تقديم:
أعلن المجلس الإقليمي لمستوطنات غور الأردن في 18 أيار 2009 عن مناقصةٍ خاصة بالمقاولين الإسرائيليين لعمل بنية تحتية، تحضيراً لبناء الحي الاستيطاني الجديد. حيث يعتبر رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات الأغوار ‘دفيد ألحياني’، أن المستوطنات والمستوطنين في مناطق الأغوار يمثلون مصلحة قومية لإسرائيل، وأن غور الأردن يمثل حزام الأمان بالنسبة لإسرائيل. في حين كانت أعلنت منظمة ‘سلام الآن’ اليسارية الإسرائيلية، بأن الإعلان عن المناقصة وعمل جولة للمقاولين في المكان وفي اليوم الذي يحط فيه نتنياهو في أمريكا، وبهذا فإن نتنياهو وصّل رسالة واضحة للرئيس الأمريكي اوباما بنية الحكومة الإسرائيلية توسيع عمليات البناء في المستوطنات الإسرائيلية.
طرح مناقصات جديدة لنقل 30 عائلة استيطانية جديدة للمستوطنة: إن مستوطنة مسكيوت خلال السنوات السابقة أفرغت تماماً من مستوطنيها، إلا انه وعند تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة، قرر بعض المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من مستوطنات القطاع والاستيطان في ‘مسكيوت’، الأمر الذي جعل وزارة الداخلية الإسرائيلية أن تجعلها ضمن المستوطنات الإسرائيلية الدائمة، يُشار إلى أنه سيتم نقل ثلاثين عائلة جديدة إلى المستوطنة المذكورة، حيث أعلنت سلطات الاحتلال عن طرح مناقصات جديدة لبناء 20 وحدة سكنية استيطانية في المستوطنة وعلى حساب أراضي الأغوار الشمالية، حيث أن هذه الوحدات السكنية تشمل بناء بيوت للسكن بالإضافة إلى بناء عدد من المنشآت الزراعية تخدم مصالح المستوطنين في تلك المستوطنة، ويبرر الاحتلال البناء بأنه في أراض مصادرة منذ عام 1967م حسب ادعاءات الاحتلال.
وتتزامن هذه الخطوة مع تصريحات وادعاءات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بإدخال تسهيلات على حياة المواطنين الفلسطينيين، وعن وجود نوايا جدية تخدم ما اسماها مسيرة السلام في المنطقة.
أهالي الأغوار الشمالية يعانون حرب البقاء بفعل المستوطنات الإسرائيلية: تأسست ‘مسكيوت’ منذ عام 1979م كمعسكر لجيش الاحتلال وكمنطقة تدريب عسكرية تابعة لجيش الاحتلال بسبب موقعها الاستراتيجي المطل على الحدود الأردنية، ويشار إلى انه منذ تاريخ تأسيس هذا المعسكر والمزارعين في منطقة الأغوار الشمالية خاصة التجمعات البدوية في خربة حمصة وواد المالح يعانون حرب البقاء نتيجة التهديدات اليومية على حياتهم وعلى وجودهم في المنطقة بسبب ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي تشمل مطاردة رعاة الماشية إلى منعهم من استغلال الينابيع المائية المنتشرة في المنطقة والانتهاء إلى إتلاف محاصيلهم الزراعية ومنعهم من استغلال الأراضي الزراعية من خلال تحويلها إلى ميدان رماية وتدريب لجنود الاحتلال – مناورات عسكرية-، وفي عام 2005م صدر قرار من قبل الاحتلال بتحويل معسكر جيش الاحتلال إلى مستوطنة سكنية إسرائيلية باسم مستوطنة ‘مسكيوت’ ليبلغ عدد المستوطنين بها لغاية عام 2007م حوالي 512 مستوطن وقدر مساحتها لغاية عام 2007م بنحو 609 دونماً، حيث تعتبر هذه المستوطنة من المستوطنات الزراعية في منطقة الأغوار الفلسطينية والتي ينعم المستوطنين القاطنين بها بخدمات مميزة من خلال منحهم أراض زراعية وتسهيلات بعملية التسويق وإعطائهم كميات من المياه تفوق أضعاف حصة المزارع الفلسطيني القاطن في تلك المنطقة بالإضافة إلى تسهيلات على الحصول على السكن خاصة الأزواج الشابة وتسهيلات في خدمات المواصلات في المستوطنات الواقعة في الأغوار الفلسطينية.
صورة 2: تبين أطراف مستوطنة مسكيوت
التحايل القانوني لخدمة الاستيطان:-
من المعروف أن منطقة الأغوار قد أعلنها الجيش الإسرائيلي بأنها مناطق عسكرية مغلقة، والإغلاق العسكري حسب قوانين الحكم العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة هو إجراء عسكري لا علاقة له بملكية الأرض – أي يتم استخدامها لصالح الجيش المحتل وتدريباته، وعند انتهاء حاجة الجيش للأرض تتم إعادتها لأصحابها الفلسطينيين، أما في حالة ‘ مسكيوت’ فقد تحول المعسكر ومنطقة التدريب إلى مستوطنة مدنية زراعية للمهاجرين اليهود، وهذا تحايل حتى على قوانين الاحتلال وإدارته المدنية.
المستوطنات الإسرائيلية في الأغوار الشمالية الفلسطينية:
تشكل منطقة غور الأردن 30% من مساحة الضفة الغربية، وقد تم الإعلان عنها منذ احتلال العام 1967 منطقة عسكرية مغلقة، وأنشئ بها حتى الآن حوالي 21 مستوطنة. حيث انه ما يجري حالياً في الأغوار الفلسطينية يندرج ضمن خطة الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء على 60% من الضفة الغربية من خلال تهويد الأغوار الفلسطينية ومصادرة أراضي الضفة الغربية من خلال جدار الفصل العنصري وبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية المتناثرة على الجبال الفلسطينية. وقد كان بناء الجدار العازل هو الخطوة الأولى الأساسية في هذا المخطط، والخطوة الأساسية الثانية هي وضع الغور تحت السيطرة الإسرائيلية، وبالتالي فإن 2500 مستوطن إسرائيلي، يقطنون 21 مستوطنة سيسيطرون على كل أراضي الغور، (خاصة وأن أغلبيتها أراضي دولة أو أراضي غائبين بالمفهوم الإسرائيلي). وبتطبيق هذا المخطط تتحول مدينة أريحا إلى كانتون محاصر، مع تكثيف الاستيطان في منطقة الأغوار الفلسطينية، حيث انه بنظر الاحتلال يوجد عدة دوافع لتكريس منطقة الأغوار والسيطرة عليها و التي تشمل :
أولا: اعتبار غور الأردن بمثابة حاجز أمني أمام ما كان يسمى «الجبهة الشرقية».
ثانيا: السيطرة على كل مصادر المياه في الأحواض الجوفية حيث أن منطقة الأغوار تقع على حوض مائي ضخم.
ثالثا: تحويل مستوطنات الغور إلى مناطق زراعية مرتبطة بالصناعة، مع إنشاء ما يسمى بالصناعات العلاجية عند البحر الأحمر.
رابعا: تحويل منطقة الغور إلى حاجز جغرافي (إسرائيلي) بين الدولة الفلسطينية والأردن يمنع التواصل بينهما.
يشار إلى أن قوات الاحتلال سعت من اجل تنفيذ هذه الأهداف على ارض الواقع واستصدار قرار بتحويل منطقة الغور إلى منطقة ذات أفضلية (أولى)، وهذا يعني توفير أموال كبيرة لتطوير استيطان الغور وتسريعه، وفي شهر أيلول من عام 2005م أقرت سلطات الاحتلال ضمن ما يعرف «تعزيز الاستيطان في غور الأردن» استثمار 85 مليون شيكل بين السنوات 2006 ــ 2008 من أجل تطوير الزراعة هناك. بالإضافة توسيع مشروع تشجيع الأزواج الشابة على السكن في غور الأردن.
تجدر الإشارة إلى أن دولة الاحتلال تعتبر غور الأردن هو حدودها الأمنية – بحسب ادعاءها – وإنها لن تتنازل عنه في أية تسوية سياسية، وكانت تبرر الاستيطان في منطقة الغور على أنه يخدم الهدف الأمني الاستراتيجي، وذلك من أجل إخفاء الجانب التوسعي في تعاملها مع الأراضي الفلسطينية [1]
صورة 3: منطقة الأغوار الفلسطينية المطلة على الشونه الشمالية الأردنية
[1] المصدر: محافظة طوباس ( الدائرة القانونية )