تسلم أهالي قرية نحالين الواقعة جنوب غرب مدينة بيت لحم في السادس و العشرين من شهر تشرين ثاني من العام 2008 ثلاثة أوامر عسكرية إسرائيلية جديدة صادرة عن ما يسمى ‘بالإدارة المدنية لمنطقة يهودا و السامرة’ التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي – المسؤول عن الأملاك الحكومية’, تخطرهم بضرورة إخلاء أراضيهم و التي تبلغ بمجموعها 5 دونمات كونها أراضي مصنفة إسرائيليا ‘ممتلكات و أراضي دولة’. و تحمل الاوامر العسكرية المصادرة الارقام التالية: 1/08 (0478), 2/08 (0479), و 1/03 (0480). و فيما يلي تفصيل للاوامر كما جائت من الجانب الاسرائيلي:-
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 1-08 (0478) و يصادر قطعة أرض مساحتها 2.6 دونما من أراضي قرية نحالين. و تقع قطعة الارض الى الجنوب من مستوطنة جفعوت الاسرئليلية, و الى الغرب من الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 367.
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 2-08 (0479) و يصادر ما مساحته 1.7 دونما من أراضي قرية نحالين. و تقع قطعة الارض المهددة بالمصادرة أيضا الى الجنوب من مستوطنة جفعوت الاسرائيلية و ملازمة لقطعة الارض التي يصادرها الامر العسكري الاسرائيلي رقم 1/08.
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 3-08 (0480) و يجاور الامريين السابقين في الموقع و يصادر ما مساحته 0.7 دونما من أراضي قرية نحالين.
انظر جدول 1 و خارطة رقم 1
جدول رقم 1: الاوامر العسكرية الاسرائيلية في قرية نحالين | ||
المساحة (بالدونم) | رقم الخارطة | رقم الاخطار |
2.6 | 1-08 | 478 |
1.7 | 2-08 | 479 |
0.7 | 3-08 | 480 |
5 | مجموع المساحة المصادرة |
المصدر: مجلس قروي نحالين – 2008
و تأتي عملية المصادرة الاسرائيلية لتعزيز السيطرة على الاراضي الفلسطينية في تلك المنطقة و خصوصا أن هذه المنطقة تعج بالمستوطنات الاسرائيلية التي تشكل بمجموعها تجمع مستوطنات غوش عتصيون و التي تسعى اسرائيل من خلال مخطط العزل العنصري في المنطقة ضمه الى اسرائيل و ابقاءه تحت السيطرة الاسرائيلية المطلقة.
نبذة عن قرية نحالين
تقع قرية نحالين حوالي 9 كيلومتر جنوب غرب مدينة بيت لحم و حوالي 3.5 كيلو متر شرق الخط الأخضر (خط الهدنة 1949). يحدها من الشمال مستوطنتي بيطار عيليت و هادار بيتار الاسرائيليتين, من الشرق قرية الخضر, بينما يحاذيها الخط الأخضر و قرية واد فوكين من الغرب و من الجنوب قرية جبعة و عدد من المستوطنات الاسرائيلية التي تشكل جزءا من تجمع مستوطنات غوش عتصيون (روش تسوريم, اليعيزر, ألون شيفوت و كفار عتصيون). يبلغ عدد سكان قرية نحالين 7460 نسمة بحسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2007 ومعظمهم من الفلاحين. تبلغ مساحة القرية 17250 دونم, منها 496 دونم (2.9% من المساحة الكلية للقرية) تقوم عليها المنطقة العمرانية. كما تقع كل من خلة عفانة و خلة البلوطة ضمن نطاق حدود القرية و تحيط بهما المستوطنات الاسرائيلية من جميع الجهات اذ تشكل تهديدا على بقاء هذه القرى في المنطقة.
و بالرجوع الى اتفاقية أوسلو المؤقتة الموقعة في شهر أيلول من العام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية و إسرائيل, تم تقسيم أراضي قرية نحالين الى مناطق ب و ج, حيث تم تصنيف ما مساحته 1132 دونما من أراضي القرية كمنطقة ب, وهي المناطق التي تقع فيها المسؤولية عن النظام العام على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية و تبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الامور الأمنية. و الجدير بالذكر أن غالبية السكان يتمركزون في منطقة ب و التي تشكل نسبة ضئيلة جدا من المساحة الكلية للقرية و البالغة 6.6% من المساحة الكلية للقرية. أما بالنسبة للجزء المتبقي من أراضي قرية نحالين, فقد تم تصنيف 16118 دونما (93.4 % من المساحة الكلية للقرية) كمنطقة ج, وهي المنطقة التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الاشكال الا بتصريح من الادارة المدنية الاسرائيلية في بيت لحم . و الجدير بالذكر أن معظم الأراضي الواقعة في منطقة C هي الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة و التي تشكل مصدر دخل رئيسي لاهالي القرية بعدما فقدوا أعمالهم داخل الخط الاخضر عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في شهر أيلول من العام 2000. جدول رقم 2.
جدول 1: تصنيف الأراضي في قرية نحالين اعتمادا على اتفاقية أوسلو الثانية 1995 | ||
تصنيف الأراضي | المساحة بالدونم | % من المساحة الكلية للقرية |
مناطق أ | 0 | 0 |
مناطق ب | 1132 | 6.6 |
مناطق ج | 16118 | 93.4 |
المساحة الكلية | 17250 | 100 |
المصدر: قاعدة بيانات وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2008 |
قرية نحالين و ممارسات الاحتلال الاسرائيلي على أراضيها
نالت قرية نحالين حصتها من المصادرات الاسرائيلية التي أودت بالاف الدونمات لصالح الاهداف الاسرائيلية المختلفة, كان أولها بناء المستوطنات الاسرائيلية على أراضي القرية و البؤر الاستيطانية هذا بالاضافة الى بناء و تشييد الطرق الالتفافية الاسرائيلية بهدف ربط هذه المستوطنات بالاخرى المجاورة و انتهاءا بخطة العزل العنصرية و التي تسعى اسرائيل من خلالها الى السيطرة على المنطقة الغربية في محافظة بيت لحم لاحتوائها على المستوطنات الاسرائيلية التي تشكل جزءا من تجمع مستوطنات غوش عتصيون و الذي تخطط اسرائيل لابقاءه تحت سيطرتها من خلال اعلانها في العام 2005 عن مشروع يقضي بضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية مثل مجمع ‘معاليه ادوميم’, مجمع ‘ارئييل’, مجمع ‘جفعات زئيف’, مجمع ‘غوش عتصيون’, و مجمع ‘مودعين عيليت’ و ذلك من خلال ضم الأراضي التي تقوم عليها هذه الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل داخل الجدار باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل و «قرار جيد لأمنها ومكانتها السياسية واقتصادها وديموغرافية الشعب اليهودي في ‘أراضي إسرائيل’» كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عند لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش في الحادي عشر من شهر نيسان عام 2005. و فيما يلي تفصيل للمصادرات الاسرائيلية لاراضي قرية نحالين :-
صادرت اسرائيل خلال سنوات الاحتلال ما مساحته 2988 دونما من أراضي قرية نحالين (17.3%من المساحة الكلية للقرية) من أجل اقامة خمس مستوطنات اسرائيلية. و يقطن هذه المستوطنات اليوم ما يزيد عن 30000 مستوطن اسرائيلي و تعتبر جزء من تجمع مستوطنات غوش عتصيون الاسرائيلي و الذي يضم 11 مستوطنة اسرائيلية. جدول رقم 3
جدول رقم 3: المستوطنات الاسرائيلية المقامة على أراضي قرية نحالين | |||
عدد المستوطنيين القاطنيين في المستوطنة | المساحة المصادرة من أراضي قرية نحالين | سنة البناء | اسم المستوطنة |
44 | 135 | 1984 | جفاعوت |
29000 | 688 | 1985 | بيطار عيليت |
364 | 889 | 1969 | روش تسوريم |
3300 | 589 | 1971 | ألون شيفوت |
422 | 583 | 1967 | كفار عتصيون |
804 | 104 | 1989 | بيت عين (تسوريف) |
33934 | 2988 | | المجموع |
المصدر: نظم المعلومات الجغرافية – (أريج 2008)
كان لاعتداء المستوطنيين الاسرائيليين القاطنيين في المستوطنات الاسرائيلية الجاثمة بشكل غير قانوني على أراضي قرية نحالين (بيتار عيليت و هادار بيتار) الاثر الاكبر على أهالي القرية و ممتلكاتهم, حيث ساهمت هذه الاعتداءات في السيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية المجاورة للمستوطنات و ذلك من خلال منع أصحابها من الوصول اليها و احاطتها بالاسلاك الشائكة و زرعها باشتال الزيتون و الفواكه لتعزيز السيطرة عليها. كما قام المستوطنون باعتداءات شتى على أصحاب الاراضي في محاولة لترويعهم و ردعهم عن العودة الى أراضيهم المجاورة للمستوطنات.
كما صادرت اسرائيل المزيد من أراضي قرية نحالين و ذلك لشق الطريق الالتفافي الاسرائيلي رقم 367 بهدف ربط مستوطنتي بيتار عيليت و هادار بيتار بالمستوطنات الاسرائيلية المجاورة (جفعوت, روش تسوريم, ألون شيفوت, بيت عين و كفار عتصيون) و التي تشكل بمجموعها تجمع مستوطنات غوش عتصيون. و تجدر الإشارة بأن الخطر الحقيقي للطرق الالتفافية يكمن في ما يعرف بمساحة الارتداد أو (Buffer Zone) التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على طول امتداد تلك الطرق و التي عادة ما تكون 75 متر على جانبي الشارع.
أظهر التعديل الاخير لمخطط جدار العزل العنصري الاسرائيلي في الضفة الغربية الصادر بتاريخ 30 نيسان 2007 بأن قرية نحالين و القرى الفلسطينية الاخرى المجاورة (بتير, حوسان, واد فوكين, الولجة, خلة عفانة, خلة البلوطة و خلة بيت زكريا) سوف تصبح بمعزل عن باقي محافظة بيت لحم الامر الذي سوف يفرض واقع أليم على هذه القرى الفلسطينية وبالتالي يحرم مواطنيها من العديد من الخدمات الرئيسية والتي لا تتوافر الا في مراكز المدن ( شرطة – اسعاف – مطافئ – مستشفيات و جامعات ….. الخ. كما ستفقد هذه المناطق الجزء الاكبر من اراضيها الزراعية والتي تشكل مصدر دخل للعديد منها في المحاقظة بعد ان يقطع جدار الفصل تلك الامتدادات عن اصحابها.
الخاتمة
إن ما قامت به إسرائيل عبر سنوات احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية هو بالحقيقة سلسلة متتابعة من الاستهتار بقرارات الشرعية الدولية بداية من رفضها الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في العام 1967 إلى بناء المستوطنات و هدم المنازل و تقييد حرية الحركة و انتهاك حقوق الفلسطينيين و غيرها من ذلك و وصولا إلى جدار العزل العنصري, ما هو إلا محصلة طبيعية لعدم ممارسة المجتمع الدولي أي من أشكال الضغط على إسرائيل للالتزام بالشرعية الدولية و قرارات الأمم المتحدة ، و التشديد على ضرورة تحميل إسرائيل مسؤولية ممارستها لمختلف الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و وضع حد لسياسة اللامبالاة الإسرائيلية تجاه رغبة المجتمع الدولي في أن تلتزم إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة بما فيها ‘ قرار مجلس الأمن رقم 446(عام 1979) و الذي ‘ يقرر أن السياسات والإجراءات الإسرائيلية بإقامة مستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراض عربية أخرى محتلة منذ 1967 لا تستند إلى أي أساس قانوني و تشكل عائقا خطيرا تجاه عملية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط . كذلك قرار مجلس الأمن رقم 452 (عام 1979) و الذي يدعو ‘ حكومة وشعب إسرائيل، على وجه السرعة، إلى وقف أنشاء وتشييد وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، بما في ذلك القدس.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)