في الرابع من شهر شباط من العام 2014، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أمرين عسكريين يقضيان بوجوب إخلاء 5 دونمات من الأراضي الفلسطينية في منطقة خلة النحلة التابعة لقرية واد رحال جنوب مدنية بيت لحم، تحت ذريعة أن الأراضي المستهدفة تم تصنيفها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية على أنها أراضي دولة. وجاءت الأوامر العسكرية على النحو التالي:
جدول رقم 1: تفاصيل الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف أراضي خلة النحلة في قرية واد رحال |
||
رقم الأمر العسكري |
المساحة المستهدفة |
أسباب صدور الأمر العسكري |
2 دونم |
أراضي دولة |
|
3 دونم |
أراضي دولة |
|
ومن خلال التحليل الذي قام به معهد الأبحاث التطبيقية القدس- أريج للأوامر العسكرية والخرائط المرفقة، تبين أن المنطقة المستهدفة تقع ضمن المناطق المصنفة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أنها "أراضي دولة" وذلك وفقا للأمر العسكري الإسرائيلي رقم 967/59 والصادر بتاريخ الثالث من شهر أب من العام 2004، حيث بموجب هذا الأمر، تم الإعلان ما يزيد عن 1700 دونما من الأراضي الفلسطينية في قرية ارطاس وخلة اللوزة وقرية واد رحال، على أنها "أراضي دولة". والجدير ذكره أيضا، أن ال 1700 دونما المستهدفة بالأمر العسكري رقم967/59 تقع ضمن المنطقة المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة عام 1995 بين السلطة والوطنية الفلسطينية وإسرائيل، والتي تخضع بشكل كلي لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية الامنية والادارية، وبالتالي تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالتصرف في هذه الأراضي بحسب ما تقتضيه ادعاءاتها والمتمثلة بوجود "ضرورات أمنية" وغيرها من الادعاءات الواهية. وبناء على ما سبق, وعزم السلطات الاسرائيلية على فرض الأمر العسكري رقم 967/59 على أرض الواقع, أصدرت سلطات الاحتلال الأمرين العسكريين رقم 1348 و 1349 القاضيان بوجوب إخلاء 5 دونمات من الأراضي على اعتبار أنها أراضي دولة.
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 967/59
ولتزيد من معاناة الفلسطينيين في المنطقة، تعمدت سلطات الاحتلال الاسرائيلية إلى عدم تسليم الأوامر العسكرية الصادرة للأشخاص ذوي العلاقة باليد, بل القت بها في الاراضي المستهدفة وذلك لتضمن ضياعها وتتجنب الدخول في المسائل القضائية التي تستغرق الكثير من الوقت والجهد والمال، حيث انه وبهذه الطريق تضمن سلطات الاحتلال ضياع الفرصة أمام الفلسطينيين للاعتراض على الأوامر العسكرية الصادرة اما بسبب مرور الفترة الزمنية التي يحق لهم فيها تقديم الاعتراضات على الامر العسكري، وهي 45 يوما من تاريخ إصدار الأمر، أو بسبب عدم علم الاشخاص ذوي العلاقة بصدور الأمر العسكري. وبهذا تكون سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد سهلت على نفسها عملية مصادرة الأراضي الفلسطينية دون الخوض في المجالات القانونية.
ومن الجدير ذكره ايضا ان الأراضي الفلسطينية المستهدفة بحسب الاوامر العسكرية هي جزء من ال 1700 دونم المستهدفة بالأمر العسكري رقم 967/59، والتي تسعى إسرائيل إلى ضمها بشكل غير قانوني واحادي إلى حدود "دولة إسرائيل" ، وبشكل خاص إلى التجمع الاستيطاني الاسرائيلي "غوش عتصيون" والذي يضم 11 مستوطنة إسرائيلية، وذلك من خلال مصادرة أكبر قدر ممكن من الاراضي الفلسطينية لصالح توسيع المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة، وبشكل خاص من اجل بناء الحي الاستيطاني الاسرائيلي "جفعات هاييتم"، الذي هو جزء من المخطط الهيكلي الاسرائيلي لمستوطنة افراتا الاسرائيلية والصادر عن الادارة المدنية الاسرائيلية في العام 1991.
مخطط مستوطنة جفعات هاييتم وجدار العزل العنصري الاسرائيلي
خضع مسار جدار العزل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة للعديد من التعديلات منذ الإعلان عن بناءه في شهر حزيران من العام 2002، حيث وبحسب مخطط جدار العزل العنصري في تلك المنطقة (منطقة خلة النحلة) الصادر في العام 2004، فان الجدار سيضم الأراضي الفلسطينية المستهدفة بالأمر العسكري رقم 967/59 (البالغ مساحتها 1700 دونما) والتي من المقرر إقامة الحي الاستيطاني "جفعات هاييتم" عليها لتصبح ضمن حدود التجمع الاستيطاني الاسرائيلي "غوش عتصيون" جنوب مدينة القدس". الا أن التعديلات العديدة التي اجرتها وزارة الاحتلال الإسرائيلية على مسار جدار العزل العنصري وقامت بنشرها على صفحتها الالكترونية, كان أخرها في شهر نيسان من العام 2007. حيث بموجب التعديل الأخير, أصبحت الأراضي الفلسطينية المستهدفة (بحسب المخططات الإسرائيلية, لإقامة الحي الاستيطاني "جفعات هاييتم") خارج منطقة الجدار, على الجهة الشرقية منه, الامر الذي اثار حفيظة المستوطنين القاطنين في المنطقة بسبب استبعاد هذه المنطقة خارج مخطط الجدار وقاموا بأعمال العربدة في المنطقة شملت اضافة كرفانات جديدة في المنطقة ورفع الاعلام الاسرائيلية وزراعة الاشجار في محاولة منهم للضغط على الحكومة الاسرائيلية واعادة النظر في قرارها الاخير فيما يخص مسار الجدار وضم المنطقة التي سوف يقوم عليها الحي الاستيطاني, جفعات هاييتم لتصبح ضمن حدود تجمع غوش عتصيون الاستيطاني.
قرية وادي رحال جغرافيا وسكان:
تقع قرية وادي رحال إلى الجنوب من مدينة بيت لحم. يحدها من الشرق بلدة جناتة، ومن الجنوب قرية جورة الشمعة، ومن الشمال بلدة الخضر ومن الغرب قرية وادي النيص. تبلغ المساحة الكلية لقرية وادي رحال 4132 دونما ويقطنها اليوم 1650 نسمة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2013 [1]
الوضع الجيوسياسي في قرية وادي رحال:
عقب توقيع اتفاقية أوسلو الثانية والمؤقتة والموقعة عام 1995 بين السلطة والوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تم تقسيم أراضي قرية وادي رحال البالغ مساحتها 4132 دونما إلى: مناطق مصنفة "ب" وتبلغ مساحتها 1675 دونما، وهي مناطق تخضع أمنيا لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية، بينما تخضع إداريا لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومناطق مصنفة "ج" وتبلغ مساحتها 2457 دونما وهي مناطق خاضعة بشكل كامل لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
جدول رقم 2: تصنيف أراضي قرية وادي رحال حسب اتفاقية أوسلو (1995) |
||
تصنيف الأراضي |
المساحة (بالدونم) |
النسبة المئوية من مساحة أراضي القرية |
منطقة "أ" |
0 |
0 |
منطقة "ب" |
1657 |
40.5% |
منطقة "ج" |
2457 |
59.5% |
المجموع |
4132 |
100% |
المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية القدس – أريج 2014 |
جدار العزل العنصري في قرية وادي رحال:
يظهر التعديل الأخير لمسار جدار العزل العنصري في الضفة الغربية المحتلة الذي نشر على الصفحة الالكترونية لوزارة الاحتلال الإسرائيلية في شهر نيسان من العام 2007، بان 1.2 كم من الجدار سيمتد على أراضي قرية وادي رحال من الجهة الغربية, وسوف يعزل, حال الانتهاء من بناءه, 144 دونما (3.5%) من أراضي القرية لتصبح ضمن منطقة العزل الغربية. وتجدر الاشارة أن مخطط الجدار حول تجمع مستوطنات غوش عتصيون هو جزء من مخطط أوسع تسعى اسرائيل الى تنفيذه في المنطقة بهدف اعادة تعريف حدود مدينة القدس بشكل يتناسب والمخططات الاسرائيلية التي ترمي الى ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى التي تحيط بمدينة القدس (تجمع مستوطنات غوش عتصيون في الجنوب وتجمع مستوطنات معاليه أدوميم في الشرق وتجمع مستوطنات جفعات زئيف في الشمال) ضمن مخطط "القدس الكبرى" وذلك من خلال بناء جدار العزل العنصري, في الوقت نفسه, تسعى السلطات الاسرائيلية الى عزل واستبعاد عشرات التجمعات الفلسطينية عن المدينة وفرض اغلبية يهودية مقابل اقلية فلسطينية في المدينة.
الخاتمة:
في الوقت الذي تدور فيه محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، تسارع سلطات الاحتلال الإسرائيلية الى تغيير الوضع القائم لخلق معالم جديدة لحدود دولة "إسرائيل" ولتغيير معالم التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية، بهدف فرض سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات الإسرائيلية وجدار العزل العنصري. والحقيقة أن اسرائيل لا تترك أي فرصة دون أن تزيد من معاناة الفلسطينيين، بمصادرة أراضيهم وممتلكاتهم وهدم منازلهم، حيث تسارع في بناء المستوطنات وتوسيعها وتشييد جدار العزل العنصري وتشرعن البؤر الاستيطانية ضاربة بعرض الحائط جميع الأعراف والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية, منها:
— اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المادة رقم 174: "يحظر تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بشكل واسع النطاق، ولا تبرره ضرورة عسكرية ملحة، وينفذ بشكل غير قانوني وغير شرعي وبشكل تعسفي."
— اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة إسرائيل إلى تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات: "على حكومة إسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وأيضا على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003."
— اتفاقية أوسلو لعام 1995 المادة رقم 31 تنص على أنه "يمنع على الجانبي الإسرائيلي والفلسطيني البناء أو التخطيط لبناء أي مستوطنة أو توسع استيطاني أو أي مشروع أخر من شأنه أن يغير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكما يمنع قيام أي طرف بخطوة أحادية الجانب من شانها أن تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع عزة.
— قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979 "دعا إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
— وجاء أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وأعلن بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل رقم 217 أ (3) والصادر بتاريخ العاشر من كانون الأول لعام 1948، والذي نص على" لا يجوز لأي أحد أن يحرم أخر وبشكل استبدادي من ممتلكاته"، والذي يعني أنه لا يجوز على إسرائيل تدمير أو مصادرة أملاك الفلسطينيين تحت أي إدعاء."
[1] http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_Rainbow/Documents/betleha.htm
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)