لم يعد يطل علينا يوم جديد إلا وتفاجئنا سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني بإجراءات تعجز عنها كل عقول شياطين الأرض وهذه المرة تفتقت ذهنية الاحتلال العنصري بمشروع إنشاء سكة حديد وبقطاراتها ومحطاتها والطرق المحاذية لحمايتها وصيانتها ونقاط الحراسة لمراقبتها لتبتلع وتعطل ما يزيد عن مئة ألف دونم جديد من الأراضي الفلسطينية سواء الزراعية أو المخصصة للبناء والإنشاءات الصناعية والخدمية.
حيث ستمتد هذه السكة من شمال الضفة الغربية حتى جنوبها على جبالها وأغوارها وترتبط بخطوط عرضية لتربط معظم التجمعات الاستيطانية اليهودية المقامة زوراً وعدواناً على أراضي الضفة الغربية بالمدن الاستيطانية الإسرائيلية الواقعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، ليبلغ طول هذه السكة في أول تقديراتها حوالي 456كم لتبتلع 30,000 دونماً في مسار السكة والطريق المحاذية وحدود خط القطارات ومحطاتها ونقاط التفتيش، ثم ستكبل أيدي الفلسطينيين من استخدام حوالي 70,000 دونماً أخرى على جانبي هذه السكة بحجة الارتداد للحماية الأمنية. وعليه سيفقد الفلسطينيون مائة ألف دونماً جديدة ستتحول للسيادة المباشرة للاستيطان اليهودي العنصري وتضاف لما فقده الفلسطينيون حتى اليوم والبالغ 2,2 مليون دونماً.
فماذا سيجني الاحتلال الإسرائيلي من هذا المشروع؟
سيتم إيجاد آلية تواصل سريع وآمن بين كافة المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية وبينها وبين فلسطين المحتلة عام 1948.
يمنح المستوطنين مساحات إضافية كثيرة للتوسع عليها أفقياً بحصاره وأحكام الطوق على المدن والقرى الفلسطينية مكملاً ما يقوم به جدار الضم والتوسع العنصري والطرق الالتفافية الاستيطانية.
يضاعف من تقطيع أوصال التجمعات الفلسطينية ويمنع التواصل بينها بصورة تجعل إمكانية إقامة دولة فلسطينية غير قابل للتحقيق على الأرض وهذا ما تصبوا إليه الحركة الاستيطانية وهي أداة الصهيونية في تنفيذ مشروعها الاستعماري.
أما الفلسطينيين فبالإضافة لفقدان مائة ألف دونم أخرى من الأراضي بكل ما يعني ذلك زراعياً وانتهاكاً للحق في السكن والتوسع الحضري والاقتصادي، فإن سكة القطار ستشكل مع الطرق والجدار شبكة عنكبوتية يصبح الفلسطينيون يعيشون في معازل صغيرة، حيث ستتضاعف معازلهم وتتقطع أوصال ترابطهم وينهار مشروعهم في إقامة الدولة المستقلة المتصلة. وعندما تدعي سلطات الاحتلال بأنها ستسمح للفلسطينيين باستخدام هذا القطار فهذه أكذوبة أخرى يحاولون تسويق المشروع على شعب فلسطين وقياداته من أجل القبول به أو السكوت عليه، لأن ذلك سيوفر دعماً عالمياً إضافياً لتنفيذ مشروعاً استيطانياً بامتياز من ناحية، وسيعتبر قبولاً فلسطينياً للمشروع الاستيطاني في الوقت الذي تصر فيه القيادة الفلسطينية على عدم العودة للمفاوضات دون إيقاف الاستيطان تمهيداً لتفكيك وترحيل المستوطنين بالكامل.
وفي نهاية المطاف ستبرز العنصرية الصهيونية وتجعل هذا القطار خاص بالمستوطنين واليهود تماماً كما حدث للشارع البديل لوادي النار الذي أنشأ من شرقي بيت ساحور إلى مفرق عناتا ليحل مشكلة وادي النار للفلسطينيين، وعندما تم إنجازه سيطر عليه المستوطنون وأصبح حكراً لهم لا يستطيع الفلسطيني حتى الاقتراب منه، علماً بأنه يقع بالكامل على أراضي الضفة الغربية المحتلة وفي المناطق المصنفة (C). لذلك فإننا في مركز أبحاث الأراضي إذ نرى خطورة وكارثية تنفيذ هذا المشروع على شعبنا الفلسطيني فإننا نطالب برفضه جملة وتفصيلاً على المستوى العربي والإسلامي وهم مطالبون بالضغط لإلغاء هذا المشروع الاستيطاني التهجيري الجديد.