بدون أدنى شك فإن العديد من دول العالم تنظر إلى دولة الإحتلال الإسرائيلي على أنها أمثولة في الديمقراطية والتحضر، بل وتذهب العديد من دول العالم للتشدق بديمقراطية الدولة العبرية بإعتبارها من أعتى الديمقراطيات في العالم الحر متناسين بأنها تكاد تكون الدولة المحتلة الوحيدة في العصر الحديث والتي ترفض حتى الان الإمتثال إلى الشرعية والمواثيق الدولية وإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية التي إحتلتها بالقوة الجبرية العسكرية منذ 65 عاما خلت.
نحن هنا وفي هذا التقرير لسنا بصدد كيل الإتهامات ولكننا سنستعرض جُملة من الحقائق الهامة والمتعلقة تحديدًا بموضوع الأراضي التي وضعت إسرائيل يدها عليها بطرق مُختلفة على أنها أصبحت أراضي تعود ملكيتها لدولة إسرائيل بشكل شرعي كما يتوهمون.
في الواقع ، إن توقيت هذا التقرير يأتي بعد أن نشرت صحيفة ‘هاارتس’ اليومية الإسرائيلية خبرًا على صفحتها الإلكترونية بتاريخ الثامن والعشرين من شهر أذار 2013 والذي تضمن بإختصار بأن ما تسمى الإدارة المدنية التابعة لجيش الإحتلال الإسرائيلي قامت بتخصيص 37.8% من أراضي الضفة الغربية لصالح المستوطنات الإسرائيلية عل أساس أنها أراضي دولة تعود ملكيتها الشرعية لدولة إسرائيل وأيضا بأن الأخيرة خصصت فقط أقل من واحد بالمئة وتحديدًا 0.7% من هذه الأراضي لصالح أصحاب الأرض الفلسطينيين.
لو تعمقنا قليلا في فحوى المعلومات التي وردت في هذا التقرير فإنه من الضرورة إعادة التذكير بمسلمات هامة تتجاهلها إسرائيل بالرقص على أنقاض قوانين مهترئة غير شرعية تعود بعضها إلى عهد الدولة العثمانية وإلى التفاصيل:
المصادرة بذريعة أراضي الدولة
إن تقسيم ما تسميه إسرائيل بأراضي الدولة على النحو التالي : 634,920 دونم (11.2% من مساحة الضفة الغربية) مُسجلة كاراضي دولة وتعتبر إسرائيل نفسها مالكة هذه الاراضي بصفتها الوريثة للحكم الأردني الذي انتهى بالاحتلال العسكري الإسرائيلي عام 1967 وذلك طبعًا وفق التفسير الإسرائيلي للقانون.
أما الجزء الثاني من هذه الأراضي فهي 843,922 دونمًا (14.9% من مساحة الضفة الغربية) وهي أراضي أعلنت إسرائيل بأنها أراضي دولة بعد العام 1979 أما الجزء الثالث والأخير من هذه الأراضي فتبلغ مساحته 666,327 دونمًا (11.7% من مساحة الضفة الغربية) فهي أراضي دولة تم إعداد مخططات تسجيل لها بعد مسحها وجاري العمل على إجراءات تسجيلها وفق للقوانين الإسرائيلية ، وبذلك يبلغ مجموع أراضي الدولة 2,145169 دونمًا أي ما يساوي 37.8% من إجمالي مساحة الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وهي ذات النسبة الذي أعلنت عنه الصحيفة العبرية في تقريرها المذكور.
ومن الجدير ذكره أيضا بأن 248,904 دونمًا أي ما يعادل 5% من ما تصنفه إسرائيل كأراضي دولة يقع في مناطق السلطة الفلسطينية ‘أ’ و ‘ب’ ومعظمها في محافظة الخليل أما النسبة المتبقية فتقع في المناطق ‘ج’ الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وفقا لاتفاقية أوسلو.
إختلفت الطرق والهدف واحد…………الأستيطان
على أرض الواقع فمنذ إحتلالها العسكري للأراضي الفلسطينية عام 1967 ، فقد إبتدعت إسرائيل عدة قوانين غير شرعية في محاولة منها لاضفاء الشرعية لاستيلائها على أراضي الفلسطينيين ولإظهار نفسها أمام العالم كدولة ديمقراطية، بيد أن الحقيقية مخالفة لذلك تماما حيث أن دولة الإحتلال الإسرائيلي تتلاعب على القوانين حسب مصالحا وأهوائها الاستيطانية والتوسعية بحيث تقوم بمصادرة الأراضي بواسطة عدة قوانين أبرزها : المصادرة تحت ذريعة أراضي الدولة والرجوع إلى التصنيفات العثمانية من أراضي وقفية ، أميرية، موات ، خراج ، ومملوكة أما النوع الثاني فهو المصادرة بحجة الأراضي المتروكة وغير المزروعة و النوع الثالث من المصادرة فهو للأغراض العسكرية والنوع الرابع المصادرة للمناطق المغلقة والنوع الخامس المصادرة للأغراض العامة (الأمر العسكري 321) والنوع السادس فهوالمصادرة بواسطة قانون أملاك الغائبين للعام 1950 وتعديلاته.
هذا و تقوم إسرائيل بالرجوع إلى أحد هذه القوانين حسب كل حالة، فإذا كانت الأرض المستهدفة مزروعة ويقوم أصحابها بالاعتناء فيها وفلاحتها بحيث يتعذر على اسرائيل اعلانها أراضي دولة فتقوم باعتبارها أراضي غائبين كما هو الحال مع أراضي سكان الضفة الغربية داخل حدود بلدية القدس الإسرائيلية. وعندما تكون الأرض صخرية وغير قابلة للزراعة تقوم إسرائيل بإعلانها أراضي دولة وإذا أثبت أصحاب الأرض ملكيتهم لها ترجع إسرائيل إلى قانون عثماني قديم لتبرير المصادرة بذريعة أن أصحابها لم يقوموا بزراعتها منذ ثلاث سنوات حيث ينص القانون العثماني الذي يعود للعام 1858 بأن تقوم الدولة بمصادرة الارض اذا لم يقم أصحابها بزراعتها خلال هذه الفترة .
بدون أدنى شك فإن كافه المصادرات التي قامت بها سلطات الإحتلال الإسرائيلي على مدار سنوات إحتلالها للارض الفلسطينية فإنها لم تكن سوى أدوات لتبرير إستدامة الإحتلال لهذه الأرض وإستنزاف مواردها ومقدراتها ، حيث وفقا للتقرير الإسرائيلي المذكور كما أوضحنا سابقا فإن ما يسمى بأراضي الدولة تم مصادرتها وتخصيصها لصالح المشروع التوسعي والإستيطاني والأمثلة كثيرا فمستوطنة كريات أربع في قلب الخليل والتي كانت الأرض التي أقيمت عليها المستوطنة أراضي مصادرة لأغراض عسكرية وتم بناء المستوطنة عليها في العام 1972 وأيضا مستوطنة جبل أبو غنيم أو ‘هار حوما’ كما تسمى إسرائيليا فقد كانت الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنة أراضي غابات وخضراء وبقدرة قادر تم مصادرتها من قبل وزير المالية الإسرائيلي إسحق موديعي في العام 1990 للاغراض العامة وأقيمت عليها المستوطنة عام 1997، وأيضا معكسر ‘جفعوت ‘ الواقع في التجمع الإستيطاني ‘جوش عتصيون’ الواقع غربي محافظة بيت لحم فقد صادقت الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا على إقامة 523 وحدة إستيطانية على أرض المعسكر والذي تم مصادرة أراضيه من الفلسطينيين للأغراض العسكرية بالإضافة إلى مستوطنة معاليه أدوميم الواقعة شرقي القدس فقد كانت معظم الأراضي التي أقيمت عليها هذه المستوطنة أراضي دولة تمت مصادرتها من الفلسطينيين والعديد العديد من الأمثلة التي تبرهن على أن عمليات المصادرات التي تقوم بها إسرائيل بذرائع شتى ما هي إلا محاولات إسرائيلية لفرض الوقائع على الأرض بطرق تتوهم دولة الإحتلال بأنها شرعية وديمقراطية طبعًا مع حق الإعتراض للضحايا الفلسطينيين في محاكمها ودوائر حكمها المنحازة.
مسلمات بحاجة إلى تذكير
إن الأراضي التي تعتبرها إسرائيل أراضي دولة والتي تشكل حوالي 38% من مساحة الضفة الغربية المحتلة هي أراضي ترجع مُلكيتها لسُكان دولة فلسطين المحتلة.
إن كافة الأراضي التي صادرتها إسرائيل في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ومنذ اليوم الأول لإحتلالها للأرض الفلسطينية هي إستيلاء غير قانوني على هذه الأراضي .
إن جميع المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الإستيطانية والأراضي التي أقيمت عليها هي مصادرة وإستيلاء غير شرعي تم بالقوة الجبرية والعسكرية.
إن كافة الأراضي التي صادرتها إسرائيل للاغراض الأمنية ولإقامة القواعد العسكرية وخاصة في الأغوار الفسطينية هي أيضا مصادرة غير شرعية من قوة محتلة.
إن سيطرة إسرائيل على 88% من أراضي القدس الشرقية والذي يعادل ما نسبته 1.1% من مساحة الضف الغربية بذرائع الإستيطان والتخطيط هو إستيلاء غير شرعي.
إن الأراضي التي تسيطر عليها الطرق الالتفافية والأمنية الإسرائيلية والتي تصل مساحتها إلى 120 كلم مربع أي ما يعادل 2.1 % من إجمالي مساحة الضفة الغربية هي مصادرة غير شرعية قوة محتلة .
إن بناء جدار الضم والتوسع غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة سيقضم ما مساحته 733كلم مربع (%13 من إجمالي مساحة الضفة الغربية) داخل الضفة المحتلة وذلك لضمان بقاء 107 مستوطنة غير شرعية -بحكم الأمر الواقع- داخل حدود إسرائيل في أي ُاتفاق سلام مستقبلي مع الجانب الفلسطيني هو إستيلاء غير شرعي على هذه الأراضي.
وبالمحصلة فإن مجموع ما تسيطر عليه إسرائيل من خلال مصادرتها للاراضي الفلسطينية بذرائع ومسوغات مختلفة يزيد عن 40% من إجمالي مساحة الضفة الغربية ، وهذا الرقم لا يشمل الأوامر العسكرية التي اصدرتها إسرائيل لبناء جدار العزل العنصري ولا تلك الخاصة بشق الطرق الالتفافية، ناهيك عن أن العديد من المستوطنات الاسرائيلية قامت على أراضي فلسطينية خاصة وهذه المساحات غير مشمولة بال 40% المذكورة أي أن الاراضي التي تسيطر عليها إسرائيل تتخطى هذا الرقم بكثير.
إن مصادرة إسرائيل للارض الفلسطينية بإعلانها أراضي دولة أو غائبين أوتحت أي من الذرائع المذكورة سابقا ما هو إلا محاولة إسرائيلية غير شرعية للإلتفاف على القانون الدولي والإنساني و الأخطر من ذلك محاولة منها للالتفاف على واقع أنها دولة محتلة وأن كافة القوانين التي سنتها بصفتها قوة محتلة غير شرعية، باطلة ولاغية، بالإضافة إلى حقيقية بديهية، ولكننا بحاجة إلى إعادة تذكير إسرائيل والعالم بها، وهي أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية هو غير شرعي وفقا للقرارين 242 و 338 الصادرين عن مجلس الامن الدولي حيث أن كافة ما قمت به إسرائيل منذ حزيران من العام 1967 وحتى الان هو باطل ولاغي بما في ذلك مُصادرات الأراضي بكافة أنواعها وبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية وجدار الفصل العنصري وهدم المنازل وتدمير الممتلكلت والمس بحرية التنقل وكل ما قامت به من إجراءات توسعية هو غير شرعي ويجب على العالم أن يتيقن بأن محاولات إسرائيل تنصيب نفسها كوريثة للضفة الغربية والقدس الشرقية منذ العام 1967 هو غير قانوني وغير صحيح وبحكم الشرعية الدولية.
إن مسؤولية العالم والمجتمع الدولي وإستنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية أن يلزم إسرائيل بوقف ممارساتها الإستيطانية والتوسعية ومصادرة أراضي الفلسطينيين والكف عن محاولات إضفاء الشرعية على ما هو غير شرعي فبدلا من الإبداع في فبركة القوانين وموائمتها واللعب عليها ، فعلى إسرائيل أن تبذل مجهودًا في التفكير في كيفية التوقف عن وضع العقبات في طريق السلام وأن تنصاع إلى قرارت الشرعية الدولية وأن ترجع الأراضي التي سلبتها من الفلسطينيين لأن الأرض مقابل السلام فإذا رغبت إسرائيل في التوصل إلى سلام يقوم على الحق والشرعية والعدالة فلن تكون بحاجة إلى جدران ولا حواجز ولا فبركة قوانين ولا إلى مجهودات لإظهار ديمقراطيها الزائفة.
نعم فقد صدق ميرون بينفينستي نائب رئيس بلدية القدس الإسرائيلية السابق تيدي كوليك ومسؤول قسم التخطيط فيها ما بين الأعوام1971 و1978 عندما قال في إحدى التقارير الإستقصائية الشهيرة عن مصادرة أراضي الفلسطينيين التي نشرتها صحيفة ‘هاارتس’ بتاريخ العشرين من كانون الأول من العام 2005 بعنوان ‘ أسياد الأرض’ : أنه ولسوء حظ الفلسطينيين فإن الأرض التي تكون زراعية لا نستطيع مصادرتها على أنها أراضي دولة ولكننا نصادرها على أنها أملاك غائبين ،هذه هي الخدعة ………….. إنه أمر فظيع ………………………. نعم إنها السرقة بعينها !!!! …………………. والكلام للسيد بينفستي.