منذ احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية في العام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة) ، شرعت إسرائيل في حملة منظمة لمصادرة الاراضي الفلسطينية بغرض إنشاء المستوطنات الاسرائيلية وغيرها من المنشأت السكنية والعسكرية وذلك لتعزيز سيطرتها على الارض الفلسطينية. وقامت اسرائيل بتنفيذ حملة غير قانونية من خلال اصدار عددا من القوانين التي وسعت من نطاق سيطرتها على الاراضي الفلسطينية في انتهاك واضح وجسيم للقوانين والاعراف الدولية. فمنها كان الأمر العسكري الاسرائيلي رقم [1]321 للعام 1969 والذي يجيز للدولة وبشكل أحادي الجانب مصادرة الأراضي الفلسطينية لأغراض 'عامة'؛ ففي الاول من شهر شباط من العام 2014, سلم رئيس البنية التحتية في الادارة المدنية الاسرائيلية, ابيعاد كسفي (زلبرمن), أهالي بلدة ياسوف في محافظة سلفيت أمر عسكري جديد تحت مسمى "اعلان عن استعمال اراضي مصادرة لاغراض عسكرية رقم 14/8/ ش.م.ص, حيث يصادر الامر العسكري الاسرائيلي ما مساحته 2.3 دونما من الاراضي الفلسطينية وذلك لاستعمال الاراضي لأغراض عامة, لم تحدد ماهيتها في الامر العسكري. انظر نسخة عن الامر العسكري
الا انه في التحليل الذي اجراه معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) للامر العسكري الاسرائيلي الصادر وبمعاينة الموقع المستهدف, تبين أن الغرض من الامر العسكري هو اقامة برج مراقبة عسكري اسرائيلي بالقرب من الحاجز العسكري الاسرائيلي "حاجز تفوح – زعترة" الواصل بين محافظات شمال الضفة الغربية ومحافظات الوسط. انظر الخارطة
وتجدر الاشارة الى أن الجرافات الاسرائيلية قامت في السابع من شهر اذار من العام 2014 بتجريف المنطقة المستهدفة في الامر العسكري وتحضير البنية التحتية اللازمة لإقامة البرج العسكري الذي يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي حيث يقع برج المراقبة العسكري الذي تنوي قوات الاحتلال اقامته على المفترق الفاصل بين الطريق رقم "60" والطريق رقم "505"" الالتفافيين. ويأتي الهدف من اقامة برج المراقبة العسكري هو تعزيز وجود الحاجز الاسرائيلي وفرض المزيد من السيطرة على حركة تنقل الفلسطينيين من شمال الضفة الغربية إلى أواسطها وبالعكس.
ويعد حاجز تفوح-زعترة من أهم الحواجز العسكرية الإسرائيلية التي اقامتها اسرائيل في الضفة الغربية المحتلة والذي مازالت تتمسك به سلطات الاحتلال حتى يومنا هذا. اقيم هذا الحاجز عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في شهر ايلول من العام 2000 والذي يفصل وسط الضفة الغربية عن شمالها حيث يعد معلما بارزا من معالم المعاناة الفلسطينية. وتم إقامة هذا الحاجز على تقاطع مفصلي يربط بين العديد من المدن الفلسطينية حيث يربط هذا التقاطع مع مدينة نابلس ورام الله وسلفيت وقلقيلية، وقد كان مسرحا هاما لكثير من أحداث التنكيل بالفلسطينيين حيث شهد عمليات اطلاق نار وعمليات عسكرية واعتقالات واغلاقات لساعات طويلة وازدحامات مرورية شديدة. وتهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه الحواجز إلى إعاقة حرية تنقل الفلسطينيين بين المدن الفلسطينية وتشديد السيطرة الأمنية عليهم والتنكيل بهم.
الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي 'لاستعمالات عامة' بأمر عسكري رقم 321:
استغل جيش الاحتلال الاسرائيلي الأمر العسكري الاسرائيلي رقم 321 للعام 1969 لتجريد الفلسطينيين من آلاف الدونمات من الأراضي بحجة المنفعة العامة. وكان الامر العسكري الاسرائيلي قد جاء بتفويض للعسكرية الإسرائيلية وصلاحية في مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة (لم يتم تحديد معنى استخدامات عامة) وبدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة. و قد استخدمت اسرائيل هذا الامر لبناء شبكة طرق للجيش في داخل المناطق الفلسطينية المحتلة وكذلك الحال للمستوطنين الإسرائيليين الذين وفر الجيش الإسرائيلي لهم طرق بديلة بعيداً عن التجمعات السكنية الفلسطينية في المناطق المحتلة. وكان الجيش الإسرائيلي قد تبنى قانون الاستملاك لاستعمالات عامة من القانون الأردني, قانون رقم 2 لعام 1953 والذي ينص على: 'الاستملاك للاستخدام العام ومنح الحكومة الحق في استملاك أراضي خاصة للصالح العام ولكن اشترط ذلك بالإعلان المسبق لنية الحكومة الاستملاك وذلك من خلال النشر في الصحف الرسمية مع التفاصيل المعينة مع إتاحة 15 يوم لأصحاب تلك الأراضي لتقديم اعتراضات على قرار الاستملاك وذلك قبل أن يتم إعادة تقديم طلب الاستملاك إلى مجلس الوزراء والملك للحصول على موافقة نهائية. وبعد الموافقة النهائية يتم تعويض أصحاب الأراضي بشكل كامل وذلك بحسب قيمة العقار/ الأرض المصادرة بتاريخ الإعلان الأول.'
وقد أدخلت إسرائيل تعديلات على قانون الاستملاك الأردني لتنفيذه بعيداً عن الأنظار, حيث أضحى تطبيق القانون مرهوناً بموافقة الهيئة العسكرية الإسرائيلية فقط. كما عنت التعديلات الإسرائيلية إلى عزل صلاحيات المحاكم المدنية لمراجعة أي قرار يتعلق بالاستملاك أو حق التعويض للجهة المتضررة. وتعتبر لجنة الاعتراضات الجهة الرسمية الوحيدة والمخولة بالنظر في أية اعتراضات مقدمة من أصحاب الأراضي المستهدفة من قانون الاستملاك والتي تتألف من عسكريين إسرائيليين. و توضح البنود التالية أهم التعديلات الإسرائيلية المدخلة على قانون الاستملاك الأردني:
- تنفيذ قانون الاستملاك كان منوطاً بالحكومة بحسب القانون الأردني غير أن الإسرائيليين أدخلوا تعديلاً أصبح تنفيذ القانون من صلاحيات القائد العسكري للمناطق المحتلة والمسؤول عن تعيين جهة عسكرية لتنفيذه.
- بحسب التعديل الإسرائيلي للقانون فان الأمر العسكري رقم 569 يجيز للجهة العسكرية المعينة من قبل القائد العسكري الإسرائيلي للمناطق المحتلة لتنفيذ قانون الاستملاك العام اتخاذ إجراءات الاستملاك من دون الإعلان عن ذلك وبدون موافقة أي جهة رسمية الا القائد العسكري الإسرائيلي للمناطق المحتلة. فيما يلي نص القرار رقم 569 للعام 1979
قرار عسكري رقم 569 للعام 1979: خاص بأراضي الدولة إنشاء قسم خاص لنقل الأراضي التي يتم الإعلان عنها كأراضي دولة أو أراضي مستملكة لأسباب أمنية. الإعلان عن نقل ملكية الأراضي يتم فقط في القسم بدلاً من الصحف الرسمية. |
- لجنة الاعتراضات المؤلفة من عسكريين إسرائيليين هي الجهة الوحيدة المخولة للنظر في الاعتراضات أو في طلب التعويضات (إذا كان ذلك وارداً) المقدمة من أصحاب الأراضي المتملكة.
- أضاف الإسرائيليين بنداً جديداً يتيح للجيش استعمال القوة ضد المعترضين على أمر الاستملاك وكذلك فرض عقوبة سجن لمدة 5 سنوات أو فرض غرامة مالية باهظة أو السجن والغرامة معاً.
ملخص:-
بدلا من تفكيك الحواجز وتخفيف المعاناة عن الفلسطينيين, الا أن اسرائيل ما زالت تعزز من مكانة الحواجز العسكرية في الضفة الغربية المحتلة وتفرض المزيد من السيطرة على حركة تنقل المواطنين الفلسطينيين وبالتالي تزيد من معاناتهم اليومية, في خرق واضح وصريح لما اجمع عليه القانون الدولي فيما يخص حرية الحركة, حيث نصت الفقرة (1) من المادة (13) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن ” لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة”. وأكدت الفقرة (2) من نفس المادة على أنه ” يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد، بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه”[2].
كما تنص المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أنه ” لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما، حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار مكان إقامته”، وأكد العهد على أن ” لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده”، وأضاف أنه لا يجوز تقييد حرية الحركة والتنقل بأية قيود، غير تلك التي ينص عليها القانون، مشدداً على أن تلك القيود يجب أن تكون ضرورية لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم. كما رفض العهد حرمان أي شخص تعسفاً من العودة إلى بلده.[3]
هوامش:-
[1] أمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة (الضفة الغربية) (رقم 321) لسنة 1969: جيش الدفاع الإسرائيلي: استناداً إلى الصلاحية المخولة لي بصفتي قائد المنطقة، أصدر الأمر التالي: مادة 1: التعاريف في هذا الأمر: "المحكمة"– المحاكم على اختلاف أنواعها، أو أية هيئة قضائية أخرى المذكورة في قانون الاستملاك. "المنشئ"– حسب مدلوله في قانون الاستملاك. "لجنة الاعتراضات"- حسب مدلولها في الأمر بشأن لجان الاعتراض (الضفة الغربية) (رقم 172)، لسنة 5728-1968. "قانون الاستملاك"- قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة، رقم 2، لسنة 1953. "السلطة المختصة"– من عينته سلطة مختصة لمقتضى هذا الأمر. مادة 2 : صلاحيات السلطة المختصة تخول السلطة المختصة كل صلاحية واردة في قانون الاستملاك وكانت مخولة للحكومة الأردنية عشية اليوم المحدد (بالكسر). مادة 3 : أحكام إضافية إذا كانت السلطة المختصة هي المنشئ: (1) لا تسري المادتان 3 (1) و5 من قانون الاستملاك. (2) تكون صلاحيات المحكمة مخولة للجنة الاعتراضات فقط. (3) إذا قدم طلب تقدير تعويضات إلى لجنة الاعتراضات وقدمت ادعاءات متناقضة فيما يتعلق بالأرض التي تقرر استملاكها- فيجوز للجنة الاعتراضات أن تفصل فيها لمقتضى ذلك الطلب فقط. مادة 4 : تعديل المادة 12 (قرار الحيازة الفورية) في قانون الاستملاك، في المادة 12، بعد الفقرة (2) يحل ما يلي: "(3) إذا صدر قرار بموجب الفقرة (1) وتخلف واضع اليد على الأرض عن إخلاء الأرض خلال المدة المحددة في القرار، فيجوز لقائد المنطقة أن يأمر بوضع اليد على الأرض. (4) كل من أعاق وضع اليد بموجب الفقرة (3)، يعاقب بالحبس لمدة خمس سنوات أو بغرامة مقدارها خمسة آلاف ليرة أو بكلتا العقوبتين معاً". مادة 5 : الإلغاء : يلغى الأمر بشأن تعديل قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة (الضفة الغربية) (رقم 108)، لسنة 5727-1967. مادة 6 : النفاذ يبدأ سريان هذا الأمر اعتباراً من 15 سيفان 5729 (1 حزيران 1969). مادة 7 :التسمية يطلق على هذا الأمر اسم "أمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة (الضفة الغربية) (رقم 321) سنة 5729-1969". 9 نيسان 5729 (28 آذار 1969) تات ألوف رفائيل فاردي قائد منطقة الضفة الغربية. (موقع قانون الفلسطيني, www.qanon.ps)
[2] الأمم المتحدة، الجمعية العامة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، 1948م، المادة 13، الفقرتين 1،2
[3] الأمم المتحدة، الجمعية العامة، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، 1966م، المادة 12، الفقرات 1،2،3،4
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)