في التاسع و العشرين من شهر كانون اول من العام 2009 أمرت المحكمة العليا الاسرائيلية الجيش الاسرائيلي بالسماح للفلسطينيين بالسفر على الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443 و الذي كانت اسرائيل قد أغلقته في وجه الفلسطينيين في العام 2002, عقب اندلاع الانتفاضة الثانية تحت ادعاء ‘توفير الحماية للمستوطنين الاسرائيليين الذين يستخدمون هذا الشارع’. و كانت المحكمة العليا قد أمهلت الجيش الاسرائيلي مدة خمسة اشهر للتوصل الى وسيلة لضمان امن المستوطنين الذين يستخدمون هذا الشارع مع السماح للفلسطينيين باستخدامه أيضا. و من الواضح ان الترتيبات الامنية التي سوف يتخذها جيش الاحتلال الاسرائيلي سوف يدفع ثمنها الفلسطينيين القاطنين في بلدة بيتونيا و هو الامر الذي ليس بجديد على اهالي البلدة, حيث انه عندما شرعت اسرائيل باقامة الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443 في اواخر السبعينات, صادرت اسرائيل مساحات شاسعة من أراضي البلدة لهذا الغرض. و في أواخر الثمانينات, قامت اسرائيل بتوسيع الشارع نفسه على حساب اراضي البلدة أيضا حيث قام أهالي البلدة بالاعتراض على اعمال المصادرة الاسرائيلية الا أن السلطات الاسرائيلية رفضت الاعتراضات الفلسطينينة مدعية ان اعمال توسيع الشارع الالتفافي سوف تخدم الفلسطينيين أيضا. و عندما اغلقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي الشارع في وجه الفلسطينيين عقب اندلاع الانتفاضة الثانية, دفع الفلسطينيين أيضا ثمنا باهظا جراء هذا الاغلاق ألا و هو حرية الحركة على هذا الشارع, الامر الذي اضطر الفلسطينيين الى البحث عن طرق اخرى بديلة للتنقل بين القرى الفلسطينية و المراكز الحيوية في مدينة رام الله و باقي مدن الضفة الغربية. و الجدير بالذكر ان الطرق التي كان يسلكها المواطنين الفلسطينيين كانت صعبة و غير معبدة و تستغرق وقتا أطول و تكلفة مضاعفة. و اخيرا و ليس اخرا, سمحت المحكمة العليا الاسرائيليين للفلسطينيين باستخدام الشارع الالتفافي رقم 443 بشرط عمل ترتيبات امنية قبل افتتاحه في وجه الفلسطينيين لضمان أمن المستوطنين الاسرائيليين الذين يستخدمون هذا الشارع, و هو الامر الذي سوف يدفع ثمنه المواطنين الفلسطينيين و ممتلكاتهم أيضا. ففي الخامس عشر من شهر اذار من العام 2010 قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتسليم أهالي بلدة بيتونيا أوامر عسكرية جديدة موقعة باسم ‘أبي مزراحي, قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي في منطقة يهودا و السامرة ‘ تقضي بوضع اليد على المزيد من اراضي البلدة لاغراض أمنية. و يحمل الامر العسكري الاسرائيلي الاول رقم (15/10/ت) و يقضي بمصادرة 124.2 دونما من أراضي بلدة بيت بيتونيا و قرية الطيرة لبناء جدار امني بمحاذاة الشارع الالتفافي رقم 443 و ذلك بهدف توفير الحماية للمستوطنات الاسرائيلية الملاصقة للشارع فبل فتحه في وجه الفلسطينيين كما صرحت مصادر اسرائيلية. أما الامر العسكري الاسرائيلي الثاني فيحمل رقم (14/10/ت) و يصادر ما مساحته 49.02 دونما من أراضي بلدة بيتونيا لاجل اقامة معبر عوفر. و فيما يلي تفصيل للاوامر العسكرية الاسرائيلية كما جائت من المصدر:-
جدول رقم 1: تفصيل للاوامر العسكرية الاسرائيلية الصادرة في بلدة بيتونيا – محافظة رام الله |
العدد |
رقم الامر العسكري |
المساحة المصادرة |
التجمعات الفلسطينية المتضررة |
الغرض الامني |
1 |
(14/10/ت) |
49.02 |
بلدة بيتونيا |
اقامة معبر عوفر |
2 |
(15/10/ت) |
124.2 |
بلدة بيتونيا و قرية الطيرة |
بناء جدار امني بمحاذاة الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443 |
المجموع |
——— |
173.22 |
—- |
———– |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2010 و
بلدية بيتونيا – محافظة رام الله |
و الجدير بالذكر أن التحليل الذي قامت به وحدة نظم المعلومات الجغرافية التابعة لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) أظهر بأن الامر العسكري الاسرائيلي رقم (15/10/ت) سوف يصادر ما مساحته 284 دونما من أراضي بلدة بيتونيا لاقامة الجدار الامني, و هي ضعف المساحة التي تم ذكرها في الامر العسكري الاسرائيلي, الامر الذي سوف يهدد المزيد من أراضي البلدة لهذا الغرض الاستعماري. خارطة رقم 2
اقامة شارع بديل عن الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443
يعتبر الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443 حلقة وصل بين مدينة رام الله والعديد من القرى الفلسطينية الواقعة الى الجنوب الغربي من المدينة مثل قرى صفا, بيت سيرا, خربثا المصباح, بيت عور التحتا, بيت عور الفوقا, الطيرة, و بيتونيا. و عقب اغلاق الشارع الالتفافي في العام 2002, قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية من أجل شق شارع بديل ثانوي ذات مواصفات متدنية وسعة مرورية محدودة ليخدم الفلسطينيين فقط من سكان قرى محافظة رام الله التي كانت تستخدم هذا الشارع حيث تعذر على المواطنيين الفلسطينيين و البالغ عددهم ما يزيد ال 35 ألف نسمة استخدام الشارع و تم تحويل خط سيرهم الى طريق اخر بديل و طويل يستغرق ما بين 45 دقيقية الى ساعة تقريبا عوضا عن 10 دقائق على الطريق 443. في الوقت نفسه ضمن جيش الاحتلال الاسرائيلي بهذا الاجراء الاستخدام الاسرائيلي المطلق للشارع الالتفافي رقم 443 و الذي هو جزء من سياسة العزل التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة و التي كانت قد أعلنت عنها في شهر تشرين اول من العام 2004 و تضمنت بناء شبكة من الطرق البديلة للفلسطينيين في الضفة الغربية موزعة بطريقة من شأنها أن تفصل الضفة الغربية إلى معازل غير متواصلة جغرافيا في نفس الوقت, الاحتفاظ بالشوارع الالتفافية الاسرائيلية للاستخدام الاسرائيلي المطلق. كما و اعلنت السلطات الاسرائيلية أيضا عن بناء ثمانية عشر ممرا (نفقا) تحت الارض للفلسطينيين لتعزيز مخطط الفصل الاسرائيلي بين الشوارع الفلسطينية و الشوارع الاسرائيلية و ابقاء السلطات الاسرائيلية سيطرتها على هذه الشوارع و بالتالي حرمان الفلسطينيين من حقهم في حرية الحركة عليها.
معبر عوفر الاسرائيلي يستبدل الحاجز الاسرائيلي
أما عن معبر عوفر الذي تنوي سلطات الاحتلال اقامته على أراضي بلدة بيتونيا (الامر العسكري الاسرائيلي رقم (14/10/ت) فقد تم الاشارة اليه في صحيفة هاارتس الاسرائيلية الصادرة بتاريخ الثاني و العشرين من شهر كانون ثاني من العام 2010, حيث ذكرت الصحيفة عن مصدر اسرائيلي رفيع المستوى انه سوف يتم استبدال حاجز عوفر الاسرائيلي المقام الى الغرب من معسكر عوفر (تقاطع بيتونيا – خارطة رقم 1) بمعبر على مفترق مستوطنة جفعات زئيف و ذلك للسيطرة على حركة مرور السيارت الفلسطينية القادمة من قرى جنوب غرب مدينة رام الله على الشارع الالتفافي الاسرائيلي 443 حال السماح لها بالسفر على الشارع. و جاء الامر العسكري الاسرائيلي الاسرائيلي رقم (14/10/ت) ليؤكد على صحة المعلومات التي وردت في الصحيفة مشيرا الى الموقع الذي سوف يقوم عليه المعبر و المساحة التي سوف يصادرها من أراضي بلدة بيتونيا لهذا الغرض. خارطة رقم 3
ملخص
بالرغم من صدور قرار المحكمة العليا الاسرائيلية بفتح الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 443 في وجه الفلسطينيين الا أن الذرائع الامنية الاسرائيلية المتعددة تحول في أغلب الاحيان من تطبيق قرارات المحكمة حيث أن جيش الاحتلال الاسرائيلي هو المخول الوحيد بالتدابير الامنية على هذا الشارع و التحكم في حركة المرور عليه الامر الذي سوف يبقى الفلسطينيين في حالة تخوف من أن يتم منعهم في أي وقت من الاوقات من السفر على هذا الشارع تحت ذرائع امنية واهية.
ان حرمان الفلسطينيين من حقهم في حرية الحركة والتنقل داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة يعد انتهاكا لما جاء في البند 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 و الذي ينص على أن ‘لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة’. كما ينافي هذا العمل الاستعماري المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخة في 16 كانون/ ديسمبر 1966 و الذي تشدد أيضا على اهمية الحق في حرية الحركة والتنقل من خلال المادة (12 ) 1 و التي تنص على أن ‘لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته’ . كما ان الحق في حرية الحركة هو ضرورة لتحقيق حقوق اخرى راسخة في الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، منها الحق في العمل (المادة 6)، الحق في ظروف حياتية ملائمة (المادة 11)، الحق في الصحة (المادة 12)، الحق في التعليم (المادة 13) و حقوق اخرى نصت عليها الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.