موقع الاستهداف،
تقع قرية كيسان جنوب شرق محافظة بيت لحم، وتواجه منذ سنوات طويلة هجمات متواصلة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى السيطرة على أراضيها، وتفريغها من سكانها الأصليين لصالح التوسع الاستيطاني. خلال الفترة الأخيرة، شهدت المنطقة تطورا خطيرا تمثل في إقامة البؤرة الاستيطانية الثامنة من قبل مستوطنين إسرائيليين في منطقة دير علا، المحاذية للتجمع الفلسطيني المعروف بوادي عبيان.
اخر انتهاكات المستوطنين،
في عملية اقتحام منظم، قام المستوطنون بنصب خيام جديدة في المنطقة، ثم شنّوا هجوما مباشرا على منازل 15 عائلة فلسطينية تسكن تجمع وادي عبيان. وقد طالت اعتداءات المستوطنين سرقة ممتلكات خاصة، أبرزها خلايا شمسية وألواح معدنية تستخدم في الحماية، كما تم تكسير وتخريب أثاث ومحتويات المنازل بشكل متعمد. سبق هذا الهجوم تهديد مباشر للسكان بإجبارهم على الرحيل بالقوة، في حال لم يغادروا طوعا، وهو ما يعكس سياسة واضحة للترهيب والتهجير القسري.
الخروقات القانونية الدولية:
تشهد الوقائع على الأرض على الكذب والتضليل الذي تدعيه إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، والتي تشهد ارتفاعا متزايد في وتيرة اعتداءات المستوطنين المدعومين من الجيش الإسرائيلي، في ظل غياب تام لأي رادع قانوني فعلي. ولا يمكن اعتبار أعمال العنف، والتهجير القسري، والاستيلاء على الأراضي، وبناء البؤر الاستيطانية، مجرد انتهاكات فردية أو معزولة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تتجاهل بشكل فاضح نصوص اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل سكان الدولة القائمة بالاحتلال إلى الأراضي المحتلة أو تهجير السكان الأصليين منها، الامر الذي يفضح زيف الادعاءات التي تتحدث عن احترام دولة القانون والشرعية الدولية. من هذه الانتهاكات:
- اتفاقية جنيف الرابعة 1949:
- المادة 49: تحظر النقل القسري للأشخاص المحميين من المناطق المحتلة.
- المادة 53: تحظر تدمير الممتلكات الخاصة ما لم يكن ذلك مبررا حتميا للعمليات العسكرية.
- المادة 147: تعتبر التهجير القسري، وتدمير الممتلكات، وسرقتها من الخروقات الجسيمة.
- القانون الدولي لحقوق الإنسان:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966): يكفل حق الإنسان في السكن، والحياة الكريمة، وعدم التعرض للتمييز أو الحرمان القسري.)
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: المادة 17 تنص على أن “لكل فرد حق في التملك، ولا يجوز حرمانه من ملكه تعسفا”.
- قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016:
يطالب إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ويعتبر أن المستوطنات غير قانونية وتشكل عقبة أمام السلام.
حوادث متكررة ونتائج مستخلصة
لا تشكل هذه الحادثة سابقة معزولة، بل تندرج ضمن سلسلة من الاعتداءات المنظمة التي تعرضت لها قرية كيسان ومحيطها خلال الأشهر الماضية. فقد وثّقت منظمات حقوقية تصاعدا في عمليات حرق الممتلكات، إغلاق الطرق، الاعتداء على رعاة الأغنام، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وكل ذلك تحت حماية الجيش الإسرائيلي الذي لا يتدخل لمنع المستوطنين، بل يسهل نشاطاتهم في كثير من الحالات. وعليه، يمكن استخلاص النتائج المترتبة بما بلي:
- تغيير الطابع الديمغرافي للمنطقة لصالح المستوطنين.
- تقويض حق السكان الأصليين في الإقامة والملكية والتنقل.
- تعميق الفجوة الجغرافية الناتجة عن انتشار البؤر الاستيطانية، بما يعيق أي إمكانية مستقبلية لحل الدولتين أو لإنشاء دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.
- ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب نتيجة غياب المساءلة القانونية من قبل السلطات الإسرائيلية، وتقاعس المجتمع الدولي عن التحرك الجاد.
مطالب وتوصيات:
تمثل الانتهاكات في كيسان نموذجا صارخا لسياسة التهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج)، في خرق فاضح للقانون الدولي والشرعية الدولية. هذه السياسة لا تهدد فقط حقوق السكان المحليين، بل تهدد الأمن والاستقرار. وعليه، فان المطلوب:
- تحرك دولي فوري من قبل الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين.
- إيفاد لجان تقصي حقائق دولية لتوثيق الجرائم والانتهاكات ومساءلة الجناة.
- فرض عقوبات سياسية واقتصادية على سلطات الاحتلال، باعتبارها قوة محتلة ترتكب خروقات جسيمة لحقوق الإنسان.
إن الصمت على ما يجري في كيسان وغيرها من المناطق التي تشهد احداثا مماثلة، ما هو إلا مشاركة ضمنية في الجريمة، وعلى العالم أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه شعب يتعرض للإقصاء والإحلال في وضح النهار.
اعداد: