عقب اعلان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما, عن نيته زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة الشهر المقبل (في العشرين من شهر آذار من العام 2013)، تبدو المشاريع الإستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في حالة من الإزدهار. ففي الحادي عشر من شهر شباط من العام 2013، قام وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك بإعطاء موافقته على بناء 90 وحدة إستيطانية كجزء من خطة شاملة لبناء 300 وحدة إستيطانية في مستوطنة بيت إيل الواقعة في الشمال من محافظة رام الله. والجدير ذكره أن الوحدات الاستيطانية السابقة الذكر كانت الحكومة الاسرائيلية قد وعدت ببنائها العام الماضي (حزيران 2012) حيث سيتم تنفيذ بنائها (عملية البناء الإستيطاني في بيت ايل) من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية كتعويض عن خطة الإخلاء التي نفذتها الحكومة الاسرائيلية للبؤرة الإستيطانية الغير شرعية (جفعات هاأولبناه)[1]، والتي اعلن عنها رئيس الوزراء الاسرائيلي, بنيامين نتنياهو قبل ثمانية أشهر.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تصنيف البؤرة الإستيطانية ‘جفعات هاأولبناه’ بأنها بؤرة غير شرعية من قبل محكمة العدل العليا الإسرائيلية، على أساس أن الثلاثين وحدة الإستيطانية المكونة للبؤرة (خمس بنايات) تم بنائها على أراضي فلسطينية خاصة تابعة للمواطنيين الفلسطينيين في قرية يبرود في محافظة رام الله. إضافة إلى ذلك، اعتبر تقرير ساسون, الصادر في العام ,2005 البؤرة الإستيطانية (جفعات هاأولبناه) غير شرعية أيضا[2] وأوصى التقرير بأنه يجب تفكيك هذه البؤرة الإستيطانية والبؤر الاخرى التي حملت ذات التصنيف. وكانت ساسون قد صرحت في تقريرها بانه ‘ليس هنالك فارق قانوني بين البؤر الإستيطانية ال71[3] التي أنشئت قبل آذار 2001 والبؤر الإستيطانية ال24 التي أنشئت ما بعد هذا التاريخ، فجميعها تعتبر غير شرعية. كما أنه من المهم أن نؤكد انه ليس كافيا إخلاء هذه البؤر الإستيطانية، إنما يجب وقف كافة الإجراءات المتعلقة بالدعم والتمويل المالي من قبل الدولة لمثل هذه البؤر الإستيطانية، فأساس هذا التقرير ينطوي على تطبيق القانون بشكل كامل، فهي لا تعد مسألة سياسية بقدر ما هي قانونية، من أجل الضرورة لدولة تعتبر ديمقراطية’.[4]
وعلى أرض الواقع, تحاول الحكومة الإسرائيلية اعادة بناء البؤرة الإستيطانية السابقة الذكر (جفعات هاأولبناه) ونقلها لتصبح داخل مستوطنة ‘بيت إيل’ الغير شرعية أيضا من خلال إعطاء الضوء الأخضر لبناء 90 وحدة إستيطانية، وهذه سياسة خبيثة تنتهجها حكومة الإحتلال الإسرائيلي من أجل التلاعب والتحايل على المجتمع الدولي لإضفاء الشرعية القانونية على البؤرة الإستيطانية الغير شرعية (جيفعات هاأولبناه) وغيرها من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية عن طريق ضمها إلى المستوطنة والتي تعد أيضا غير شرعية بحسب القوانين والاعراف الدولبة. الشكل رقم 1
الشكل رقم 1: نقل البؤرة الإستيطانية ‘جفعات هاأولبناه’ إلى داخل مستوطنة بيت إيل الغير شرعية
المصدر: صحيفة هاارتس العبرية, 2012
حالات سابقة مماثلة لقضية البؤرة الإستيطانية ‘جفعات هاأولبناه’
إن حالة البؤرة الإستيطانية ‘جفعات هاأولبناه’ داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تعتبر الأولى من نوعها، حيث أنه في العام الماضي، وبالتحديد في السابع عشر من شهر نيسان من العام 2012 قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو, بالموافقة على العديد من المخططات التي تتضمن إضفاء الشرعية لثلاث مستوطنات اسرائيلية داخل الضفة الغربية (بروخين، ريخاليم، وسنسانة)، وذلك بعدما تلقى توصيات بالموافقة عليها من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك, حيث إقترح نتنياهو أن تكون مستوطنة بروخين ( الواقعة ضمن محافظة نابلس) كجزء من مستوطنة إيي زهاف (تبعد عنها حوالي 2كم)، و مستوطنة ريخاليم (الواقعة ضمن محافظة نابلس أيضا) تكون كجزء من مستوطنة كفار تفوح (تبعد عنها حوالي 1.5 كم)،ومستوطنة سنسانة (الواقعة ضمن محافظة الخليل) أن تكون جزء من مستوطنة إشكلوت التي تبعد عنها حوالي 2.5 كم جنوبا. للمزيد من التفاصيل, الرجاء النقر هنا
لمحة عن مستوطنة بيت إيل:
أقيمت مستوطنة بيت إيل الإسرائيلية في العام 1977، على حساب أراضي كل من قرى دورا القرع وعين يبرود والبيرة الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي في محافظة رام الله. وتعتبر هذه المستوطنة إحدى المستوطنات الهامة والإستراتيجية من حيث موقعها بالنسبة للحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث أنها تقع في منطقة الممرات الإسرائيلية التي تسعى إسرائيل إلى السيطرة عليها بإعتبارها تشكل حلقة تواصل جغرافي بين المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في الشرق (منطقة الأغوار – منطقة العزل الشرقية) والمستوطنات الإسرائيلية الواقعة في الجزء الغربي من الضفة الغربية (منطقة العزل الغربية)[5]. إضافة إلى ذلك، تضم هذه المستوطنة حوالي 5,300 مستوطنا، وتحتل مساحة تصل إلى 1,056 دونما. جدول رقم 1 يبين تفاصيل مستوطنة بيت إيل الاستيطانية الغير شرعية.
جدول رقم1: تفاصيل حول مستوطنة بيت إيل الغير شرعية الواقعة في محافظة رام الله |
إسم المستوطنة |
تاريخ إنشاء المستوطنة |
المساحة المصادرة (بالدونم) |
عدد المستوطنين
2009 |
بيت إيل |
1977 |
1,056 |
5,300 |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية, أريج 2013
بناء ال90 وحدة إستيطانية في مستوطنة بيت إيل، وأثرها على التجمعات الفلسطينية المحيطة بها:
إن التوسع الجاري في مستوطنة بيت إيل كواحدة من المستوطنات الواقعة في منطقة الممرات الإسرائيلية، يمنح إسرائيل دافع هام لكي تفرض سيطرتها على هذه المنطقة وخاصة أن مستوطنة بيت ايل ليس الوحيدة في تلك المنطقة وأن هناك عددا من المستوطنات المتواجدة في المنطقة والتي تشكل أيضا أهمية استراتيجية بالنسبة للحكومة الاسرائيلية من حيث الموقع ونوع المستوطنة والمستوطنين القاطنين فيها مثل عوفرا، بيساغوت، كوخاف يعقوب ‘عبير يعقوب’، شعار بنيامين (ادم) ومستوطنة بيت إيل. ومن هذا المنطلق, فان اسرائيل تسعى إلى ضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات والبؤر الإستيطانية إلى حدودها الجديدة التي تقوم برسمها بصورة غير قانونية واحادية الجانب في الضفة الغربية خارج اطار جدار العزل العنصري ومنطقة العزل الشرقية، بحيث لن يتوجب عليها التنازل أو التخلي عن هذه المستوطنات في ظل إطار التوصل إلى حل نهائي مع الفلسطينيين. ولذلك, فان إتباع سياسة ‘إضفاء الشرعية على المستوطنات الاسرائيلية القائمة في الاراضي بالرغم من عدم قانونيتها – من قبل الحكومة الإسرائيلية، يمنحها فرصة أفضل كي تفرض واقعا وحقائق مريرة على الأرض بحيث يجعل ذلك من إنسحابها من هذه المستوطنات مستحيلا في المستقبل. خريطة رقم 1 توضح موقع مستوطنة بيت إيل في منطقة الممرات الإسرائيلية. الخريطة رقم 1
الخلاصة:-
إن الحكومة الإسرائيلية تحاول أن توجه رسالة قوية إلى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما قبل زيارته الى إسرائيل، مفادها أن إسرائيل سوف تستمر في مشاريعها التوسعية والإستعمارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن طريق تعزيز وجود المستوطنات والبؤر الاستيطانية الاسرائيلية وغيرها من المنشات الاسرائيلية العسكرية في الضفة الغربية المحتلة من خلال الاستمرار في البناء فيها والتحايل على القانون في محاولة لإضفاء الشرعية على هذه المستوطنات,والبؤر. كما ان اسرائيل سوف تستمر في بناء جدار العزل العنصري الذي يتم اقامته على حساب الأراضي والممتلكات الفلسطينية بالرغم من أن بناءه يشكل خرقا واضحا للقانون الدولي وإتفاقيات حقوق الإنسان وكافة الإتفاقات الموقعة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. فيما يلي عرض لبعض هذه المعاهدات والقوانين:
المادة الحادية والثلاثين من إتفاقية أوسلو عام 1995 تنص على ما يلي: يحظر على إسرائيل بناء أو التخطيط لأي مشروع أومستوطنات أو أي توسع إستعماري من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتنص المادة على:’ لا يجوز لأي طرف الشروع أو إتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حتى إنتظار مفاوضات الوضع الدائم ‘
قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 446، الصادر في 22 آذار من عام 1979 يدعو إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والإمتناع عن إتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطبيعة الجغرافية، ويؤثر ماديا على التكوين الديمغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس، وعلى وجه الخصوص، عدم نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي العربية المحتلة.
أيضا قرار رقم 452 من العام 1979 يدعو حكومة وشعب إسرائيل إلى الوقف بشكل فوري، إنشاء وتشييد وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس.
المادة 49 الفقرة 6 من إتفاقية جينيف الرابعة تنص على ‘ يحظر على الدولة المحتلة ترحيل ونقل جزء من سكانها إلى الأراضي التي تحتلها’.
في العام 1980 طالب مجلس الأمن في قرار رقم 465 إسرائيل بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك، كما طالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات.
[1] جفعات هاأولبناه: هي بؤرة إستيطانية غير شرعية، تم بناءها عام 1995 خارج الحدود الإسرائيلية من مستوطنة بيت إيل الغير شرعية. تقع هذه البؤرة الإستيطانية حوالي 200 متر إلى الشرق من مستوطنة بيت إيل على إحدى التلال التي تدعى بجبل أرطيس، والتي تعود ملكيتها إلى المواطنيين الفلسطينيين من محافظة رام الله.
[2] بحسب تقرير ‘ ساسون’ الذي يعتبر تقرير رسمي من قبل الحكومة الإسرائيلية، والذي تم إعداده من قبل الرئيس السابق لدائرة الإدعاء الجنائية الدولية (تاليا ساسون)، الصادر في آذار من العام 2005، أعتبرت البؤرة الإستيطانية هاأولبناه بأنها غير شرعية ويجب تفكيكها.
[3] تعد جفعات هاأولبناه أحدى هذه البؤر الإستيطانية ال71.
[4] لقد تم الموافقة على تقرير ساسون من قبل الحكومة الإسرائيلية:
http://www.haaretz.com/print-edition/news/gov-t-okays-sasson-report-panel-set-up-to-implement-it-1.152983
[5] (تقع هذه المنطقة بين خط وقف إطلاق النار لعام 1949 وطريق جدار العزل الإسرائيلي)