يواصل الاحتلال الإسرائيلي، ممثلاً بإدارته المدنية وشركاته ووزاراته، دفن كميات ضخمة من النفايات الصلبة والخطرة في أراضي الضفة الغربية المحتلة، إذ تفاقمت في السنين الأخيرة كميات النفايات التي يتم نقلها من داخل إسرائيل ودفنها في مواقع مختلفة بالضفة. ولم تكتف سلطات الاحتلال بالمواقع العشوائية التي سيطرت عليها في أراضي الضفة لدفن نفاياتها، إضافة إلى نفايات المستعمرات؛ بل إنها تخطط حالياً لتخصيص المزيد من الأراضي لذات الهدف، وذلك بالرغم من أن المعاهدات الدولية تمنع بوضوح نقل النفايات من الدولة المحتلة إلى الأراضي التي احتلتها (هذا لو أردنا مجاراة تلك المعاهدات التي لا تقر بوضوح أن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948م تعتبر حتى اليوم أراضي محتلة أيضا).
فإلى الشمال الشرقي من مدينة أريحا، تحديداً المنطقة الواقعة بين قريتي فصايل والجفتلك والقريبة من مستوطنة "يفيت"، أقدمت شركة إسرائيلية قبل حوالي شهر على تحويل ما لا يقل عن 60 دونماً من أخصب الأراضي الزراعية فيها إلى مكب للنفايات الصلبة، حيث يدير المكب شركة إسرائيلية تدعى ( Veolia) والتي تتخذ من مستوطنة "فسائيل" في قلب الأغوار مقراً لها، و تعد من مهماتها الأساسية نقل النفايات الصلبة والخطرة منها من المستوطنات الإسرائيلية في الأغوار الفلسطينية ومن داخل الخط الأخضر إلى هذا المكب. تجدر الإشارة إلى أن لهذا المكب بالغ الأثر السلبي على التنوع البيئي وحتى الغطاء النباتي في المنطقة، فمنطقة الأغوار كما هو معهود عنها تعد أراضيها من أخصب الأراضي الزراعية على مستوى الضفة الغربية، وتشتهر بتنوع بيئي فريد من نوعه، ولكن بفعل هذا المكب فان الغطاء النباتي والمنظر الجمالي في المنطقة تضررت بشكل كامل.
الصور 1-3: توضح المكب الجديد
عدى عن ذلك في تلك النفايات والتي تخمرت مع مرور الوقت وتسربت العصارة إلى أعماق التربة والتي تعد قريبة من المياه الجوفية هناك، مما قد يؤثر بشكل مطلق على المياه ونسبة الملوثات العضوية منها والكيمائية.
لا توجد قيود على عمليات تدوير النفايات و نقلها إلى الضفة الغربية:
تجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تفرض قوانين وشروط ملزمة داخل الأراضي المحتلة عام 1948م حول آلية التعامل مع النفايات وسبل نقلها ومعالجتها للتخفيف من أثرها على البيئة هناك. إلا أن ما يجري في الضفة الغربية هو مغاير تماماً، فلا توجد أي قيود حول الآلية المتبعة للتعامل مع النفايات ولا يتم بالأصل معالجتها بطرق علمية وحضارية بصفتها مناطق خارج حدود دولة الاحتلال، لذلك لا يكون أثرها التدميري بالغ الخطوة ليس فقط اليوم بل في المستقبل القريب.
وفوق هذا وذاك، لا تتوانى شركات إسرائيلية عديدة على نقل النفايات الخطرة والمخلفات العسكرية إلى مناطق الأغوار، وذلك بهدف التملص من القيود والتعقيدات داخل دولة الاحتلال حول الآلية المتبعة للتعامل مع تلك النفايات ابتداءً من طريقة النقل وانتهاءاً بطريقة المعالجة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة الخطيرة من قبل الاحتلال، تأتي بالتزامن مع قيام سلطات الاحتلال بمنع الفلسطينيين من إنشاء مكبات عشوائية، وإغلاق أخرى مثل إغلاق مكب بلدية البيرة قبل نحو أسبوعين. في حين يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود صارمة على حركة وتنقل الفلسطينيين في الأغوار، ومنعهم من البناء والعمل وحتى استغلال المراعي، وفي المقابل يسهل الاحتلال عمليات بناء المستوطنات الإسرائيلية وسلب الأراضي الزراعية وتدمير البيئة دون أي مقابل.
اعداد: