ضمن إطار السياسة الإسرائيلية الممنهجة لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني وطرده وتهجيره من أرضه، شهدت محافظة الخليل في شهر آذار من العام 2013 هجمات شرسة من قبل الإحتلال الإسرائيلي، حيث تنوعت هذه الهجمات لتشمل عمليات هدم وإخلاء ومصادرة الأراضي في عدة مناطق. فيما يلي عرض لبعض هذه الهجمات الاستيطانية التي طالت الممتلكات والاراضي الفلسطينية:
في الخامس عشر من شهر آذار من العام 2013، قامت سلطات الإحتلال الإسرائيلي بتسليم عددا من الأوامر العسكرية لاهالي منطقة ‘مغر العبد’ الواقعة في مسافر يطا التي تقضي بهدم عددا من لوحات للطاقة الشمسية التي تزود منطقة مغر العبد بالكهرباء.
كذلك في السابع عشر من شهر آذار من العام 2013، قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بهدم خيمة للفلسطينيين القاطينين في ‘خربة ام طوبا’، كانت تستخدم كغرفة للتدريس في تلك المنطقة وحرمت أطفال المنطقة من التعليم.
خربتي مغر العبد وطوبا
تقع من كل خربتي مغر العبد وطوبا جنوب شرق مدينة يطا, في المنطقة المصنفة بحسب اتفاقيات أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في العام 1995, منطقة ‘ج’. وتحيط بكل من الخربتين من الجهة الشمالية والشمالية الغربية عددا من المستوطنات والبؤر الاستيطانية مثل مستوطنة كرمئيل (شمالا) ومستوطنتي معون وافيجال (شمال غرب) والبؤرتين الاستيطانيتين التابعتين لمستوطنة معون (شمال غرب), التلة 833 ومزرعة معون القديمة.
وتعتبر سلطات الاحتلال الاسرائيلي المنطقة التي تقع فيها كل من خربتي مغر العبد وأم طوبا وخرب اخرى في المنطقة بأنها ‘منطقة إطلاق نار’ (أو بما يعرف منطقة اطلاق نار 918 – منطقة عسكرية مغلقة) وبأنها تشكل تهديد على أمن المستوطنات المحيطة بها. وعليه تعتبر سلطات الاحتلال الاسرائيلي ان وجود هذه التجمعات الفلسطينية الصغيرة في هذه المنطقة غير قانوني ولذلك تستمر باستهدافهم.
وبشكل عام, تعتبر بلدة يطا بجميع خربها واحيائها محط استهداف مستمر من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي حيث انه منذ قيام إسرائيل بإحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في العام 1967، عمل الإحتلال الإسرائيلي على إقتطاع ومصادرة آلاف الدونمات من أراضي بلدة يطا بهدف تنفيذ المشاريع الإستيطانية فيها وتعزيز الاستيلاء على الارض الفلسطينية مثل بناء المستوطنات والبؤر الإستيطانية وتوطنين المستوطنين اليهود فيها واقامة المنشآت العسكرية والمعسكرات لتدريب الجيش الإسرائيلي وشق الطرق الالتفافية لربط المستوطنات والمنشأت العسكرية بعضها ببعض وغيرها من المشاريع الاستيطانية, الامر الذي كبد أهالي بلدة يطا خسارة فادحة في الاراضي التي كانت ومازالت تعتبر مصدر رزق رئيسي لمعظم العائلات الفلسطينية في الراضي الفلسطينية المحتلة.
ويحيط ببلدة يطا اليوم خمس مستوطنات اسرائيلية وهي: مستوطنة كرمئيل ومستوطنة معون ومستوطنة سوسيا ومستوطنة أوتنيل ومستوطنة ميزادوت يهودا. وتحتل هذه المستوطنات الخمس اليوم ما مساحته 3526 دونما من اراضي بلدة يطا ويقطنها ما يزيد عن ثلاثة الاف مستوطن اسرائيلي. جدول رقم 1 يبين المزيد من المعلومات عن المستوطنات التي تم اقامتها على اراضي بلدة يطا خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي:
جدول رقم 1: المستوطنات الاسرائيلية القائمة على اراضي بلدة يطا |
إسم المستوطنة |
تاريخ الإنشاء |
المساحة المصادرة من الأراضي الفلسطينية (بالدونم) |
عدد المستوطنين عام 2011 |
كرمئيل |
1981 |
376 |
322 |
معون |
1980 |
735 |
418 |
سوسيا |
1983 |
1.040 |
971 |
ميزادوت يهودا |
1977 |
690 |
522 |
أوتنيل |
1983 |
685 |
893 |
المجموع |
3526 |
3126 |
المصدر: معهد أريج للأبحاث التطبيقية |
تبلغ مساحة بلدة يطا 120,337دونما (أريج 2013)، ويبلغ تعداد سكانها حوالي 56,500 نسمة (الجهاز المركزي للحصاء الفلسطيني – 2011).
إنتهاكات إسرائلية سابقة في بلدة يطا:
في التاسع من شهر شباط من العام 2013، قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بمداهمة وهدم قرية كنعان[1] التي بنيت على أراضي بلدة يطا جنوب الخليل، حيث بنيت هذه القرية من قبل مجموعة من أهالي بلدة يطا ومتضامنين أجانب وعدد من اللجان الوطنية في البلدة كرد فعل على ما تقوم به سلطات الإحتلال من عمليات مصادرة للأراضي الفلسطينية لممارسة أغراضها الإستعمارية من بناء للمستوطنات والبؤر الإستيطانية. والجدير بالذكر أن قوات الإحتلال لم تكتف بهدم القرية فقط ، وإنما قامت بالإعتداء والضرب وإعتقال كل من شارك في بناء القرية من نشطاء ومتضامنين اجانب.
الانتهاكات الاسرائيلية في بلدة بيت أولا
كما شهدت بلدة بيت أولا شمال غرب مدنية الخليل عدة هجمات استيطانية طالت ايضا الاراضي والممتلكات في البلدة. فيما يلي عرض لهذه الهجمات:-
نسخ عن اوامر الاخلاء الاسرائيلية التي تسلمها أصحاب الاراضي في بلدة بيت اولا
صورة رقم 1-6 : الاراضي المستهدفة في بلدة بيت أولا
ويظهر جدار العزل العنصري الذي يقتطع من أراضي البلدة
بلدة بيت أولا: جغرافيا وسكان
تقع بلدة بيت أولا شمال غرب مدينة الخليل وعلى بعد 17 كم منها. يحدها من الشمال بلدتي خاراس ونوبا، ومن الجنوب بلدة ترقوميا، ومن الشرق بلدة حلحول، ومن الغرب رأس الجورة وخربة جمرورة. وكغيرها من المدن الفلسطينية، يحيط ببلدة بيت أولا العديد من القرى والمدن التي ترتبط بها إرتباط وثيق وتعتمد عليها في جميع نواحي الحياة. كما تبلغ مساحة بلدة بيت أولا 22,432 دونما بحسب (أريج,2013)، ويبلغ عدد سكانها حوالي 13,000 مواطن. (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, 2011).
إنتهاكات إسرائيلية سابقة في بلدة بيت أولا:
لا تعد هذه الإنتهاكات الإسرائيلية الأولى من نوعها في بلدة بيت أولا، حيث تعرضت هذه البلدة إلى العديد من الهجمات الإسرائيلية الشرسة في اكثر من وقت تخللها عمليات إخطار بالهدم والإخلاء، وعمليات مصادرة للأراضي، إضافة إلى ذلك العديد من الإقتحامات والإعتقالات لأهالي هذه البلدة، حيث كان آخرها في السابع من شهر شباط من العام 2013، عندما قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بإقتحام بلدية بيت أولا وإحتجاز عددا من إعضاء المجلس البلدي وتدمير محتويات البلدية.
الإستيطان في بلدة بيت أولا
إن قرب بلدة بيت أولا من الخط الأخضر – خط الهدنة – لم يشفع لها ان تسلم من الإنتهاكات الإستيطانية الإسرائيلية، حيث عمل جدار العزل العنصري على إقتطاع أكثر من 1,500 دونما من أراضيها الزراعية وأصبحت معزولة بالكامل خلف الجدار عن أصحابها، وبالتالي حرمانهم من الإنتفاع من هذه الأراضي التي كانت تشكل مصدر رزق في حياتهم.
تندرج الذرائع الإسرائيلية بمختلف مفاهيمها – أراضي دولة، منطقة ‘ج’، اخلاء لاسباب أمنية – تحت إطار سياسة منهجية واحدة، وهي كيفية السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينين في الضفة الغربية المحتلة. وهذا الحال ينطبق تماما على ما يجري في كل من بلدتي يطا وبيت أولا الواقعتين ضمن محافظة الخليل حيث يحاول الإحتلال الإسرائيلي أن يفرض وقائع مريرة على أهالي البلدتين حتى يستمر بتنفيذ مشاريعه الإستعمارية من بناء للمستوطنات والبؤر الإستيطانية والطرق الالتفافية إلى توسيع وإستكمال بناء جدار العزل العنصري الذي بدأت اسرائيل ببناءه في العام 2002 والذي أدى الى قطع التواصل الجغرافي والحياتي بين المدن الفلسطينية التي تعتمد على ما يحيطها من قرى ومدن في مختلف نواحي الحياة.
الخلاصة:
إن كل ما يقوم به سلطات الإحتلال الإسرائيلي من ممارسات على أراضي الضفة الغربية المحتلة من عمليات هدم وإخلاء ومصادة للأراضي الفلسطينية، يؤكد ضمنيا على أن مفهوم ‘السلام’ غير موجود إطلاقا في قاموس دولة إسرائيل، فهي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا في تنفيذ مشاريعها الإستيطانية على حساب التجمعات الفلسطينية دون الاخذ بعين الاعتبار ما سوف يترتب على الفلسطينيين من عوائق. هذه الممارسات تمت إدانتها بكافة أشكالها من قبل القانون الدولي والمؤسسات الدولية، فيما يلي عرض لبعض منها:
المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 تنص على انه: ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’
الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية – معاهدات لاهاي – 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907م المــادة 23 – ز: ‘يمنع تدمير ممتلكات العدو أو حجزها, إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتماً هذا التدمير أو الحجز’. كذلك المــادة 46: ‘ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها, وحياة الأشخاص والملكية الخاصة, وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة.‘
المادة الحادية والثلاثين من إتفاقية أوسلو عام 1995 تنص على ما يلي: يحظر على إسرائيل بناء أو التخطيط لأي مشروع أومستوطنات أو أي توسع إستعماري من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتنص المادة على:’ لا يجوز لأي طرف الشروع أو إتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حتى إنتظار مفاوضات الوضع الدائم ‘
[1] تعتبر قرية كنعان القرية الثالثة من نوعها التي تبنى من أجل المحاولة لمنع الإحتلال الإسرائيلي من الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية، حيث سبقها كل من قرية ‘باب الشمس’ على أراضي (أبو ديس، العيزرية، عناتا، العيسوية والطور) المهددة بالمصادرة من أجل تنفيذ مشروع إستيطاني ضخم يعرف بمشروع ‘E1’. كذلك، ‘قرية الكرامة’ التي أقيمت على أراضي قرية بيت إكسا المهددة بالمصلدرة أيضا شمال غرب القدس.