شهد العام 2024 تصاعدا في السياسة الإسرائيلية الممنهجة ضد منازل المواطنين الفلسطينيين والمنشآت بمختلف انواعها (الصناعية والتجارية والصناعية والحيوانية) اذ أن هذه السياسة تُعتبر واحدة من أبرز مظاهر الاحتلال الإسرائيلي، والتي تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني وتغيير المعالم الديمغرافية والجغرافية على الأرض.
وتؤثر سياسة هدم المنازل بشكل مباشر على حياة آلاف الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتزيد من معاناتهم وتحد من قدرتهم على العيش بكرامة. وتقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتبرير هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية بعدة أسباب، منها البناء بدون ترخيص على الرغم من انها تفرض قيودًا صارمة على إصدار تراخيص البناء للفلسطينيين وخاصة في القدس الشرقية المحتلة والمناطق التي لا زالت تخضع لتصنيف “ج” في الضفة الغربية المحتلة بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة للعام 1995، الامر الذي يضطر الكثير من الفلسطينيين إلى البناء دون ترخيص لمواكبة النمو السكاني الطبيعي، مما يعرض منازلهم ومنشاتهم للهدم.
كما تتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلية الى عدم المصادقة على المخططات الهيكلية للتجمعات الفلسطينية الواقعة في المناطق المصنفة “ج” بذريعة عدم موافاتها للمعايير الاحتلالية المطلوبة، وان التجمعات الفلسطينية القليلة التي تم المصادقة على مخططاتها الهيكلية, لم تراعي النمو السكاني لهذه التجمعات وأيضا تم تقييد المساحة المتوفرة للفلسطينيين من حيث استخدام الأراضي للزراعة أو التنمية الاقتصادية المستقبلية الامر الذي فرض قيودا على الفلسطينيين القاطنين في تلك التجمعات وحد من قدرتها على التطور, مما دفعها اما البناء من غير ترخيص لمواكبة الزيادة السكانية الطبيعية أو الهجرة نحو المراكز الحضرية في المناطق (أ) و(ب) والتي تعتبر ذات كثافة سكانية عالية اذ يقطن تقريبا 86% من سكان الضفة الغربية المحتلة في المناطق (ا) و (ب) واللتان تشكلان 36% من مساحة الضفة الغربية المحتلة. وفي الوقت الذي تقوم فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتقييد البناء والتطوير على الفلسطينيين، فإنها تطلق العنان للمخططات الاستيطانية في المناطق المصنفة (ج – 61%) من مساحة الضفة الغربية المحتلة من بناء مستوطنات وبؤر وشق طرق التفافية وبنى تحتية والسيطرة على المناطق الطبيعية ويتم تفسير ذلك كجزء من الاستراتيجيات الإسرائيلية للسيطرة على المنطقة (ج) لتنفيذ مشاريعها الاستيطانية وتفريغها من السكان الفلسطينيين.
ولا يقتصر الامر على هدم المنازل الفلسطينية فقط، بل تستهدف سلطات الاحتلال الاسرائيلي أيضا البنية التحتية الفلسطينية من شبكات مياه وكهرباء واتصالات وصرف صحي وزراعة ومنشات عامة مثل المدارس والعيادات الصحية مما يحد من وصول الفلسطينيين إلى الخدمات الأساسية.
وشهد العام 2024، ارتفاعا ملحوظا في عدد المنازل والمنشات الفلسطينية التي تم استهدافها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اذ قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم ما يزيد عن 1700 منزلا ومنشاة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة كانت ذروتها في كل من محافظات القدس وطولكرم والخليل على التوالي. الرسم البياني رقم 1 يظهر عمليات الهدم التي تمت في الضفة الغربية المحتلة خلال العام 2024 وتوزيعها بحسب المحافظات الفلسطينية
وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، فقد كان العام 2024 الأكثر استهدافًا من حيث عمليات الهدم والتدمير، حيث شهد ارتفاعًا غير مسبوق في عدد المباني التي تم هدمها، سواء كانت منشآت سكنية أو تجارية أو بنى تحتية حيوية. وقد تسببت عمليات الهدم في تهجير العائلات وتركها بلا مأوى، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي لحقت بأصحابها. الرسم البياني رقم 2
عمليات الهدم الإسرائيلية والقانون الدولي
ان سياسة هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة تُعدّ واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني وهي لا تؤثر فقط على الحقوق الفردية للفلسطينيين، بل تُعيق أيضًا أي جهود نحو تحقيق سلام عادل ودائم وتعد انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وتواجه رفضًا واسعًا من المجتمع الدولي. ومع ذلك، لا تزال مستمرة في ظل غياب محاسبة فعالة للسياسات الإسرائيلية الممنهجة. وتخضع عمليات الهدم الإسرائيلية للقوانين والمعاهدات الدولية، ومنها:
• اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 اذ تحظر المادة (53) تدمير الممتلكات في الأراضي المحتلة إلا إذا كان ذلك “لضرورات عسكرية”. كما يعتبر الهدم العقابي شكلًا من أشكال العقاب الجماعي، وهو محظور بموجب المادة 33.
كما تنص المادة (17) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 على أن “لكل فرد حق التملك، ولا يجوز حرمان أحد من ممتلكاته تعسفًا”.
اعداد: