الانتهاك: الاحتلال يخطر المزارع رامي قاسم منصور من بلدة دير ستيا بإخلاء أرضه.
الموقع: منطقة واد قانا شمال سلفيت.
الجهة المعتدية: لجنة حماية الطبيعة التابعة للإدارة المدنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي.
تاريخ الاعتداء : 13 كانون ثاني 2011.
تقديم:
واد قانا تلك البقعة على الأرض الفلسطينية التي ارتبط اسمها بالخضرة والماء، فكانت وما زالت انشدوة من الريف الفلسطيني الجميل وهي مقصد للزوار والباحثين عن الاستجمام في نهاية الأسبوع وذلك من كافة القرى والبلدات الفلسطينية، وكانت في الماضي مصدر رزق ودخل للمئات من العائلات الفلسطينية في بلدتي دير ستيا وقراوة بني حسان من خلال زراعتها بكافة الأنواع من اللوزيات والحمضيات بالإضافة إلى المحاصيل الحقلية والزيتون، فحقيقة وواقع تلك المنطقة الخضراء تجسد عظمة الله في الأرض.
إلا أن منطقة واد قانا منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م وهي تعتبر ضحية من ضحايا الاحتلال الإسرائيلي، هذا الاحتلال الذي أعلن عن منطقة وادي قانا محمية طبيعية لا يسمح للفلسطينيين أصحاب الأرض البقاء فيها أو حتى زراعة الأرض هناك، فكانت النتيجة الحتمية هجرة ما يزيد عن 200 مزارع عن تلك الأرض بسبب تصاعد اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال على الأرض والمزارعين هناك، في المقابل أخذ الاحتلال على عاتقه إغراق تلك المنطقة بالمستوطنات الإسرائيلية التي باتت تنتشر في كافة أنحاء واد قانا إلى أن بلغ عددها إلى اليوم سبع مستوطنات بالإضافة إلى نحو 4 بؤر استيطانية تنتشر هنا وهناك مسببةً كارثة بيئية في المنطقة نتيجة المخلفات الصناعية والمنزلية الصادرة من تلك المستوطنات والتي تهدد الغطاء النباتي في المنطقة برمتها وتؤثر بشكل سلبي على التنوع الحيوي فيها.
تفاصيل الانتهاك:
المزارع رامي قاسم ناصر منصور احد المزارعين ممن بقوا صامدين في أرضهم الزراعية في منطقة واد قانا رغم مضايقات الاحتلال لهم، فلقد ورث حب الأرض أباً عن جد ورغم تهديدات المستوطنين المستمرة له بالقتل إلا انه فضل أن يموت في أرضه على أن يتنازل عنها لهؤلاء المستوطنين الذين لا تجمعهم سوى عقلية سرقة الأرض والقتل والتخريب، فقد أصبح ذلك المزارع شوكة في حلق هؤلاء المستوطنين المتطرفين.
يذكر أن المواطن رامي منصور تعرض للاعتداء الجسدي من قبل المستوطنين أكثر من مرة، حيث اعتاد على زيارة أرضه الزراعية الواقعة ضمن حوض رقم (43) المعروفة باسم قطاين الجمل القريبة من نبع البصة جنوب غرب بلدة دير ستيا حيث يمتلك قطعة أرض هناك تبلغ مساحتها 6 دونمات واعتاد في السابق على زراعتها بمختلف أنواع الحمضيات .
لكن حتى الأشجار لم تسلم أيضاً من حقد المستوطنين ففي كل مرة يتم زراعة الأرض من قبل المزارعين هناك يقدم المستوطنين على خلع وحرق الأشجار بطريقة وحشية تعبر عن مدى الحقد الدفين في نفوس هؤلاء المستوطنين، فبالنسبة للمواطن رامي منصور فقد تم قطع 26 غرسة زيتون بالإضافة إلى حمضيات بعمر أربع سنوات من أرضه في الصيف الماضي من قبل هؤلاء المستوطنين القادمين من مستوطنة ‘ياكير’ مما أدى إلى إتلافها بشكل كامل.
رغم هذا كله يصر رامي منصور على البقاء في أرضه وزراعتها من جديد ليقطع الطريق أمام مستوطني مستوطنة ‘ياكير’ و ‘رفافا’ للسيطرة على الأرض وسرقتها، حيث أقدم مع بداية العام الحالي على عمل حفر جديدة بهدف زراعة الأرض من جديد، ليتفاجىء بقيام ما تسمى لجنة حماية الطبيعة التابعة لما تسمى الإدارة المدنية بوضع إخطار عسكري في ارض المواطن المذكور حيث تضمن هذا الإخطار إخلاء الأرض فوراَ بالإضافة إلى إعادة وضع الأرض إلى ما كانت عليه سابقاً وعدم استغلالها بأي شكل من الأشكال وإلا تعرض صاحب الأرض إلى الاعتقال والغرامة المالية من قبل سلطة البيئة التابعة للاحتلال لإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الواقع المرير يجسد حال المئات من المزارعين الفلسطينيين في منطقة واد قانا، حيث بلغ عدد المزارعين في الوادي قبل عام 1967م نحو 200 مزارع تقلص عددهم قبل عام 2000م إلى نحو 14 مزارعاً أما الآن فأصبح الوادي شبه خال من أصحابه. ورغم ذلك يصر المزارعون في منطقة واد قانا على الاحتفاظ بأرضهم وعدم التفريط بها لصالح النشاطات الاستيطانية هناك والتي تبتلع الأرض يوماً بعد يوم.
يذكر أن منطقة واد قانا الواقعة إلى الشمال الغربي من محافظة سلفيت تحتضن في باطنها كنزًا لا يعرف قيمته الكثير من الناس في فلسطين، فهي إحدى خزانات المياه الجوفية في الضفة الغربية، بالإضافة لكونها وادي عريض يغذيه وادي عينابوس وجماعين ويصب في نهر العوجا، كما أنها تعتبر من أكثر الأراضي خصوبة في فلسطين، وتقدر مساحتها بنحو 10 آلاف دونم، ولا ننسى الإشارة إلى ما تحتويه المنطقة من مواقع أثرية تسلب الألباب والعقول.
يشار إلى أن المستوطنات التي تحيط في وادي قانا، هي: ‘عمانوئيل’ من الجهة الشرقية، و’ياكير’ من الجنوب، و’نوفيم’ من الغرب، و’كرنيه شمرون’، و’جنات شمرون’ و’معالي شمرون’، تحاصر الوادي من ناحية الشمال، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية العشوائية المقامة وسط الوادي، وتدعى ‘نوف اورانيم’. وفي السابق كانت هذه المستوطنات تصب مياهها العادمة إلى قاع الوادي، مما دفع الكثير من الأسر الفلسطينية المقيمة في المكان إلى مغادرته.