في الثاني عشر من شهر تشرين أول من العام 2011، قام المستوطنون القاطنون في مستوطنة كفار تفوح الاسرائيلية بتجريف الأراضي الواقعة بين قريتي إسكاكا و ياسوف شرق مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية و إضافة اربعة مقطورات جديدة في المنطقة التي تم تجريفها و إحاطتها بالأسلاك الشائكة أيضا. والجدير بالذكر أن الاراضي المستهدفة تقع بين مستوطنتي كفار تفوح و شيفوت راحيل ‘ريخاليم’ الاسرائيليتين و تعود لكل من حمدالله يوسف أبو حكمة, عبد القادر أحمد أبو حكمة, داوود عبد القادر أبو ظاهر, أحمد حريص لامي, و أحمد عوض حرب. الخارطة رقم 1 تبين موقع الاراضي المستهدفة
و تجدر الإشارة هنا أن المنطقة التي تم تجريفها و اضافة المقطورات عليها احتلتها مجموعة من المستوطنين الاسرائليين في العام 2002 و أقاموا بؤرة استيطانية عليها تحت اسم ‘نوفيه نيحميا’. و تضم البؤرة الاستيطانية اليوم 25 مقطورة و يقطنها 52 مستوطن اسرائيلي[1]. و من المهم التنويه أيضا بأن هذه البؤرة لا تقع في أي من المخططات الهيكلية المستقبلية لأي من المستوطنتين الاسرائيليتين السابق ذكرهما (كفار تفوح أو شيفوت راحيل), الامر الذي يدل على أن المستوطنين القاطنين في البؤرة بصدد تحويل هذه البؤرة الى مستوطنة جديدة في المستقبل القريب لموقعها الاستراتيجي, بين مستوطنة كفار تفوح و شيفوت راحيل و بمحاذاة الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 60.
المخططات الهيكلية للمستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية
في العام 1991 قامت الإدارة المدنية الإسرائيلية باصدارت هيكلية للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بما في ذلك القدس لتكون مناطق التوسع والبناء الإسرائيلي المستقبلي للمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وفي الدراسة التي أعدها معهد الابحاث التطبيقية- القدس (أريج) لهذه المخططات و علاقتها بالبؤر الاستيطانية التي يتم بناؤها في الضفة الغربية تبين ان البؤر الاستيطانية التي تتواجد داخل المخططات الهيكلية للمستوطنات الاسرائيلية القائمة في الضفة الغربية تشكل أحياء جديدة للمستوطنات القائمة و تساهم في اتساع مساحتها مع مرور الوقت, في حين تعتبر البؤر الاستيطانية القائمة خارج المخططات الهيكلية للمستوطنات الإسرائيلية نوى لمستوطنات جديدة في الضفة الغربية بما إنها تقوم على إحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية و يتم دعمها بشكل خفي من قبل الوزارات و الدوائر الاسرائيلية المختلفة. و عليه, بؤرة ‘نوفية نيحميا’ الإستيطانية لا تقع داخل أي من المخططات الهيكلية الاستيطانية لأي من المستوطنتين التي تتوسطهما (كفار تفوح أو شيفوت راحيل)، و الذي بدوره يجعلها نواة تأسيسية لمستوطنة جديدة في المنطقة, لايجاد تواصل جغرافي بين المستوطنات الاسرائيلية القائمة (كفار تفوح و شيفوت راحيل (ريخاليم)) أولا و ثانيا لسلب المزيد من أراضي الفلسطينيين في قريتي إسكاكا و ياسوف. صورة رقم 1 و صورة رقم 2 توضحان تطبيق المخططات الهيكلية للمستوطنات الاسرائيلية و علاقتها بالبؤر الإستيطانية.
البؤر الإستيطانية و مخطط جدار العزل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة:
يظهر التعديل الاخير لمخطط جدار العزل العنصري الذي تم نشره على الصفحة الالكترونية لوزارة الدفاع الإسرائيلية في الثلاثين من شهر نيسان من العام 2007، أنه حال الانتهاء من بناء جدار العزل العنصري في المنطقة، سوف يتم ضم 60 بؤرة استيطانية (من أصل 232 بؤرة في الضفة الغربية) الى اسرائيل من خلال منطقة العزل الغربية (بين الخط الاخضر و خط الجدار)[2] التي تسعى اسرائيل الى خلقها و جعلها تحت سيطرتها، هذا بالاضافة إلى 32 بؤرة إستيطانية في منطقة العزل الشرقية[3]، و 96 بؤرة إستيطانية في منطقة الممرات الإسرائيلية[4]. بالإجمال، فإن 81% من العدد الكلي للبؤر الإستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سيتم ضمها إلى اسرائيل عند إتمام بناء جدار العزل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
في الختام
ليس من محض الصدفة أن يقوم المستوطنون الأسرائيليون بتكثيف بناء البؤر الإستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بل يعود ذلك لهدف معين، ألا و هو ضم و الإستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية من أجل بناء مستوطنات جديدة و توسيع المستوطنات القائمةً. كما أن بناء البؤر الإستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة جاء ليحقق ما دعى إليه آرييل شارون في العام 1982 (عندما كان وزيرا للخارجية في عهد حكومة نتنياهو) المستوطنين للإستيلاء على أكبر عدد من التلال و الهضاب و البناء عليها حتى لا تتم خسارتها في المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين, حيث قال: ‘ليتحرك الجميع و يسيطر على التلال! ما نأخذه سيكون لنا، و ما لا نأخذه لن يكون لنا!’[5].
المستوطنات الإسرائيلية بحسب القانون الدولي
ان كافة النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية بما في ذلك اقامة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي الانساني الذي يحدد المبادئ التي تطبق خلال الحرب والاحتلال. كما تنتهك النشاطات الاسرائيلية الاسرائيلية حقوق الفلسطينيين المنصوص عليه في قانون حقوق الإنسان الدولي كحق تقرير المصير، و حق المساواة ، و حق ملكية الارض، ومستوى معيشي لائق ، و حق حرية التنقل. و تحظر اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949, المادة (49) على قوة الاحتلال ‘ترحيل أو تنقل جزءا من سكانها المدنيين إلي الأراضي التي تحتلها.’ كما تحظر قوانين لاهاي على سلطة الاحتلال القيام بأي تغييرات دائمة في المنطقة المحتلة ما لم تكن هذه لاحتياجات عسكرية بالمعنى الضيق للمصطلح، أو ما لم يتم الاضطلاع بها لفائدة السكان المحليين. هذا بالإضافة إلى ما نصت عليه الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين و الإسرائيليين و التي تشترط وقف إسرائيل لكافة أشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة و من ضمنها إزالة البؤر الاستيطانية و إعادة الأراضي المقامة عليها لأصحابها الفلسطينيين. و يشار إلى أن ما تقوم به إسرائيل من بناء استيطاني في الضفة الغربية هو أحد أشكال عدم الالتزام الإسرائيلي بالاتفاقيات الموقعة و بالشرعية الدولية و عليه يطالب الشعب الفلسطيني كل من اللجنة الرباعية و الرئيس الأمريكي إلزام إسرائيل على تنفيذ ما جاء في خارطة الطريق فيما يتعلق بالنشاطات الاستيطانية و التي تسعى إسرائيل إلى جعلها حقائق واقعة على الأرض تسعى من خلالها إلى كبت جماح الفلسطينيين في سعيهم لإقامة دولتهم المستقلة على الحدود الكاملة للعام 1967.
[1] حركة ‘السلام الآن’ الاسرائيلية , 2010
[2]بين الخط الأخضر ‘خط الهدنة 1949’ و مسار جدارالعزل العنصري الإسرائيلي
[3] مباشرة بعد حرب عام 1967م إقترح نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي يغال ألون على الحكومة الإسرائيلية بإن تحتفظ بحدود جديدة مرسومة بالأساس على التحكم بالمنحدرات الشرقية للضفة الغربية و نزولاً بإتجاه أراضي غور الأردن، بالإضافة للصحراء الغربية للضفة الغربية بمحاذة شواطيء البحر الميت، و ذلك عبر إقامة سلسلة مستوطنات بمساحة عرضية تقدر بـِ 20 كم من الضفة الغربية، و ذلك كخطوة أولى لضمها إلى إسرائيل
[4] الممرات الاسرائيلية تخلق تواصل جغرافي بين منطقة العزل الشرقية، و منطقة العزل الغربية