مع بداية العام الجديد 2014، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أوامر عسكرية لوقف العمل والبناء تستهدف عشرة شقق سكنية فلسطينية في قرية روجيب في محافظة نابلس، تحت ادعاء أن المنازل المستهدفة تم بنائها بشكل غير قانوني في الاراضي المصنفة "ج" ولم تحصل على ترخيص من الإدارة المدنية الإسرائيلية باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة بإصدار تراخيص البناء في المناطق المصنفة "ج". الجدول رقم (1) يبين تفاصيل المنازل المستهدفة:
الجدول رقم 1: تفاصيل عن الاوامر العسكرية الصادرة بحق منازل الفلسطينيين في قرية روجيب – محافظة نابلس |
||||
العدد |
الاسم |
طبيعة المنشأة |
المساحة |
رقم الأمر العسكري |
1. |
محمد معين |
منزل مكون من طابقين |
250 متر مربع |
|
2. |
مجاهد صبري |
منزل مكون من طابقين |
150 متر مربع |
|
3. |
رضا ظاهر الحنني |
منزل مكون من طابقين |
200 متر مربع |
|
4. |
أحمد راضي |
منزل قيد الإنشاء |
900 متر مربع |
|
5. |
راضي غالب |
منزل |
300 متر مربع |
|
6. |
إبراهيم شحادة |
منزل مكون من طابقين |
150 متر مربع |
|
|
المصدر: مجلس قروي روجيب – 2014 |
خارطة رقم 1: موقع المنازل المخطرة بالهدم في قرية روجيب الفلسطينية
من خلال تحليل الأوامر العسكرية في معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) وتحديد مواقع المنازل المستهدفة على خارطة قرية روجيب، تبين بأن المنازل تقع في المناطق المصنفة "ج" والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية والموقعة عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل كامل سواء على الناحية الأمنية أو الإدارية, وبهذا تمتلك سلطات الاحتلال الإسرائيلية وعلى رأسها الإدارة المدنية الإسرائيلية الحق في إصدار تراخيص العمل والبناء لمنازل ومنشآت الفلسطينيين في تلك المناطق (مناطق "ج"). وبناءا على ما سبق فان الإدارة المدنية الإسرائيلية تتعمد عدم إصدار تراخيص عمل وبناء للفلسطينيين، حيث اتضح ذلك من خلال المشاهدات لفريق العمل الميداني لمعهد الأبحاث التطبيقية القدس – أريج، فانه عند محاولة الفلسطينيين الحصول على رخص لبناء منازل أو منشات أخرى فان سلطات الاحتلال الإسرائيلية وعلى رأسهم الإدارة المدنية الإسرائيلية، تتعمد إلى طلب العديد من الإجراءات والمعاملات التي تأخذ الكثير من الوقت والجهد والمالمن المواطن الفلسطيني لاستصدارها أو الحصول عليها من الدوائر الرسمية الاسرائيلية، حيث أنه في العديد من الحالات يتم رفض اصدار رخصة للبناء تحت ادعاء عدم مطابقة المبنى لشروط البناء في المناطق المصنفة "ج" أو أن الأوراق المطلوبة غير مطابقة للشروط الاسرائيلية أو غير مستوفية الطلب وغيره من الادعاءات الاسرائيلية الباطلة، الامر الذي يدفع الفلسطينيين للبناء من غير ترخيص لتسارع السلطات الاسرائيلية بعد ذلك إلى هدم تلك المنازل بحجة البناء الغير مرخص. وتهدف العملية برمتها الى تفريغ الأرض من مواطنيها الفلسطينيين لتسهيل عملية الاستيلاء عليها لصالح البناء الاستيطاني الاسرائيلي، هذا بالإضافة إلى استنزافها لأموال ووقت الفلسطينيين دون فائدة وتثقل كاهلهم.
ومن المهم ذكره أن الأمر العسكري الإسرائيلي الصادر بعنوان "وقف العمل والبناء" ما هو إلا خطوة أولى نحو إصدار الأمر العسكري الواجب بالهدم، وبالتالي قيام جرافات الاحتلال الإسرائيلية بهدم المنازل فعليا وإبقاء العشرات من الفلسطينيين دون مأوى. كما أن الأمر العسكري الاسرائيلي "لوقف العمل والبناء" يعطي "فرصة" للفلسطينيين لمحاولة لتصويب أوضاعهم القانونية لدى الادارة المدنية الاسرائيلية فيما يخص المنازل والمنشات التي تخصهم وبالتالي محاولة اصدار رخصة بناء للمنزل أو المنشأة المستهدفة بالهدم. وفي أغلب الحالات, تتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى عدم إعطاء الفلسطينيين رخص عمل وبناء لمنازلهم ومنشأتهم لمواكبة النمو السكاني الطبيعي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيت تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى المماطلة في الإجراءات وتغريم المخالفين بمبالغ طائلة، بالإضافة إلى الأوراق والمطالبات والمواصفات الخاصة التي تطلبها من المتقدمين للحصول على رخص البناء، وبهذا تكون الفرصة التي تمنحها سلطات الاحتلال الإسرائيلية للفلسطينيين قبل عملية الهدم الفعلي هي فرص وهمية وشكلية، وعند انتهائها تسارع سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى هدم المنزل، وتشريد ساكنيه وإبقائهم دون مأوى.
قرية روجيب، جغرافيا وسكان
تقع قرية روجيب الفلسطينية على بعد 5 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس. يحد قرية روجيب من الشمال مخيم بلاطة للاجئين، ومن الغرب مستوطنة براخا الإسرائيلية، ومن الشرق قريتي بيت فوريك وبيت دجن، ومن الجنوب قرية كفر قليل ومستوطنة ايتمار الإسرائيلية والشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 557. تبلغ المساحة الكلية لقرية روجيب 7068 دونما في حين تبلغ المساحة العمرانية في قرية روجيب ما يقارب 600 دونما والتي تشكل ما نسبته 8.4%.
الوضع الجيوسياسي لقرية روجيب:
بناءا على اتفاقية أوسلو المؤقتة والموقعة في شهر أيلول من العام 1995، بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل. تم تقسيم أراضي قرية روجيب البالغ مساحتها 7068 دونم إلى ثلاث مناطق: حيث تم تصنيف ما مساحته 439 دونما من أراضي قرية روجيب كمناطق " أ", وهي مناطق تخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل كامل (أمنيا وإداريا). في حين تم تصنيف ما مساحته 1666 دونما من أراضي القرية كمناطق "ب"، وهي مناطق تخضع امنيا لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي في حين تخضع إداريا لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية. وما تبقى من مساحة القرية والبالغة 4963 دونما تم تصنيفها كمناطق "ج"، وهي مناطق تقع تحت سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل "امنيا وإداريا". (الجدول رقم 2)
جدول رقم 2: : تصنيف الأراضي في قرية روجيب اعتمادا على اتفاقية أوسلو الثانية 1995 |
||
تصنيف الأراضي |
المساحة (الدونم) |
% من المساحة الكلية للقرية |
مناطق أ |
439 |
6.2 |
مناطق ب |
1666 |
23.6 |
مناطق ج |
4963 |
70.2 |
المساحة الكلية |
7068 |
100 |
المصدر: قاعدة بيانات وحدة GIS– أريج 2013 |
ومن الجدير ذكره أن قرية روجيب تقع ضمن ما تصنفه اسرائيل "بمنطقة الممرات" والتي تعتبر ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لإسرائيل، حيث أن هذه الممرات تشكل خط تواصل جغرافي بين منطقة العزل الشرقية (المنطقة الشرقية من الضفة الغربية أو منطقة غور الأردن والتي تشكل 29.4% من أراضي الضفة الغربية ويوجد فيها 38 مستوطنة إسرائيلية)، والمستوطنات الإسرائيلية في منطقة العزل الغربية وهي تلك المنطقة التي تقع بين مسار جدار العزل العنصري و خط الهدنة للعام 1949 (الخط الأخضر)، حيث أن منطقة العزل الغربية (حين الانتهاء من بناء الجدار) سوف تضم 107 مستوطنة إسرائيلية الى الحدود الغير قانونية والاحادية الجانب لإسرائيل. وتسعى إسرائيل إلى إبقاء سيطرتها على منطقة الممرات من خلال فرض الامر الواقع على الأرض، وهي الطريقة التي تتبعها إسرائيل حاليا من خلال إصدارها لأوامر مصادرة الأراضي في تلك المناطق أو هدم المنازل والمنشات الفلسطينية. فمنطقة الممرات تحوي على 30 مستوطنة إسرائيلية تشكل مساحتها ما نسبته 17.5% من مجمل مساحة المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغريبة.
قرية روجيب والمستوطنات الإسرائيلية
عقب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية في العام 1967، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بمصادرة ما يقارب 570 دونما من أراضي قرية روجيب (8.1% من المساحة الكلية للقرية) لغرض بناء مستوطنة ايتمار الإسرائيلية. جدول رقم 3
جدول 3: المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي قرية روجيب |
||||
المستوطنة |
سنة التأسيس |
عدد المستوطنين (2011) |
مساحة المستوطنة داخل حدود قرية روجيب (دونم) |
المساحة الكلية للمستوطنة (دونم) |
ايتمار |
1984 |
1181 |
570 |
3097 |
المساحة الكلية |
— |
1181 |
570 |
3097 |
المصدر: قاعدة بيانات وحدة GIS- أريج 2013 |
كما خسرت قرية روجيب المزيد من أراضيها خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لصالح بناء عدد من الطرق الالتفافية الإسرائيلية ( طريق رقم 57 و طريق رقم 557) و ذلك من اجل ربط المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقرية بعضها ببعض وبالمستوطنات الاخرى في الشمال وداخل اسرائيل.
في الختام:
تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلية جميع السياسات والوسائل لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني، من اجل مصادرة أراضيه لتوسيع وبناء المستوطنات الإسرائيلية، وتشييد جدار العزل العنصري بالإضافة إلى إقامة الطرق الالتفافية التي تخدم المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. ولن يكون عام 2014 مختلف عن الأعوام السابقة، فالسياسات الإسرائيلية لهدم المنازل لن تختلف، على الرغم من المضي قدما في محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. فسياسة الأوامر العسكرية الهادفة إلى هدم منازل الفلسطينيين هي من السياسات القديمة التي تتبعها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن الأراضي المصنفة "ج"، والتي تشكل 60% من أراضي الضفة الغربية، في محاولة منها لإفراغ تلك المناطق من الفلسطينيين وبالتالي إحكام سيطرتها عليها وضمان بقاءها فيها. وجميع السياسات التي تتبعها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين، سواء بالأوامر العسكرية الهادفة إلى هدم المنازل أو مصادرة الأراضي، أو بناء المستوطنات وجدار العزل العنصري، أو توسيع البؤر الاستيطانية الغير شرعية وغيرها من السياسات التي تسعى إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، هي سياسات تنتهك جميع القوانين والأعراف الدولية واتفاقيات السلام الموقعة مع الجانب الفلسطينية؛
— اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المادة رقم 174: "يحظر تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بشكل واسع النطاق، ولا تببره ضرورة عسكرية ملحة، وينفذ بشكل غير قانوني وغير شرعي وبشكل تعسفي."
— اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة إسرائيل إلى تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات: "على حكومة إسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وأيضا على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003."
— اتفاقية أوسلو لعام 1995 المادة رقم 31 تنص على أنه "يمنع على الجانبي الإسرائيلي والفلسطيني البناء أو التخطيط لبناء أي مستوطنة أو توسع استيطاني أو أي مشروع أخر من شأنه أن يغير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكما يمنع قيام أي طرف بخطوة أحادية الجانب من شانها أن تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع عزة.
— قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979 "دعا إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
— قرار مجلس الأمن رقم 452 (1979) والذي يدعو الحكومة والشعب الإسرائيلي بالسرعة الممكنة لوقف عمليات إقامة وبناء وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 بما في ذلك القدس". وكذلك دعا قرار مجلس الأمن رقم 465 (1980)، الذي "طالب إسرائيل بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة وطالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات"
— في عام 2004 طالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إسرائيل بوقف هدم بيوت الفلسطينيين وذلك حسب القرار رقم 1544- (2004) والذي نص على أن مجلس الأمن دعا إسرائيل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون.
— وجاء أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وأعلن بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل رقم 217 أ (3) والصادر بتاريخ العاشر من كانون الأول لعام 1948، والذي نص على" لا يجوز لأي أحد أن يحرم أخر وبشكل استبدادي من ممتلكاته"، والذي يعني أنه لا يجوز على إسرائيل تدمير أو مصادرة أملاك الفلسطينيين تحت أي إدعاء."
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)