كشف تحليل أجراه معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لصور جوية عالية الدقة للنشاط الاستيطاني في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة خلال الفترة ما بين شهر ايار من العام 2012 وحتى شهر ايار من العام 2014, عن توسعات استيطانية ضخمة في 162 مستوطنة اسرائيلية من أصل 196 في الضفة الغربية المحتلة, (82.6% من عدد المستوطنات الكلي) كان لها الاثر السلبي والمدمر على التجمعات الفلسطينية. وبالإشارة الى التوسعات الحاصلة في المستوطنات الاسرائيلية, فقد تنوعت ما بين اضافة بنايات جديدة في المستوطنات بواقع 1741 مبنا و1079 كرفانا هذا بالإضافة الى 330 موقعا انشائيا جديدا. وكان من بين المحافظات الفلسطينية التي شهدت أكثر توسعا من حيث عدد المستوطنات الموجود فيها كل من محافظات رام الله والقدس والخليل وبيت لحم وسلفيت على التوالي بواقع 28 و 23 و 22 و18 و 17 مستوطنة. انظر الخارطة رقم 1
اسرائيل تعزز من يهودية المدينة المقدسة ضمن ما تُطلق عليه مخطط القدس الكبرى
انتهجت الحكومة الاسرائيلية نهجا واضحا فيما يخص التوسعات الاسرائيلية في القدس المحتلة وتركزت في المستوطنات الاسرائيلية الواقعة ضمن ما تطلق عليه مخطط "القدس الكبرى" والذي يشمل ثلاثة من أصل خمس تجمعات استيطانية إسرائيلية تسعى إسرائيل إلى ضمها الى حدودها الغير قانونية من خلال مخطط جدار العزل العنصري وهي تجمع مستوطنات "معاليه أدوميم" شرق مدينة القدس، وتجمع مستوطنات "جفعات زئيف" شمال غرب مدينة القدس وتجمع مستوطنات "غوش عتصيون" جنوب غرب مدينة القدس حيث يشكل عدد المستوطنات فيها 22.4% من عدد المستوطنات الكلي في الضفة الغربية (196 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة) ويقطنها حوالي 59 في المئة من المجموع الكلي للمستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة (718 ألف مستوطن).
وأظهر التحليل الصادر عن معهد أريج أيضا أن 371 مبناً و255 كرفانا تم اضافتها في 33 مستوطنة اسرائيلية داخل التجمعات الاسرائيلية السابقة الذكر (من أصل 45 مستوطنة) حيث تسعى الحكومة الاسرائيلية من خلال عمليات البناء هذه الى منع التمدد العمراني الفلسطيني في المناطق التي تحيط بمدينة القدس وبالتالي عزل المدنية المقدسة عن باقي محافظات الضفة الغربية المحتلة من خلال خلق أحزمة استيطانية حول المدينة وفرض حقائق على الارض يصعب التفاوض عليها ضمن أي اطار اتفاق سلام مستقبلي مع الاسرائيليين.
وبرزت التوسعات الاستيطانية في كل من مستوطنات جفعات زئيف وهار صموئيل وهار ادار الواقعة ضمن تجمع "جفعات زئيف" الاستيطاني هذا بالإضافة الى المستوطنات الاسرائيلية الواقعة ضمن حدود بلدية القدس الاسرائيلية مثل مستوطنات عطاروت الصناعية ورموت وبسغات زئيف وبسغات عمير وهار جيلو وهار حوما. هذه بالإضافة الى مستوطنتي افراتا وبيتار عيليت غرب مدينة بيت لحم واللتان تعتبران جزءا من التجمع الاستيطاني الاسرائيلي "غوش عتصيون".
نتنياهو يكثف البناء الاستيطاني في المستوطنات الاسرائيلية غرب الجدار
فبالإضافة الى ما قامت اسرائيل به في المستوطنات الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة, فقد كثفت اسرائيل ايضا من نشاطها الاستيطاني في المستوطنات الاسرائيلية التي أصبحت على الجانب الغربي[1] من الجدار والتي تسعى اسرائيل الى ضمها لحدودها من خلال بناء الجدار. وبحسب معطيات التحليل, فان 58 مستوطنة اسرائيلية اخرى شهدت توسعا استيطانيا خلال العامين الماضين بواقع 863 مبنا و298 كرفانا, كان ابرزها ايضا في المستوطنات الاسرائيلية الواقعة في التجمعات الاستيطانية الكبرى مثل مستوطنات اريئيل وريفافا وكريات نيتافيم وبرقان والتي هي جزء مما تطلق عليه اسرائيل "بتجمع أريئيل أو اصبع اريئيل" الاستيطاني في محافظة سلفيت, هذا بالإضافة الى كل من مستوطنات موديعين عيليت ومتتياهو وشيلات وميفو هورون وهشمونائيم المكونة للتجمع الاستيطاني "موديعين عيليت" غرب مدينة رام الله.
وتجدر الاشارة الى أن المستوطنات الاسرائيلية بمجموعها, تلك التي أصبحت غرب الجدار والمخطط ان تكون كذلك (من ضمنها المستوطنات الاسرائيلية في القدس المحتلة) , قد شهدت توسعا بواقع 1234 بناية (ما يزيد عن 8200 وحدة استيطانية جديدة) في العامين الماضيين الامر الذي يُنذر بالخطر الكبير الذي يحدق بالتجمعات الفلسطينية اذا استمرت وتيرة التوسع الاستيطاني بهذا الشكل.
وفي الحقيقة, ان التوسعات الاستيطانية الحاصلة تأتي في وقت تنصلت وما زالت تتنصل فيه سلطات الاحتلال الاسرائيلي عن منح تراخيص بناء للفلسطينيين القاطنين في المناطق التي ما زالت تخضع لتصنيف منطقة "ج"[2] في الضفة الغربية المحتلة أو تلك الواقعة ضمن حدود بلدية القدس, بذريعة البناء الغير مرخص وغيرها من الذرائع الواهية, حيث شنت حملة هدم واسعة في العديد من المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة طالت ما يزيد عن 560 منزلا فلسطينيا خلال العامين الماضيين واخطار أكثر من 1600 منزلا و470 منشأة فلسطينية بالهدم في الفترة ذاتها. كما لم تتقاعس الحكومة الاسرائيلية ممثلة بوزارتها المختلفة عن طرح العطاءات والمخططات للبناء في المستوطنات الاسرائيلية في سبيل تعزيز سيطرتها على الارض الفلسطينية, حيث انه خلال العامين الماضين, رصد معهد الابحاث التطبيقية ما يزيد عن 100 عطاءا تم اصداره للبناء في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تمثلت معظمها في المستوطنات الاسرائيلية في القدس المحتلة, وخاصة تلك الواقعة داخل حدود بلدية القدس التي تم اعادة رسمها بشكل غير قانوني واحادي الجانب في العام 1967.
جدار العزل العنصري لا يقف عائقا أمام التوسع في المستوطنات الاسرائيلية شرق الجدار
ولم تقتصر التوسعات الاستيطانية الاسرائيلية على المستوطنات الاسرائيلية الواقعة غرب جدار العزل العنصري, بل امتدت الى عشرات المستوطنات الاسرائيلية الواقعة شرق الجدار (75 مستوطنة شرق الجدار من أصل 91) بواقع 507 مبنا (ما يقارب ال 500 وحدة استيطانية جديدة) و526 كرفانا. وبالرغم من أن اسرائيل استطاعت من خلال مخطط الجدار ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى والمستوطنات الاسرائيلية في القدس المحتلة الى حدودها الاحادية الجانب, الا أن هناك العديد من المستوطنات الاسرائيلية بقيت على الجانب الشرقي من الجدار وتُعتبر ذات أهمية استراتيجية وجغرافية ودينية لإسرائيل وتعمل بشكل كبير ومكثف على تعزيز وجودها في المنطقة وخلق تواصل جغرافي بينها والمستوطنات الاسرائيلية غرب الجدار. فمن خلال تحليل الصور الجوية تبين أن المستوطنات الاسرائيلية الجاثمة على أراضي محافظة الخليل, خاصة تلك الواقعة ضمن ما يطلق عليه الاسرائيليون ب "تجمع هار هيبرون", كان لها النصيب الاكبر من حيث التوسعات الاستيطانية وشملت كل من مستوطنات ماعون وبيت هجاي ورمات مامريه (خارصينا) وتيليم وكرمئيل وتينيه (معاليه أوماريم) وأدورا وأوتنيل وسوسيا. كذلك المستوطنات الاسرائيلية التي يُطلق عليها الاسرائيليون بتجمع "غوش عتصيون" الشرقي وتشمل كل من مستوطنات نيكوديم وتكواع والدافيد (كفار الداد).
كما قامت اسرائيل بتكثيف البناء الاستيطاني في المستوطنات الاسرائيلية التي تعتبرها "الحلقة الجغرافية" في الضفة الغربية المحتلة, بين المستوطنات الاسرائيلية في منطقة غور الاردن والبحر الميت (منطقة العزل الشرقية) والمستوطنات الاسرائيلية غرب الجدار (المستوطنات الاسرائيلية داخل منطقة العزل الغربية), وهي تلك التي تقع في منطقة "الممرات الاسرائيلية" باعتبارها حلقة الوصل الجغرافية الوحيدة التي من خلالها ستحافظ اسرائيل على ديمومة تواصل هذه المستوطنات مع بعضها البعض وخاصة في شمال الضفة الغربية المحتلة. فكانت المستوطنات الاسرائيلية في محافظة نابلس ذات النصيب الاوفر من هذه التوسعات وشملت كل من مستوطنات ايلي ومتسبي راحيل وشيلو وبراخا ويتشهار وايتمار وشافي شمرون, هذا بالاضافة الى مستوطنات تلمون ونحلئيل ودوليف وكوخاف هشاهار وريمونيم ومعاليه مخماس في محافظة رام الله.
ملخص:-
في ظل التنديد الدولي للنشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، اسرائيل ماضية في التوسع الاستيطاني في المستوطنات الاسرائيلية دون هوادة بل وتسارع لكسب الوقت لصالح البناء الاستيطاني من خلال المماطلة في ابرام اية اتفاقية سلام مع الفلسطينيين. ان هذه السياسة الاسرائيلية قطعاً تظهر أن اسرائيل لا تعتبر شريكا يمكن أن يُجري معه الفلسطينيين مفاوضات للسلام لان المستوطنات الاسرائيلية تعتبر القضية الرئيسية للنقاش في جميع المفاوضات التي تهدف الى انهاء الصراع في الشرق الأوسط وان أي اتفاق سلام في المستقبل بين الاسرائيليين والفلسطينيين على أساس التسوية الاقليمية سيتطلب اخلاء وازالة معظم، إن لم يكن جميع، المستوطنات الاسرائيلية من أراضي الضفة الغربية المحتلة. وحيث أن إسرائيل قد رسمت خطتها الخاصة لإعادة رسم حدودها في الاراضي الفلسطينية لتشتمل أكبر عدد ممكن من المستوطنات على الجانب الإسرائيلي, فإنها بذلك تكون قد فرضت واقعا يصعب تغيير في المستقبل ويسمح باستمرار هذا الصراع الى الابد.
[1] في شهر حزيران من العام 2002 أعلنت اسرائيل عن بناء جدار العزل العنصري على اراضي الضفة الغربية المحتلة ودأبت منذ ذلك الوقت على مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية المحتلة بدواعي "امنية" حتى تضمن مناطق توسعية مستقبلية للمستوطنات الإسرائيلية التي سوف تضمها لحدودها مع انتهاء بناء الجدار. وبالفعل, استطاعت اسرائيل من خلال رسم مسار الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة (على طول الحدود الغربية, ابتداء من محافظة جنين في الشمال وانتهاء بمحافظة الخليل في الجنوب وشواطئ البحر الميت) بناء ما يزيد عن 60% من الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة . ومع انتهاء بناء الجدار, تخطط اسرائيل لضم 103 مستوطنة اسرائيلية لحدودها الاحادية الجانب.
[2] اتفاقية أوسلو الثانية والتي تم توقيعها بتاريخ 28 أيلول من العام 1995 تضمنت إجراء انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني ووضعت جدولا زمنيا لانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق الفلسطينية المأهولة بالسكان الفلسطينيين. وبناءًا على اتفاقية أوسلو الثانية تم تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق وهي: (منطقة أ)، حيث تتمتع السلطة الفلسطينية بكامل السيطرة الامنية و الادارية حيث تتكون منطقة أ من الأجزاء الرئيسية للمدن الكبيرة في الضفة الغربية. و(منطقة ب) وتشكل معظم المناطق الفلسطينية المأهولة من البلديات والقرى وبعض المخيمات في الضفة الغربية. وتسلم السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة كامل الشؤون المدنية أما السيطرة الامنية فبقيت على حالها تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي. ومنطقة ج وهي ما تبقى من مساحة الضفة الغربية وخارج منطقتي أ و ب، حيث لإسرائيل كامل السيطرة على هذه المنطقة أمنيا واداريا، وتضم فيها جميع المستوطنات الإسرائيلية ومعظم الأراضي الفلسطينية غير المأهولة أو المناطق الريفية المأهولة بشكل محدود.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)