في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول من العام 2022, أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي امرا عسكريا جديدا تحت مسمى “الإعلان عن النية بشأن تعديل منطقة نفوذ مستوطنة عيلي ” والذي يقر مصادرة مساحات إضافية من أراضي محافظة نابلس لغرض توسيع حدود مستوطنة ايلي الإسرائيلية شمال الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في الامر العسكري بان “الادارة المدنية تنوي اجراء تعديل على ما تطلق عليه “بمنطقة نفوذ مستوطنة عيلي” على النحو المحدد على الخريطة المرفقة بالأمر العسكري. كما جاء في الامر العسكري ايضا بانه “يحق لكل من يرغب بالاعتراض على تنفيذ التعديل المذكور، ان يرفع ادعاءاته المفصلة لرئيس فرع البنية التحتية في الادارة المدنية الإسرائيلية خلال 21 يوم من يوم نشر هذا الامر العسكري” .
الصور 1-3: الامر العسكري الاسرائيلي الصادر لتوسيع مساحة نفوذ مستوطنة ايلي
وفي تحليل للأمر العسكري الإسرائيلي الصادر، تبين أن ما مساحته 616 دونما من الأراضي الفلسطينية التي تعود لكل من قرى قريوت والساوية في محافظة نابلس سوف يتم الاستيلاء عليها لغرض توسيع منطقة نفوذ المستوطنة.
تجدر الإشارة الى أن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر ليس الأول من نوعه الذي يستهدف مستوطنة عيلي في محافظة نابلس, فقبل ستة أعوام, بتاريخ الحادي والعشرين من شهر اذار من العام 2016, سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المواطنين الفلسطينيين في محافظة نابلس أمرا عسكريا مماثلا يقضي بمصادرة 2580 دونماً من أراضي قرى قريوت والساوية واللبن الشرقية في المحافظة بذريعة “أراضي دولة”. وصدر الامر آنذاك عن ما يسمى بـ “الوصي على أملاك الغائبين وسلطة أراضي إسرائيل في يهودا والسامرة” الملحق بوزارة الدفاع / الإدارة المدنية الإسرائيلية، يوسي سيغال”.
وفي متابعة للامر العسكري الصادر, تبين أن التوسع المنوي تنفيذه في مستوطنة عيلي يأتي في الجهة الشمالية للمستوطنة على أراضي قرية الساوية و أيضا من الناحية الجنوبية الشرقية للمستوطنة على أراضي بلدة قريوت.
الخارطة رقم 1: تحليل للخارطة المرفقة بالامر العسكري الاسرائيلي (أريج, 2022)
ما يسمى “بمناطق نفوذ المستوطنات الإسرائيلية” في الضفة الغربية المحتلة
عقب احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967، استثمرت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة جهودا كبيرة في إنشاء المستوطنات الإسرائيلية الغير القانونية على الأراضي الفلسطينية وتوسيعها على مدى أعوام الاحتلال الاسرائيلي من خلال مصادرتها للأراضي الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة منها المصادرة بذريعة “مناطق عسكرية مغلقة – الامر العسكري رقم 378” والمصادرة بذريعة “المحميات الطبيعية – الامر العسكري رقم 363” والمصادرة بذريعة “الاستملاك للمصلحة العامة – الامر العسكري رقم 321” ,والمصادرة تحت مسمى “أملاك دولة – الامر العسكري رقم 59” والمصادرة تحت مسمى أملاك الغائبين – الامر العسكري رقم 58 , و المصادرة بذريعة مناطق تدريب عسكرية – الامر العسكري رقم 271, و غيرها من الأوامر العسكرية التي ساهمت وبشكل كبير في مصادرة الأراضي الفلسطينية واخضاعها للسيطرة الإسرائيلية والتي لاحقا تم استغلالها لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وغيرها من النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة. ونتيجة لسياسة المصادرات الإسرائيلية، هناك 199 مستوطنة إسرائيلية تنتشر في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة يقطنها ما يزيد عن 913 ألف مستوطن إسرائيلي، بما في ذلك تلك التي تم انشائها في القدس الشرقية المحتلة.
وفي خطوة منها لاستدامة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي احتلتها من الفلسطينيين, قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في العام 1991, بإصدار مخططات هيكلية للمستوطنات الإسرائيلية شملت تلك أيضا في القدس الشرقية المحتلة, حيث ضمت هذه المخططات مناطق توسع مستقبلية للمستوطنات الاسرائيلية القائمة واعتمدت أيضا مساحات اضافية لإقامة مستوطنات جديدة وتوسيع القائمة حتى العام 1991. وبلغت مساحة المخططات الهيكلية الإسرائيلية الصادرة انذاك 486 كم مربع (ما نسبته 8.6% من مساحة الضفة الغربية), وهي سبعة اضعاف مساحة المستوطنات الاسرائيلية التي كانت قائمة حتى العام 1991 والبالغة 69 كم مربع (1.2% من مساحة الضفة الغربية). ولاحقا قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بابتداع ما اسمته “بمناطق نفوذ المستوطنات” والتي بدورها زادت من مساحة الأراضي الفلسطينية التي اخضعها الاحتلال الإسرائيلي لسيطرته حيث جاءت هذه الزيادة من خلال أوامر عسكرية اسرائيلية تم اصدارها والمصادقة عليها خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي والتي منحت في مضمونها ما يسمى “بالمجالس الاقليمية والمحلية الاسرائيلية” التي تتبع لها المستوطنات الاسرائيلية بالسيطرة على مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية الى جانب تلك التي تحتلها المستوطنات اليوم وتخطت مساحة المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة في العام 1991 للمستوطنات الإسرائيلية, حيث بلغت المساحة التي تندرج ضمن مناطق نفوذ المستوطنات الى 542 كم مربع (9.6% من مساحة الضفة الغربية المحتلة), بزيادة مقدارها 56 كم مربع عن مساحة المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة في العام 1991.
في حين تجاهل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحتى يومنا هذا اصدار مخططات هيكلية للتجمعات الفلسطينية القابعة في المناطق المصنفة “ج” (بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المقتة في العام 1995) لتلبية احتياجات الفلسطينيين العمرانية ومواكبة الزيادة السكانية كما فعلت وما زالت تفعل بالنسبة للمستوطنات الاسرائيلية, وبقيت التجمعات الفلسطينية حتى هذا اليوم تحت خطر الهدم لعدم مقدرتها على الحصول على التراخيص اللازمة من الادارة المدنية الاسرائيلية, باعتبارها الجهة المخولة والادارية في مناطق “ج”, التي تجنبها عمليات الهدم والتشريد بسبب فرض السلطات الاسرائيلية اجراءات طويلة ومعقدة ومكلفة على الفلسطينيين المتقدمين للحصول على التراخيص اللازمة التي تمكنهم من البناء واستغلال الارض لأي غرض كان, ورفض معظم الطلبات المقدمة من الفلسطينيين تحت ادعاء “عدم موافاة المخططات والشروط اللازمة للبناء في المناطق المصنفة (ج)”.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)