‘اعتدنا فلاحة و زراعة الارض منذ أن وعينا على ذلك, الى أن جاءوا و اغتصبوا أرضنا بالقوة’, يستشهد الحاج عبد صوافطة متحدثا عن أرضه و أرض عائلته التي صادرها الاحتلال الاسرائيلي عقب العام 1967 .
تقع أرض الحاج عبد صوافطة في منطقة سهل القاعون الشرقي, في أقصى شمال الاغوار, في محافظة طوباس. و كان السهل مصدر رزق لمئات العائلات الفلسطينية التي كانت تقطن المنطقة قبل العام 1967 و ما زالت تقطن فيها حتى يومنا هذا. و نظرا لاهمية سهل القاعون الشرقي و موقعه الاستراتيجي, محاذيا للخط الاخضر (خط الهدنة 1949) و غني بالمصادر الطبيعية, جعله محط أنظار الاسرائيليين الذي لم يترددوا في تسخير امكانياتهم للاستيلاء عليه و لو بالقوة و ضمه الى اسرائيل. و تبلغ مساحة القاعون الشرقي ما يقارب 1800 دونما, جميعها أراضي زراعية اعتاد أصحابها فلاحتها و زراعتها حتى عام 1978 عندما جاء موظفو دائرة أراضي اسرائيل و برفقة قوة كبيرة من جيش الاحتلال الاسرائيلي مدججة بالسلاح الى موقع السهل و قامو بطرد مالكيها من أراضيهم في وضح النهار لمصادرة أراضي السهل. و يروى مالكي الاراضي أن المصادرة تمت دون سابق انذار و لم يتم تسليمهم أية أوامر خطية تنص على ذلك بل حدثت عملية الاستيلاء على هذه الاراضي تحت تهديد السلاح و بالقوة. و يضيف مالكي الاراضي انه عقب مصادرة أراضي السهل, سلمت دائرة أراضي اسرائيل هذه الاراضي بعقود ايجار[1] للمستوطنين القاطنين في كل من التجمعات الاستيطانية ‘معاليه جلبوع’ و ‘معاليه معراف’ الموجودة داخل الخط الاخضر (خط الهدنة 1949) و القريبة من سهل القاعون, لزراعتها و فلاحتها و ذلك لتعزيز السيطرة على أراضي السهل و ابقائها تحت سيطرتها.
و في العام 2002, تم الاعلان عن سياسة العزل الأحادية الجانب بين إسرائيل و الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال اقامة جدار عزل في الاراضي الفلسطينية و إيجاد منطقة عزل في الجزء الغربي من الضفة الغربية. و كانت السلطات الاسرائيلية قد صرحت أنذاك أن اقامة جدار العزل جاء لاغراض أمنية, لحماية المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية و المستوطنين القاطنين فيها, الا أن ما جاء في الخرائط الاسرائيلية التي نشرتها وزارة الدفاع الاسرائيلية على صفحتها الالكترونية أظهر عكس ذلك, حيث تبين أن المخطط العنصري الاسرائيلي جاء ليحقيق المطامح الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية و ذلك عن طريق مصادرة الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية (الزراعية و المناطق المفتوحة و المصادر الطبيعية) و لم يكن لدواعي أمنية البتة. و كان مخطط جدار العزل العنصري قد شمل منطقة سهل القاعون أيضا. و بالرغم من أن مخطط العزل العنصري قد تعرض لعدة تعديلات[2] منذ الاعلان عنه في العام 2002 الا أن أي من هذه التعديلات لم يشمل منطقة سهل القاعون الامر الذي يظهر النية الاسرائيلية في مصادرة و ضم هذه المنطقة منذ البداية لاضفاء شرعية لعملية المصادرة التي تمت في العام 1978 تحت تهديد السلاح. و كانت السلطات الاسرائيلية قد أتمت اقامة جدار العزل العنصري حول منطقة سهل القاعون في العام 2006 الامر الذي جعل من وصول مالكي الاراضي الى أراضيهم أمرا مستحيلا. خريطة رقم 1
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياساتها الرامية الى مصادرة الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع واهية مختلفة و ذلك لتنفيذ شتى المخططات و تعزيز سيطرتها على الأراضي الفلسطينية. كذلك لا يعدو جدار العزل العنصري الإسرائيلي كونه اداة إسرائيلية أخرى لنهب مئات الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية لصالح المخططات الاحتلالية الإسرائيلية المختلفة و التي ترمي في النهاية الى رسم حدود جديدة للدولة اليهودية عن طريق سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض. و تعد هذه السياسات مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949, المــادة (147)[3] و التي تنص على أن ‘ تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية‘ هو انتهاك جسيم للاتفاقية. كذلك المادة (49)[4] من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على انه لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي تحتلها, أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيه. كما تتناقض هذا الانتهاكات أيضا مع المادة 17[5] من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 و التي تنص على انه لا يجوز حرمان أحد من ملكه تعسفا.
[1] بحسب افادات المزارعين الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في منطقة سهل القاعون عقب مصادرته
[2] تعديلات تركزت على مسار الجدار في مناطق أثارت معضلات جغرافية لمسار الجدار في الضفة الغربية حيث ارتكزت على حل مشاكل اعتبرت عثرة أمام سعي إسرائيل الاستمرار في بناء الجدار.
[5] المادة 17 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان