شرعت الآليات الثقيلة التابعة لحكومة الاحتلال بأعمال توسيع وتجريف بشكل واسع النطاق لم يسبق له مثيل في سفوح التلال المطلة والمحيطة بتجمع مصانع البرقان، وعلى السفوح المحيطة بتجمع مصانع حدائق ‘ارائيل’ الواقعة إلى الغرب من مستوطنة ‘ارائيل’ في محافظة سلفيت، حيث يشار إلى أن أعمال الحفريات طالت حتى تاريخ إعداد التقرير ما يزيد عن 170 دونماً في محيط مستوطنة ‘برقان’، و ما يزيد عن 80 دونماً في محيط مستوطنة حدائق ‘ارائيل’، حيث أن الأراضي التي تم تجريفها تعود إلى مواطنين فلسطينيين من قرى حارس و بروقين و سرطه غرب محافظة سلفيت.
من جهة أخرى، تواصل سلطات الاحتلال أعمال إنشاء مصانع جديدة في التجمع الصناعي الاستيطاني المذكور ، حيث أن أعمال التجريف في المنطقة تهدف بالأصل إلى استيعاب المزيد من المصانع الإسرائيلية من داخل الخط الأخضر و وضعها داخل الضفة الغربية.
صورة 1+2: التوسع الاستيطاني في مصانع برقان على أراضي سلفيت
يشار إلى أن سلطات الاحتلال تسعى إلى استقطاب وتشجيع المستثمرين اليهود والأجانب على الاستثمار داخل حدود المستوطنات المقامة في الضفة الغربية من خلال إعطاءهم حوافز تجارية وصناعية تشمل تخفيضات في ضريبة الدخل للأفراد والشركات، بالإضافة إلى بنى تحتية لمناطق صناعية، علاوة على إعطاءهم امتيازات تصديرية إلى الدول الأوروبية.
من الجدير بالذكر هنا، أن أعمال التوسعة والتجريف تلك تعد خرقاً لما تعهد به الجانب الإسرائيلي عشية مؤتمر انابولس بتجميد شامل للنشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية، حيث أن أعمال التوسعة وبناء مصانع جديدة في ‘البرقان’ وحدائق ‘ارائيل’ بشكل كبير ومتسارع والأكبر من نوعه منذ ان نشأت المستوطنتين الصناعيتين يعد اكبر برهان على نوايا الاحتلال بالاستيلاء واقتطاع اكبر قدر مستطاع من الأراضي الفلسطينية وضمها إلى نطاق المستعمرات في الضفة الغربية، ضارباً بذلك عرض الحائط جميع الاتفاقيات والأعراف الدولية.
علاوة على ما تقدم، يعمد الكثير من أرباب الصناعات الإسرائيلية على نقل مصانعهم إلى الضفة الغربية، وذلك بهدف استغلال العمالة الفلسطينية الرخيصة نسبياً، فضلاً عن أن العمالة الفلسطينية لا تخضع إلى القانون الإسرائيلي بل القانون الأردني كون المناطق بحسب زعم الاحتلال تقع في المناطق المتنازع عليها، وذالك ينال العمال الفلسطينيين اجر اقل بكثير ممن يناله لو عمل داخل الخط الأخضر، بالإضافة إلى انه يخضع إلى ظروف عمل صعبة واستغلال في ساعات العمل بصورة مخالفة لحقوق العمال الإنسانية، ونظراً لحاجة العامل الفلسطيني الماسة للعمل بسبب الفقر المدقع في الأراضي الفلسطينية يضطر العامل إلى العمل داخل المصانع الإسرائيلية تحت ظروف قاهرة.
صورة 3+4: توسع استيطاني في مصانع برقان لإضافة مصانع جديدة
مستوطنات برقان و حدائق ارائيل و أثرها على البيئة.
تقع مستوطنة ‘برقان’ الصناعية على أراضي المواطنين في قرى حارس وبروقين وسرطه في محافظة سلفيت، حيث تأسست كنواة لمستوطنة صناعية عام 1981 لتتطور بعد ذلك لتصادر حتى عام 2006 نحو 2720 دونماً، حيث يبلغ مسطح البناء بها 349 دونماً ويوجد بها حسب إحصائيات عام 2005 نحو 1300 مستوطن، و يوجد في المستوطنة حالياً عدة مصانع والتي من أهمها مصنع للزيوت ومصنع للبلاستيك ومصنع للرصاص، تساهم بمجموعها في تلويث البيئة الفلسطينية بشكل كبير.
أقدمت ما تسمى بلدية مستوطنة ‘ارائيل’ على إنشاء منطقة صناعية في الجهة الغربية من مستوطنة ‘ارائيل’ والجهة الشرقية من قرية بروقين وذلك في عام 1999 لتصادر عشرات الدونمات الزراعية من قرى بروقين وحارس في محافظة سلفيت، حيث سميت هذه المنطقة بحدائق ‘ارائيل’ والتي تحتوي اليوم عدة مصانع والتي من أهمها مصنع البلاستيك الخاص بالبيوت البلاستيكية.
يذكر أن تجمع مصانع ‘البرقان’ ساهمت بدور كبير في تلوث البيئة الفلسطينية ونشر الأمراض في المنطقة وذلك من خلال ضخ المياه العادمة الناتجة عن تلك المصانع بالإضافة إلى مجاري مستوطنة ‘ارائيل’ في وادي بروقين بطول 1كم، حيث أن تلك الملوثات لا تبعد عن بعض البيوت الفلسطينية في القرية سوى مسافة 6 أمتار.
الأثر الصحي والبيئي لتلك المستوطنات على الأرض و الإنسان الفلسطيني:
يذكر أن الأثر البيئي لمستوطنات ‘برقان’ و ‘ارائيل’ أثير عدة مرات في منابر وزارة الصحة الفلسطينية وفي بعض المؤسسات الدولية والتي تعنى بحقوق الإنسان، واعد عن ذلك عدة تقارير صحية إلا انه على ارض الواقع لم يتغير أي شيء إلى الآن بل على العكس زادت الملوثات الناتجة عن تلك المستوطنات، بل أن فكرة توسيع تلك المستوطنات هو تمهيد لمزيد من الملوثات البيئة لمزيد من الأمراض في المنطقة.
إن الخطر الحقيقي الكامن من تدفق مياه المجاري إلى كل من أراضي بروقين وكفر الديك في تشويه البيئة الجميلة في المنطقة ومحبط من الناحية النفسية بسبب الروائح الصادرة عن المياه العادمة وتفاعلاتها مع تربة المنطقة، كما أن المزروعات و الحيوانات الأليفة التي تعتمد على رعي الأعشاب كمصدر لغذائها مهددة بالتسمم الكيميائي والبيولوجي وقد تنتقل الأمراض من خلال هذه الحيوانات والمزروعات إلى الإنسان وقد يكون التأثير سريعاً أو تراكمياً، هذا عدى عن المياه العادمة من دون معالجة تتسرب إلى المياه الجوفية في تلك القرى وتلوث الينابيع التي يشرب منها الفلسطينيون، ومما يؤكد ذلك الفحوصات الطبية التي أجريت في مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2007 لعينات أخذت من مياه المدارس و المنازل و لآبار في قرية بروقين والتي أشارت إلى تلوث بيولوجي في تلك العينات.
بالإضافة إلى ما تقدم، فان المياه الراكدة في وديان القرية تؤدي بدورها إلى تولد البعوض وكثير من الحشرات في المنطقة خاصة البعوض الناقل لطفيليات اللشمانيا و المنتشرة الآن بكثرة في قريتي بروقين وكفر الديك، كما سجلت حالات إصابة بحشرة اللشمانيا في بداية عام 2008 حيث بلغت الإصابات (10) حالات في قرى بروقين وكفر الديك بالإضافة إلى قرية سرطه القريبة من تلك القرى.
علاوة على ما تقدم، و حسب ما ورد عن وزارة الصحة الفلسطينية لوحظ ارتفاع حالات الإصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي (أ) و الاسهالات المختلفة، كذلك يخشى من انتشار أوبئة أخرى مثل مرض التفوئيد مما يعقد الأمور ويخرجها من دائرة السيطرة عليها وهذا ينذر بدوره بكارثة إنسانية كبيرة في المنطقة.
من جهة أخرى، فان المخلفات الكيمائية المنبعثة عن مستعمرة البرقان والمنسابة في واد بروقين هي عبارة عن مواد مسرطنة إلى الأراضي الزراعية والتي بدورها ستنتقل للإنسان حيث يوجد إلى الآن في قرية بروقين 8 حالات مصابة بالسرطان نتيجة لهذه الملوثات.