الانتهاك : الاحتلال الإسرائيلي يحول بيوت خربة يرزا إلى مناطق تدريب لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
الموقع: خربة يرزا شرق مدينة طوباس.
تاريخ الانتهاك: السادس من آذار 2012.
الجهة المعتدية: جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الانتهاك :
تعتبر خربة يرزا كغيرها من العديد من التجمعات البدوية المنتشرة في قلب الأغوار الشمالية الفلسطينية تعاني بشكل يومي من الاضطهاد والظلم من جراء ممارسات الاحتلال التعسفية و التي تهدف في انتزاع الفلاح الفلسطيني من أرضه عبر إتباع عدة طرق ووسائل لا تليق بالإنسانية بشيء من مصادرة للحريات وتدمير البنية التحتية وسرقة الأرض لصالح المخططات الاستيطانية التوسعية.
يذكر أن الاحتلال لم يتوانى عن استعمال القوة المفرطة بحق السكان، بل تعدى ذلك عبر تحويل قسم كبير من البيوت والخرب الفلسطينية على امتداد الأغوار إلى مناطق مغلقة عسكرياً وأماكن تدريب لجيش الاحتلال الإسرائيلي حيث لا يبالي هذا الاحتلال بالسكان الموجودين داخل البيوت وما هو مصيرهم الحتمي من جراء ذلك، حيث لا يأبه الاحتلال بالقوانين والأعراف الدولية.
يشار إلى أن خربة يرزا كانت على موعد متجدد من الاعتداءات الإسرائيلية، حيث شهدت خربة يرزا في بداية شهر آذار2012 سلسلة تدريبات عسكرية أجرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بين البيوت السكنية وفي محيط خربة يرزا و التي كان لها بالغ الأثر السلبي على حياة السكان في القرية والتي طال أثرها السلبي الحيوانات في الخربة أيضاً.
من جهته أكد السيد عمر عينبوسي من خربة يرزا لباحث مركز أبحاث الأراضي‘ أن الاحتلال في كل عام تحديدا مع موعد موسم الربيع يعمد إلى إجراء تلك المناورات بهدف ضرب الموسم الزراعي و إلحاق الضرر بالسكان الذين يعتمدون على تربية الأغنام في معيشتهم، حيث تكون المراعي الخضراء هدف لهم حتى قطعان الأغنام لم تسلم من الرصاص الحي الذي قتل عدد كبير منها مما الحق ذلك بخسائر كبيرة تكبدها السكان في الخربة’.
يشار إلى أن الاحتلال لم يكتف بإجراء التدريبات العسكرية في الخربة، بل حول معظم أراض خربة يرزا إلى مناطق مزروعة بالألغام الأرضية حيث زرع الاحتلال المئات من الدونمات الزراعية في أراض خربة يرزا كغيرها من أراضي الأغوار بالألغام الأرضية، حتى باتت بعض تلك المناطق المزروعة بالألغام محاذية لبعض التجمعات السكنية البدوية مثل خربة يزرا، فهي موجودة بين منازلهم وفي مراعيهم، بل وبالقرب من مصادر المياه؛ فالمتوجه إلى خربة يرزا يدهش باللون الأخضر الذي تكتسيه سهول وبعض الجبال هناك تحديداً في مثل هذا الموسم من السنة, والذي يعبر عن الحياة والأمل، إلا أنه في الواقع يخفي في جنباته وتحته قنابل موقوتة تحول حياة السكان هناك إلى جحيم لا يطاق.
وهناك المئات من المواطنين في يرزا الذين فقدوا حياتهم أو بترت أطرافهم؛ فتحولوا إلى مقعدين لا حول لهم ولا قوة بفعل تلك الألغام التي باتت تحيط بالخربة كغيرها الكثير من القرى والخرب الفلسطينية وتنتشر بشكل مخيف على أطراف الجبال والأودية. والتي وقع ضحيتها عشرات الحالات مابين شهيد ومصاب، إما من خلال الإصابة المباشرة من عمليات التدريب العسكري أومن خلال القنابل والألغام التي خلفتها قوات الاحتلال، فلا يزال هذا الواقع المأساوي مستمراً حتى يومنا، بتجاهل إسرائيلي متعمد.
ففي أثناء الزيارة إلى خربة يرزا نشاهد مدى خطورة تلك الألغام من خلال آثارها المباشرة على أجساد المواطنين، أو من خلال (أم تتذكر ابنها الشهيد عندما ترى أقرانه يتجولون في القرية). ويعد بكاء الحاجة ميسر مساعيد على ابنها الذي فقدته عام 1992 في انفجار جسم مشبوه من مخلفات قوات الاحتلال، أثناء رعيه الأغنام مع ابن عمه الذي بترت قدمه أيضاً، نموذجاً لمعاناة المواطنين في قرية يرزا من خطر الاحتلال ومخلفاته. وبالرغم من مرور أكثر من سبعة عشر عاماً على استشهاد إبراهيم مساعيد ابن السبعة أعوام في تلك الفترة، إلا أن هذه الأعوام لم تمح صورة إبراهيم من ذاكرة أمه التي تراه يكبر كما أبناء قريته يرزا، ولم تصدق أنه غاب عن عينيها إلى الأبد. يشار إلى أن الطفل إبراهيم استشهد في منطقة قريبة من حاجز التياسير العسكري أثناء قيامة برعي الأغنام مع ابن عمه حافظ مساعيد الذي يكبره بأربعة أعوام والذي روى لنا قصته مع ابن عمه: ‘ في أثناء مسيرنا مع مواشينا؛ إذا بنا نجد لعبة صغيرة، فبادر الطفل إبراهيم باللعب بها ولم نكن نعلم بأن ما نمسك به هو الموت الذي أهداه لنا الاحتلال؛ فاستشهد ابن عمي إبراهيم، أما أنا ففقدت قدمي التي بترتها القنبلة عندما انفجرت بابن عمي’. ويتمنى حافظ مساعيد أن لا تتكرر مثل تلك الحادثة مع غيره وأن لا يذوق أحد طعم المعاناة التي يعانيها باستشهاد ابن عمه وبتر قدمه’.
لم تكن قصة إبراهيم مساعيد الوحيدة؛ بل هناك العديد من القصص الأخرى، فقصة محمود حامد عنبوسي لم تكن بعيدة عن قصة إبراهيم والذي استشهد أثناء رعيه الأبقار في منطقة الخلايل بقرية يرزا، فيروي أحد شهود العيان لحادث استشهاد محمود: ‘إن محمود كان شاباً ذكياً، وبلغ عمره لدى استشهاده خمسة عشر عاماً. وبينما كنت اجلس على التلة المقابلة لمحمود وهو يرعى مواشيه، إذا بصوت انفجار كبير وتصاعد كثيف للدخان من مكان صدور الانفجار، وبعد وصولي إلى المكان رأيت محمود وقد فارق الحياة، بعد أن مُزِّق جسده، حيث أصيب في مختلف أنحاء جسمه’.
ولو تتبعنا بقية القصص، من حوادث انفجار الألغام واستشهاد أو إصابة الذين سقطوا في قرية يرزا أو في المناطق المجاورة، نجدها تتشابه وتتلاقى في نقطة واحدة وهي سعي الاحتلال إلى تحريم الأرض على أبنائها، وكل من يدخلها سيدفع ثمناً باهظاً لمخالفته الأوامر العسكرية الإسرائيلية، وقد يكون هذا الثمن الموت أو بتر احد أجزاء الجسم؛ وبالتالي إعاقة المصاب أو تشويه جسده. يذكر أن خربة يرزا تقع على بعد 8كم شرق مدينة طوباس، وهي كغيرها من الخرب البدوية التي لا يعترف بها الاحتلال و يعتمد سكانها على الزراعة و تربية المواشي.
اعداد: