الإستيطان….كان ولايزال وسيبقى الدافع والمُحرك والوقود لمعركة الأرض واستنزافها ، حيث دأبت دولة الاحتلال الاسرائيلي على إبقاء معركتها وصراعها على الارض مُشتعلة ومُتقدة لتحقيق أهدافها الاستيطانية والتوسعية المرجوة من وراء نار الإستيطان والتهويد.
فخلال سنوات إحتلالها للأراضي الفلسطينية كانت نزعة الإستيطان والتوسع الدافع الرئيسي وراء كل مشروع أو قرار أو مخطط إسرائيلي يهدف في جوهره إلى الإستيلاء على اكبر قدر ممكن من اراضي الفلسطينيين بمسميات وذرائع مختلفة بدءًا بالمناطق العسكرية المغلقة و مناطق اطلاق النار فأملاك الغائبين واملاك الدولة مرورًا بالأغراض الأمنية والعسكرية والاراضي المتروكة وصولا للجدار والطرق الامنية وغير ذلك الكثير.
هذا ولعل أبرز انواع المُصادرات التي ابتدعتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي للاستيلاء على اراضي الفلسطينيين ،وبالجملة ،كانت المصادرة بذريعة "أراضي الدولة والاملاك الحكومية" حيث ابتلاع الاراضي يتم بألاف الدونمات وفي مناطق لم تكن عبثًا ، استراتيجية ومحيطة بالمستوطنات.
ما يُسمى بأراضي الدولة والاملاك الحكومية
إمعانًا في مُخططاتها الرامية الى الإستيلاء على اكبر قدر مُمكن من اراضي الفلسطينيين الخاصة وبأقل جُهد مُمكن ، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ العام الاول لاحتلالها لابتداع القانون الذي يحمل الرقم (59 – 1967) الخاص بأملاك الدولة والذي يترأسه ضابط في جيش الاحتلال وتحديدًا في ما تُسمى "الادارة المدنية" التابعة لوزارة الدفاع الاسرائيلية.
إن تصنيف ما تُسميه إسرائيل بأراضي الدولة هو على النحو التالي : 634,920 دونما (634.9 كلم مربع ويمثل 11.2 % من مساحة الضفة الغربية) مُسجلة كأراضي دولة وتعتبر إسرائيل نفسها مالكة هذه الاراضي بصفتها الوريثة للحكم الأردني الذي انتهى بالاحتلال العسكري الإسرائيلي عام 1967 وذلك طبعًا وفق التفسير الإسرائيلي للقانون وفقا لأهوائها الاستيطانية والتوسعية.
أما الجزء الثاني من هذه الأراضي فتبلغ مساحته 843,922 دونمًا (843.9 كلم مربع ويمثل 14.9% من مساحة الضفة الغربية) وهي أراضي أعلنت إسرائيل بأنها أراضي دولة بعد العام 1979 أما الجزء الثالث والأخير من هذه الأراضي فتبلغ مساحته 666,327 دونمًا (666.2 كلم مربع وتمثل 11.7% من مساحة الضفة الغربية) فهي أراضي دولة تم إعداد مخططات تسجيل لها بعد مسحها وجاري العمل على إجراءات تسجيلها وفق للقوانين الإسرائيلية ، وبذلك يبلغ مجموع أراضي الدولة 2,145169 دونمًا(2145 كلم مربع أي ما يساوي 37.8% من إجمالي مساحة الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية).
ومن الجدير ذكره أيضا بأن 248,904 دونمًا أي ما يعادل 5% من ما تصنفه إسرائيل كأراضي دولة يقع في مناطق السلطة الفلسطينية "أ" و "ب" ومعظمها في محافظة الخليل أما النسبة المتبقية فتقع في المناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وفقا لاتفاقية أوسلو.
ضوء أخضر لفريق الخط الأزرق
رغبة من إسرائيل في تسريع وتيرة استيلائها على اكبر قدر مُمكن من اراضي الفلسطينيين بأقل وقت وجهد مُمكنين ، ابتدعت سُلطات الاحتلال الاسرائيلي طاقمًا او فريقًا اسرائيليًا يعمل في الإدارة المدنية للاحتلال الاسرائيلي يدعي "بفريق الخط الازرق" يقوم بفحص ودراسة الأراضي الفلسطينية التي ترغب إسرائيل بتسريبها لصالح المستوطنات بذريعة كونها اراضي دولة.
فخلال العام 2014 صادق فريق الخط الازرق على مصادرة ما يقارب ال 40 الف دونم لصالح المستوطنات الاسرائيلية وتوسيعها حيث سرب 3740 دونما من أراضي الفلسطينيين بذريعة كونها اراضي دولة تقع في مناطق استراتيجية وتهدف في مضمونها الى توسيع الرقعة الجُغرافية لاربع مستوطنات اسرائيلية غير شرعية وهي: عمانوئيل – كدوميم- حلاميش – فيرد يريحو. أيضا وفي شهر كانون الاول من العام ذاته صادق الفريق المذكور على مصادرة 35 ألف دونم من الاراضي الفلسطينية في الاغوار وتم تحويل استخدامها من الاغراض العسكرية الى أغراض البناء والتطوير خلافا ل 27000 دونم سربها الفريق ذاته لصالح الاستيطان في العام 2013.
بدون ادنى شك فإن ما يسمى بفريق الخط الازرق قد تلقى التوجيهات بتسريع عملية المُصادرات بذريعة اراضي الدولة و من خلال مسرحية هزلية يقوم من خلالها بسلسلة من الفحوصات والاجراءات الوهمية لوضعية الاراضي قبل التوصية بمصادرتها محاولا ايهام المجتمع الدولي يان المصادرات لا تكون عشوائية او بدون اسانيد بل بعد فحص ودراسة من جوانب عدة وهو في الواقع لا يُصادر إلا أراضٍ يملكها المواطنين الفلسطينيين بذريعة غير قانونية ولا تخدم سوى المشروع الاستيطاني التهويدي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
خلال العام الجاري ، استهل الفريق المذكور عمله بالإعلان عن قرابة 4,000 دونم من اراضي الفلسطينيين كأراضي دولة . ففي الاغوار صادق الفريق المذكور في شهر كانون الثاني من العام الجاري على تصنيف 1,545 دونما في محيط مستوطنات الموغ- بيت هاعارفا و فيرد يريحو- على انها اراضي دولة بل زاد عيها خلال شهر اذار و في محيط المنطقة المذكورة 2,342 دونما اضافية كأراضي دولة سيتم مصادرتها لتوسيع المستوطنات الثلاث.
133 % تضخمًا مُرتقبًا في مساحة المُستوطنات الإسرائيلية
في تحليل قام به معهد الابحاث التطبيقية القدس – أريج، للأراضي الفلسطينية التي يقوم فريق الخط الأزرق بدراستها وبصدد مُصادقته على تصنيفها كأراضي دولة ، فإنه يظهر بأنه و في حال استمرار الفريق المذكور في مُصادقاته ودراساته فإن مساحة المستوطنات الاسرائيلية (196 مستوطنة في الضفة والقدس) ستتضخم بمقدار 133 % من اجمالي مساحتها العمرانية الحالية خلال فترة وجيزة مرتقبة.
هذا وحيث تبلغ مساحة البناء العمراني الحالي للمستوطنات الاسرائيلي في الضفة الغربية والقدس حاليا (196 كلم مربع) و الى حين انتهاء ما يسمى بفريق الخط الأزرق من مهامه المزعومة فإن الرقعة الجغرافية للمستوطنات ستتمدد لتصل 457 كلم مربع بتضخُم جغرافي يصل الى 133 %.
اكثر من ربع مليون دونم على شفا الابتلاع
علاوة على ذلك فأنه و من خلال الدراسة والتحليل فإن ما يسمى بفريق الخط الازرق يعكف حاليا و بفحوصه المزعومة للمصادقة على تصنيف 260,871 دونما من الاراضي التابعة والمحيطة ل 107 مستوطنة اسرائيلية في 9 محافظات فلسطينية (99 مستوطنة و5 بؤر عشوائية ومحجرين ومنطقة اطلاق نار ستزيد مساحتها بنسبة 192 %) كأراضي دولة.
هذا بالإضافة الى 4,232 دونما جاري العمل على تصنيفها كأراضي دولة في محافظتي رام الله وبيت لحم على النحو التالي: في بيت فجار(919 دونما) – راس كركر (664 دونم) – خربثا (585 دونم)-خربة مسمار (544 دونم)-شبتين (1520 دونم).
في الواقع وإذا ما مررنا بتفاصيل لأمثلة ونماذج من بعض هذه المصادقات والتصنيفات التي يقوم بها الفريق المزعوم فإنه سيتضح لنا جليا فداحة المخطط الذي تسير فيه إسرائيل بخطى ثابته لتكثيف تواجدها الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية بل واستدامته وشرعنته من خلال خطواتها وإجراءاتها المزعومة ومن خلال وجهة نظرها بطبيعة الحال.
ففي محافظة القدس يستهدف الفريق المذكور 10 مستوطنات إسرائيلية سيتم توسيع مساحتها بنسبة 345 % (58,364 دونما ) تليها محافظة بيت لحم حيث سيتم توسيع رقعة 13 مستوطنة اسرائيلية بنسبة تصل 193 % ( دونما 24,260)و في الاغوار 3 مستوطنات اسرائيلية ستتضخم في مساحتها بسنبة 182 % (4,049 دونم) و محافظة الخليل سيشرعن فريق الخط الازرق تسريب (47,776 دونما) لصالح توسيع 28 مستوطنة بنسبة وموقعا في المُحافطة بنسبة173 %……….و بإجمالي 260,871 دونما (4.6 % من إجمالي مساحة الضفة الغربية ) في المستوطنات الاسرائيلية الواقعة في 9 محافظات فلسطينية مُجتمعة .
مستوطنات ستزيد مساحتها بنسبة تتجاوز 1000%
علاوة على ذلك فإنه وضمن المُصادقات المزعومة التي يقوم بها فريق الخط الازرق فإن بعض المستوطنات ستتضخم في مساحتها بشكل هائل فمستوطنة برقان في محافظة سلفيت ستزيد مساحتها بنسبة 258 % (1,808 دونما) و مستوطنة أرئيل ستتوسع رقعتها بنسبة تصل الى 211 % (10,871 دونما ) ومستوطنة جفاعوت في محافظة بيت لحم والتي حولتها سلطات الاحتلال في وقت سابق من معسكر للجيش الاسرائيلي الى مستوطنة ستزيد مساحتها بنسبة 1154 % (1,558 دونما) ومستوطنة إيتمار في محافظة نابلس فستتضخم مساحتها بنسبة تصل الى 162 % (5,797 دونما) و مستوطنة كاليا في الاغوار فستصل نسبة الزيادة في مساحتها لتصل 1088 % (9,561 دونما) و أيضا مستوطنة كرمئيل في محافظة الخليل فستزيد رقعتها بنسبة 586 % (2,205 دونما) و أيضا مستوطنة معالي ادوميم الواقعة شرقي القدس فستتضاعف مساحتها بنسبة 609 % (40,966 دونما) ومستوطنة معالي شومرون في محافظة قلقيلية فستزيد مساحتها 296 % (2,135 دونما ) ومستوطنة كيدار شرقي القدس ستتضخم مساحتها بمقدار 1330 % (665 دونما) و مستوطنة بيت أرييه في محافظة رام الله فستصل نسبة الزيادة في مساحتها الى 580 % (8,503 دونما).
بلا ريب و من خلال التدقيق في الارقام و المساحات التي يقوم فريق الخط الازرق بإجراءات تسريبها لصالح المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية يظهر بما لا يترك مكانا للشك بأن الحكومة اليمينية المتطرفة و النخبة الحاكمة في إسرائيل تسعى الى حسم معركتها جغرافيا في الاراضي الفلسطينية المحتلة و تدمير أي فرصة للوصول الى سلام حقيقي يقوم على اساس حل الدولتين فالمُخططات التوسعية التي تقوم بها إسرائيل تُخلف ورائها اضرارًا غير صالحة للجبر و خطواتٍ على الأرض لا يمكن محو اثرها او تجميلها ويستحيل بعدها الحديث عن انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
إسرائيل تقترب من السيطرة على 50 %من الضفة الغربية و القدس
وبالمُحصلة فإن مجموع ما تُسيطر عليه إسرائيل من خلال مُصادرتها للأراضي الفلسطينية بذرائع ومُسوغات مختلفة يقارب ال 50% من إجمالي مساحة الضفة الغربية ، ما بين اراضي دولة و المناطق العسكرية المغلقة ومناطق اطلاق النار ناهيك عن أن العديد من المستوطنات الاسرائيلية التي أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة أضف الى ذلك شبكة الطرق الإلتفافية الإسرائيلية – الخاضعة للحراسة الامنية لجيش الإحتلال الإسرائيلي- والبالغ طولها 939 كلم وتحتل مساحة إقامتها على مساحة 120كلم² من الأراضي الفلسطينية أي ما يشكل 2.1% إضافية من إجمالي مساحة الضفة الغربية. أيضا سيطرت إسرائيل على 139 الف دونم على شواطىء البحر الميت تلاها مصادرة 410 الف دونم الاضافية التي اعلنتها إسرائيل كأراضي دولة لتوسيع مستوطنة معالى ادوميم باتجاه البحر الميت في كانون الثاني من العام الماضي بمجموع (549000 دونم – 549 كلم مربع – 9.6 % من مساحة الضفة الغربية).
إن مصادرة إسرائيل للأرض الفلسطينية بإعلانها أراضي دولة أو املاك حكومية أو غائبين أوتحت أي من الذرائع ما هو إلا مُحاولة إسرائيلية غير شرعية للإلتفاف على القانون الدولي والإنساني و الأخطر من ذلك محاولة منها للالتفاف على واقع أنها دولة محتلة وأن كافة القوانين التي سنتها بصفتها سلطة قائمة بالاحتلال، باطلة ولاغية، و أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية هو غير شرعي وفقا للقرارين 242 و 338 الصادرين عن مجلس الامن الدولي حيث أن كافة ما قمت به إسرائيل منذ حزيران من العام 1967 وحتى الان هو باطل ولاغي بما في ذلك مُصادرات الأراضي بكافة أنواعها وبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية وجدار الفصل العنصري وهدم المنازل وتدمير الممتلكات والمس بحرية التنقل وكل ما قامت به من إجراءات توسعية هو غير شرعي ويجب على العالم أن يتيقن بأن محاولات إسرائيل تنصيب نفسها كوريثة للضفة الغربية والقدس الشرقية منذ العام 1967 هو غير قانوني وغير صحيح وبحكم الشرعية الدولية والمعاهدات والمواثيق الدولية.
اعداد
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)