لا تزال الكلمات الشهيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق أريئيل شارون (2001-2006) حاضرة وتطبق يوميا في برنامج الحكومة الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية: ‘جميعنا يجب أن نتحرك، أن نركض، ويجب أن نستولي على مزيد من التلال، يجب أن نوسع بقعة الأرض التي نعيش عليها. كل ما تحت أيدينا لنا، وما ليس بين أيدينا يصبح لهم’..[1]
في صباح يوم التاسع والعشرين من شهر نيسان من العام 2013، قامت الجرافات الإسرائيلية بحماية قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي وبدون سابق إنذار، بإجتياح قرية خلايل اللوز الواقعة جنوب شرق مدينة بيت لحم، وتجريف أراضي زراعية تبلغ مساحتها 3 دونمات، وتقطيع حوالي 60 شجرة زيتون تعود ملكيتها للمواطن يوسف خلف الريان. كما قامت جرافات الإحتلال الإسرائيلي أيضا بإغلاق شارع رئيسي يبلغ طوله كيلومتر واحد بالسواتر الترابية لكي تمنع أصحاب الأراضي الأخرى من الوصول إلى أراضيهم.
صورة 1 & 2: إغلاق شارع رئيسي بالسواتر الترابية
صور 3-8: عمليات التجريف والتخريب الاسرائيلية التي طالت منطقة خلايل اللوز
كما قامت جرافات الإحتلال الإسرائيلي بتجريف أراضي زراعية تبلغ مساحتها 2,5 دونم وإقتلاع أكثر من 60 شجرة زيتون، إضافة إلى تدمير سناسل إستنادية تعود ملكيتها للمواطن يوسف أبو لبن في منطقة خلة القطن الواقعة ضمن حدود قرية خلايل اللوز وإلى الشرق منها. وجاءت عمليات التجريف هذه تحت ذريعة ان الاراضي المستهدفة تقع ضمن المنطقة المصنفة ‘ج’ بحسب اتفاقية أوسلو الثانية وان اصحابها قاموا باستغلال الارض دون الحصول على التراخيص اللازمة من الادارة المدنية الاسرائيلية في منطقة بيت لحم. الا أن الحقيقة التي تكمن وراء عملية التجريف التي قامت بها الاليات العسكرية الاسرائيلية هي ان الاراضي التي تم استهدافها في منطقة خلايل اللوز تقع ضمن المنطقة التي تصنفها اسرائيل على انها ‘أراضي دولة’ بحسب الامر العسكري الاسرائيلي الصادر في العام 2004 والذي يحمل رقم 96756. خارطة رقم 1 تبين موقع الارض المستهدفة والاراضي التي تم تصنيفها من قبل اسرائيل على انها اراضي دولة بحسب الامر العسكري الاسرائيلي الصادر.
وتتزامن هذه الأحداث مع اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن نيته تجميد البناء الإستيطاني حتى منتصف شهر تموز المقبل (العام 2013) (مدة شهرين ونصف)، حيث أن إسرائيل ما زالت تصعد من هجماتها وإنتهاكاتها بحق المواطنين والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة لكي تفرض حقائق على الأرض لا يمكن تغييرها الامر الذي يزيد من مأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني من جهة، وإلى تقويض الوضع السياسي لكي تتمكن إسرائيل من التحكم في زمام الأمور من جهة أخرى.
قرية خلايل اللوز جغرافيا وسكان:
تقع قرية خلايل اللوز جنوب شرق مدينة بيت لحم وعلى بعد 4 كم هوائي منها. يحد القرية من الشمال قريتا هندازة وأرطاس، ومن الجنوب قرية أبو نجيم ومن الشرق قريتا رخمة وبيت فالوح ومن الغرب خلة النحلة وجدار العزل العنصري الذي يضم تجمع غوش عتصيون الاستيطاني يبلغ التعداد السكاني في قرية خلايل اللوز 654 نسمة (بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2012).
الوضع الجيوسياسي في قرية خلايل اللوز:
بموجب إتفاقية أوسلو الثانية الموقعة في شهر أيلول من العام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، تم تصنيف 1161 دونما (29.9% من المساحة الكلية للمنطقة والبالغة 3880 دونما) من أراضي قرية خلايل اللوز ضمن منطقة (ا) التي تخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة أمنيا واداريا, فيما تم تصنيف 631 دونما من أراضي قرية خلايل اللوز (16.3% من المساحة الكلية للقرية) على انها مناطق ‘ب’ وهي المناطق التي تخضع اداريا للسلطة الوطنية الفلسطينية وأمنيا لسيطرة السلطات الاسرائيلية, بينما تم تصنيف الجزء المتبقي من قرية خلايل اللوز والبالغ 2088 دونما (53.8% من المساحة الكلية للقرية) على انها مناطق ‘ج’ وتخضع للسيطرة الإسرائيلية المطلقة (إداريا وأمنيا)، حيث يمنع البناء فيها او الاستفادة من الارض لاي غرض كان دون الحصول على التراخيص اللازمة من الادارة المدنية الاسرائيلية التي تثقل كاهل الفلسطينيين بشروطها للحصول على مثل هذه التراخيص. وفي معظم الاحيان يتم رفض الطلبات المقدمة من قبل الفلسطينيين للحصول على تراخيص البناء والعمل في مناطق ج بسبب حجج واهية تتذرع بها الإدارة المدنية الإسرائيلية كعدم إستيفائهم للشروط اللازمة للبناء أو ان المنشئات المراد بناء تقع على أراضي مصادرة بحسب أوامر عسكرية سابقة او أن الاراضي المنوي البناء عليها تقع ضمن مناطق مصنفة اسرائيليا على انها ‘أراضي دولة’ وغيرها الكثير من الذرائع. فما تفرضه حكومة الإحتلال من إجراءات تعسفية ضد الفلسطينيين القاطنين في مناطق ‘ج’ لإستصدار تراخيص للبناء قد يتطلب أشهر وأعوام من أجل تلبية الحصول عليها في ظل الرفض المستمر من الإدارة المدنية الإسرائيلية لمنح مثل هذه التراخيص, وهذا ما يدفع الفلسطينين للبناء ‘الغير شرعي’ (بحسب المفهوم الإسرائيلي) مما يجعلها في خطر دائم من التعرض للهدم في أي لحظة.
إن هذه السياسة المتعمدة من قبل الإحتلال الإسرائيلي في إستهداف المناطق والمنشئات الفلسطينية الواقعة في مناطق ‘ج’ (بحسب إتفاقية أوسلو الثانية)، وبذريعة أنها تخضع لسيطرتها المطلقة (اداريا وأمنيا)، تهدف إلى تكريس الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والسيطرة على أكبر مساحة ممكن منها.
وضمن سياق إستهداف قرية خلايل اللوز، قامت السلطات الإسرائيلية أيضا بتحرير إخطارات هدم واخلاء لعدد من المواطنين في خلة النحلة الواقعة إلى الغرب من قرية خلايل اللوز بحجة أنها مصنفة ‘أراضي دولة’. وتشمل هذه الإخطارات المواطنين التالية أسمائهم:
محمد يحيى عياش/ صاحب أرض زراعية – خلة النحلة
ابراهيم محمد عابدة / صاحب محجر وكسارة – أرض زراعية – خلة النحلة
الحاج عبد الشويكي / صاحب مصنع باطون الشويكي وأرض زراعية خلة النحلة
سليمان أبو غوش / صاحب أرض زراعية – خلة القطن
صورة 9-14: نسخة عن الاخطارات والاراضي الفلسطينية المهددة بالمصادرة
قرية خلة النحلة، جغرافيا وسكان:
تقع خلة النحلة جنوب غرب مدينة بيت لحم وضمن حدود قرية واد رحال الفلسطينية. يحدها من الشمال قرية ارطاس، ومن الجنوب قريتا الثبرة وواد رحال من الجنوب، ومن الشرق قرية خلايل اللوز، ومن الغرب جدار العزل العنصري الذي يضم في مساره تجمع غوش عتصيون الاستيطاني ويعزل سبعة تجمعات فلسطينية عن مركز المدينة في بيت لحم[2].
الوضع الجيوسياسي للمناطق المخطًرة في خلة النحلة
من خلال التحليل الذي قامت به وحدة المعلومات الجغرافية في معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)، تبين بأن الأراضي المخطًرة بالاخلاء والمصادرة تقع ضمن ما تصنفه إسرائيل ‘بأراضي دولة’، وذلك بموجب الأمر العسكري الإسرائيلي رقم 96756 الصادر في الثالث من شهر آب من العام 2004، والذي يقضي بتحويل 1.700 دونما من الأراضي الفلسطينية إلى ‘أراضي دولة’ بهدف اقامة حي استيطاني جديد بإسم ‘حي جفعات هايتم’[3] يشمل بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة على ما تصنفه اسرائيل التلة ‘الثامنة’ لمستوطنة إفرات والتي تعود ملكيتها لمواطني قريتي الخضر وأرطاس جنوب مدينة بيت لحم. خارطة رقم 1
إن تحويل الأراضي الفلسطينية الخاصة إلى ما يسمى بالتصنيف الإسرائيلي ‘أراضي دولة’ ليست إلا وسيلة ومن الوسائل الغير قانونية التي تمارسها حكومة الإحتلال الاسرائيلي لسلب ونهب أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ احتلالها للاراضي في العام 1967 وحتى يومنا هذا. هذا النوع من الممارسات الإحتلالية يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للمضي قدما في ‘مشروعها الإستعماري’ في الاراضي الفلسطينية، فبمجرد أن تصادر إسرائيل أراضي الفلسطينيين تحت ذريعة ‘أراضي دولة’، فإنها تباشر بإغراق المنطقة بالمستوطنات والبؤر الإستيطانية والثكن العسكرية من أجل تعزيز وجود مستوطنيها في تلك المنطقة، وهذا بدوره يفرض حقائق مريرة على التجتمعات الفلسطينية ويقوض أي جهد فلسطيني لبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة.
الخلاصة:
إسرائيل ما زالت تضرب بعرض الحائط جميع المعاهدات والمواثيق الدولية عندما يتعلق الأمر بإستكمال مشاريعها الإستعمارية في دولة فلسطين المحتلة، فهي تصادر أراضي الفلسطينيين وتهجرهم من أماكن سكنهم بشكل يومي وكارثي تحت ذرائع وحجج واهية، مما سيؤدي ذلك مستقبلا إلى قتل أي فرصة لدولة فلسطينية قابلة للعيش فيها.
فيما يلي بعض من هذه المواثيق الدولية التي تدين المصادرات الاسرائيلية للاراضي الفلسطينية:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 17: (1) لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره. (2) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا.
قرار مجلس الامن الدولي رقم 465 الصادر بتاريخ 1980‘ والذي يعتبر ان كافة الاجراءات الت اتخذتها اسرائيل في الاراضي المحتلة و التي غيرت من الوضع الجغرافي و الميداني لهذه الاراضي المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس, باطلة و غير قانونية و خصوصا تهجيراسرائيل للفلسطينيين من اراضيهم و تسكين المهاجرين اليهود القادمين الى اسرائيل بدلا منهم و ان هذه الممارسات تعتبر خرقا صريحا وواضحا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين في اوقات الحرب.
المادة الحادية والثلاثين من إتفاقية أوسلو عام 1995 تنص على ما يلي: يحظر على إسرائيل بناء أو التخطيط لأي مشروع أومستوطنات أو أي توسع إستعماري من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتنص المادة على:’ لا يجوز لأي طرف الشروع أو إتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حتى إنتظار مفاوضات الوضع الدائم ‘
[1] Ariel Sharon, Israeli Foreign Minister, addressing a meeting of the Tsomet Party, Agence France Presse, Nov. 15, 1998.
http://en.wikiquote.org/wiki/Talk:Ariel_Sharon
[2] نحالين, واد فوكين, بتير, حوسان, خلة بيت سكاريا, خلة عفانة وخلة البلوطة
[3] المخطط الإستيطاني لبناء 2500 وحدة سكنية في إفرات أو ما يعرف بإسم ‘حي جفعات هايتم’ حظي بموافقة مبدئية في ذلك الوقت، لكن المشروع لم يخرج إلى حيز النفاذ لعدم حصول المخطط على موافقات عديدة أهمها موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع ووزارة البناء و الإسكان الإسرائيلية