في الحرب الدائرة على الأراضي الفلسطينية بين المستوطنين الإسرائيلية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية من جانب والفلسطينيين من جانب أخر، تقف سلطات الاحتلال الإسرائيلية وعلى رأسها السلطة القضائية الإسرائيلية لتسهل للمستوطنين عملية استيلائهم على الأراضي الفلسطينية، بهدف إقامة البؤر استيطانية جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة فعليا وبشكل غير شرعي وقانوني، لفرض حقائق وأمر واقعي على الأرض يصعب تغيره في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
في خلة النحلة الفلسطينية، تلك المنطقة الزراعية التي تقع في الريف الشرقي من مدينة بيت لحم، تظهر أطماع المستوطنين الإسرائيليين بقيادة الإدارة المدنية الإسرائيلية في السيطرة على أراضي زراعية مملوكة للفلسطينيين، وذلك تحت حجج واهية. حيث يعود تاريخ محاولة المستوطنين وسلطات الاحتلال الإسرائيلية السيطرة على هذا الأراضي وغيرها من الأراضي المحيطة إلى العام 2004، حين اصدر حارس أملاك الغائبين والدولة لمنطقة "يهودا والسامرة" أمر بشأن "أملاك حكومية" رقم 59-967 والذي ينص على إعلان ما يزيد عن 1700 دونما من الأراضي الفلسطينية في محافظة بيت لحم، وتشمل في منطقة خلة النحلة وقرى أرطاس والخضر على أنها أراضي حكومية أي أراضي دولة. وبهذا تكون إسرائيل قد أعلنت عن ما يزيد على 300 دونم من الأراضي الزراعية في منطقة خلة النحلة على أنها أراضي دولة وبالتالي يحق لسلطات الاحتلال الإسرائيلية التصرف بهذه القطعة من الأرض لصالح توسيع المستوطنات أو إقامة مستوطنة جديدة في تلك المنطقة. ولتأتي بعد ذلك بفكرة إنشاء جدار العزل العنصري الممتدة على طول الضفة الغربية، بحيث يلتهم الآلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية لصالح "حدود دولة إسرائيل" ولصالح إقامة المستوطنات الإسرائيلي. حيث عند صدور أول تعديل لمسار جدار العزل العنصري عام 2005 تبين إن هذه الأراضي ستدخل ضمن المجمع الاستيطاني غوش عتصيون، ولكن عقب إجراء التعديل الأخير على المسار الجدار عام 2007، تبين بان هذه الأراضي (300 دونم من أراضي خلة النحلة) تم استبعادها من مخطط العزل الإسرائيلي. ولكن أطماع المستوطنين في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وخلة النحلة بشكل خاص لم تتوقف، حيث أن منطقة خلة النحلة والمنطقة المجاورة لها تقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات الإسرائيلية، بحيث سيتم بناء ما يقارب 2500 وحدة سكنية استيطانية في تلك المناطق ليتم إنشاء الحي الاستيطاني "جفعات هايتم" [1] هذا بالإضافة إلى إعلانها على أنها أملاك دولة. انظر الخارطة رقم 1
وفي نهاية شهر تشرين الأول من العام 2013، وضع مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين خيمة على جزء من قطعة ارض فلسطينية مساحتها 300 دونم تعود ملكيتها إلى المواطن أبو احمد عايش، وتم رسم حدود لتلك القطعة من الأرض بإقامة سياج ووضع إنارة وغيرها من الاحتياجات الأساسية اللازمة لإقامة مستوطنة جديدة، بالإضافة إلى شق طريق إلى تلك النقطة من خلال أراضي زراعية فلسطينية، ولهذا، بعد عدة أيام، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بإزالة الخيمة وإخلائها وإغلاق الطريق التي قام المستوطنين بشقها داخل الأراضي الفلسطينية على اعتبار ان المستوطنين لم يحصلوا على ترخيص لإقامة هذه الطريق من السلطات الإسرائيلية المختصة. ولكن عاد المستوطنين في منتصف شهر كانون الأول من العام 2013، بإعادة بناء الخيمة وإضافة بركس زراعية وصهريج للمياه وكذلك وضع سياج حول القطعة المستهدفة بالإضافة إلى وضع بوابة رفع عليها العلم الإسرائيلي وذلك تحت ذريعة الاستصلاح الزراعي. انظر الصور من 1-5
ولكن النقطة المثير للجدل أن الوصول إلى تلك المنطقة في خلة النحلة لا تتم إلا بواسطة شق طريق ترابي يمر من خلال الأراضي الفلسطينية الزراعية، و بهذا قام المستوطنين باستغلال ما أعلن عنه في تقرير خاص لصحيفة هاارتس الإسرائيلية الصادر في العشرين من شهر شباط من العام 2012، مفاده أن الإدارة المدنية الإسرائيلية بصدد تشريع قانون يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بشق طرق استيطانية ترابية دون الحاجة إلى موافقة جهات إسرائيلية عليا مختصة إذا كان الهدف من شق الطريق الاستيطاني هو حماية "أراضي الدولة"، إذا تم تشريع هذا القانون, فان هذه الخطوة سوف تعزز من سيطرة المستوطنين الإسرائيليين على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة لصالح شق المزيد من الطرق الالتفافية إذ لن يكون هناك حاجة لأخذ موافقة السلطات المختصة أو حتى استصدار تصاريح لذلك.وبهذا يكون شق الطريق على حساب أراضي الفلسطينيين "قانوني" وبالتالي تكون فصول عملية سيطرة المستوطنين الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية اكتملت بمساعدة سلطات الاحتلال الإسرائيلية.