تقديم:
من حق كل إنسان أن يعيش في بيئة نظيفة وجميلة وتكون سليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها فنحن سكانها. لكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الصعب العيش في بيئة آمنة فالانتهاكات الإسرائيلية للبيئة الفلسطينية في تزايد، إما تنفذها المستعمرات الإسرائيلية و/أو حكومة الاحتلال، حيث تُنتهك البيئة بأشكال مختلفة ( حرق الأراضي الزراعية، ضخ المياه العادمة، كب النفايات الصلبة، تدمير وتجريف للأراضي، إغلاق للطرق والمداخل الفلسطينية …).
إن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك كل ما يتعلق بببيئة الإنسان الفلسطيني، فالمستوطنات الإسرائيلية التي تقام على الأراضي الفلسطينية تعتبر مصدر تلوث واعتداء أساسي للبيئة، ونبرز هنا بعض الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية:
المياه العادمة:
لقد ساهمت المستوطنات الإسرائيلية في تلويث البيئة الفلسطينية من خلال ضخ ملايين الأمتار المكعبة اتجاه الأراضي الزراعية والأودية والتجمعات السكنية الفلسطينية مما له بالغ الأثر البيئي على الإنسان والحيوان والنبات.
يوضح الجدول التالي بعض المستوطنات وأماكن تصريف مياهها العادمة في الأراضي الفلسطينية:
المحافظة |
الموقع الفلسطيني المتضرر |
اسم المستوطنة |
نوع الأضرار |
الخليل |
بيت امر – واد شخيت |
غوش عتصيون |
100 دونم مزروعة بالكروم واللوزيات تم اتلافها |
الخليل |
واد السمن – قلقس |
خارصينا، كريات اريع، عوتنئيل |
ضخ المياه العادمة اتجاه سيل واد السمن |
نابلس |
الجاغوب – دير الحطب |
الون موريه |
120 دونم تم تخريب 220 شجرة زيتون بالكامل |
جنين |
الجهة الشمالية والغربية- المصرارة – جلبون |
ميراف |
ضخ مياه المجاري ومخلفات مزارع الأبقار أدى إلى تصدع عدد كبير من قبور القرية، وتلويث عشرات الدونمات المزروعة بالمحاصيل والقمح |
جنين |
سهل جلبون |
معاليه جلبوع |
تضخ مجاري المياه ومخلفات مزارع الأبقار ومنع المخللات عبر العبارات الموجودة في جدار الفصل العنصري |
المحافظة |
الموقع الفلسطيني المتضرر |
اسم المستوطنة |
نوع الأضرار |
سلفيت |
كفل حارث، مردا |
ارائيل |
إقامة أنبوب لضخ مياه الصرف الصحي بطول 3.5كم مروراً بأراضي بلدة كفل حارث (2كم) وقرية مردا (1.5كم) في المناطق الواقعة إلى الشمال الشرقي من جدار الفصل العنصري المحيط بمستعمرة ‘ارائيل’ |
سلفيت |
كفر الديك، مدينة سلفيت، بروقين |
برقان، ومصانع ارائيل |
تضخ مياه مجاريها اتجاه الأراضي الفلسطينية، وتنشئ مانع جديدة على حساب الأرض الفلسطينية |
قلقيلية |
عزون عتمة – السحاويل |
شعار بتكفا |
ضخ مياه المجاري واغراق المدرسة وتحويلها لمكرهة صحية |
سلفيت |
واد قانا – نبع عين الجوزة – دير استيا |
ياكير |
ضخ المياه العادمة تجاه نبع عين الجوزة والأراضي الزراعية |
القدس |
واد النار |
معاليه ادوميم، كيدار |
ضخ المياه العادمة اتجاه الوادي |
القدس |
الجيب |
بسجات زئيف |
ضخ المياه العادمة في مساحة 100 دونم من الأراضي أدى إلى تخريب أكثر من 2000 شجرة زيتون |
القدس |
البلدة القديمة |
البؤر الاستعمارية داخل البلدة القديمة |
ضخ مياه مجاري البؤر الاستعمارية باتجاه المساكن الفلسطينية وخاصة في سوق القطانين وان جمعية شباب البلدة القديمة احد المتضررين من هذه المياه |
طولكرم |
مدينة طولكرم |
8 مصانع إسرائيلية داخل الخط الأخضر على حدود غرب المدينة |
ضخ مخلفات المستوطنات الثمانية والمياه العادمة إلى وسط التجمعات السكنية وهي: ( غيشوري للدهانات والمواد الزراعية، بلاستيك، ياميت، محطة لتعبئة الغاز، كرتون، مصنع الأقمشة غير المصبوغة، مصنع إنتاج ألواح الخشب، مصنع اللوحات الالكترونية). |
المصدر: بحث ميداني مباشر – قسم مراقبة الانتهاكات الإسرائيلية / مركز أبحاث الأراضي.
حيث أن تلك المياه تسببت في انتشار الأمراض الجلدية، بالإضافة إلى انتشار الحشرات والقوارض بشكل كثيف خصوصاً في فصل الصيف، بالإضافة إلى أثرها على قطاع الثروة الحيوانية والغطاء النباتي في المنطقة، وان المخلفات الصناعية الناتجة عن المصانع الإسرائيلية تساهم بشكل كبير في تلويث البيئة وإتلاف المحاصيل الزراعية، حيث أدت هذه المخلفات إلى إحراق هذه المحاصيل وإتلافها بشكل كامل، إضافة إلى أن التربة في المواقع التي تجري فيها المياه تتأثر بشكل واضح، ويتحول لونها ليصبح أسود، ولا تعود صالحة للزراعة. خصوصاً إذا ما علمنا أن تلك الملوثات تسير مسافات طويلة داخل الأراضي الزراعية الفلسطينية وتتغلغل فيها، مما تلوث الأراضي والمزروعات إذ أن تركيز أملاح الصوديوم في التربة التي تتعرض للمياه العادمة، يعمل على انسداد مساماتها وتصبح غير قابلة للزراعة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تصحر الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى نشر الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات الضارة وانتشار الأوبئة، وتصبح الأراضي والمزروعات غير صالحة للاستخدام البشري والحيواني.
مشاهد من مياه المستوطنات العادمة تصب في الأراضي الفلسطينية :
|
|
مياه المجاري أثناء تدفقها في أراضي بيت أمر الزراعية / الخليل |
|
|
مشاهد من ملوثات المستعمرات الإسرائيلية على أراضي قرية جلبون/ جنين |
|
|
أشجار الزيتون تحولت إلى أشجار جافة لا حياة فيها بعد ضخ مياه مجاري مستعمرة ‘ياكير’ باتجاهها في وادي قانا |
|
وفي الوقت الذي يتواطأ الاحتلال مع المستعمرين، يقوم بمنع بلدية سلفيت من إقامة محطة لتنقية مياه المجاري الصادرة عن مدينة سلفيت، حيث تعود جذور هذه المشكلة منذ عام 1999م حين باشرت بلدية سلفيت بإنشاء محطة لتنقية المياه العادمة في منطقة المطوي غرب المدينة، إلا أن المحطة تم توقيفها بحجة وقوعها في المنطقة المصنفة C من اتفاق أوسلو، وعندما حاولت بلدية سلفيت إجراء التراخيص اللازمة للاحتلال لتلك المحطة فوجئت بلدية سلفيت بالرفض من قبل الاحتلال وتم الاستعاضة عن ذل ك بمخطط جديد من قبل الاحتلال بإقامة محطة تنقية مشتركة فلسطينية – إسرائيلية، الأمر الذي لاقى ر فض قاطع من قبل الجهات الفلسطينية المختلفة الحكومية والأهلية لهذه الفكرة كون مستعمرة ‘ارائيل’ مستعمرة غير شرعية مقامة على أراض مغتصبة فلسطينية.
النفايات الصلبة
تتخلص المستوطنات الإسرائيلية من نفاياتها الصلبة عبر إلقائها في الأراضي الفلسطينية وخاصة السامة منها، ومن ابرز هذه المكبات:
1- قلقيلية: يقع المكب على أراضي قلقيلية ويخدم المستوطنات التالية : (تسوفين، ألفيه منشيه، مجمع مستوطنات شمرون، معاليه، جنات، كارنيه) ويبعد 2كم عن مسطح البناء في قرية جيوس ( من الجهة الجنوبية) وعلى بعد 1.5كم عن مسطح البناء في قرية عزون الشمالية ( من الجهة الشمالية) تحديداً على الطريق العام الواصل بين القريتين، وبدأت عملية كب النفايات بشكل رسمي في المكب منذ عام 1989.
2- القدس: يقع المكب في بلدة أبو ديس ويعتبر من اكبر المكبات وتقدر مساحته بـ 3000 دونم[1] وهو لخدمة المستوطنات الإسرائيلية: معاليه ادوميم، كيدار.
تحتوي المكبات على العديد من المواد السامة والمخلفات الصلبة والسائلة الكيماوية وهذه المخلفات تؤثر على حياة الناس، وتعمل على تلويث خطير للأراضي الزراعية المجاورة لها، فضلاً عن تلويث مباشر للمياه الجوفية المخصصة للاستخدام المنزلي والزراعي، علاوة على الروائح الكريهة التي تبعث من المكان.
التلوث النووي ومفاعل ديمونة الإسرائيلي :
منذ قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية منذ عام 1948 وهي تتبنى برنامجاً نووياً لبناء قدراتها النووية، ففي عام 1949 بدأت إسرائيل وبمساعدة بعض الخبراء الفرنسيين بتطوير قدراتها النووية وقد تم سرا إنشاء مفاعل ديمونة في صحراء النقب في عام 1965 وأبقيت المعلومات عن المفاعل سرية للغاية. ولكن في عام 1986 قام أحد الفنيين الذين عملوا في المفاعل ويدعى مردخاي فعنونو بتسريب بعض المعلومات والصور. و بناءا على تلك المعلومات تم تصنيف إسرائيل بالمرتبة السادسة في العالم من حيث امتلاك الأسلحة النووية.[2] حيث أن 50% من نفاياتها النووية والكيماوية (ثلاثة ملايين طن) تدفن في الضفة الغربية وتركزت غالبيتها في المناطق الجنوبية من الضفة الغربية، حيث تدفن تلك المفاعلات سراً، وتسبب الموت البطيء للفلسطينيين بنشرها أمراضاً خطيرة جداً، وهي ‘تنتج غازاً مسمماً للتربة محرماً دولياً، يسبب بكوارث بيئية خطيرة.
ولخطورة المفاعلات النووية قضت المحاكم الإسرائيلية بإغلاق مصانع في محيط مدينتي ‘نتانيا ‘ و’كفار سابا ‘ الإسرائيليتين لخطورتها على الإنسان والبيئة.إلا أن هذه المصانع نقلت إلى أراض فلسطينية مصادرة منذ عشرات السنين بالضفة الغربية، لتتركز قرب مدن حيوية مثل طولكرم وسلفيت ومدينة الخليل جنوباً, حيث تعمل على نشر أمراض مسرطنة وخطيرة, وتنفث المخلفات والمياه العادمة والمصانع الكيماوية في المستوطنات ملايين الأطنان من الغازات السامة. وتستهدف إسرائيل المدن الأقرب إلى الحدود مع دولة الاحتلال، ضمن مسلسل تآمر على الفلسطينيين الذين تحاربهم إسرائيل بكل الوسائل غير الأخلاقية. [3]
سلاح الاحتلال المليء بالغازات السامة والإشعاعات التي يحارب فيها الشعب الفلسطيني |
كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينتهك كل يوم البيئة الفلسطينية من خلال القاءه قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الحارقة والصوتية وسط التجمعات السكانية و/أو وسط الأراضي الفلسطينية الزراعية مما يؤدي إلى اشتعال النيران وحرق الأشجار، حيث تقوم بإلقاء تلك القنابل اتجاه المحتجين على إقامة الجدار العنصري على أراضيهم الزراعية.
مصادرة وتدمير الأراضي الفلسطينية:
بلغ عدد المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية 203 مستعمرة، صادر الاحتلال لصالحها ما مساحته (404,356) دونماً – حسب إحصائيات عام 2007-، ولا زال الاحتلال يواصل عملية مصادرة الأراضي وتجريفها والاعتداء عليها لصالح تلك المستعمرات[4]. كما انه أقام جداراً عنصرياً تحت حجة الأمن، حيث دمر الجزء الجاهز من الجدار 48,746 دونماً، كما انه سيعزل في حال اكتماله 738,500 دونماً، منتهكاً البيئة بوسيلة تعد الأبشع عبر التاريخ وحرم الفلسطينيين من حقهم في الحركة والبيئة الطبيعية[5]، ففي عام 2010 وثق مركز أبحاث الأراضي الاعتداءات التالية على البيئة الفلسطينية:
صادر الاحتلال 8555 دونماً من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات الإسرائيلية، و/أو بحجة أنها منطقة إطلاق نار أي للتدريبات العسكرية …الخ.
تجريف 1155 دونماً زراعياً من الأراضي الفلسطينية لتوسيع المستعمرات الإسرائيلية و/أو شق طرق استعمارية و/أو الجدار العنصري.
تم قلع و/أو حرق 5100 شجرة متلفة.
كل هذه الاعتداءات انعكست بشكل خطير على التربة والتنوع الحيوي في فلسطين، حيث عمل تجريف الأراضي لإقامة المستوطنات وإقامة الجدار العنصري وشق الطرق الالتفافية على إزالة المساحات الخضراء بعد إزالة النباتات والأشجار، ومساحات واسعة من الغابات، هذا يعني أن أعداداً كبيرة من أنواع النباتات قد اختفت ولم يسمح لها بالنمو مرة أخرى في نفس المنطقة. كما أدت أعمال التجريف إلى إزالة وهدم أماكن سكن الحيوانات البرية، حيث أدى إلى هروبها وهجرتها إلى أماكن أخرى، وخلق حالة من التجزئة البيئية في فلسطين. كما أن الآثار الناجمة عن الملوثات البيئية الأخرى قد انعكست على نمو النباتات وتكاثر الحشرات وانتشار الأوبئة التي من شأنها أن تلقي بظلالها على الحياة الحيوانية البرية.
كما أنها سهلت عملية انجراف التربة من خلال اقتلاع الأشجار و/أو حرقها وخاصة أشجار الزيتون، والحرجيات فتكون الأرض محمية طبيعية وتصبح في يوم وليلة منطقة بناء للمستعمرين اليهود، كما حدث لجبل أبو غنيم شمال مدينة بيت لحم حيث تحول الجبل الكثيف بالأشجار الحرجية إلى مستعمرة ضخمة للمستعمرين اليهود ‘هارحوماه’ ولا زالت أعمال تجرف الأراضي متواصلة والإعلان عن خطط لبناء وحدات استيطانية جديدة مستمر.
مشاهد من مصادرة وتدمير الأراضي الفلسطينية:
|
|
تجريف أراضي يطا لتوسيع مستعمرة ‘سوسيا’ الإسرائيلية – الخليل |
زيتون عينابوس حطمه المستعمرون بدم بارد/ نابلس |
|
|
دخان يتصاعد من الاراضي الزراعية بعد أشعلها مستعمرو ‘ براخا’ الإسرائيلية/ نابلس |
سواد يعم على الأراضي الزراعية في قرية اللبن الشرقي بعد أن حرقها مستعمرو ‘عيلي’ الإسرائيلية |
|
|
الجدار العنصري يشوه البيئة ويعيق الحركة – شعفاط / القدس |
أعمال تجريف قائمة على أراضي بيت حنينا لصالح شارع رقم 20 الاستعماري / القدس |
انتهاك التراث الحضاري وتزييفه:
تعتبر فلسطين ملتقى الحضارات على مر العصور، لذلك تحاول إسرائيل تزييف التاريخ والمعالم العربية والإسلامية، حيث هناك العديد من المواقع الأثرية والتاريخية الهامة تنتمي إلى مختلف العصور، فمثلاً أريحا التي تعتبر أقدم مدينة في العالم، كما تصنف مدينة الخليل وبيت لحم والقدس أقدم مدن العالم أيضاً، لذلك طالت الاعتداءات الإسرائيلية تلك المدن، حيث تعرضت الكثير من الأماكن الأثرية إلى الاعتداءات الإسرائيلية التي أخذت أشكالاً متعددة منها أعمال التدمير والإهمال و/أو الهدم و/أو الحرق وفيما يلي أمثلة على تلك الانتهاكات[6]:
حرق المسجد الأقصى على يد مستعمرين يهود عام 1969، واليوم تقوم إسرائيل على قدم وساق بأعمال حفر أسفل المسجد الأقصى.
ارتكاب مجزرة في الحرم الإبراهيمي الشريف بحق المصلين المسلمين في عام 1994 على يد المستعمر باروخ جولدشتاين، وفي 21/02/2010 تم الإعلان عن ضم الحرم الإبراهيمي للتراث اليهودي.
مشاهد من انتهاكات التراث الحضاري:
|
|
دخان يتصاعد من المسجد الأقصى بعد أن حرقه متطرفون يهود في آب 1969 |
حفريات حول جذر سور القدس التاريخي شرق باب العامود |
[1] المصدر: تقرير الانتهاكات الإسرائيلية البيئية – وزارة شؤون البيئة عام 2000.
[2] المصدر: الانتهاكات البيئية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط – معهد الأبحاث التطبيقية اريج / تموز 2001.
[3] لمراجعة المزيد حول نسبة الإشعاعات النووية المسببة للأمراض جنوب الخليل راجع تقرير مركز أبحاث الأراضي والمعد في آب 2008. اضغط هناك
[4] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي.
[6] للمزيد من المعلومات حول انتهاك التراث الحضاري يمكنك مراجعة تقرير مركز أبحاث الأراضي (الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية … سياسة قديمة متجددة) والصادر في تشرين أول 2010 . اضغط هنا