شكلت ما تسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية طاقماً للتفاوض مع ما يسمى مجلس المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن، حيث تتركز المفاوضات حول سبل تعويض المستعمرين عن أراض قد سبق وان استولوا عليها بالقوة بالتنسيق مع ما تسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية خلال منتصف عام 2013م. ويجري الحديث عن منطقة الساكوت شرق الأغوار الشمالية والبالغ مساحتها (5000) دونم، ومنطقة قاعون والبالغ مساحتها (1750) دونم ومناطق متفرقة على طول الحدود الفلسطينية – الأردنية، بحيث توصف هذه الأراضي بأنها طابو مسجلة باسم أصحابها الفلسطينيين بحسب البيانات المتوفرة في محافظة طوباس.
وتأتي هذه الخطوة من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية في ظل الالتماس المرفوع من قبل محافظة طوباس وعدد من المزارعين أصحاب الأراضي الأصليين، حيث قدم أصحاب الأراضي الالتماس في مطلع شهر شباط 2015م، وذلك ضد المستعمرين المستولين على أراضيهم ويقومون باستخدامها بشكل غير قانوني وغير مبرر، حيث تتوقع الإدارة المدنية الإسرائيلية أن تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية في الفترة القريبة قراراً يتم بموجبه إخلاء المستعمرين من المناطق سابقة الذكر كونهم لا يمتلكون يعطيهم أي حق في هذه الأرض.
وتكمن القصة حول هذا السياق، بأن الاحتلال الإسرائيلي وغداة حرب عام 1967م اقدم على الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي غور الأردن على طول الشريط الحدودي مع الأردن و بعمق 5 كيلومترات، حيث أن تلك الأراضي هي مملوكة لفلسطينيين بموجب أوراق طابو أو أراضي عامة مشاعية لقرى الأغوار، وكانت قبل فترة الاحتلال تُستغل في الزراعة و تربية المواشي، بالتالي كانت تعتبر مصدر دخل للعشرات من العائلات القاطنة في مناطق الأغوار الفلسطينية. يشار الى ان جيش الاحتلال قد أعلن عن تلك المناطق مناطق مغلقة عسكريا و فرض على الفلسطينيين عدم الوصول إليها، حيث قام جيش الاحتلال بزراعتها بالألغام الأرضية و قام بتسيجها بهدف منع الفلسطينيين من الاقتراب منها.
وبعد توقيع معاهدات واتفاقيات السلام مع الاحتلال سواء اتفاقية اوسلو او اتفاقية وادي عربة وذلك عامي 1993 /1994، أقدم جيش الاحتلال على تفكيك مساحات شاسعة من الأراضي الغورية من الألغام الأرضية بسبب عدم وجود أهمية بالاستمرار في زراعتها بالألغام الأرضية. لكن جيش الاحتلال و منذ اليوم الاول في تفكيك الألغام الأرضية في منطقة الساكوت و منطقة سهل قاعون عام 2013م، قام بتسليمها للمستعمرين عبر الدائرة الاستيطانية في الهستدروت الاسرائيلي، حيث منح المستعمرين عدداً كبيراً من الحوافز بغية استغلال المنطقة على امتداد أكثر من 5000 دونم من أراضي الطابو التي تعود في ملكيتها لأصحابها الشرعيين وهم الفلسطينيون.
يشار الى ان وزارة الزراعة الفلسطينية بالتنسيق مع محافظة طوباس حاولوا في مطلع العام الحالي 2015م زراعة منطقة الساكوت بأنواع مختلفة من الغراس، لكن قوات جيش الاحتلال منعتهم بل وأعلنت عن المنطقة منطقة مغلقة عسكرياً بوجه الفلسطينيين، في حين يسمح للمستعمرين من الوصول هناك. يذكر أن الاستفزاز الذي يقوم به جيش الاحتلال دفع محافظة طوباس في شهر شباط 2015م لتقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية من خلال المحامي توفيق جبارين بهدف السماح للفلسطينيين بإعادة الوصول الى أراضيهم و إعادة زراعتها بعد تفكيك الألغام منها، كذلك المطالبة بإخلاء المستعمرين الذين قاموا بالسطو على المنطقة وزراعتها بغير وجه حق.
وفي مذكرة قدمها الادعاء عبر المدعي العام الاسرائيلي " شاحر زوهاري" الى محكمة العدل العليا، اشار الأخير " بأن المستعمرين من خلال الحماية المطلقة لهم من قبل شرطة الاحتلال قاموا بسرقة أراض فلسطينية و زراعتها وإغلاق الطرق المؤدية لها، منذ عام 2013م وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، مع العلم ان مسؤول الشرطة هو احد أبناء المستعمرين ممن استولوا على الارض هناك، في حين دفعت قيادة جيش الاحتلال الى الإعلان عن المنطقة منطقة مغلقة عسكريا، و رغم ذلك تم توفير التسهيلات للمستعمرين بالتواجد هناك بالتالي يعتبر ذلك هو بمثابة سرقة ارض في وجه النهار". يشار الى ان محكمة الاحتلال العليا و بعد عدة مداولات أصدرت قرارا احترازيا في 17 من شهر آب 2015م يتم بموجبه منع المستعمرين من استغلال أراضي الساكوت و قاعون لفترة مؤقتة الى حين البت النهائي في موضوع الاراضي هناك في جلسة المحكمة التي تم تحديد موعدها في 11 من شهر كانون الثاني 2016م. وطالبت المحكمة العليا توضيحات من الادارة المدنية حول الأسس التي تم التعاطي معها مع المستعمرين بهدف تسهيل استملاكهم تلك الأراضي بغير وجه حق.
الصور 1+2: قرار محكمة الاحتلال الأخير الصادر في 18 أب 2015م
الصور 3-4: المنطقة الحدودية التي يتم زراعتها من قبل المستعمرين في حين يحرم أصحابها الفلسطينيين من الوصول إليها
ومن هنا شعرت الادارة الإسرائيلية بقرب إخلاء المستعمرين من تلك المناطق، حيث بدأت بدراسة ما يمكن تعويضه للمستعمرين في حالة إخلائهم من هناك، وقد تناسى الاحتلال بأن المزارع الفلسطيني هو من يجب تعويضه بما لحق به من ضرر نتيجة الاستيلاء على ارضه، واستمرار تنكر الاحتلال لحقه الطبيعي فيها؟.
وإننا في مركز أبحاث الأراضي نعتقد جازمين بأن عقلية الاحتلال ستبتدع وسائل تعويض تجعل النتائج أشد سلباً على الفلسطينيين وذلك بإخلائهم من اماكن صغيرة بلا إذن من أجل تسليمهم مساحات واسعة بترخيص رسمي احتلالي وبالتالي شرعنة العدوان والسرقة بطريقة مغلفة بقانون المحتل.
اعداد: مركز أبحاث الاراضي – القدس