تقوم ما تسمى ب’شركة تطوير القدس- موريا’ الاسرائيلية وبالتعاون مع بلدية القدس ووزارة المواصلات الاسرائيلية في هذه الايام باطالة الطريق ‘رقم (50)’ أو ما يطلق عليه الاسرائيليون طريق ‘مناحيم بيغين’ (طريق رقم 4 سابقا) ليخترق الضواحي الجنوبية لمدينة القدس, داخل حدود العام 1967, على حساب أراضي بلدتي بيت صفافا وشرفات جنوب القدس ويشقها من منتصفها ليفصل أحيائهما عن بعضها البعض ويصادر 234 دونما من أراضيها لهذا الغرض. ويعتبر مشروع الطريق الذي تقوم شركة موريا الاسرائيلية بتنفيذ الجزء الاكبر منه على أراضي بلدتي بيت صفافا وشرفات استكمالا لشبكة الطرق الاسرائيلية في الجزء الجنوبي لمدينة القدس.
وصف الطريق رقم 50 (الطريق رقم 4 سابقا):-
يمتد الطريق رقم 50 (الذي هو قيد الانشاء حاليا) من تقاطع ‘جولومب’ ([1]Golomb Intersection) داخل أراضي الخط الاخضر (خط الهدنة للعام 1949) ويكمل باتجاه الجنوب نحو شارع ‘اجودات سبورت بيتار’ (Agodat Sport Beitar) مرورا باستاد تيدي الرياضي[2] ومحطة السكة الحديدية في المالحة ومن ثم باتجاه مجمع المالحة التجاري (كينيون مالحة بالعبرية) حتى يربط مع الشارع رقم 39 ( يطلق عليه الاسرائيليون ‘شارع يتسحاق موديعاي’[3]) وهو نقطة الفصل في الطريق التي تقوم شركة موريا بانشائه اذ انه من منتصف هذا الشارع (الشارع رقم 39) يكمل الطريق باتجاه الجنوب ليخترق أراضي بلدتي بيت صفافا وشرفات جنوب القدس ويستمر باتجاه مستوطنة جيلو الاسرائيلية الجاثمة بشكل غير قانوني على اراضي محافظة بيت لحم ليربط في النهاية مع الطريق الالتفافي الاسرائيلي رقم 60 الذي يعتبر الوصلة الجغرافية بين المستوطنات الاسرائيلية جنوب وشمال الضفة الغربية (تجمع مستوطنات غوش عتصيون الاسرائيلي والمستوطنات الاسرائيلية في الخليل) وتلك داخل مدينة القدس والخط الاخضر أيضا.
وتدعي بلدية القدس الاسرائيلية أن الهدف من وراء مخطط شق الطريق رقم 50 هو تخفيف وتحسين تدفق حركة المرور في الضواحي الجنوبية لمدينة القدس الا أن الطريق سوف يعود بالفائدة الكبرى على المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة (جنوب مدينة القدس) وبالتحديد أولئك القاطنين في تجمع غوش عتصيون الاستيطاني ومستوطنات الخليل الذين سيكونون قادرين على القيادة الى مدينة القدس ومدن اسرائيل من دون التوقف عند إشارة مرور واحدة. كما تسعى اسرائيل الى زيادة طول الطريق, حتى وان كان ذلك على حساب الاراضي الفلسطينية, ليربط مع الطرق الرئيسية جنوب مدينة القدس التي تربط جنوب القدس بشمالها وإلى طريق النفق الذي هو جزء من الطريق الالتفافي الاسرائيلي رقم 60 . ويقسم مخطط الطريق الى ثلاث مقاطع, وهي:-
المقطع الاول: بناء مقطع من الطريق والذي هو عبارة عن ‘طريق تحت جسر تقاطع ‘جولومب’ (Golomb Intersection)’ داخل أراضي الخط الاخضر (خط الهدنة للعام 1949) ويكمل باتجاه مجمع المالحة التجاري مرورا بشارع ‘اجودات سبورت بيتار’ واستاد تيدي الرياضي. ومن المخطط أن تنتهي الشركة من بناء هذا المقطع من الطريق مع نهاية شهر تموز من العام 2014 وتبلغ تكلفته 400 مليون دولار.
المقطع الثاني: حيث سيتم بناء مقطع اخر من الطريق رقم 50 وهو عبارة عن طريق تحت الارض (نفق), وبالتحديد تحت الشارع الذي يؤدي الى مجمع المالحة التجاري وأيضا جسر فوق طريق المجمع التجاري ويصل حتى الشارع رقم 39 (‘شارع يتسحاق موديعاي’). ومن المتوقع أن تنتهي هذه المرحلة مع نهاية شهر كانون ثاني من العام 2014.
المقطع الثالث: يبدأ من نقطة في منتصف الشارع رقم 39 باتجاه مستوطنة جيلو الاسرائيلية في الجنوب وانتهاءا بالطريق الالتفافي الاسرائيلي رقم 60 الذي يصل الى تجمع غوش عتصيون الاستيطاني والمستوطنات الاسرائيلية في اقصى جنوب الضفة الغربية. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من هذا المقطع من الطريق مع نهاية شهر ايار من العام 2015. وتبلغ تكلفة شق الطريق رقم 50 بمقاطعه الثلاث 1.1 مليار دولار ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من العمل عليه كاملا مع نهاية شهر أيار من العام 2015. انظر الخريطة رقم 1
الطريق رقم 50 واثره على بلدتي بيت صفافا وشرفات جنوب مدينة القدس
في الوقت الذي تقوم فيه بلدية القدس الاسرائيلية بخلق نوع من التواصل الجغرافي بين المستوطنات الاسرائيلية داخل الخط الاخضر وتلك داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة من خلال مخطط الطريق رقم 50, فانها في نفس الوقت, سوف تخلق واقع جديد ومرير على المواطنين الفلسطينيين القاطنين في كل من بلدتي بيت صفافا وشرفات جنوب مدينة القدس حيث سوف يفصل المخطط الجديد بينهما جغرافيا مع العلم أن كل من البلدتين كانتا على اتصال جغرافي دائم طوال السنوات الماضية وتعتمد كلتيهما على بعضهما البعض في جميع الخدمات. كما ان الطريق يمر بالقرب من منازل الفلسطينيين وسوف يحرمهم, حال الانتهاء من بناءه, من الوصول الى العديد من الاماكن الحيوية في كل من البلدتين والتي كانت في السابق سهل الوصول اليها دون الحاجة الى اللجوء الى طرق أو ممرات بديلة للوصول اليها. ومع انتهاء مخطط توسيع الطريق رقم 50, سوف يضطر أهالي البلدتين الى سلوك طرق بديلة, من خلال جسور سوف يتم اقامتها ضمن مخطط الطريق رقم 50 للوصول الى اماكنهم المقصودة. الصور التالية توضح العمل الجاري في الطريق رقم 50 الذي تقوم شركة موريا بتنفيذ جزء منه على أراضي بلدتي بيت صفافا وشرفات :-
الطريق يقسم بلدة بيت صفافا عن جارتها بلدة شرفات |
الطريق يمر بموازاة المنازل الفلسطينية في بلدة بيت صفاف |
الطريق يمر بالقرب من منازل الوطنين في بلدتي بيت صفافا وشرفات |
العمل بالقرب من مجمع المالحة التجاري ويستمر باتجاه بلدتي بيت صفافا وشرفات |
الطريق يتضمن بناء جسور وأنفاق |
وتجدر الاشارة الى أن أعمال البناء القائمة على الطريق رقم 50 تجري على أساس مخططات اسرائيلية صادرة في أوائل التسعينات[4] حيث صادرت بلدية القدس الاسرائيلية انذاك أراضي المواطنين الفلسطينيين في تلك المنطقة لهذا الغرض, الا أنه لم يتم البدء بشق الطريق في ذلك الوقت كما لم يتم عرض اي من المخططات التفصيلية للطريق على عامة الشعب, سواء من الفلسطينيين أو الاسرائليين[5] للنظر اليها والاعتراض عليها (بحسب اللوائح والقوانين التي تنص على ذلك) وبدا العمل على الطريق دون نشر أي من المخططات التفصيلية للطريق. ونتيجة لذلك، لم يعط الفلسطينيين, الذين سوف يتعرض مجرى حياتهم للتغيير إلى الأبد جراء بناء الطريق, فرصة لتقديم الاعتراضات على المخطط.
معلومات اضافية عن مخطط الطريق رقم 50
مخطط الطريق رقم 50 يشمل اطالة الطريق الى 12 كم ليشمل الضواحي الجنوبية لمدينة القدس، وتوفير طريق ذات ستة مسارات وذلك بادعاء تخفيف الازدحام المروري من الجنوب إلى المدينة, كما صرحت بلدية القدس الاسرائيلية. وسوف تشمل الطريق خمسة جسور وثلاثة أنفاق. والمخطط هو جزء من رؤية بلدية القدس الاسرائيلية لتوسيع شبكة الطرق جنوب غرب مدينة القدس.
السياسات الاسرائيلية في مدينة القدس
صدرت العديد من القرارات في الأمم المتحدة تندد بما تقترفه إسرائيل من انتهاكات للقانون الدولي بسبب النشاطات الاستيطانية التي تقوم بها في الدولة الفلسطينية المحتلة وخاصة في مدينة القدس اذ تسعى اسرائيل الى تغيير حدود المدينة بما يتناسب ورؤيتها المستقبلية حتى تحصل على أغلبية يهودية في المدينة وأقلية فلسطينية من خلال بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلية على حساب الاراضي الفلسطينية وضم التجمعات الاستيطانية الكبرى التي تحيط بالمدنية الى حدودها وخلق تواصل جغرافي بينها في نفس الوقت تستبعد التجمعات الفلسطينية خارج مدينة القدس والتي طالما كانت جزء من المدينة.
ان المشروع الذي تسعى اسرائيل الى فرضه على أهالي بلدتي بيت صفافا وشرفات ما هو الا واحد من الامثلة الواضحة على سياسات الامر الواقع التي تنتهجها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية وتسعى دائما الى ان تكون على حساب التجمعات والاراضي الفلسطينية مقابل ان توفر لشعبها وسكانها ما هو ضروري لاستدامة عيشهم في البلاد. ومن بين هذه القرارات التي تندد بالنشاطات الاسرائيلية, ما يلي:-
في عام 1968 صدر قرار مجلس الأمن رقم 252 الذي شجب قرار الحكومة الإسرائيلية بضم القدس وطالب بالعدول عن كل الإجراءات التي من شأنها أن تغيير وضع المدينة.
كذلك في العام 1971 صدر قرار مجلس الأمن رقم 298 الذي يوصي الأمين العام للأمم المتحدة بالتحقيق في انصياع إسرائيل لقرارات مجلس الأمن وبتقديم تقرير حول ذلك خلال 60 يوماً.
القرار رقم 267: في 3 يوليو 196، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 267، وينص القرار على : ‘إن مجلس الأمن إذ يؤكد المبدأ القائل إن الاستيلاء على الأراضي بالفتح العسكري غير مقبول و يؤكد قراره السابق رقم 252 لعام 1968م.
القرار رقم 298 : مرة أخرى انعقد مجلس الأمن في 25 سبتمبر 1971م واتخذ قرار رقم 298 جاء فيه:’إن مجلس الأمن إذا يلاحظ بقلق أن ‘إسرائيل’ اتخذت إجراءات أخرى تقصـد بها تغيير وضـع وصفة القطـاع المحتـل مـن القدس’ ويؤكد مجدداً قراري مجلس الأمن رقم (252) لعام 1968 ورقم (267) لعام 1969 . كما يؤكد بأوضح العبارات الممكنة، أن جميع الأعمال التشريعية والإدارية التي قامت بها ‘إسرائيل’ لتغيير وضع مدينة القدس ومن ضمنها مصادرة الأراضي والممتلكات ونقل السكان والتشريع الذي يهدف إلى ضم القطاع المحتل، لاغية كلياً ولا يمكن أن تغير ذلك الوضع.
وأيضا في العام 1979 صدر قرار مجلس الأمن رقم 446 الذي أعلن عدم شرعية سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس. كما تشكلت لجنة لدراسة وضع المستوطنات. بالطبع إسرائيل لم تتعاون مع اللجنة فصدر قرار مجلس الأمن رقم 452 الذي شجب إسرائيل لعدم تعاونها.
وفي العام 1980 طالب مجلس الأمن في قرار رقم 465 إسرائيل بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك. وطالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات.
وفي نفس السنة صدر قرار مجلس الأمن رقم 478 الذي اعتبر تأكيد الكنيست الإسرائيلي لضم القدس الشرقية انتهاكاً للقانون الدولي وطالب الدول الأعضاء التي لديها سفارات في القدس بنقل سفارتها إلى تل أبيب.
[1] سمي بهذا الاسم نسبة الى الياهو جولومبغ مؤسس ‘الهاجاناه’, المنظمة العسكرية السرية التي تم تشكيلها في عهد الانتداب البريطاني
[2] سمي بهذا الاسم نسبة الى تيدي كوليك الذي شغل منصب رئيس بلدية القدس لثمانية وعشرين عاما
[3] نسبة الى السياسي الاسرائيلي يتسحاق موديعاي الذي شغل عدة مناصب وزارية في الحكومة الاسرائيلية ما بين الاعوام 1961 و 1998 وكان ينتمي لحزب الليكود اليميني
[4] مجلس اداري بيت صفافا وشرفات
[5] حيث أن الطريق سوف يتم اقامته على أراضي فلسطينية وأراضي داخل أراضي الخط الاخضر (خط الهدنة 1949)