في الثالث والعشرين من شهر شباط من العام 2014، اصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي الأمر العسكري رقم 14/03/ت الذي يقضي بوضع اليد على 184 متر مربع (0,1849 دونما) من الأراضي الفلسطينية في قرية بورين في محافظة نابلس. وحدد الأمر العسكري قطعة الأرض الواقعة في الحوض رقم 8 في موقع سونه وزقاق ابو عمر في القرية. وبحسب الأمر العسكري الاسرائيلي الصادر, فأن الهدف من وضع اليد على هذه القطعة من الأرض يأتي لأسباب أمنية. كما وحدد الأمر العسكري تاريخ الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول من العام 2016 تاريخ انتهاء سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية على هذه القطعة من الأرض.
ومن خلال التحليل الذي قام به معهد الأبحاث التطبيقية القدس – أريج، للأمر العسكري الصادر والخرائط المرفقة بالإضافة إلى الصور الجوية، تبين أن الأرض المراد مصادرتها تقع بمحاذاة الشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 60 في الجزء الشمالي منه. كما وتقع قطعة الارض المستهدفة مقابل مدرسة بورين الثانوية للذكور كما أن مستوطنة يتسهار تقع الى الجنوب من قطعة الاراض المراد مصادرتها. ومن المرجح أن السيطرة على هذه القطعة من الأرض بالذات يهدف إلى إنشاء نقطة مراقبة عسكرية إسرائيلية تشمل إقامة برج عسكري قادر على كشف حركة السيارات التي تستخدم الشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 60 وإبقائها تحت حماية وسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبالأخص حركة سيارات المستوطنين الذين يقطنون في المستوطنات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حيث يربط الشارع الالتفافي رقم 60 بين المستوطنات الإسرائيلية التي تقع في الجزء الشرقي والجنوبي من مدينة نابلس بتلك المستوطنات التي تقع في الجزء الغربي من المدينة. ويدعي المستوطنين الذين يستخدمون الشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 60 بان سيارتهم تتعرض إلى الرشق بالحجارة من قبل الفتية الفلسطينيين، وبحسب ادعاءات سلطات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين فأن وجود نقطة عسكرية دائمة في تلك المنطقة سيمنع مثل هذه الاعتداءات. نسخة عن الامر العسكري الاسرائيلي رقم 14/03/ت
أن وجود برج عسكري دائم لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية القريبة من قرية بورين سيعمل على تضيق الخناق على الفلسطينيين في تلك المنطقة، والذين سيتواجدون في الأراضي الزراعية المحيطة بها، حيث يحيط بالموقع المستهدف مساحات من الأراضي الزراعية الفلسطينية، بالإضافة إلى قرب الموقع من مدرسة فلسطينية الأمر الذي سيؤدي إلى خلق مشاحنات بين طلاب المدارس وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي سيعمل وبشكل دائم على مضايقة أهالي منطقة. كما تبين من تحليل الصور الجوية، بان الأرض المستهدفة تقع بالمنطقة المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في العام 1995، والتي تضع المناطق المصنفة "ج" تحت سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل كامل "أمنيا وإداريا". وبهذا تتذرع سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالادعاءات الأمنية لمصادرة الأراضي الفلسطينية بشكل عام، وتلك القطعة بشكل خاص, حيث أن إقامة برج عسكري إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، سيدعم الوجود العسكري الدائم في قرية بورين، وسيعرض القرية وبشكل يومي إلى اعتداءات سلطات الاحتلال الإسرائيلية، التي ستتذرع بالضرورات الأمنية لاقتحام قرية بورين بشكل خاص والقرى الفلسطينية المجاورة بشكل عام.
ومن الجدير ذكره أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية قامت بتسليم الأمر العسكري رقم 14/03/ت لأهالي قرية بورين في العاشر من شهر آذار من العام 2014، وذلك بعد مرور 16 يوما على صدوره مما يعني مرور الفترة الزمنية التي يسمح فيها بتقديم الاعتراضات على الأمر العسكري، والتي حددها ب 7 أيام من تاريخ صدوره. مما سيؤدي إلى عدم إمكانية تقديم الاعتراضات على الأمر العسكري وبالتالي سيطرة إسرائيل على تلك القطعة من الأرض دون المرور بالإجراءات القانونية في المحاكم والتي بحاجة إلى وقت وجهد كبيرين.
الخارطة رقم 1: الارض المستهدفة بالامر العسكري رقم 14/03/ت
قرية بورين الفلسطينية، جغرافيا وسكان:
تقع قرية بورين الفلسطينية إلى الجنوب من مدينة نابلس. يحدها من الشرق قرية كفر قليل، ومن الشمال مستوطنة براخا الإسرائيلية، ومن الغرب قريتي مادما وعصيرة القبلية، ومن الجنوب مستوطنة اتسهار الإسرائيلية. تبلغ المساحة الكلية للقرية 18487 دونم. بحسب الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بلغ عدد سكان قرية بورين لعام 2012 ما يقارب 2563 نسمة.
الوضع الجيوسياسي لقرية بورين:
عقب توقيع اتفاقية أوسلو الثانية والمؤقتة والتي وقعت عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تم تقسيم أراضي قرية بورين إلى ما يلي: مناطق مصنفة "أ" وتبلغ مساحتها 525 دونما وتقع تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل كامل "أمنيا وإداريا". مناطق مصنفة "ب" وتبلغ مساحتها 6150 دونما وتخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية من الناحية الإدارية، وتخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية من الناحية الأمنية. مناطق مصنفة "ج" وتبلغ مساحتها 11812 دونما وتقع تحت سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل كامل، أمنيا وإداريا.
الجدول رقم 2: تفاصيل تقسيم الأراضي في قرية بورين بحسب اتفاقية أوسلو لعام 1995 |
||
التصنيف |
المساحة (دونم) |
النسبة المئوية |
مناطق "أ" |
525 |
2.8 |
مناطق "ب" |
6150 |
33.3 |
مناطق "ج" |
11812 |
63.9 |
المجموع |
18487 |
100 |
المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية القدس – أريج 2013 |
المستوطنات والبؤر الاستيطانية الغير شرعية تلتهم أراضي قرية بورين:
عقب احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس في العام 1967، شرعت إسرائيل ببناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية في محاولة منها تعزيز سيطرتها على الأراضي التي احتلتها وبالتالي فرض وقائع لا يمكن تغييرها في المستقبل. وبحسب قاعدة البيانات الخاصة بمعهد الأبحاث التطبيقية القدس- أريج، يبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية الغير شرعية المقامة على امتداد أراضي الضفة الغربية اليوم 196 مستوطنة, هذا بالإضافة إلى 232 بؤرة استيطانية. أما فيما يخص قرية بورين، فقد قامت إسرائيل ببناء مستوطنتين إسرائيليتين على أراضيها، بالإضافة إلى خمس بؤر استيطانية غير شرعية على أراضي القرية وهي على النحو التالي,
1- مستوطنة براخا الإسرائيلية الغير شرعية:
تقع مستوطنة براخا الإسرائيلية شمال قرية بورين وتحتل 581 دونما من أراضيها. تأسست مستوطنة براخا الغير شرعية في العام 1982، وتحتل اليوم ما مساحته 986 دونما من الأراضي الفلسطينية. وفي العام 1991, أصدرت الإدارة المدنية الإسرائيلية مخططات هيكلية للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بما في ذلك تلك القائمة في القدس الشرقية. وشملت هذه المخططات مناطق توسع مستقبلية للمستوطنات الإسرائيلية القائمة مع الأخذ بعين الاعتبار اعتماد مساحات إضافية لإقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات التي كانت قائمة حتى العام 1991. وعلى الرغم من أن المخطط الهيكلي لمستوطنة براخا الإسرائيلية بحسب إصدارات الإدارة المدنية يظهر بان مساحة التوسع المستقبلية للمستوطنة سوف تصبح 411 دونما، إلا أن المساحة الفعلية الحالية للمستوطنة هي ضعف مساحة المخطط الهيكلي للمستوطنة. وبحسب إحصائيات التعداد السكاني للعام 2011، يسكن في مستوطنة براخا الإسرائيلية ما يقارب 1770 مستوطن إسرائيلي.
2- مستوطنة يتسهار الإسرائيلية الغير شرعية:
تقع مستوطنة يتسهار إلى الجنوب من قرية بورين وتحتل 522 دونما من أراضيها. تأسست مستوطنة يتسهار الإسرائيلية في العام 1983، وتحتل مساحة تصل إلى 1354 دونما من الأراضي الفلسطينية. ويظهر المخطط الهيكلي الصادر عن الإدارة المدنية الإسرائيلية في العام 1991 بان مساحة المستوطنة المستقبلية ستصل إلى 1539 دونما من الأراضي. وبحسب إحصائيات التعداد السكاني في العام 2011، يقطن المستوطنة ما يزيد عن 1100 مستوطن إسرائيلي.
3- البؤر الاستيطانية الخمس القائمة على أراضي قرية بورين،
أقدم المستوطنون الإسرائيليون بحماية وموافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلية على إنشاء 5 بؤر استيطانية غير شرعية على أراضي قرية بورين، وهي: عين هارون "جنوب براخا" وسنيه يعقوب وبراخا "أ" والتلة 778 وشلهفيت "شرق اتسهار".
في الختام:
لم تترك إسرائيل أي قطعة ارض، مهما كانت مساحتها صغير، دون أن تستهدفها بأوامرها العسكرية، بهدف السيطرة على اكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك لصالح هدفها الأسمى "حماية أمن إسرائيل". حيث تعتبر إسرائيل أن جميع ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني مشروعة وقانونية طالما أنها تزيد من سيطرة وحماية "دولة إسرائيل". حيث أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تتذرع بالضرورات الأمنية لمصادرة الأراضي الفلسطينية بهدف توسيع المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الاستيطانية، وإقامة الطرق الالتفافية لرفاهية المستوطنين، وإنشاء نقاط وأبراج عسكرية تنتشر في جميع أنحاء الضفة الغربية، ذلك بالإضافة إلى تشييد جدار العزل العنصري الذي يلتهم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. على الرغم ما تدعيه إسرائيل بان جميع ممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي ممارسات شرعية وقانونية، إلا أنها تنتهك بشكل واضح وصريح الأعراف والقوانين الدولية بالإضافة إلى انتهاكها لاتفاقيات السلام الموقعة مع الفلسطينيين.
— 'قرار مجلس الامن الدولي رقم 465 الصادر بتاريخ 1980' والذي يعتبر أن كافة الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في الأراضي المحتلة و التي غيرت من الوضع الجغرافي و الميداني لهذه الأراضي المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس, باطلة و غير قانونية و خصوصا تهجير إسرائيل للفلسطينيين من أراضيهم و تسكين المهاجرين اليهود القادمين إلى إسرائيل بدلا منهم و أن هذه الممارسات تعتبر خرقا صريحا وواضحا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين في أوقات الحرب.
— 'قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر بتاريخ '1967 الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عدوانها عام 1967. و على ارض الواقع إن المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة كالسرطان في الأراضي الفلسطينية تعتبر المعوق الأساسي لأي تسوية سلمية مستقبلية بين الطرفين.
— قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979 "دعا إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
— وجاء أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وأعلن بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل رقم 217 أ (3) والصادر بتاريخ العاشر من كانون الأول لعام 1948، والذي نص على" لا يجوز لأي أحد أن يحرم أخر وبشكل استبدادي من ممتلكاته"، والذي يعني أنه لا يجوز على إسرائيل تدمير أو مصادرة أملاك الفلسطينيين تحت أي إدعاء."
— تقرير 'ميتشيل' – ايار 2001 ذكر أن أهم خطوة يجب أن تتبعها إسرائيل لتسهيل الوصول إلى سلام شامل بين الطرفين هي تجميد كافة النشاطات الاستيطانية في الأراضي المحتلة ووقف التوسع الطبيعي للمستوطنات القائمة أصلا.
— 'في شهر أيار عام 2001 قال'رينيه كوسيرينج' رئيس البعثة الدولية للصليب الأحمر إلى إسرائيل و الأراضي الفلسطينية في مؤتمر صحفي عقد في 17-5-2001'ان المستوطنات الإسرائيلية هي من حيث المبدأ مساوية لجريمة الحرب. ( ملاحظة: أن نقل السكان القابعين تحت الاحتلال على يد الدولة المحتلة يعتبر عمل غير قانوني و يصنف على انه خرق صريح وواضح للقانون الدولي).
— اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة إسرائيل إلى تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات: "على حكومة إسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وأيضا على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003."
— اتفاقية أوسلو لعام 1995 المادة رقم 31 تنص على أنه "يمنع على الجانبي الإسرائيلي والفلسطيني البناء أو التخطيط لبناء أي مستوطنة أو توسع استيطاني أو أي مشروع آخر من شأنه أن يغير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكما يمنع قيام أي طرف بخطوة أحادية الجانب من شانها أن تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع عزة.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)