قرية بردلة و سياسة الاحتلال المائية:
قرية بردلة شرق مدينة طوباس تعد نموذجاً حياً لمدى استهداف الاحتلال لمياه الأغوار الفلسطينية، فالقرية كانت تعد في الماضي مصدراً من المصادر المائية الخصبة في المنطقة. يشار إلى أن سلطات الاحتلال عمدت إلى حفر آبار ارتوازية بجانب الآبار الارتوازية الواقعة في القرية والبالغ عددها (4) مما أدى إلى تجفيفها بالكامل وتحويل مخزونها إلى الآبار الإسرائيلية في المنطقة، ومن أهم الآبار الفلسطينية الموجودة في المنطقة والتي جرى تجفيفها بئر محمد عبد الله وبئران باسم سعيد أبو منصور وبئر باسم بردلة، مما أدى ذلك إلى اعتماد أهالي القرية على ما تزودهم به شركة ( ميكروت) الإسرائيلية بعدما كانوا هم المزودين بالماء للمنطقة بأسرها.
ومن الجدير بالذكر هنا إلى أن سلطات الاحتلال أقدمت مع بداية شهر شباط 2008 بأعمال الحفر لإنشاء بئر لجمع الماء في القرية بجانب بئر القويعيني الواقع في الجهة الشمالية الغربية من قرية بردلة على مجرى الوادي في منطقة قاعون والتي تبعد عن بردلة تقريباً 3كم فقط، حيث يوجد بجانب البئر ارض زراعية خصبة جداً تربتها حمراء مملوكة لعشرات الأسر الفلسطينية وتقدر مساحتها 1200 دونماً وتصلح لكل الزراعات المروية وأشجار الفاكهة واللوزيات، حيث يشار هنا أن الأغوار تتميز بعدم وجود مصدر مائي متجدد أو جديد باستثناء بئر قويعيني الذي توقف عن العمل حالياً.
ويشار هنا انه بعد إتمام سلطات الاحتلال أعمال الحفر لإنشاء بئر لجمع المياه بالقرب من بئر القويعيني، كان لذلك بالغ الأثر السلبي على الزراعة في قرية بردلة فقد كان بئر القويعيني المزود الأساسي للماء في القرية، وهذا بدوره أدى إلى اعتماد أهالي القرية على الزراعة البعلية بعد جفاف بئر القويعيني، وهذا بدوره كان كفيل برفع نسبة البطالة والفقر في القرية، حيث يوجد هناك في القرية حالياً نحو 70 عائلة تعتمد على مساعدات برنامج الغذاء العالمي، بالإضافة إلى انه يوجد 20 عائلة أخرى تعتمد على مساعدات الشؤون الاجتماعية و 60 عائلة تعتمد على مساعدات وكالة الغوث الدولية.
سياسة الاحتلال المائية في الأغوار:
تعتبر منطقة الأغوار الشمالية من أكثر المناطق خصوبة في الضفة الغربية وذلك بتنوع المناخ فيها وتميزها بزراعة الكثير من الخضار والحمضيات والحبوب حيث يزرع فيها سنوياً أكثر من 27 ألف دونماً بشتى أنواع الخضار المروية بالإضافة إلى المئات من البيوت البلاستيكية التي تقدر بحوالي 400 دونماً إضافة إلى آلاف الدونمات بالقمح والشعير كزراعات بعلية تعتمد على مياه الأمطار.
وتسمى هذه المنطقة سلة غذاء فلسطين لخصوبتها وتنوع إنتاجها, وما أن تم احتلال الضفة الغربية في حرب حزيران عام 1967 عمد الاحتلال إلى احتكار الحق بالتنقيب عن المياه الجوفية وحفر آبار الجمع في مناطق الأغوار وشرق محافظة طوباس، وذلك لصالح شركة ميكروت الإسرائيلية التي باشرت بحفر آأبار ارتوازية على أعماق كبيرة مما ساهم في جفاف الآبار الفلسطينية وارتفاع نسبة ملوحتها حيث أصبح الإنسان الفلسطيني يعاني قلة وشح المياه مما دفعه إلى الاعتماد الكبير لسد حاجاتهم من المياه عن طريق شراء الماء من شركة ‘ميكروت’ الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ما تقدم شرعت سلطات الاحتلال إلى تحويل المنطقة المحيطة بنهر الأردن إلى منطقة عسكرية مغلقة بعرض يتراوح 1-5كم، مما ساهم ذلك بتدمير الأراضي الزراعية في المنطقة، حيث حرمت إسرائيل الفلسطينيين من حصتهم في المياه والمقدرة بنحو 250 مليون متراً مكعباً سنوياً، في حين تحول تلك المياه للمستعمرات في طوباس والأغوار، حيث حسب المؤشرات تبلغ حصة الفرد القاطن داخل المستعمرات الإسرائيلية من المياه تعادل حصة 20 فلسطينياً في القرى الفلسطينية في الأغوار.
علاوة على ما تقدم، تقوم سلطات الاحتلال بحفر آبار ارتوازية عميقة في داخل المستعمرات بجوار ينابيع وآبار على بؤر مائية فلسطينية كما حدث في قرى بردلة وعين البيضا شمال محافظة طوباس مما ساهم ذلك في تدمير الآلاف من الدونمات الزراعية في بردلة وكردلة وعين البيضا والبقيعة في المحافظة، حيث حفرت شركة ‘ميكروت’ الإسرائيلية بئران ( بردلة 1، بردلة 2) داخل حدود قرية بردلة تضخان 1500 كوب/ ساعة، مما أدى ذلك إلى جفاف 4 آبار و 22 نبع كانت تزود الفلسطينيين حوالي 6 مليون متر مكعب سنوياً، وهذا تضاعف من كلفة الزراعة وكلفة الإنتاج بصورة مذهلة مما أجبر الفلسطينيين على شراء مياه لري مزروعاتهم.