لم يكن الرد من المحكمة العسكرية في الإدارة المدنية الإسرائيلية في الأسبوع الثاني من شباط 2009 برفض ثمانية من أصل تسعة ادعاءات قدمها مواطنون فلسطينيون للاعتراض على قرار صادر عن الإدارة المدنية وحارس أملاك الغائبين في العام 2004 و الإعلان عن ما يزيد عن 1700 دونما من أراضي خلة النحلة و الخضر و أرطاس جنوبي محافظة بيت لحم أملاك حكومية إسرائيلية إجراءا اعتياديا , فالأراضي الفلسطينية المستهدفة تقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات الإسرائيلية و هي ضمن المخطط الاستيطاني لبناء 2500 وحدة سكنية على التلة الثامنة لافرات و الذي سمي باسم ‘ حي جفعات هايتم’ و الذي حظي بموافقة مبدئية في ذلك الوقت , و لكن المشروع لم يخرج إلى حيز التنفيذ لعدم حصول المخطط على موافقات عديدة أهمها موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع ووزارة البناء و الإسكان الإسرائيلية. انظر الخارطة
وبحسب المخطط الإسرائيلي للجدار العازل في العام 2004 فان موقع الحي الاستيطاني يقع ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة أفرات وداخل المنطقة المراد ضمها خلف الجدار باتجاه الخط الأخضر. هذا و في العام 2005 ، قام الجيش الإسرائيلي بإحداث تغييرات في عدة مقاطع من جدار العزل في الضفة الغربية و التي كانت إحداها تلك الضامة للموقع المخطط لبناء حي ‘جفعات هايتم’ و التي استبعدت خارج مخطط الجدار.
غير أن الشعور السائد عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة و تزايد فرص صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى الحكم في إسرائيل ، و هذا ما تم بالفعل في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في العاشر من الشهر الجاري دبت الحياة و الأمل في نفوس اليمين الإسرائيلي و المستوطنين الإسرائيليين لإحياء مخططاتهم التوسعية ، و هنا، بدا وكان قرار المحكمة العسكرية الإسرائيلية قد جاء لتثبيت قرار حارس أملاك الغائبين بالإعلان عن الأراضي المستهدفة كأملاك حكومية ، و ما هو ذلك إلا مقدمة لإعادة ضم المنطقة وراء الجدار الفاصل من جديد و التي كان قد تم سلخها سابقا ، بل أكثر من ذلك فان تشكيل اليمين الإسرائيلي للحكومة الإسرائيلية المقبلة و إسناد وزارة الدفاع إلي اليمين الإسرائيلي أيضا من شانه أن يعيد إحياء المخطط الإسرائيلي لبناء الحي الجديد و الذي يضم 2500 وحدة استيطانية على التلة الثامنة لمستوطنة أفرات ، او هكذا يبدو الموضوع على الأقل.
عودة نتنياهو……………..عودة زمن المساومات
إنها ليست المرة الأولى التي تسند لنتنياهو حقيبة رئاسة الوزراء في إسرائيل ، كما أن نتنياهو صاحب سياسة واضحة وصريحة في التعامل مع الفلسطينيين و العملية السلمية برمتها وتقوم تلك السياسة على مصلحة إسرائيلية و تكثيف الاستيطان و خاصة في مدينة القدس المحتلة بالإضافة إلى رفض التعامل مع مبدأ الأرض مقابل السلام إلا من منظور يميني يقوم على مبدأ المساومة ( هات و خذ)، و ما حصل في العام 1997 هو أن نتنياهو قام بعقد صفقة غير مكتوبة مع الأمريكان تم بموجبها إبرام اتفاقية الخليل (H1-H2 ) مقابل بناء مستوطنة ‘هار حوما’ على جبل أبو غنيم و الذي يقع ضمن الحدود الهيكلية لمدينة القدس بحسب التعريف الإسرائيلي.
نتنياهو 2009 : حي جفعات هايتم مقابل حي ال E1
في الوقت الذي تشهد فيه عملية السلام ( إن وجدت) أزمة حقيقية متمثلة بصعود اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو مرة أخرى إلى سدة الحكم في إسرائيل ،تشهد الحركة الاستيطانية نشاطا قويا في كافة أرجاء الضفة الغربية و تحديدا في مدينة القدس ، فبالإضافة إلى التوسعات الاستيطانية هناك و هدم منازل الفلسطينيين بالجملة ، أوشكت إسرائيل على الانتهاء من كافة الإعدادات للبنية التحتية للحي الاستيطاني في منطقة ال (E1) و تستعد إسرائيل لإطلاق مشروع البناء رغم معارضة الولايات المتحدة و المجتمع الدولي لهذا المشروع على مدار عقد من الزمن.
غير أن بيبي نتنياهو رجل المساومات الصعبة سيسعى إلى عقد اتفاق تبادل لحي ال (E1) مقابل حي ‘جفعات هايتم’ مرة أخرى لتركيز الاستيطان في محيط مدينة القدس و هو الأمر الذي يتفق عليه كل الفرقاء في إسرائيل من اليمين و اليسار وهو ما أعربوا عنه مرارا و تكرارا منذ بدا العملية السلمية ، بان مستوطنة معاليه ادوميم ومحيطها و الذي يضم تباعا موقع ال (E1) سيكون ضمن حدود سيطرة دولة إسرائيل تحت أي اتفاقية سلام مع الفلسطينيين . وعليه يبدو أن هناك صفقة تلوح في الأفق سيكون مردودها القضاء على ما تبقى من شراذم عملية السلام.