في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 2013، سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أهالي بلدة عقربا الفلسطينية أمر عسكري يحمل رقم 06/60/ت (تمديد سريان) وذلك لتمديد سريان وضع اليد على 5.3 دونما من الأراضي الفلسطينية في البلدة حتى الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول من العام 2016. وبحسب الأمر العسكري الصادر في الثالث من شهر تشرين الأول من العام 2013، والموقع من قبل قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي "نيتسان الون، فقد حدد قطعة الأرض المستهدفةوهي الحوض رقم 3 في البلدة وبالتحديد في مواقع وعر الشعر والكركفة والمرج. وتدعي سلطات الاحتلال الاسرائيليةبان الحاجة والأغراض الأمنية وبناء جدار امن هو السبب الرئيسي لإصدار أمر تمديد سريان وضع اليد على الأراضي الفلسطينية. ومثل أغلبية الأوامر العسكرية التي تصدرها سلطات الاحتلال الإسرائيلية، فإنها تقوم بتسليم الأمر لأصحاب الشأن بعد انقضاء الفترة القانونية المنصوص عليها في الأمر للاعتراض على الامر العسكري لدى الدوائر الاسرائيلية المعتمدة والتي غالبا تكون عشرة أيام, تبدأ من تاريخ توقيع الأمر العسكري. ويأتي ذلك في اطار السياسة الاسرائيلية الهادفة الى عدم إعطاء فرصة للفلسطينيين للاعتراض على الأمر العسكري الاسرائيلي وبالتالي تعطيل الإجراءات بحق الفلسطينيين.
الأمر العسكري الاسرائيلي رقم 06/60/ت (تمديد سريان)
ومن خلال التحليل الذي اجراه معهد الابحاث التطبيقية- القدس (أريج) للأمر العسكري والخرائط المرفقة، تبين بان الأمر العسكري 06/60/ت يستهدف الأراضي الفلسطينية الواقعة على مقطع من الطريق الالتفافي الإسرائيليرقم 505 بطول 1600 متر (1.6 كم) وتستهدف 27 دونما في المنطقة. ومن الجدير ذكره بان الطريق الالتفافي الإسرائيلي رقم 505 يربط بين منطقة الاغوار (التي أصبحت تعرف بمنطقة العزل الشرقية بسبب الاجراءات الاسرائيلية المعقدة التي تفرض عليها) والتجمع الاستيطاني الإسرائيلي اريئيل والمستوطنات الاسرائيلية داخل حدود الخط الاخضر. كما أن الاراضي المستهدفة تقع ضمن ما يعرف بالممرات الإسرائيلية والتي تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى إبقاء سيطرتها عليها في حال التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين. حيث تشكل الممرات الإسرائيلية نقطة إستراتيجية لإسرائيل، بحيث تربط هذه الممرات بين منطقة الاغوار (منطقة العزل الشرقية) ، أي المنطقة الواقعة على طول الحدود الفلسطينية -الأردنية، والتجمعات الاستيطانية الإسرائيلية الكبرى بحدود "دولة إسرائيل". وبحسب الأمر العسكري الصادر الذي ادعى بوجوب وجود جدار أمني على جانبي الطريق، فان تمديد سريان الفترة الزمنية لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية على هذه المنطقة، يعطي لها الغطاء القانوني من اجل استكمال بناء هذا الجدار الأمني وبالتالي فرض سيطرتها على تلك المنطقة بشكل كامل. كما وتدعي إسرائيل بأنها من خلال بناء هذا الجدار ستحمي حركة تنقل المستوطنين على هذه الطريق دون الأخذ بالاعتبار تداعيات ذلك على الأراضي الفلسطينية وعلى المواطن الفلسطيني، الذي تقتطع من أرضه لصالح حماية المستوطنات والمستوطنين الإسرائيليين.
وهذا ليس الأمر العسكري الأول الذي تصدره إسرائيل لتمديد سيطرتها على الأراضي الفلسطينية بشكل عام، وفي تلك المنطقة بشكل خاص، حيث وعلى امتداد الشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 505، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أمر عسكري اخر لتمديد سيطرتها على أراضي تابعة لقريتي يتما وقبلان، ولنفس السبب الداعي إلى بناء جدار امن. حيث يعود تاريخ إصدار الأمر العسكري إلى الثالث من تشرين الأول من العام 2013، ويحمل رقم 06/57/ت ويقضي بتمديد سريان وضع اليد على 3.8 دونما من الأراضي الفلسطينية في قريتي قبلان ويتما من اجل استكمال بناء جدار أمني على جانبي الطريق الالتفافي الإسرائيلي رقم 505 [1].
وبهذا, تكون إسرائيل قد مددت صلاحيتها سيطرتها على الأراضي الفلسطينية بمساحة تصل إلى 49 دونما على امتداد الشارع الالتفافي رقم 505 وبطول 2700 متر، وبالتالي يتيح لها التحكم في هذه الأراضي بشكل مطلق وبناء الجدار الأمني الذي تدعي وجوب وجوده في تلك المنطقة لحماية حركة تنقل المستوطنين على الطريق السابق الذكر ، وبالتالي حرمان المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأراضي من الوصول لهذه الأراضي أو الاستفادة منها لإغراض زراعية أو لتربية المواشي وغيره من الاستخدامات التي قد تكون مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية. وأيضا تكون سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد أعطت لنفسها الغطاء والمبرر القانوني للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من حقهم في الوصول أو الاستفادة من أراضيهم.
بلدة عقربا الفلسطينية
تقع بلدة عقربا على بعد 17 كم جنوب شرق مدينة نابلس. يحدها من الشمال مستوطنة ايتمار الإسرائيلية وقرية يانون الفلسطينية، ومن الغرب قرية قصرين، ومن الجنوب قرية جوريش ومستوطنة مجداليم الإسرائيلية. تبلغ المساحة الكلية للبلدة 146,448 دونما، منها 1094 دونما ( 0.75% من المساحة الكلية للبلدة) هي المساحة العمرانية للبلدة. يسكن في بلدة عقربا 9238 فلسطينيا وذلك بحسب التعداد السكاني للعام 2013 والصادر عن مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني.
الوضع الجيوسياسي لبلدة عقربا الفلسطينية
بعد توقيع اتفاقية أوسلو المؤقتة في شهر أيلول من العام 1995، بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تم تقسيم الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مناطق "ب" ومناطق"ج". حيث أن مساحة الأراضي المصنفة كمناطق "ب" بلغت 14435 دونما (9.9% من المساحة الكلية للقرية)، وهي مناطق تقع فيها المسؤولية الأمنية تحت سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية، في حين تتسلم السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية الإدارية. أما مساحة الأراضي المصنفة كمناطق "ج" بلغت 131913 دونم (90.1% من المساحة الكلية للقرية)، وهي مناطق تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية امنيا وإداريا. ومن هذا المنطلق, تتحكم السلطات الإسرائيلية في عملية إصدار تراخيص العمل والبناء في هذه المناطق، وبالتالي تتحكم في مصير العديد من العائلات الفلسطينية التي تسكن في هذه المناطق. جدول رقم (2) يوضح تصنيفات الأراضي الفلسطينية في قرية عقربا.
جدول رقم 2: تصنيفات الأراضي في قرية عقربا بالاعتماد على اتفاقية أوسلو المؤقتة لعام 1995
|
الرقم
|
تصنيف المنطقة
|
المساحة (دونم)
|
النسبة المئوية
|
1
|
مناطق ا
|
0
|
0
|
2
|
مناطق "ب"
|
14435
|
9.9%
|
3
|
مناطق "ج"
|
131913
|
90.1%
|
|
المجموع
|
146448
|
100%
|
المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية القدس – أريج (2013)
|
منطقة العزل الشرقية وبلدة عقربا:
تجدر الإشارة إلى أن 87% من مساحة بلدة عقربا الفلسطينية تقع ضمن ما أصبح يعرف بين الفلسطينيين، بمنطقة العزل الشرقية، وهي المنطقة الشرقية للضفة الغربية، وذلك بسبب الإجراءات الإسرائيلية والاغلاقات وتقييد على حركة الفلسطينيين وعلى عمليات البناء والتطور في المنطقة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين القاطنين في المنطقة في سبيل المخططات الاستيطانية التي تسعى لها في المنطقة وأهمها البناء في المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة لتعزيز وجودها واستمراريتها. والجدير بالذكر أنه عقب الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية في عام 1967، وصدور قرار مجلس الأمن 242 ، والذي جاء فيه "إنهاء كل حالات الحرب والمطالب المتعلقة بها، واحترام السيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة والاعتراف بها، بالإضافة إلى حقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها دون تهديدات آو استخدام للقوة". سارعت إسرائيل بإضافة تعديلات على حدود ما قبل 1967، وبالاعتماد على قرار 242، وتطبيق ما دعا إليه من "حدود أمنة " وبما يتناسب مع مخططاتها الاستيطانية المستقبلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولهذا عمدت إسرائيل إلى إحكام سيطرتها على مناطق الأغوار عن طريق بناء سلسة من المستوطنات الإسرائيلية، وإعلان هذه المناطق على إنها "مناطق إسرائيلية عسكرية مغلقة" وبالتالي محظورة على الفلسطينيين الوجود فيها بآي شكل من الأشكال. وفي شهر حزيران من العام 2002، بدأت السلطات الاحتلال الإسرائيلية بتنفيذ سياسة العزل الأحادية الجانب بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال إيجاد منطقة عزل في الجزء الغربي من الضفة الغربية، والتي تمتد من شمالها إلى جنوبها مغتصبة أكثر الأراضي الزراعية خصوبة وعزل التجمعات الفلسطينية عن بعضها، وتغيير الوضع الديمغرافي في الضفة الغربية، ومسيطرة على الموارد الطبيعية. كما عمدت إسرائيل إلى خلق منطقة عزل شرقية على طول امتداد منطقة غور الأردن وذلك من خلال إحكام سيطرة الجيش الإسرائيلي على كافة الطرق المؤدية إلى المنطقة الشرقية من الضفة الغربية و زيادة حجم المعاناة على سكان المنطقة و تقييد حركتهم و حركة منتجاتهم الزراعية. و كان ذلك واضحا في تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارييل شارون في شهر أيار من عام 2004 عندما سؤل عن الجدار في المنطقة الشرقية, منطقة غور الأردن, حيث قال: ” أنا لا أرى جدارا في المنطقة الشرقية إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك. هنا و هناك, سوف نحجب الدخول إلى المنطقة الشرقية بالحواجز العسكرية.“
في الختام:
لا تترك إسرائيل أي فرصة إلا وتستغلها لصالح بناء المستوطنات وتوسيعها وإقامة جدار العزل العنصري، وتشييد الطرق الالتفافية لصالح رفاهية المستوطنين، ولخلق تواصل جغرافي بين شرق الضفة الغربية بما يعرف باسم "منطقة العزل الشرقية" بحدود "دولة إسرائيل" وكذلك بالتجمعات الاستيطانية الكبرى والتجمعات والمستوطنات الاسرائيلية داخل حدود العام 1948. وعلى الرغم من العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين وبرعاية الولايات المتحدة الأمريكية، الا أن إسرائيل تسعى بكافة الوسائل إلى هدم عملية السلام عن طريق الاستمرار في إصدار أوامر عسكرية لتمديد سريان الفترة الزمنية لسيطرتها على الأراضي الفلسطينية، لصالح بناء جدران امنية على طول الطرق الالتفافية الإسرائيلية، وتشييد المستوطنات الإسرائيلية وجدار العزل العنصري. وتشكل جميع الإجراءات الإسرائيلية العنصرية من مصادرة الأراضي الفلسطينية وحرمان المواطن الفلسطيني من الوصول والاستفادة من أراضيه، بالإضافة إلى بناء المستوطنات والاستمرار ببناء جدار العزل العنصري، خرق واضح وصريح لجميع القوانين والأعراف الدولية, وأهمها: –
– المادة رقم 47 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 و التي تنص ‘ لا يُحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية، سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مُؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة.’
– المادتين 53 و 147 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 تنص على أنه :’ أي هدم أو تدمير أو مصادرة من جانب القوة المحتلة يعتبر غير شرعي ما لم تكن هناك ضرورة عسكرية ملحّة تبرر ذلك.‘
– المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على ‘أن كل إنسان له كافة الحقوق التي تنص عليها هذا الإعلان بدون أي تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو اللون أو اللغة أو الرأي السياسي أو القومية أو الأصل الاجتماعي . علاوة على ذلك فإنه لا تمييز بناء على ما تقدم وذلك ينطبق على سكان الدول المستقلة ذات السيادة أو غير المحكومة ذاتيًا