الاسرائيلي باجراء تعديل حدودي على الامر العسكري رقم 14/03/ت في السابع من شهر اب من العام 2003 حيث صدر خارطة عن جيش الاحتلال الاسرائيلي تبين مسارا جديدا لجدار العزل العنصري في منطقة قبر راحيل, الا أن التعديل الذي أجراه جيش الاحتلال الاسرائيل لم يكن أبدا يصب في مصلحة الفلسطينيين القاطنين في المنطقة, حيث انه ما زال يهدد بعزل ما يزيد عن 3000 دونما من أراضي المنطقة نفسها و عدد من المنازل و المنشأت الفلسطينية في المنطقة.
و كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي قد باشرت بمخطط جدار العزل العنصري في منطقة قبر راحيل في الرابع و العشرين من شهر كانون اول من العام 2003, عشية عيد الميلاد الجديد, حيث قامت بتجريف الاراضي الفلسطينية في المدخل الشمالي لمنطقة بيت لحم و منطقة قبر راحيل و ذلك تميهدا لبناء مقاطع من جدار العزل العنصري في المنطقة. و في الثاني من شهر اذار من العام 2004, قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي باقامة عدد من القواطع الاسمنتية التي يتراوح طولها ما بين 8 و 12 مترا في المنطقة و ذلك كخطوة أولى نحو عزل المنطقة و ضمها لحدود بلدية القدس الاسرائيلية.
في الثالث و العشرين من شهر حزيران من العام 2004, أصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعديلا اخر على الامر العسكري الاسرائيلي رقم 14/03/ت موقع باسم موشيه كبلنسكي, قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي انذاك, شمل تغيير على مقطع من جدار العزل العنصري في منطقة قبر راحيل, حوض 28106, قطعة رقم 53, على مساحة أرض قدرها 5 دونمات. و جاء الامر العسكري ليستبدل مقطع من السياج الفاصل الذي كانت تنوي سلطات الاحتلال اقامته بجدار اسمنتي بدلا منه.
صورة رقم 3 & 4: نسخة عن التعديل على الامر العسكري الاسرائيلي رقم 14/03/ت الذي تم في شهر حزيران من العام 2004
و في الثالث من شهر شباط من العام 2005 رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الالتماس الذي قدمته 18عائلة فلسطينية من مدينتي بيت لحم وبيت جالا ضد اقامة شارع محاذي لمسار جدار العزل العنصري في المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم لتأمين وصول اليهود و المستوطنين الى منطقة قبر راحيل. حيث يمتد الشارع الالتفافي من معبر جيلو 300 (معبر راحيل) إلى منطقة قبر راحيل, الأمر الذي سوف يسهل حركة وصول المستوطنين اليهود المتدينين إلى منطقة قبر راحيل. و بعد أسبوع من صدور قرار المحكمة العليا الإسرائيلية, صرحت ميريام أداني, مؤسسة ومديرة صندوق ‘خيفر راحيل’ إن قرار المحكمة ‘هو خطوة أولى نحو إقامة مجتمع يهودي حول منطقة قبر راحيل’. و جاء هذا التصريح مناقضا و مغايرا لما تم التصريح عنه من قبل مسؤولين اسرائيليين و هو أن الجدار يتم بناءه لاغراض الامن و الحماية, بينما تسعى جهات يمينية يهودية متطرفة اخرى للاستيلاء على هذا الاراضي المعزولة و بناء ممستوطنات جديدة.
و استكملت الاليات الاسرائيلية بعد ذلك بناء جدار العزل العنصري في المنطقة و محيطها و اقامة القواطع الاسمنتية الكبيرة الحجم بالرغم من الاعتراصات الفلسطينية على مساره و تأثيره على جميع نواحي الحياة, الاقتصادية و النفسية و الاجتماعية و غيرها على الفلسطينيين القاطنين في المنطقة بشكل خاص و مواطني مدينة بيت لحم بشكل عام.
و في الخامس عشر من شهر تشرين ثاني من العام 2005, افتتحت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ‘معبر جيلو 300 (و المعروف أيضا معبر راحيل) الواقع في المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم .و يتعرض الأشخاص (الفلسطينيين و غير الفلسطينيين) الداخلين إلى المدينة و الخارجين منها إلى مدينة القدس إلى إجراءات تفتيش صارمة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية التي تعمل على إدارة المعبر. و يسمح فقط للفلسطينيين حملة التصاريح الخاصة و الصادرة عن الإدارة المدنية الإسرائيلية بالعبور إلى مدينة القدس، هذا بالإضافة إلى السياح و الوفود الدينية و الدبلوماسية . و كان معبر جيلو 300 من بين المعابر أو النقاط الحدودية التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية في شهر أيلول من العام 2005 , بالإضافة إلى 23 نقطة عبور على طول خط جدار العزل العنصري ( جريدة هارتس ، 9 أيلول 2005) التي ستعمل على السيطرة على حركة أكثر من مليوني فلسطيني.
و لم تتوقف الاليات الاسرائيلية في أي وقت من الاوقات عن العمل في مخطط الجدار و بناء المقاطع الاسمنتية في منطقة قبر راحيل و محيطها, بل دأبت و بشكل نشط على تنفيذ المخطط الاسرائيلي في محاولة لعزل منطقة قبر راحيل عن باقي مدينة بيت لحم و ضمها لحدود بلدية القدس الاسرائيلية.
و في الثامن و العشرين من شهر اب من العام 2006, سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اهالي مدينة بيت لحم, أولئك الذين يقطنون في محيط منطقة قبر راحيل أوامر عسكرية جديدة تقضي بمنعهم من الاقتراب و الوصول الى ممتلكاتهم الواقعة في المنطقة التي تم عزلها بالجدار في منطقة قبر راحيل, معلنة بذلك الاغلاق الكامل للمنطقة في وجه الفلسطينيين و ضم المنطقة لاسرائيل.
و لم تكتف اسرائيل بمصادرة الاراضي الفلسطينية في هذه المنطقة و عزل المواطنين الفلسطينيين عن أراضيهم و مصدر رزقهم, بل عادت من جديد لتؤكد سيطرتها على المنطقة و ذلك باعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحادي و العشرين من شهر شباط من العام 2010 عن عزمها ضم منطقة قبر راحيل في بيت لحم الى قائمة الاماكن الاثرية في اسرائيل متجاهلة بذلك التزاماتها في اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و اسرائيل في شهر أيلول من العام 1995 و التي نصت على:-
ا: يعتبر الجانبان الترتيبات المتعلقة بمنطقة قبر راحيل حالة خاصة خلال الفترة الانتقالية, حيث:
1. سيبقى القبر و الشارع المؤدي من القدس الى منطقة القبر تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية مع توفير حرية الحركة للفلسطينيين على هذا الشارع (شارع القدس – بيت لحم, طريق قبر راحيل)
2. لغرض حماية القبر, سوف يتم اقامة ثلاث نقاط مراقبة عسكرية في منطقة القبر, فوق مبنى الوقف الاسلامي و موقف السيارات.
ب: يجب الحفاظ على الوضع القائم و الممارسات المتبعة في القبر. (اتفاقية أوسلو الثانية, الملحق الاول, المادة السابعة, البند السابع)
ملخص
بموجب القانون الدولي، يعتبر جدار العزل العنصري انتهاكا لحقوق الإنسان و خاصة حق تقرير المصير, و الحق في حرية الحركة و التنقل، و الحق في العمل ، والحق في الصحة، و الحق في التعليم، و الحق في التمتع بمستوى معيشي ملائم ، و الحق في زيارة الأماكن المقدسة. بالإضافة إلى ذلك ، إن بناء الجدار هو انتهاك لجميع اتفاقيات السلام الموقعة بين الإسرائيليين و الفلسطينيين و خرقا لاتفاقية أوسلو المؤقتة التي تنص على أنه ‘لا يحق لأي من الطرفين أن يبادر الى او يقوم بخطوات قد تبدل من وضعية الضفة الغربية وقطاع غزة بانتظار نتيجة مفاوضات الوضع النهائي .’ (المادة 31 ، الفقرة 7).
و يحث قرار محكمة العدل الدولية (قرار محكمة لاهاي) في العام 2004 الفلسطينيين على التمسك بحقوقهم و خصوصا حق تقريرالمصير, الحق الذي حرموا من ممارسته بسبب ما يسببه جدار العزل من قطع لاوصال الفلسطينيين و وحدتهم. و لذلك, لا يحق لاسرائيل ان تستخدم مصطلحات ‘ الدفاع عن النفس’ أو ‘حالة ضرورة’ أو لاغراض عسكرية كتبرير لما تقوم به من انتهاكات لحقوق الفلسطينيين و القوانين و الاعراف الدولية بل عليها أن تتوقف فورا عن بناء الجدار و تنفيذ مخططاتها احادية الجانب على الارض الفلسطينية و اعاقة عملية السلام.