تواصل آليات الاحتلال الإسرائيلي تجريف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في خربة جبارة جنوب مدينة طولكرم. تأتي هذه الخطوة من قبل الاحتلال بهدف تعديل مسار الجدار الفاصل العنصري الحالي الذي يبتلع مساحات واسعة من أراض القرية ويعزل سكانها عن محيطهم الفلسطيني الخارجي، في حين أن الجدار المنوي تنفيذه يقع في الجهة الغربية من القرية ويعزل مساحات كبيرة من أراضيها لتصبح في الجهة الغربية من القرية.
الصور 1-3: قرية جبارة التي يحاصرها الجدار العنصري
معاناة القرية بدأت منذ عام 2002م:
تجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال شرعت في إنشاء الجدار العنصري حول قرية جبارة في شهر تموز من عام 2002م، وذلك من 3 جهات: الشمالية والشرقية والجنوبية وبالتالي تم عزل القرية بشكل كامل عن الأراضي الفلسطينية، ومن ثم تحويل حياة سكان الخربة إلى جحيم لا يطاق، حيث يشار هنا أن جدار الفصل العنصري كان له بالغ الأثر السلبي على حياة سكان خربة جبارة، فقد دمر الجدار القديم ما يزيد عن 150 دونماً من أراضي خربة جبارة تحت موقع الجدار العنصري، حيث يبلغ طول الجدار العنصري الذي يحيط بخربة جبارة حوالي 4.15 كم، بعرض 70-80 متراً.
بالإضافة إلى ذلك أدى جدار الفصل العنصري إلى عزل 350 شخصاً خلف الجدار العنصري، حيث حول حياتهم إلى جحيم لا يطاق بالإضافة إلى ذلك أصبحت عملية تقديم الخدمات الأساسية لسكان خربة جبارة صعبة للغاية حيث تحتاج لأطقم طبية كما تحتاج إلى مؤسسات المجتمع المدني، وذلك لأنها تحتاج إلى تنسيق أمني مسبق للسماح لها بالعبور عبر البوابات الرئيسية إلى خربة جبارة، حيث تجدر الإشارة هنا إلى أن سلطات الاحتلال أقامت حول الجدار العنصري الذي يحيط بخربة جبارة بوابتين، وهما البوابة رقم 22 في الجهة الشمالية من الخربة والتي كانت مفتوحة حتى تاريخ شهر آب من عام 2006م، حيث تم إغلاقها بشكل كامل حتى هذا اليوم، بسبب إقامة معبر رئيس في المنطقة يعرف بمعبر’ ايال ‘، أما البوابة الثانية فتحمل رقم 753 حيث كانت تفتح منذ إقامتها وحتى تاريخ شهر آب من عام 2006م بواقع 3 مرات يومياً بواقع ساعة واحدة في كل مرة، وذلك من7 صباحاً وحتى 8 صباحاً، ومن الواحدة مساءاً وحتى الثانية مساءاً و من الخامسة مساءاً و حتى السادسة مساءاً، وبعد إغلاق البوابة رقم 22 بشكل تام أقدمت على فتح البوابة رقم 753 على مدار الساعة، بحيث لا يسمح لأحد بالمرور منها إلا حاملي هوية خربة جبارة.
بالنسبة إلى القطاع الزراعي فالضرر الأكبر يتركز على هذا القطاع، حيث أدى الجدار العنصري إلى تدمير قطاع الدواجن حيث انخفضت مزارع الدواجن بشكل كبير، مع الإشارة إلى أن قرية جبارة كانت تعرف بالماضي بأنها بلد منتج لبيض المائدة، بالإضافة إلى ذلك تضرر قطاع الزراعة المحمية بسبب الإغلاق الذي فرض على القرية حيث أدى إلى صعوبة تسويق المنتجات الزراعية إلى داخل أسواق الضفة الغربية و/ أو الأسواق الإسرائيلية المجاورة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر في قرية جبارة.
أهالي خربة جبارة يرفضون الجدار العنصري، ومحكمة الاحتلال العليا تقر بتعديله:
في تشرين الأول من عام 2007م وبعد عدة مداولات في أروقة المحكمة العليا الإسرائيلية، وكنتيجة للطعون التي تقدم بها أهالي خربة جبارة ضد إقامة الجدار العنصري والذي عزل قريتهم عن محيطها الفلسطيني، أقرت محكمة الاحتلال قرار يتضمن تعديل مسار الجدار العنصري ليصبح في الجهة الشمالية والغربية من قرية جبارة، حيث ترجم هذا على ارض الواقع عبر الإخطار العسكري رقم (90/04/T ) والذي يقضي – حسب ما ذكر في الإخطار- بمصادرة 587 دونماً و700 متراً من أراضي خربة جبارة الغربية بهدف إقامة مقطع من الجدار الفاصل في الجهة الشمالية الغربية والغربية من خربة جبارة وبالتالي عزل القرية عن مدينة الطيبة المحتلة عام 1948م.
الصور 4-6: إخطار رقم (90/04/T ) والذي يقضي بمصادرة مساحات واسعة من أراضي خربة جبارة
بينما وبحسب قياس وحدة نظم المعلومات الجغرافية في مركز أبحاث الأراضي للمنطقة حسب الخارطة المرفقة مع الأمر العسكري فإن الإخطار يستهدف مصادرة 644 دونماً.
صورة 7: صورة جوية للموقع المستهدف في خربة جبارة
لكن أهالي الخربة قدموا التماسا ضد هذا القرار، وتم رفض الالتماس والتأكيد على القرار في شهر تشرين ثاني 2008م عبر إخطار عسكري تحت عنوان إخطار رقم (90/04/T ) تمديد سريان و تعديل حدود. يشار إلى أن أهالي خربة جبارة وقرية الرأس تقدموا بالتماس آخر إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للطعن في الإخطار الصادر من قبل قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في عام 2008م وذلك في مطلع عام 2009، علماً بأنه ليست المرة الأولى التي يتقدم بها أهالي المنطقة باعتراض على إخطارات قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي فيما يخص وضع الجدار العنصري القائم في المنطقة، إلا أن قرار المحكمة جاء هذه المرة برفض الالتماس الذي تقدم به أهالي القرى الفلسطينية وتأكيد على تعديل مسار الجدار العنصري وفق ما اقره جيش الاحتلال مؤخراً، لتبدأ عملية تعديل مسار الجدار العنصري في شهر أيار عام 2011م.
مخطط تعديل الجدار العنصري وسيلة لابتلاع المزيد من الأراضي ويعد في الوقت نفسه التفافاً على القانون:
يذكر أن طول المقطع الجديد من الجدار العنصري والذي يجري تنفيذه منذ شهر أيار عام 2011م وحتى الآن هو 6,01كم2، في حين أن طول المقطع القديم يبلغ 4,15كم2 ، وهذا يعني تدمير المزيد من الأراضي الزراعية في المنطقة تحت موقع الجدار العنصري. من جهة أخرى وبحسب البيانات المتوفرة في مجلس قروي الرأس، فان هذا التعديل الجديد من شأنه إخراج 1750 دونماً مساحة قرية خربة جبارة بالإضافة إلى البيوت القامة عليها، كذلك إخراج 2000 دونماً من أراضي قرية الرأس وكفر صور وكفر جمال لتصبح في الجهة الشرقية من الجدار العنصري، وبهذا فان مجموع الأراضي التي ستصبح في الجهة الفلسطينية من الجدار 3750 دونماً بالإضافة إلى 300 نسمة من سكان خربة جبارة بعدما تم ولا زالوا معزولين عن محيطهم الفلسطيني منذ عام 2002م، في حين سيستمر الجدار العنصري في عزل قرابة 2500 دونماً من أراضي القرى الثلاث والتي ستصبح في الجهة الغربية من الجدار العنصري، حيث وبحسب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية ستقام بوابة زراعية واحدة فقط لـ 2500 دونماً – حسب التعديل الجديد – وسيستخدمها المزارعين من القرى الفلسطينية الثلاث للوصول إلى أراضيهم التي ستبقى معزولة خلف الجدار، وان معظم هذه الأراضي أراضي رعوية كان يستخدمها المزارعون بشكل يومي لرعي أغنامهم، وتأمل المزارعون خيراً بتعديل مسار الجدار إلا انه ستبقى أراضيهم معزولة ولا يمرون عبرها إلا ببوابة واحدة.